وللوهابية خلط واشتباه آخر في قضية التوحيد والشرك وهو مشابه تماماً لما سبق، فيجعلون من ملاكات التوحيد والشرك، قدرة المطلوب منه أو عدم قدرته فإذا كان قادراً لا إشكال وإلا يكون شركاً... وهذا جهل أحمق.
فما دخل هذا الأمر في التوحيد والشرك، ولا يتعدى البحث هنا عن جدوائية الطلب أو عدم ذلك.
فما بال أولئك من قساة الوهابية ينتهرون زوار رسول الله (ص) قائلين: يا مشرك، هل ينفعك رسول الله بشيء.
ناسين أو جاهلين، وهم للجهل أقرب أن المنفعة وعدمها ليس لها دخل في التوحيد والشرك.
وهذا مثل جهل آخر عند الوهابية وهو عدم جواز التوسل والطلب من الأموات.
يقول ابن القيم ـ تلميذ ابن تيمية ـ: (ومن أنواع الشرك، طلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم، فإن الميت قد انقطع عمله هو لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً)(1).
وهذا من عجائب القول وغرائبه، لا يصدر إلا ممن ليس له نصيب في الدين علماً وفهماً، فكيف يكون طلب شيء محدد من حي عين التوحيد، وطلب ذلك الشيء نفسه من ميت شركا؟!، ومن الواضح أن مثل هذا العمل خارج عن إطار التوحيد والشرك، ويمكننا أن نضعه في إطار جدوائية هذا الطلب وعدمها، فيكون الطلب من غير فائدة ولا يكون شركاً.
وكما أشرنا إن الملاك الأساسي في التوحيد والشرك هو الاعتقاد، والاعتقاد ها مطلق لا يخصص بحياة أو موت، فكلام ابن القيم ظاهر البطلان، فقوله: (إن الميت قد انقطع عمله) إن صح لا يزيد على كون أن الطلب من الميت لا فائدة فيه لا إنه شرك، وقوله: (ولا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً) فهو كلام عام يشمل الميت والحي فكل ما هو موجود لا يملك لنفسه شيئاً سواء كان حياً أو ميتاً، وإنما يملك بإذن الله وإرادته حياً وميتاً.
وهناك مجموعة أخرى من اشتباهاتهم، هي أصغر من أن تناقش ويمكنك أيها القارئ الرد عليها كما تبين لك من الأسس السابقة.
فيجتز لكل مسلم أن يستغيث ويتوسل بأولياء الله في أي أمر غيبياً كان أو مادياً مع ملاحظة الشروط السابقة.
قال تعالى: (قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك، فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي..) النمل 38ـ49ـ40.
فإذا طلب سيدنا سليمان (ع) هذا الأمر الغيبي من أتباعه، وإذا تمكن رجل عنده علم من الكتاب أن يقوم بذلك، فجاز لنا أن نطلب من الذي عنده علم الكتاب كله، وهذا بالتأكيد عند رسول الله (ص) وأهل بيته (ع).
____________
1- فتح المجيد، تأليف مفيد ابن عبد الوهاب ص67 ط6 .
هل القدرة وعدمها ملاك في التوحيد والشرك
- الزيارات: 800