وعجز الحالمون أن يرجعوا الحق إلى قناته . وفي صراع هذه الأحداث ضُرب الحلم بواقع خروج جماعة التتار الآتية من وسط آسيا زاحفة على وجه العالم الإسلامى ، فعمدوا إلى المدائن العامرة بالخراب والدمار حتّى تحوّلت بغداد حاضرة العالم إلى مدينة غير آهلة بالسكّان لا يسكنها إلاّ الهوام ، وتهاوى الجسد تحت سنابك الخيل .
وكان المماليك وهم (رقيق) قد وصلوا إلى حكم مصر بعد أن ضعفت الدولة الأيّوبية فحكموا البلاد مدّة قرنين ونصف ، وقد نجح الظاهر بيبرس في إحياء الخلافة العباسية في القاهرة ، وهو الذي أتى بأبي العباس عمّ المعتصم آخر الخلفاء العباسيين إلى القاهرة بعد أن استطاع الهرب من الاجتياح التتاري لبغداد ، وبدأت سلسلة الخلفاء في القاهرة من سنة 609هـ حتّى وصل عدد من تقلّد الخلافة في القاهرة ثلاثة عشر خليفة .
بيد أنّ نفوذ هؤلاء الخلفاء لم تتعدّى سوى تقليد السلاطين المماليك ، ووصل الحال بالخلفاء بأنّهم كانوا تابعين وليس متبوعين . وظلّ هذا الحال حتّى دخل سليم الأوّل القاهرة سنة 922هـ واضعاً بذلك نهاية الخلافة العباسية في القاهرة .
وبذلك قامت الخلافة العثمانية في الأستانة وكان منها حكم مطلق ، وتفريق بين المسلمين حتّى أنّ السلطان سليم الأوّل استصدر من الهيئة الإسلامية فتوى تجيز إعدام الذين يعتنقون المذهب الشيعي من رعايا الدولة ، واعتبارهم مرتدّين عن الإسلام .وكذلك استعلاء الأجناس الأخرى كالترك والشركس على العرب وأهل الشرق ممّا جعل فكرة القومية تأخذ فى النفوس مجراها للخروج من هذا الاستبداد العرقي حتّى قامت الدولة التركية مقام الخلافة العثمانية ، وفي استفتاء شعبي أجرته الجمعية الوطنية التركية كان رفض الناس للخلافة وسقوطها ليعلنوا ذلك في مارس سنة 1924 ، وكان مؤتمر القاهرة الإسلامي في مصر عديم الجدوى في محاولة إرجاع الخلافة .
فانظر ما فعله الملوك في الناس حتّى رفضوا أمراً يعتبره الكثير أنّه من الدين!!!
وبعد مضي ما يقرب قرناً من الزمان من سقوط الخلافة ، واجتماع قوى الشر على الأمّة الذين استعمروا بلادنا ، ونهبوا خيرنا ، وحاصرونا وأذاقونا سوء العذاب ، ما كان ذلك ليحدث لولا تفرّق المسلمين إلى فرق وأحزاب وجماعات متفرّقة لا مجتمعة ، متخاصمة لا تتصالح ، تتقاتل لا تتحاب وتتصالح . أقول : "أليس فيكم رجل رشيد ؟؟!!" .
ما بعــد غــزو التتـار
- الزيارات: 923