ثمّ إنّ علي بن أبي طالب أُتي به إلي أبي بكر ، وهو يقول : أنا عبد الله ، وأخو رسوله ، فقيل له : بايع أبا بكر ، فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم لا أبايعكم ، وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي(صلى الله عليه وآله) ، وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً (!!) ، ألستم زعمتم للأنصار أنّكم أولى بهذا الأمر منهم لمكان محمّد منكم (؟!) ، فأعطوكم المقادة ، وسلّموا إليكم الإمارة ، وأنا احتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار ، نحن أولى برسول الله حياً وميتاً ، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون ، وإلاّ فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون . فقال عمر : إنّك لست متروكاً حتّى تبايع ، فقال له علي : احلب حلباً لك شطره ، واشدد له اليوم يردده عليك غداً . ثمّ قال : والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه ، فقال له أبو بكر : فإن لم تبايع فلا أكرهك . فقال أبو عبيدة بن الجراح لعلي (كرّم الله وجهه) : يا ابن عم ، إنّك حديث السن وهؤلاء مشيخة قومك ، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور ، ولا أرى أبا بكر إلاّ أقوى على هذا الأمر منك ، وأشد احتمالاً واضطلاعاً به ، فسلّم لأبي بكر هذا الأمر ، فإنّك إن تعش ويطل بك البقاء ، فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك . فقال علي (كرّم الله وجهه) : الله الله يا معشر المهاجرين ، لا تخرجوا سلطان محمّد في العرب عن داره وقعر بيته إلى دوركم وقعور بيوتكم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به ، ونحن أحق بهذا منكم ، ما كان فينا القارىء لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المطلع بأمر الرعية ، الدافع عنهم الأمور السيئة ، القاسم بينهم بالسوية ، والله إنّه فينا ، فلا تتبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحق بعداً .
ـ موقف علي بن أبي طالب
- الزيارات: 770