طباعة

2ـ النموذج الثاني


حذف البخاري فتوى عمر بعدم الصلاة.
روى مسلم عن شعبه قال: حدثني الحكم عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه: أن رجلاً أتى عمر فقال: إني أجنبت فلم أجد ماء. فقال: لا تصلي.
فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت، فقال النبي(ص) إنما يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك!.
فقال عمر: اتق الله يا عمار، فقال: إن شئت لم أحدث به(1).
بما أن الحديث ظاهر في جهل عمر بأبسط الأحكام الشرعية الضرورية التي يعرفها كل مسلم (التيمم) والتي صرح بها القرآن وعلمهم رسول الله (ص) كيفيتها، ورغم ذلك يفتي عمر بعدم الصلاة، مما يدل على جهله أولاً، ويدل على عدم اهتمامه بالصلاة، بل عدم الصلاة في حالة كونه جنباً كما صرحت الرواية.
وأذكر في هذا المقام أن أحد الأصدقاء كان يناقشني في علم عمر، فقال لي: إن عمر كان يوافق القرآن قبل نزوله.
قلت له: هذه مجرد أخبار لا تمت إلى الواقع بصلة، وإلا كيف يوافقه قبل نزوله وهو لم يوافق القرآن بعد أن نزل في حادثة التيمم وتحديد مهور النساء. وقد كان هذا الحديث أعنف صدمة لاقتني في بحثي عن شخصية عمر، لأنه يكشف تماماً عن وزنه العلمي والديني، ومما زاد استغرابي هو إصرار عمر على جهله بعد أن أخبره عمار بالحكم الشرعي في المسألة.
ثم انظر إلى البخاري الذي لم يرق له أن يروي هذه الفتوى التي لم يفتها حتى جهلاء السوق، فأخرج في صحيحه بنفس السند وبنفس المتن غير أنه أسقط الفتوى.
(جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني اجنبت فلم أصب الماء.
فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر..)(2).

____________
1- صحيح مسلم باب التيمم ج 1.
2- صحيح البخاري ج1 كتاب التيمم، باب التيمم، هل ينفخ فيها.