إن الأمم التي تتقدم هي الأمم التي تستفيد من عبر التأريخ، وتستخلص قمة التجارب في حاضرها، بعد أن تعي سنن التاريخ وقوانينه التي تقود الأمة نحو التحضر، بالإضافة إلى معرفة أسباب انحلال الأمم وتراجعها، فلم يخص الله قوماً بقانون دون قوم، بل هي سنة واحد لا تتغير قال تعالى: (فلن تجد لسنة اله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً). فالحياة قائمة على حقيقة واحدة وهي الصراع الدؤوب بين الحق والباطل وكل الأحداث التي تجري في تاريخ الإنسانية لا تخرج عن كونها واجهة من واجهات الصراع بين الحق والباطل، فيمكننا بهذه البصيرة أن نغوص في التاريخ ونجعله حيوياً يتفاعل وحياتنا اليومية، ويمكننا إدراك أعمق ما يمكن إدراكه في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ أمتنا الإسلامية التي تعيش أعنف التقسيمات المذهبية، ومن أجل ذلك لا بد أن نتجاوز انفعالاتنا النفسية وانشداداتنا العاطفية نحكم قواعدنا وبصائرنا القرآنية، حتى نتمكن من القدرة الموضوعية على التحليل والنظر من سطح الأحداث إلى جوهرها، فنصل إلى رؤية واضحة وواقعية بدلاً عن الرؤية الخاطئة والمشوشة. فلنبدأ كما لو أن القرآن نزل علينا من جديد، فنقرأ التاريخ من وحيه قوله تعالى:
(أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقب الذين من قبلهم، كانوا اشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون).
وبالعكس تماماً تجد الأمة الجامدة عاجزة عن فهم التاريخ وقوانينه وتجاربه فتفقد بذلك الرؤية والبصيرة التي تجعلها قادرة على استيعاب الحاضر والسير نحو المستقبل.
دور التاريخ في استنهاض الأمة
- الزيارات: 984