(1) أحمد بن نصر الخزاعي، المقتول سنة 231هـ، وهو من تلاميذ مالك بن أنس وروى عنه ابن معين ومحمد بن يوسف، وكان من أهل العلم، وقد امتحنه الواثق وسأله: ما تقول في القرآن؟
قال: كلام الله ليس بمخلوق، فحمله أن يقول أنه مخلوق فأبى وسأله عن رؤية الله يوم القيامة، فقال بها. وروى الحديث في ذلك فقال الواثق: ويحك، هل يُرى هذه صفته، ولما أصرّ أحمد الخزاعي على رأيه، دعا الخليفة السيف المسمى الصمصامة، وقال: إنني أحتسب خطاي إلى هذا الكافر الذي يعبد رباً لا نعبده، ولا نعرفه بالصفة التي وصفه بها، ثم مشى إليه بنفسه فضرب عنقه، وأمر به وحمل رأسه إلى بغداد، فنصب بالجانب الشرقي أياماً، ثم بالجانب الغربي أياماً، ولما صُلب كتب الواثق ورقة وعلقت في رأسه:
هذا رأس أحمد بن نصر بن مالك، دعاه عبد الله الإمام هارون - وهو الواثق - إلى القول بخلق القرآن ونفي التشبيه فأبى إلا المعاندة فعجل الله به إلى ناره(1).
(2) يوسف بن يحيى البويطي، كما تقدم من تلاميذ الشافعي وخليته على حلقة درسه، حُمل من مصر إلى بغداد مثقلاً بأربعين رطلاً من الحديد، وامتحن فأبى أن يقول أن القرآن مخلوق، وقال: والله لأموتن في حديدي هذا حتى يأتي من بعدي قوم يعلمون أنه مات في هذا الشأن قوم في حديدهم، ولئن دخلت عليه - يعني الواثق - لأصدقن، ومضى على امتناعه حتى مات بسجنه سنة 232هـ.
.... وآخرون لا يتسع المجال لذكرهم كانوا أكثر جموداً وإصراراً من أحمد، ومن الظلم أن يُخصّ احمد بن حنبل بهذه المحنة وأن تكون أعظم بطولاته، رغم نه كان غير ذلك تماماً كما عرفت خضوعه وإقراره للمعتصم.
____________
1- تاريخ اليعقوبي ج ص 198.
2- طبقات الشافعية ج 1 ص 270.