طباعة

٢٣ ـ يحيى بن الحكم :

لهامُ بجنب الطف أدنى قرابة
من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغلِ (١)
سمية أمسى نسلها عدد الحصى
وبنت رسول الله ليست بذي نسل
فان يكن الزمان جنى علينا
بقتل الترك والموت الوحي
فقد قتل الدعي ، وعبد كلب
بأرض الطف اولاد النبي
اراد بعبد كلب : يزيد لان امه ميسون بنت بجدل الكلبية امكنت عبد ابيها من نفسها فولدت يزيد. وبالدعي : عبيد الله بن زياد ، ولما سئلت عائشة عن زياد لمن يدعى ، قالت : هوابن ابيه. وكان زياد يسمى : وليجة بني امية ، وفي اللغة. الوليجة : الرجل الذي يدخل في القوم وليس منهم. ولما استلحق معاوية بابي سفيان غضب لذلك بنو امية لانه اولج فيهم من ليس منهم ، فقال عبد الرحمن بن الحكم الا ابلغ معاوية بن حرب .. الابيات.
قال السيد الامين في الاعيان ج ٢١ ص ١٧٧ في ترجمة الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب :
ويحيى هذا مع أنه أخو مروان وابن الحكم فقد كان له مواقف حسنة منها الموقف الذي نفع فيه الحسن بن الحسن عند عبد الملك وسعى في قضاء حاجته. ومن مواقفه المحمودة أنه لما ولي اخوه مروان الخلافة ـ وكان يلقب خيط باطل (2) ـ انشد يحيى :
لحا الله قوماً أمرُّوا خيط باطل
على الناس يعطي ما يشاء ويمنع
ومنها أنه سأل اهل الكوفة الذين جاؤوا بالسبايا والرؤوس.
ما صنعتم فأخبروه فقال : حُجبتم عن محمد (ص) يوم القيامة لن أُجامعكم على أمر ابداً.
ومنها انه لما ادخل السبايا والرؤوس على يزيد كان عنده يحيى هذا فقال : لهام بجنب الطف أدنى قرابة ـ البيتان.
فضرب يزيد في صدره وقال : اسكت ، وفي رواية انه اسرَّ اليه وقال : سبحان الله في هذا الموضع ما يسعك السكوت.
وقال البلاذري في انساب الاشراف : كان يحيى بن الحكم والياً على المدينة لعبد الملك وكان يكنى ابا مروان.
أقول والمشهور بالشعر هو عبد الرحمن بن الحكم ويكنى أبا مطرَّف ويقال أبا حرب ، فكان شاعراً ـ كما في ( انساب الاشراف ). كما أن يحيى كان شاعراً ولكن عبد الرحمن كان أشهر واكثر شعراً.
وذكر ابو الفرج في ( الأغاني ) ج ١٥ مهاجاة لعبد الرحمن بن الحكم بن العاص بن امية مع عبد الرحمن بن حسان وشعر كلٍ منهما.
ويقول أبو الفرج أخبرني ابن دريد قال أخبرني الرياشي قال حدثنا ابن بكير عن هشام ابن الكلبي عن خالد بن سعيد عن أبيه قال : رأيت مروان بن الحكم يطوف بالبيت ويقول : اللهم اذهب عني الشعر. واخوه عبد الرحمن يقول : اللهم اني أسألك ما استعاذ منه فذهب الشعر عن مروان وقاله عبد الرحمن.
ومما روى ابو الفرج في الأغاني ، والحيوان للجاحظ ، وخزانة الادب من شعر عبد الرحمن بن الحكم ـ اخي مروان ـ قوله مخاطباً لمعاوية :
ألا أبلغ معاوية بن حرب
مغلغلةً عن الرجل اليمآني
أتغضب ان يقال أبوك عفُ
وترضى أن يقال أبوك زان
وأشهد أن إلّك من زياد
كإلِّ الفيل من ولد الاتان
وأشهد أنها حملت زياداً
وصخرُ من سمية غير دان
قال ابو الفرج : والناس ينسبونها إلى ابن مفرِّغ لكثرة هجائه لزياد وذلك غلط.
اقول ويغلب على ظني أنه في القرن الاول فان اخاه مروان مات سنة خمس وستين هـ.
__________________
1 ـ كان زياد ينسب لأبي عبيد : عبد بني علاج من بني ثقيف لان سمية اتهمت به ، وولدت زيادا على فراشه فكان يسمى « الدعي » واشار اليه النسابة الكلبي بقوله :
2 ـ يقال : ادق من خيط باطل ، وهو الهباء المنبت في الشمس ، وقيل لعاب الشمس ، وقيل الخيط الخارج من فم العنكبوت الذي يقال له : مخاط الشيطان. وكان مروان بن الحكم يلقب بذلك لانه كان طويلا مضطرباً.