• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفرقة الناجية


قال يوحنا: إن نبيكم قال: ستفترق أمتي من بعدي إلى ثلاث وسبعين فرقة واحدة ناجية، واثنتان وسبعون في النار فهل تعرف الناجية من هيه؟
قالوا: إنم أهل السنة والجماعة لقول النبي (ص) لما سئل عن الفرقة الناجية من هم؟ فقال: (الذين هم على ما أنا عليه اليوم وأصحابي)(1).
قال يوحنا: فمن اين لكم أنكم أنتم اليوم على ما كان عليه لانبي (ص)؟
قالوا: ينقل ذلك الخلف عن السلف.
فقال يوحنا: فمن الذي يعتمد على نقلكم؟
قالوا: وكيف ذلك؟
قال: لوجهين:
الأول: أن علماءكم نقلوا كثيراً من الأحاديث التي تدل على إمامة علي (ع) وأفضليته، وأنتم تقولون إنه مكذوب عليه، وشهدتم على علمائكم أنهم ينقلون الكذب فربما يكون هذا أيضاً كذباً ولا مرحج لكم.    
الثاني: أن النبي (ص) كان يصلي كل يوم الصلوات الخمس في المسجد ولم يضبط له أنه هل كان يبسمل للحمد أم لا؟ وهل كان يعتقد وجوبها أم لا؟ وهل كان يسبل يديه أم لا؟ ولو كان يعقدهما فهل يعقدهما تحت السرة أو فوقها؟ وهل كان يمسح الوضوء ثلاث شعرات أو ربع الرأس، أو بعضه أو جميعه، فإذا كان سلفكم لم يضبط شيئاً كان رسول الله (ص) يفعله في اليوم والليلة مراراً متعددة، فكيف يضبطون شيئاً لم يفعله في العمر إلا مرة واحدة أو مرتين، هذا بعيد! وكيف تقولون إن أهل السنة هم على ما كان عليه النبي (ص) والحال أنهم يناقض بعضهم بعضاً في اعتقاداتهم، واجتماع النقيضين محال.
قال يوحنا: فأطرقوا جميعاً، ودار الكلام بينهم، وارتفعت الأصوات بينهم، وقالوا الصحيح أنا لا نعرف الفرقة الناجية من هي، وكل منا يزعم أنه هو الناجي، وأن غيره هو الهالك، ويمكن أن يكون هو الهالك، وغيره الناجي.
قال يوحنا: هذه الرافضة الذين تزعمون أنهم ضالون يجزمون بنجاتهم، وهلاك من سواهم، ويستدلون على ذلك بأن اعتقادهم أوفى للحق، وأبعد عن الشك.
قالت العلماء: يا يوحنا، قل وإنا والله لا نتهمك لعلمنا أنك تجادلنا على إظهار الحق.
قال يوحنا: أنا أقول باعتقاد الشيعة أن الله قديم ولا قديم سواه، وأنه موجود، وأنه ليس بجسم، ولا في محل، وهو منزه عن الحلول، واعتقادكم أنكم تثبتون معه ثمانية قدماء هي الصفات حتى إن إمامكم الفخر الرازي شنّع عليكم، وقال: إن النصارى واليهود، كفروا حيث جعلوا مع الله إلهين اثنين قديمين واصحابنا أثبتوا قدماء تسعة، وابن حنبل أحد أئمتكم قال: إن الله جسم، وإنه على العرش، ونه ينزل في صورة أمرد، فبالله عليكم أليس الحال كما قلت؟
قالوا: نعم.
قال يوحنا: فاعتقادهم إذا خير من اعتقادكم، واعتقاد الشيعة أن الله سبحانه لا يفعل قبيحاً، ولا يخلّ بواجب، وليس في فعله ظلم، ويرضون بقضاء الله لأنه لا يقضي إلا بالخير، ويعتقدون أن فعله لغرض لا لعبث، وأنه لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولا يضل أحداً من عباده، ولا يحول بينهم وبين عبادته، وأنه أراد الطاعة، ونهى عن المعصية، وأنهم مختارون في أفعال أنفسهم، واعتقادكم أنتم أن الفواحش كلها من الله ـ تعال الله عن ذلك علواً كبيراً ـ وأن كل ما يقع في الوجود من الكفر والفسوق والمعصية والقتل والسرقة والزنا فإنه خلقه الله تعالى في فاعليه وأراده منهم وقضى عليهم به ورفع اختيارهم، ثم يعذبهم عليه، وأنتم لا ترضون بقضاء الله بل إن الله تعالى لا يرضى بقضاء نفسه، وانه هو الذي أضل العباد وحال بينهم وبين العبادة والإيمان، وإن الله تعالى يقول: (ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى)(2)، فاعتبروا هل اعتقادكم خير من اعتقادهم أم اعتقادهم خير من اعتقادكم ونتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون!!
وقالت الشيعة: أنبياء الله معصومون من أول عمرهم إلى آخره عن الصغائر والكبائر فيما يتعلق بالوحي وغيره عمداً وخطأً، واعتادكم أنه يجوز عليهم الخطأ والنسيان، ونسبتم أن رسول الله (ص) سهى في القرآن بما يوجب الكفر فقلتم: إنه صلى الصبح فقرأ سورة النجم:    
(أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى)(3)، وهذا كفر وشرك جلي، حتى أن بعض علمائكم صنّف كتاباً فيه تعداد ذنوب نسبها للأنبياء (ع) فأجابته الشيعة عن ذلك الكتاب بكتاب سموه بتنزيه الأنبياء(4)، فماذا تقولون أي الاعتقادين أقرب إلى الصواب، وأدنى من الفوز؟
واعتقاد الشيعة أن رسول الله (ص) لم يقبض حتى أوصى إلى من يقوم بالأمر بعده، وأنه لم يترك أمته هملاً ولم يخالف قوله تعالى، واعتقادكم أن ترك أمته هملاً، ولم يوص إلى من يقوم بالأمر بعده، وإن كتابكم الذي أنزل عليكم فيه وجوب الوصية، وفي حديث نبيكم وجوب الوصية، فلزم على اعتقادكم أن يكون النبي (ص) أمر الناس بما لم يفعله، فأي الاعتقادين أولى بالنجاة.
واعتقاد الشيعة أن رسول الله (ص) لم يخرج من الدنيا حتى نص الخلافة على علي بن أبي طالب ع) ولم يترك أمته هملاً فقال له يوم الدار: (أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا أمره)(5) وأنتم نقلتموه ونقله إمام القرّاء والطبري والخركوشي وابن اسحاق.
وقال فيه يوم غدير خم: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) حتى قال له عمر: بخ لخ لك يا علي، أصبحت مولاي وولى كل مؤمن ومؤمنة، نقله إمامكم أحمد بن حنبل في مسنده(6). وقال فيه لسلمان: (عن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب) رواه إمامكم أحمد بن حنبل(7). وقال فيه: (إن الأنبياء ليلة المعراج قالوا لي: بعثنا على الإقرار بنبوتك، والولاية لعلي بن أبي طالب) ورويتموه في الثعلبي والبيان وقال فيه: (إنه يحب الله ورسوله) رويتموه في البخاري ومسلم(8). وقال فيه (لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني)، وعنى به علي بن أبي طالب، ورويتموه في الجمع بين الصحيحين، وقال فيه: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)، وريتموه في البخاري(9). وأنزل الله فيه: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر)(10) وأنزل فيه: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة وهم راكعون)(11) وأنه صاحب آية الصدقة(12)، وضربته لعمرو بن ود العامري أفضل من عمل الأمة إلى يوم القيامة(13)، وهو أخو رسول الله (ص) وزوج ابنته، وباب المدينة، وإمام المتقين، ويعسوب الدين، وقائد الغر المحجلين(14)، حلال المشكلات، وفكّاك المعضلات، هو الإمام بالنص الإلهي، ثم من بعده الحسن والحسين اللذان قال فيهما النبي (ص): (هذان إمامان قاما أوقعدا، وأبوهما خير منهما)(15).
وقال النبي (ص): (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)(16)، ثم علي زين العابدين، ثم أولاده المعصومون الذين خاتمهم الحج القائم المهدي إمام الزمان (ع) الذي من مات ولم يعرفه مات ميتة الجاهلية(17)، وأنتم رويتم في صحاحكم عن جابر بن سمرة أنه قال: سمعت رسول الله (ص) يقول (يون بعدي إثنا عشر أميراً) وقال كلمة لم أسمعها(18) وفي بخاريكم(19) قال رسول الله (ص) (لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم إثنا عشر رجلاً) ثم تكلم بكلمة خفيفة خفيت علي.
وفي صحيح مسلم (لا يزال أمر الدين قائماً حتى تقوم الساعة ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش)(20)، وفي الجمع بين الصحيحين والصحاح الستة أن رسول الله (ص) قال: (إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي أثنا عشر خليفة كلهم من قريش)(21).
وروى عالمكم ومحدثكم وثقتكم صاحب كفاية الطالب عن أنس بن مالك، قال: كنت أنا وأبو ذر وسلمان وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم عند النبي (ص) إذ دخل الحسن والحسين (عليهما السلام) فقبّلهما رسول الله، وقام أبو ذر فانكب عليهما، وقبّل أيديهما، ورجع فقعد معنا، فقلنا له سراً: يا ابا ذر رايت شيخاً من أصحاب رسول الله (ص) يقوم إلى صبيين من بني هاشم فينكب عليهما ويقبّلهما ويقبّل ايديهما.
فقال: نعم، لو سمعتم ما سمعت لفعلتم بهما أكثر مما فعلت.
فقلنا: وما سمعت فيهما من رسول الله (ص)يا أبا ذر؟
فقال: سمعته يقول لعلي ولهما: (والله لو أن عبداً صلى وصام حتى يصير كالشن البالي إذاً ما نفعه صلاته ولا صومه إلا بحبكم والبراءة من عدوكم).
ياعلي، من توسل إلى الله بحقكم فحق على الله أن لا يرده خائباً.
يا علي، من أحبكم وتمسك بكم فقد تمسك بالعروة الوثقى.
قال: ثم قام أبو ذر وخرج فتقدمنا على رسول الله (ص) فقلنا: يا رسول الله أخبرنا أبو ذر بكيت وكيت.
فقال: صدق أبو ذر، والله ما أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر(22).
ثم قال (ص): خلقني الله تعالى وأهل بيتي من نور واحد قبل أن يخلق الهر آدم بسبعة آلاف عام، ثم نقلنا من صلبه في أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات.    
قلت يا رسول الله: وأين كنتم؟ وعلى أي شأن كنتم؟
فقال رسول الله (ص): كنا اشباحاً من نور تحت العرش نسبّح الله ونقدسه.
ثم قال (ص): (لما عرج بي إلى السماء وبلغت إلى سدرة المنتهى ودعّني جبرئيل.
فقلت: يا حبيبي جبرئيل في مثل هذا المقام تفارقني؟
فقال يا محمد إني لا أجوز هذا الموضع فتحترق أجنحتي، ثم زج بي من النور على النور ما شاء الله تعالى، فأوحى الله تعالى إلي: يا محمد: إني أطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها وجعلتك نبياً، ثم اطلعت ثانياً فاخترت منها علياً وجعلته وصيك ووارث علمك وإماماً من بعدك، وأخرج من أصلابكم الذرية الطاهرة والأئمة المعصومين خزان علمي، ولولاهم ما خلقت الدنيا ولا الآخرة، ولا الجنة ولا النار، أتحب أن تراهم؟
فقلت: نعم يا رب، فنوديت: يا محمد أرفع رأسك، فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي، والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة بن الحسن يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري (ع).
فقلت: يا رب من هؤلاء ومن هذا؟
فقال سبحانه وتعالى: هؤلاء الأئمة من بعدك المطهّرون من صلبك، وهذا هو الحجة الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ويشفي صدور قوم مؤمنين.
فقلنا: بآبائنا وأمهاتنا أنت يا رسول الله لقد قلت عجباً.    
فقال (ص): وأعجب من هذا أن أقواماً يسمعون هذا مني ثم يرجعون على أعقابهم بعد إذ هداهم الله ويؤذونني فيهم لا أنالهم الله شفاعتي(23).
قال يوحنا: واعتقادكم أنتم ن رسول الله (ص) لما مات مات على غير وصية، ولم ينص على خليفته، وأن عمر بن الخطاب اختار أبا بكر وبايعه وتبعته الأمة، وأنه سمى نفسه خليفة رسول الله (ص9 وانتم تعلمون كلكم أن أبا بكر وعمر لما مات رسول الله (ص) تركاه بغير غسل ولا كفن وذهبا إلى سقيفة بني ساعدة فنازعا الأنصار في الخلافة، وولي أبو بكر الخلافة ورسول الله (ص) مسجى، ولا شك أن رسول الله (ص) لم يستخلفه، وأنه كان يعبد الأصنام قبل أن يسلم أربعين سنة، والله تعالى يقول (لا ينال عهدي الظالمين)(24) ومنع فاطمة إرثها من أبيها رسول الله (ص) بخبر (رواه).
قالت فاطمة: يا أبا بكر ترث أباك ولا أرث أبي، لقد جئت شيئاً فرياً، وعارضته بقول الله: (يرثني ويرث من آل يعقوب)(25) (وورث سليمان داود)(26)، وقال اله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم)(27) ولو كان حديث أبي بكر صحيحاً لم يمسك علي بن أبي طالب (ع) سيف رسول الله (ص) ويغلته وعمامته ونازع العباس علياً بعد موت فاطمة (ع) في ذلك، ولو كان هذا الحديث معروفاً لم يجزلهم ذلك، وابو بكر منع فاطمة (عليها السلام) فدكاً لانها ادّعت ذلك، وذكرت أن النبي (ص) نحلها إياها فلم يصدّقها في ذلك مع أنها من أهل الجنة، وان الله تعالى أذهب عنها الرجس الذي هو أعمّ من الكذب وغيره، واستشهدت علياً (ع) وأم أيمن مع شهادة النبي (ص) لها بالجنة، فقال: رجل مع رجل وإمرأة، وصدّق الأزواج في ادعاء الحجرة، ولم يجعل الحجرة صدقة فأوصت فاطمة وصية مؤكدة أن يدفنها علي ليلاً حتى لا يصلي عليها أبو بكر(28).
وأبو بكر قال: أقيلوني فلست بخيركم وعلي فيكم(29)، فإن صدق فلا يصح له التقدم على علي بن أبي طلاب (ع) وإن كذب فلا يصلح للإمامة، ولا يحمل هذا على التواضع لجعله شيئاً موجباً لفسخ الإمامة وحاملاً له عليه.
وأبو بكر قال: إن لي شيطاناً يعتريني، فإذا زغت فقوّموني(30). ومن يعتريه الشيطان فلا يصلح للإمامة!!
وأبو بكر قال في حقه عمر: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة، ووقى الله المسلمين شرها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه(31)، فتبين أن بيعته كانت خطأ على غير الصواب، وأن مثلها مما يجب المقاتلة عليها.
وأبو بكر تخلف عن جيش أسامة وولاه عليه، ولم يولّ النبي (ص) على علي أحداً(32).    
وأبو بكر لم يولّه رسول الله (ص) عملاً في زمانه قط إلا سورة براءة، وحين ما خرج أمر الله تعالى رسوله بعزله وأعطاها علياً(33).
وأبو بكر لم يكن عالماً بالأحكام الشرعية، حتى قطع يسار السارق، وأحرق بالنار الفجاءة السلمي التيمي(34)، وقد قال رسول الله (ص): (لا يعذّب بالنار إلا رب النار)(35).
ولما سئل عن الكلالة لم يعرف ما يقول فيها فقال: أقول برأيي فإن كان صواباً فمن الله وإن الله وإن كان خطأ فمن الشيطان.
وسألته جّدة عن ميراثها، فقال: لا أجد لك في كتاب اله شيئاً ولا في سنة محمد، ارجعي حتى أسأل فأخبره المغيرة بن شعبة أن النبي (ص) أعطاها السدس وكان يستفتي الصحابة في كثير من الأحكام.
وأبو بكر لم ينكر على خالد بن الوليد في قتل مالك بن نويرة، ولا في تزويج امرأته ليلة قتله من غير عدة.
وأبو بكر بعث على بيت أمير المؤمنين (ع) لما امتنع من البيعة فأضرم فيه النار(36) وفيه فاطمة (ع) وجماعة من بني هاشم وغيرهم فانكروا عليه.    
وأبو بكر لمّا صعد المنبر جاء الحسن والحسين وجماعة من بني هاشم وغيرهم وأنكروا عليه وقال له الحسن والحسين (ع): هذا مقام جدّنا ولست أهلاً له(35).
وأبو بكر لما حضرته الوفاة، قال: يا ليتني تركت بيت فاطمة لم أكشفه، وليتني كنت سألت رسول الله (ص): هل للأنصار في هذا الأمر حق؟
وقال: ليتني في ظلة بني ساعدة ضربت على يد أحد الرجلين، وكان هو الأمير وأنا الوزير(36).
وأبو بكر ر عندكم أنه خالف رسول الله (ص) في الاستخلاف، لأنه استخلف عمر بن الخطاب ولم يكن النبي (ص) ولاه قط عملاً إلاغزوة خيبر فرجع منهزماً، وولاه الصدقات فشكا العباس فعزله النبي (ص): وأنكر الصحابة على أبي كر تولية عمر حتى قال طلحة: وليت عمر فظاً غليظاً.
وأما عمر، فإنه أتي إليه بإمراة زنت وهي حامل فأمر رجمها، فقال علي (ع): إن كان لك عليها سبيل فليس لك على حملها من سبيل، فأمسك وقال: لولا علي لهلك عمر(37).
وعمر شك في موت النبي (ص) وقال: ما مات محمد ولا يموت حتى تلا عليه أبو بكر الآية (إنك ميت وإنهم ميتون)(38) فقال: صدقت، وقال: كأني لم أسمعها(39).    
وجاءوا إلى عمر بإمراة مجنونة قد زنت فأمر برجمها، فقال له علي (ع): القلم مرفوع الن المجنون حتى يفيق، فأمسك، فقال: لولا علي لهلك عمر(40).
وقال في خطبة له: من غالى في مهر امرأته جعلته في بيت مال المسلمين، فقال له امرأة، تمنعنا ما أحل الله لنا حيث يقول (وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً)(41) فقال: كل الناس أفقه من عمر حتى المخدّرات في البيوت(42).
وكان يعطي حفصة وعائشة كل واحدة منهما مأئتي ألف درهم، وأخذ مائتي الف درهم من بيت المال فأنكر عليه المسلمون فقال: أخذته على وجه القرض(43).
ومنع الحسن والحسين (ع) إرثهما من رسول اله (ص) ومنعما الخمس(44).
وعمر قضى ف الحد بسبعين قضية وفضل في العطاء والقسمة ومنع المتعتين وقال: متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) حلالاً وأنا محرّمهما، ومعاقب من فعلهما(45).
وخالف النبي (ص) وأبا بكر في النص وعدمه، وجعل الخلافة في ستة نفر، ثم ناقض نفسه وجعلها في أربعة نفر، ثم في الثلاثة، ثم في واحد، فجعل إلى عبد الرحمن بن عوف الاختيار بعد أن وصفه بالضعف والقصور، ثم قال: إن اجتمع علي وعثمان فالقول ما قالا، وإن صاروا ثلاثة ثلاثة فالقول للذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، لعلمه أن علياً وعثمان لا يجتمعان على أمر، وأن عبد الرحمن بن عوف لا يعدل بالأمر عن ابن أخته وعثمان، ثم أمر بضرب عنق من تأخر عن البيعة ثلاثة أيام(46).
وعمر أيضاً مزق الكتاب كتاب فاطمة (ع) وهو أنه لما طالت المنازعة بين فاطمة وأبي بكر، رد عليها فدك والعوالي، وكتب لها كتاباً فخرجت والكتاب في يدها فلقيها عمر فسألها عن شأنها، فقصت قصتها، فأخذ منها الكتاب وخرّقه(47)، ودعت عليه فاطمة، فدخل علي أبي بكر ولامه على ذلك واتفقا على منعها.
وأما عثمان بن عفان فجعل الولايات بين أقاربه، فاستعمل الوليد أخاه لأمه على الكوفة، فشرب الخمر، وصلى بالناس وهو سكران(48)، فطرده أهل الكوفة فظهر منه ما ظهر.
وأعطى الأموال العظيمة أزواج بناته الأربع، فأعطى كل واحد من أزواجهن مائة ألف مثقال من الذهب من بيت مال المسلمين وأعطى مروان ألف ألف درهم من خمس افريقية(49).    
وعثمان حمى لنفسه عن المسلمين ومنعهم عنه(50)، ووقع منه أشياء منكرة في حق الصحابة. وضرب ابن مسعود(51) حتى مات وأحرق مصحفه، وكان ابن مسعود يطعن في عثمان ويكفره.
وضرب عمار بن ياسر صاحب رسول الله (ص) حتى صار به فتق(52).
واستحضر أبا ذر من الشام لهوى معاوية وضربه ونفاه على الربذة(53)، مع أن النبي (ص) كان يقرّب هؤلاء الثلاثة.
وعثمان أسقط القود ـ عن ابن عمر ـ لما قتل النوار بعد الإسلام.
واراد أن يسقط حد الشراب عن الوليد بن عتبة الفاسق، فاستوفى منه علي (ع) وخذلته الصحابة حتى قتل ولم يدفن إلا بعد ثلاثة أيام ودفنوه في حشّ كوكب.
وغاب عن المسلمين يوم بدر، ويوم أحد، وعن بيعة الرضوان.
وهو كان السبب في أن معاوية حارب علياً (ع) على الخلافة، ثم آل الأمر إلى أن سبّ بنو أمية علياً (ع) على المنبر، وسمّوا الحسن، وقتلوا الحسين، وشهّروا أولاد النبي (ص) وذريته في البلاد يطاف بهم على المطايا(54)، فآل الأمر إلى الحجّاج حتى أنه قتل من آل محمد إثني عشر ألفاً، وبنى كثيراً منهم في الحيطان وهم أحياء، وكل السبب في هذا أنهم جعلوا الإمامة بالأختيار والارادة، ولو أنهم اتبعوا النص في ذلك ولم يخالف عمر بن الخطاب النبي (ص) في قوله: (آتوني بدواة وكتف أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبدأً)(55)، لما حصل الخلاف وهذا الضلال.
قال يوحنا: يا علماء الدين هؤلاء الذين يسمّون الرافضة هذا اعتقادهم الذي ذكرنا، وأنتم هذا اعتقادكم الذي قررناهن ودلائلهم هذه التي سمعتموها، ودلائلكم هذه التي نقلتموها.
فبالله عليكم أي الفريقين أحق بالأمر إن كنتم تعلمون؟
فقالوا بلسان واحد: والله عن الرافضة على الحق، وإنهم المصدقون على أقوالهم، لكن الأمر جرى على ما جرى فإنه لم يزل أصحاب الحق مقهورين، وأشهد علينا يا يوحنا إنا على موالاة آل محمد، ونتبرأ من أعدائهم، ألا أنا نستدعي منك أن تكتم علينا أمرنا لأن الناس على دين ملوكهم.
قال يوحنا: فقمت عنهم وأنا عارف بدليلي، واثق باعتقادي بيقين فلله الحمد والمنة، ومن يهد الله فهو المهتد.
فسطرت هذه الرسالة لتكون هداية لمن طلب سبيل النجاة، فمن نظر فيها بعين الإنصاف أرشد إلى الصواب، وكان بذلك مأجورا، ومن ختم على قلبه ولسانه فلا سبيل إلى هدايته كما قال الله تعالى: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)(56) فإن أكثر المتعصبين (سواء عليهم  أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون، ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم)(57).
اللهم إنا نحمدك على نعمك الجسام، ونصلي على محمد وآل المطهرين من الآثام، مدى الأيام على الدوام إلى يوم القيامة.
إلى هنا ما وقفنا عليه من الكتاب المذكور، ولله سبحانه الحمد والمنة(58).

____________
1- المعجم الصغر للطبراني ج1 ص256، كنز العمال ج1 ص210 ح1055 و1057، مجمع الزوائد ج1 ص189.
2- سورة الزمر: الآية 7.
3- سورة النجم: الآية 19و20.
4- تنزيه الأنبياء لعلم الهدى الشريف المرتضى أعلى الله مقامه).
5- تقدمت تخريجاته.
6- مسند أحمد ج4 ص281.
7- فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ج2 ص615 ح1052.
8- صحيح مسلم ج4 ص1871 ـ 1873 ح32 ـ 35، صحيح البخاري ج5 ص23.
9- صحيح مسلم ج5 ص1870 ح30 ـ 32، صحيح البخاري ج5 ص24.
10- سورة الدهر: الآية 1.
11- سورة المائدة: الآية 55.
12- وهي قوله تعالى: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية)، سورة البقرة الآية 274، وقد تقدمت تخريجات نزولها فيه (ع).
13- المستدرك ج3 ص32، تاريخ بغداد ج13 ص19 رقم 6978، الفردوس بمأثور الخطاب ج3 ص455 ح5406.
14- فقد جاء في فرائد السمطين ج1 ص143 ح105: عن عبد الله بن عكيم الجهني، قال: اقل رسول الله (ص) إن الله تبارك وتعالى أوحى إلي في علي (ع) ثلاثة أشياء ليلة أسري بي إنه سيد المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين.
15- كفاية الأثر: ص38، بحار الانوار ج36 ص289.
16- مسند أحمد ج3 ص3 و66، سنن الترمذي ج5 ص614 ح3768، تاريخ بغداد ج11 ص90 ، كنز العمال ج12 ص112 ح34246.
17- تقدمت تخريجاته.
18- مسند أحمد ج5 ص92و94، المعجم ج2 ص236 ح1875 وص248 ح1923.
19- صحيح البخاري ج4 ص218.
20- صحيح مسلم ج3 ص1453 ح10.
21- صحيح مسلم ج3 ص1452 ح5، مسند أحمد ج4 ص94 و96، وقد تقدمت تخريجات هذه الأحاديث.
22- مجمع الزوائد ج5 ص197 ص442، مشكل الآثار ج1 ص224، مسند أحمد بن حنبل ج2 ص175 وص223 ط الميمنية، الكامل في الضعفاء لابن عدي ج5 ص1816، البداية النهاية ج7 ص165، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج8 ص259، بتفاوت.
23- كفاية الأثر: ص69 ـ 73.
24- سورة البقرة: الآية 124.
25- سورة مريم: الآية 6.
26- سورة النمل: الآية 16.
27- سورة النساء: الآية 11.
28- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج16 ص280 ـ 281، وقد تقدمت تخريجاته.
29- الإمامة والسياسة ج1 ص22، كنز العمال ج5 ص588 ح14046 و1405، تاريخ الطبري ج3 ص210، نهج الحق ص264، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص169.
30- نفس المصدر السابق.
31- تقدمت تخريجاته.
32- انظر: الملل والنحل للشهرستاني ج1 ص144، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج4 ص96.
33- تقدمت تخريجاته..
32- راجع: الإمامة والسياسة ج1 ص14.
33- شرح السنة للبغوي ج12 ص198، مجمع الزوائد ج6 ص251، كشف الأستار ج2 ص211 ح1538.
34- الإمامة والسياسة ج1 ص191، نهج الحق ص27، وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج2 ص56: فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت، فخرج إليه الزبير بالسيف، وخرجت فاطمة (ع) تبكي وتصبح، فنهنهت من الناس إلخ وروى ذلك عن أبي بكر الجوهري.
35- نهج الحق ص272، أسد الغابة ج2 ص14، الصواعق المحرقة ص175، ط المحمدية وص105 ط الميمنية بمصر.
36- الإمامة والسياسة: ج1 ص1، مروج الذهب ج2 ص301 ـ 302، نهج الحق ص265.
37- تقدمت تخرجاته.
38- سورة الزمر: الآية 3.
39- تاريخ الخميس ج2 ص167، صحيح البخاري ج6 ص17، وقد تقدم الحديث مع تخريجاته.
40- تقدمت تخريجاته.
41- سورة النساء.
42- الدر المنثور ج2 ص466، نهج الحق ص278، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص182 وج12 ص17.
43- نهج الحق ص279، وفيه عشرة آلاف.
44- أحكام القرآن للجصّاص ج3 ص61.
45- نهج الحق: ص281، الدر المنثور ج2 ص487، وقد تقدمت تخريجاته.
46- الإمامة والسياسة ج1 ص28ـ 29، نهج الحق ص285، تقدم الحديث مع تخريجاته.
47- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج16 ص274.
48- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج3 ص18، تاريخ الخميس ج2 ص255 و259، الكامل في التاريخ ج3 ص52، الإمامة والسياسة ج1 ص32، أسد الغابة ج5 ص90، نهج الحق ص290.
49- تاريخ الخميس ج1 ص26، تاريخ الطبري ج5 ص49، تاريخ اليعقوبي ج2 ص155، المعارف لابن قتيبة ص84، نهج الحق ص293، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص198، تاريخ الخلفاء.
50- نهج الحق ص294 ، تاريخ الخميس ج2 ص262، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص199، تاريخ الخلفاء ص164.
51- نهج الحق ص295، أسد الغابة ج3 ص259، تاريخ ابن كثير ج7 ص163،تاريخ الخميس ج2 ص268، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص198، وج3 ص40.
52- تاريخ الخميس ج2 ص271، الإمامة والسياسة ج1 ص32، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص238، نهج الحق ص296.
53- تاريخ اليعقوبي ج2 ص162، الكامل في التاريخ ج3 ص56، نهج الحق ص298، أنساب الأشراف ج5 ص52، مروج الذهب ج2 ص339.
54- انظر: ينابيع المودة ب61 ص350، مقتل الحسين (ع)ـ للمقرم.
55- تقدمت تخرجاته.
56- سورة القصص : الآية 56.
57- سورة البقرة: الآية 6ـ 7.
58- الكشكول للبحراني ج2 ص28.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page