العبادة هي الخضوع اللفظي والعملي عن اعتقاد بألوهية المعبود أو ربوبيته أو الاعتقاد باستقلاله في فعله أو بأنه يملك شأناً من شؤون وجوده وحياته على وجه الاستقلال.
فكل عمل مصحوب بهذا الاعتقاد يعد شركاً بالله، ولذلك نجد أن مشركي الجاهلية كانوا يعتقدون بألوهية معبوداتهم وقد صرح القرآن بذلك، قال تعالى: (واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا) مريم 81 أي كان هؤلاء يعتقدون بألوهية معبوداتهم.
قال الله تعالى: (الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف يعلمون) الحجر 69.
فهذه الآيات ترد الوهابية على أعقابهم حيث تصرح أن الشرك الذي كان يقع فيه الوثنييون هو من باب اعتقادهم بألوهية معبوداتهم، وقد نص الله سبحانه على هذا الأمر في قوله تعالى: (وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف يعلمون) الحجر 94ـ96.
فتحدد هذه الآيات الملاك الأساسي في قضية الشرك، وهو الاعتقاد بألوهية المعبود، ولذلك استنكروا واستكبروا على عقيدة التوحيد التي جاء بها الرسول (ص)، قال تعالى: (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون).
ولذلك كانت دعوة الأنبياء لهم محاربة اعتقادهم بإله غير الله سبحانه وتعالى، حيث يمتنع عقلاً عبادة من لا يعتقد بألوهيته، فيعتقد أولاً ثم يعبد ثانياً.
قال تعالى: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) الأعراف 59.
فيبين القرآن الكريم بذلك انحرافهم عن الإله الحقيقي.
فإذاً المناط في الشرك، هو الخضوع المقترن بالاعتقاد بالألوهية، وقد يكون الشرك ناتجاً من الاعتقاد بربوبية المعبود، أيكونه مالكه ومسيطراً على أمره من الخلق والرزق والحياة والممات، أو لكونه مالكاً للشفاعة والمغفرة، فالذي يخضع لشيء معتقداً بربوبيته يكون عابداً له، ولذلك جاءت الآيات القرآنية تدعوا الكفار والمشركين لعبادة الرب الحق، قال تعالى: (وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم) المائدة 72.
قال تعالى: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) الأنبياء 92.
وهنا مناط ثالث، وهو الاعتقاد بأن الشيء مستقل في ذاته أو في فعله من غير أن يكون قائماً بالله، فالخضوع المقترن بهذا الاعتقاد يعد شركاً.
فإذا خضعت أمام إنسان باعتبار أنه مستقل في فعله سواء كان هذا الفعل عادياً مثل التكلم والحركة أو كالمعجزات التي كان يقوم بها الأنبياء يكون هذا الخضوع عبادة على حد سواء بل لو اعتقد الإنسان أن حبة الصداع تشفي بصورة مستقلة عن الله تعالى يكون هذا الاعتقاد شركا.
وبهذا نعرف أن الملاك في العبادة ليس فقط إظهار الخضوع والتذلل وإنما الملاك الحقيقي هو الخضوع والتذلل بالقول أو الفعل لمن يعتقد بأنه إله أو رب أو مالك لشيء من شؤونه على وجه الاستقلال.
تعريف العبادة بالمفهوم القرآني
- الزيارات: 855