• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

بذرة التشيّع

في مقابل خط الاجتهاد الذي كان يرى عدم لزوم التسليم في كلّ الاُمور لوصايا وتعليمات النبيّ (صلى الله عليه وآله)، كان هناك مَن يرى لزوم التعبّد بكلّ النصوص الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله)، والالتزام بكلّ أوامره ونواهيه ووصاياه في أيّ أمر كان. سواء ما كان منها متعلقاً باُمور التشريع، أو ما كان متعلقاً بتسيير الاُمور بعد رحيله(صلى الله عليه وآله). وقد برز رجال يمثّلون خط التعبّد بالنص لعلّهم كانوا لا يزيدون على العشرات، ثم انضم إليهم آخرون.
ومن الطبيعي أن يكون أتباع النص قد استمدوا من النبيّ(صلى الله عليه وآله)شرعيّة مواقفهم فيما يتعلق بالمرجعية الدينية والسياسية في مرحلة ما بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ولم يكن موقفهم اجتهاداً شخصيّاً أو متعلقاً بمسألة ولاءات شخصية أو قبلية. فإنّ هذه الفئة قد وجدت ـ إضافة للنصوص النبوية ـ في شخصية عليّ (عليه السلام) ملامح القائد الذي تؤهله مواهبه النفسية والخلقية لتسنّم هذا المنصب الخطير الذي يتوقف عليه مستقبل الدعوة التي أسّس النبيّ(صلى الله عليه وآله) قواعدها وشاد بناءها، وصار لزاماً على من يأتي بعده أن يحافظ على هذا البناء النبوي ويصونه من رياح التغيير التي قد تعصف به نتيجة للظروف والأخطار التي أحاطت بالدعوة طيلة مسيرتها، والتي كان من أسبابها قرب عهد المسلمين بماضيهم الجاهلي، واشتداد حركة النفاق بعد الهجرة، وانطواء بعض النفوس على ضغائن ولّدتها الحروب الطاحنة بين المسلمين وخصومهم الذين أصبح الكثير منهم محسوبين على الدعوة الإسلامية بعد فتح مكة بالخصوص، وهم الذين أسماهم النبيّ(صلى الله عليه وآله)بـ (الطلقاء) وتألّفهم بالمال وغيره طمعاً في إزالة سخائم نفوسهم على المسلمين وإسكاتاً لشره نفوس بعضهم الآخر لاُمور الدنيا وحبِّ زينتها، لعلم النبيّ(صلى الله عليه وآله)بأنّ معظم اُؤلئك قد دخلوا الإسلام كرهاً بعد أن اُسقط ما في أيديهم ولم يكن لهم بدٌّ من الاستسلام للواقع الجديد، ولكن إسلام معظم اُولئك لم يكن تسليماً، فضلاً عن الأخطار التي كانت تتهدد مستقبل الدعوة من خارج الجزيرة العربية، والمتمثلة في وجود دول ذات جبروت وقوة ومن الطبيعي أن يروقها تحوّل المسلمين إلى قوّة تهدّد أطرافها إن لم يكن يهدّد كيانها كله.
إذن، فقد استمدّ خط التعبّد بالنصّ المقابل لخط الاجتهاد أمام النص شرعية موقفه من شرعية موقف النبي (صلى الله عليه وآله) تجاه علي (عليه السلام)من جهة، ومن ملاحظته انطباق هذا الموقف النبوي على الواقع الخارجي لشخصية علي(عليه السلام)من جهة اُخرى كقول النبي (صلى الله عليه وآله): "من أطاعني فقد اطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع عليّاً فقد أطاعني، ومن عصى علياً فقد عصاني".(1) وقوله (صلى الله عليه وآله): "أنا وعلي حجة الله على عباده"(2).
وقوله (صلى الله عليه وآله): "اُوحي إليَّ في عليٍّ ثلاث: إنه سيد المسلمين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجلين"(3).
وقول النبي (صلى الله عليه وآله): "علي مع الحق والحق مع علي، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض يوم القيامة".
وقوله وقد مرّ علي (عليه السلام): "الحق مع ذا، الحق مع ذا"(4).
من هذه النصوص وأمثالها، فهم اُولئك الأصحاب أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)يثبت لعلي (عليه السلام)أمراً بالغ الأهمية، وهو كونه على الحق، ومع الحق وأنّهما لا يفترقان، وقد مرّ فيما سبق أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قد قرن أهل بيته بالقرآن في حديث الثقلين، وأخبر بأنهما لا يفترقان حتى يردا عليه الحوض، ثم خصّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) علياً بذلك، فقال: "علي مع القرآن والقرآن مع علي، لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض"(5).
فإذا كان القرآن حقّاً لا ريب فيه، وكان عليّ مع القرآن، فهو مع الحق بداهة، وطالما كان هو على الحق، فإنّ اتّباعه يصبح واجباً، لوجوب اتّباع الحق.
كانت هذه أهم الأدلة التي جعلت اُولئك الأصحاب من أتباع النص يرون ضرورة التمسك بعلي وضرورة اتّباعه وعدم جواز مخالفته، وكانت مواقفهم واضحة حتى في زمن النبي (صلى الله عليه وآله).
قال محمد كُرد علي: "عرف جماعة من كبار الصحابة بموالاة عليّ في عصر رسول الله(صلى الله عليه وآله)،مثل سلمان الفارسي، القائل: بايعنا رسول الله على النصح للمسلمين، والائتمام بعلي بن أبي طالب والموالاة له.
ومثل أبي سعيد الخدري الذي يقول: أمر الناس بخمس، فعملوا بأربع وتركوا واحدة. ولما سئل عن الأربع قال: الصلاة، والزكاة، وصوم شهر رمضان، والحج. قيل: فما الواحدة التي تركوها؟ قال: ولاية علي بن أبي طالب. قيل له: وإنّها لمفروضة معهن؟! قال: نعم.
ومثل: أبي ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان، وذي الشهادتين خزيمة بن ثابت، وأبي أيوب الأنصاري، وخالدبن سعيد بن العاص، وقيس بن سعد بن عبادة".(6) ويميل إلى هذه الحقيقة الدكتور صبحي الصالح حيث يقول:
كان بين الصحابة حتى في عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله) شيعة لربيبه علي، منهم: أبوذر الغفاري، والمقداد بن الأسود، وجابر بن عبد الله، واُبي بن كعب، وأبو الطفيل عامر بن واثلة، والعباس بن عبد المطلب وجميع بنيه، وعمّار بن ياسر وأبو أيوب الأنصاري.(7) ومصطلح (الشيعة) أيضاً لم يكن من الألفاظ المبتدعة في عصور متأخرة عن عصر النبي (صلى الله عليه وآله)، كما يحاول بعض الباحثين أن يوحي بذلك، فقد كان النبيّ يذكر تلك اللفظة بين حين وآخر، ليدل على أتباع علي(عليه السلام)، ويبشّرهم بأنهم على الحق، وأنّهم الفائزون، وأنّهم خير الناس، فقد أخرج المفسّرون والحفّاظ: أ نّه لما نزل قوله تعالى: (إنّ الذين آمنوا وعملوا الصّالحات اُولئك هم خير البريّة) قال النبي(صلى الله عليه وآله): "أنت يا علي وشيعتك".(8)
وضوح الخط:
كان الغالب على ظنّ اُولئك الصحابة من شيعة علي (عليه السلام)، أنّ الأمر لن يخرج عن بني هاشم وعميدهم بعد تأكيدات النبي (صلى الله عليه وآله)، وحثّه المستمر على التمسّك بعلي وأهل بيته(عليهم السلام)، ولكن الأحداث المتسارعة في السقيفة قلبت الأوضاع رأساً على عقب، وكانت المفاجأة كبيرة لعلي(عليه السلام) وأتباعه، بما لم يكن يخطر على بال أحدهم، رغم وجود علامات كانت تشير إلى أنّ أصحاب خط الاجتهاد من قريش لم يكونوا مسلّمين لإرادة النبيّ(صلى الله عليه وآله) في هذا الأمر، وقد قالها أحد أساطينهم صراحة لابن عباس، بأنّ قريشاً كرهت أن تجتمع الخلافة والنبوّة في بني هاشم، فكانت الاجراءات المترتّبة على هذه الكراهية، والتي ظهرت آثارها في سقيفة بني ساعدة.
ويبدو أنّ إجراءات هذا الخط لم تكن خافية كلّ الخفاء على أتباع علي(عليه السلام)، فقد كان هناك شعور بين أفرادهم على أنّ قريشاً تدبّر أمراً ما في الخفاء لصرف هذا الأمر عن زعيمهم وأبنائه، حيث يصف لنا البراء بن عازب ذلك بقوله:
لم أزل لبني هاشم محبّاً، فلمّا قبض رسول الله(صلى الله عليه وآله) خفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر عنهم، فأخذني ما يأخذ الوالهة العجول، مع ما في نفسي من الحزن لوفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فكنت أتردّد إلى بني هاشم وهم عند النبي(صلى الله عليه وآله)في الحجرة، وأتفقّد وجوه قريش، فإنّي كذلك إذ فقدت أبابكر وعمر، وإذا قائل يقول: القوم في سقيفة بني ساعدة، وإذا قائل آخر يقول: قد بويع أبوبكر; فلم ألبث وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لايمرّون بأحد إلاّ خبطوه وقدّموه فمدّوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه، شاء ذلك أم أبى; فأنكرت عقلي وخرجت أشتدّ حتى انتهيت الى بني هاشم والباب مغلق، فضربت عليهم الباب ضرباً عنيفاً وقلت: قد بايع الناس لأبي بكر بن أبي قحافة. فقال العباس: تَرِبَت أيديكم الى آخر الدهر، أمّا إني قد أمرتكم فعصيتموني.
فمكثتُ اُكابد ما في نفسي، ورأيت في الليل المقداد وسلمان وأباذر وعبادة بن الصامت وأبا الهيثم بن التيهان وحذيفة وعماراً، وهم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين...(9).
بدأ خطّ المؤيدين لعلي(عليه السلام) يتّضح أكثر فأكثر بعد حادثة السقيفة وبيعة أبي بكر المفاجئة، فكان هذا اللّقاء المصغّر الذي تحدّث عنه البراء، ثم أعقبه ذلك مراحل اُخرى تمثّلت بإبداء الرأي والاعتراض على البيعة التي تمّت فلتةً وبغتة، فكان مما قال سلمان: أصبتم ذا السنّ منكم، وأخطأتم أهل بيت نبيّكم، لو جعلتموها فيهم ما اختلف عليكم إثنان، ولأكلتموها رغداً.
ولمّا أكثر الناس في تخلّف علي(عليه السلام) عن بيعة أبي بكر، واشتدّ أبوبكر وعمر عليه في ذلك خرجت اُم مِسطح بن اُثاثة، فوقفت عند القبر ـ يعني قبر النبي(صلى الله عليه وآله) ـ وقالت:
كانت اُمور وأنباء وهنبثة     لو كنتَ شاهدها لم تكثر الخُطبُ
إنّا فقدناك فقدَ الأرض وابلَها     واختلّ قومك فاشهدهم ولاتَغبُ(10)
وقد مرّ فيما سبق عرض البراء بن عازب لبدايات أحداث السقيفة، وخروجه لملاقاة نفر من الصحابة وفيها تتمّة قوله: فمكثت اُكابد ما في نفسي، فلمّا كان بليل، خرجت إلى المسجد، فلمّا صرت فيه، تذكّرت إنّي كنت أسمع همهمة رسول الله(صلى الله عليه وآله)بالقرآن، فامتنعت من مكاني، فخرجت إلى الفضاء، فضاء بني بياضة، وأجد نفراً يتناجون، فلما دنوت منهم سكتوا، فانصرفت عنهم، فعرفوني وما أعرفهم، فدعوني إليهم فأتيتهم، فأجد المقداد ابن الأسود، وعبادة بن الصامت، وسلمان الفارسي، وأباذر، وحذيفة، وأبا الهيثم بن التيهان; وإذا حذيفة يقول لهم: والله ليكوننّ ما أخبرتكم به، والله ما كذبت ولا كذّبت، وإذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين.
 ثم قال: ائتوا اُبيّ بن كعب فقد علم كما علمت، قال: فانطلقنا إلى اُبيّ، فضربنا عليه بابه، حتى صار خلف الباب، فقال: من أنتم؟ فكلّمه المقداد، فقال: ماحاجتكم؟ فقال له: افتح عليك بابك فإنّ الأمر أعظم من أن يجري وراء حجاب. قال ما أنا بفاتح بابي، وقد عرفت ماجئتم له، كأنّكم أردتم النظر في هذا العقد، فقلنا: نعم، فقال: أفيكم حذيفة؟ فقلنا: نعم. قال: فالقول ما قال، وبالله افتح عني بابي حتى يُجرى على ماهي جارية، ولما يكون بعدها شرّ منها، وإلى الله المشتكى!(11).
ويبدو أنّ اُبيّاً ظلّ يحمل هذا السّر بين جوانحه حتى أراد أن يفشيه بعد ذلك بسنوات لو لا أن عاجلته المنيّة قبل ذلك بيوم واحد، فعن عُتي بن صخرة، قال: قلت لاُبيّ بن كعب: ما شأنكم يا أصحاب رسول الله؟! نأتيكم من الغربة نرجو عندكم الخير فتهاونون بنا؟! قال: والله لئن عشت إلى هذه الجمعة لأقولنّ قولاً لا اُبالي استحييتموني أو قتلتموني.
فلما كان يوم الجمعة خرجت فإذا أهل المدينة يموجون في سكهها، فقلت: ما الخبر؟ قالوا: مات سيّد المسلمين اُبيّ ابن كعب؟(12) وفي رواية ابن سعد، قلت: والله إن رأيت كاليوم في السّتر أشدّ مما ستر هذا الرجل. (13) وفي رواية الحاكم أنّ اُبيّاً، قال: لئن أخرتني إلى يوم الجمعة لأتكلمنّ بما سمعت من رسول الله(صلى الله عليه وآله)، لا أخاف فيه لومة لائم.(14) قال اليعقوبي: وتخلّف عن بيعة أبي بكر قوم من المهاجرين والأنصار، ومالوا مع علي بن أبي طالب منهم: العباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس والزبير بن العوام، وخالد بن سعيد والمقداد بن عمرو وسلمان الفارسي وأبوذر الغفاري، وعمار بن ياسر، والبراء بن عازب، واُبي بن كعب.(15) ولعلّ هذا قد دفع بعض الباحثين والمستشرقين إلى الاعتقاد بأنّ التشيّع قد ولد بعد حادثة السقيفة، إذ يقول جولد تسيهر: نشأ بين كبار الصحابة منذ بدأت مشكلة الخلافة، حزب نقم على الطريقة التي اُنتخب بها الخلفاء الثلاثة الاُوَل، وهم: أبوبكر وعمر وعثمان، الذين لم يراع في انتخابهم درجة القرابة من اُسرة النبيّ(صلى الله عليه وآله)، وقد فضّل هذا الحزب بسبب هذا الاعتبار أن يختار للخلافة علي بن أبي طالب ابن عمّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) وادنى قريب له، والذي كان ـ فضلاً عن ذلك ـ زوجاً لابنته فاطمة، ولم يجد هذا الحزب فرصة مواتية يسمع فيها صوته عالياً (16).
وقدم خالد بن سعيد بن العاص، وكان النبيّ(صلى الله عليه وآله)قد استعمله على عمل، فقدم بعدما قُبض رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقد بايع الناس أبابكر، فدعاه إلى البيعة. فأبى، فقال عمر: دعني وإيّاه، فمنعه أبوبكر حتى مضت عليه سنة، ثم مرّ به أبو بكر وهو جالس على بابه، فناداه خالد: يا أبابكر هل لك في البيعة؟ قال: نعم، قال: فادنُ، فدنا منه فبايعه خالد وهو قاعد على بابه.(17) وقد استمرّت معارضة الصحابة المؤيدين لعلي(عليه السلام) إلى أيام الشورى التي انتهت بتولية عثمان، وفي تلك الأيام التي سبقت التولية أظهر اُولئك الصحابة موقفهم علناً، ففي اليوم الثالث ـ وهو اليوم الأخير من المهلة التي حدّدها عمر للاستشارة ـ قال عبد الرحمن بن عوف: أيها الناس، أشيروا عليّ في هذين الرجلين ـ يعني علياً وعثمان ـ، فقال عمّار بن ياسر: إن أردت ألا يختلف الناس، فبايع علياً (عليه السلام).
فقال المقداد: صدق عمّار، وإن بايعت علياً سمعنا وأطعنا.
فقال عبدالله بن أبي سرح(18): إن أردت ألا تختلف قريش فبايع عثمان.
وقال عبدالله بن أبي ربيعة المخزومي: صدق، إن بايعت عثمان سمعنا وأطعنا.
فشتم عمّار ابن أبي سرح وقال له: متى كنت تنصح الإسلام؟!
فتكلّم بنو هاشم وبنو اُمية، وقام عمار، فقال: أيّها الناس، إنّ الله أكرمكم بنبيّه، وأعزّكم بدينه، فالى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم؟!
فقال رجل من بني مخزوم: لقد عدوت طورك يابن سميّة، وما أنت وتأمير قريش لأنفسها؟!
فقال سعد: يا عبدالرحمن، افرغ من أمرك قبل أن يفتتن الناس. فحينئذ عرض عبدالرحمن على عليّ (عليه السلام)العمل بسيرة الشيخين، فقال: بل اجتهد برأيي، فبايع عثمان بعد أن عرض عليه، فقال: نعم.
فقال علي(عليه السلام): ليس هذا بأوّل يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل والله المستعان على ماتصفون، والله ما وليّته الأمر إلاّ ليردّه إليك، والله كلّ يوم في شأن.
فقال عبد الرحمن: لا تجعلنّ على نفسك سبيلاً يا علي ـ وهو يقصد أمر عمر أبا طلحة أن يضرب عنق المخالف ـ فقام علي(عليه السلام)فخرج وقال: سيبلغ الكتاب أجله.
فقال عمّار: يا عبد الرحمن، أما والله لقد تركته، وإنّه من الّذين يقضون بالحق وبه كانوا يعدلون.
وقال المقداد: تالله ما رأيت مثل ما أتى إلى أهل هذا البيت بعد نبيّهم، واعجبا لقريش! لقد تركت رجلاً ما أقول ولا أعلم أنّ أحداً أقضى بالعدل ولا أعلم ولا أتقى منه! أما والله لو أجد أعواناً!
فقال عبد الرحمن: اتّقِ الله يا مقداد فإنّي خائف عليك الفتنة.(19)
وبعد أن تمّ الأمر لعثمان، خرج المقداد من الغد، فلقي عبدالرحمن بن عوف، فأخذ بيده وقال: إن كنت أردت بما صنعت وجه الله، فأثابك الله ثواب الدنيا والآخرة، وإن كنت إنّما أردت الدنيا فأكثر الله مالك.
فقال عبدالرحمن: اسمع رحمك الله، اسمع. قال: لا أسمع والله، وجذب يده من يده، ومضى حتى دخل على علي(عليه السلام)فقال: قم فقاتل نقاتل معك.
قال علي: "فبمن اُقاتل رحمك الله؟!" وأقبل عمار بن ياسر ينادي:
يا ناعي الإسلام قم فانعه     قد مات عرفٌ وبدا نكرُ
أما والله لو أنّ لي أعواناً لقاتلتهم، والله لئن قاتلهم واحد لأكونن ثانياً.
فقال علي: يا أبا اليقطان! والله لا أجد عليهم أعواناً، ولا أحب أن اُعرّضكم لما لا تطيقون.(20) ومن هنا يبدو أنّ معارضة الموالين لعلي(عليه السلام) قد بدأت تتخذ شكلاً أكثر عنفاً، حيث كان يصل أحياناً إلى الدعوة للنهوض لانتزاع الحق بعد أن فرغ صبر هؤلاء.
ولو أطاع علي (عليه السلام) نداءاتهم لنهض بالأمر، ولكنه كان أبعد منهم نظراً وأكثر تقديراً للمخاطر المترتبة على ذلك. وأعرف بما يعتمل في نفوس مؤيدي خط الخلافة والذين كانوا يمثّلون الأكثرية لأسباب ذكرها عليّ(عليه السلام)، وهي تتّضح من رواية جندب بن عبد الله الأزدي.
قال جندب: دخلت مسجد رسول الله، فرأيت رجلاً جاثياً على ركبيته يتلهّف من كأنّ الدنيا كانت له فسُلبها، وهو يقول: واعجباً لقريش ودفعهم هذا الأمر عن أهل بيت نبيّهم، وفيهم أول المؤمنين، وابن عمّ رسول الله، أعلم الناس وأفقههم في دين الله، وأعظمهم غناء في الإسلام، وأبصرهم بالطريق، وأهداهم للصراط المستقيم، والله لقد زووها عن الهادي المهتدي الطاهر النقي، وما أرادوا إصلاحاً للاُمة ولا صواباً في المذهب، ولكنّهم آثروا الدنيا على الآخرة، فبعداً وسحقاً للقوم الظالمين.
فدنوت منه، فقلت: من أنت يرحمك الله؟ ومن هذا الرجل؟ فقال: أنا المقداد بن عمرو، وهذا الرجل علي بن أبي طالب. قال: فقلت: ألا تقوم بهذا الأمر فأعينك عليه؟ فقال: يابن أخي، إنّ هذا الأمر لا يجري فيه الرجل ولا الرجلان، ثم خرجت، فلقيت أباذر فذكرت له ذلك فقال: صدق أخي المقداد، ثم أتيت عبدالله بن مسعود فذكرت ذلك له فقال: لقد أخبرنا فلم نألُ.(21) وأورد ابن أبي الحديد الرواية باختلاف يسير(22).
إلاّ أنّ الأحداث التي وقعت بعد ذلك في خلافة عثمان، والتي أدّت إلى نقمة الناس عليه، قد فتحت أعين الناس على حقائق جديدة، وبدأت المعارضة لسياسة عثمان تتسع وتكتسب قاعدة أكبر حتى شعر المجتمع بفداحة الخطأ الذي ارتكبه بحقّ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وأدرك الناس أنّ الخطأ في المسيرة قد تعمّق نتيجة الإعراض عنه وعن أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله)، وكان أوائل الشيعة من أمثال: عمار وابن مسعود وأبي ذر الغفاري في طليعة الدعاة لتصحيح المسيرة وإعادة الحقّ الى نصابه، ولقيت دعوتهم آذاناً صاغية كثيرة، وسرعان ما تحوّلت المعارضة الكلامية إلى معارضة مسلّحة أطاحت بالخليفة الثالث.
وعندما وصلت الأخبار إلى حذيفة بن اليمان ـ وهو من الشيعة الأوائل ـ وكان على فراش الموت، وسئل عن الأمر، فقال لهم: آمركم أن تلزموا عمّاراً. قالوا: إنّ عمّاراً لا يفارق علياً! قال: إنّ الحسد هو أهلك الجسد، وإنما ينفّركم من عمار قربه من عليّ، فوالله لعليّ أفضل من عمّار، أبعد ما بين التراب والسحاب، وإنّ عماراً لمن الأحباب، وهو يعلم أنّهم إن لزموا عمّاراً كانوا مع عليّ.(23) ولما بلغ حذيفة بن اليمان أنّ علياً قد قدم (ذي قار) واستنفر الناس، دعا أصحابه فوعظهم وذكّرهم الله وزهّدهم في الدنيا ورغّبهم في الآخرة، وقال لهم: الحقوا بأمير المؤمنين ووصيّ سيد المرسلين، فإنّ من الحقّ أن تنصروه.(24) وكان حذيفة يحذّر من الفتن، ويدعو إلى التمسك بعلي (عليه السلام)في فترة الدعوة التي كان يتولاّها شيعة علي (عليه السلام)، ويقول: انظروا الفرقة التي تدعو إلى أمر عليّ فالزموها فإنّها على الهدى.(25) وكان أبوذر يقعد في المسجد ويقول:... ومحمد وارث علم آدم وما فضّل به النبيّون، وعلي بن أبي طالب وصيّ محمد ووارث علمه. أيتها الاُمّة المتحيّرة بعد نبيّها! أما لو قدّمتم من قدّم الله، وأخّرتم من أخّر الله، وأقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيّكم، لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم، ولما عال وليّ الله، ولا طاش سهم من فرائض الله، ولا اختلف اثنان في حكم الله، إلاّ وجدتم علم ذلك عندهم من كتاب الله وسنّة نبيّه، فأمّا إذ فعلتم ما فعلتم، فذوقوا وبال أمركم، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.(26) وكان عدي بن حاتم يقول: والله لئن كان الى العلم بالكتاب والسنة، إنّه ـ يعني عليّا ـ لأعلم الناس بهما، ولئن كان إلى الإسلام، إنّه لأخو نبيّ الله والرأس في الإسلام، ولئِن كان إلى الزهد والعبادة، إنّه لأظهر الناس زهداً وأنهكهم عبادة، ولئن كان إلى العقول والنحائز(27)، إنّه لأشد الناس عقلاً وأكرمهم نحيزة. (28)
ما بعد البيعة:
لقد كان لهذه الدعوات المستمرة من اُولئك الصحابة الممثّلين لخطّ التشيّع لعليّ(عليه السلام)صدىً كبيرٌ أدّى إلى اتساع نطاق التشيّع يوماً بعد يوم، ليشمل عدداً آخر من الصحابة ومن ثم التابعين لهم. لهذا لا نستغرب أن نجد مالك الأشتر يوم بيعة علي(عليه السلام)، يقول: أيّها الناس، هذا وصيّ الأوصياء، ووارث علم الأنبياء، العظيم البلاء، الحسن لغناء، الذي شهد له كتاب الله بالإيمان، ورسوله بجنّة الرضوان، من كملت فيه الفضائل، ولم يشك في سابقته وعلمه وفضله الأواخر ولا الأوائل.
وقد بايع الأشتر عليّاً(عليه السلام) نيابة عن أهل الكوفة، وبايعه طلحة والزبير نيابة عن المهاجرين، وقام أبو الهيثم بن التيهان وعقبة بن عمرو وأبو أيوب فقالوا: نبايعك على أنّ علينا بيعة الأنصار وسائر قريش.
وقام قوم من الأنصار فتكلّموا، وكان أوّل من تكلم ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري، وكان خطيب الأنصار فقال: والله يا أمير المؤمنين، لئن كانوا تقدّموك في الولاية، فما تقدّموك في الدين، ولئن كانوا سبقوك أمس فقد لحقتهم اليوم، ولقد كانوا وكنت لا يخفى موضعك ولا يجهل مكانك، يحتاجون إليك فيما لا يعلمون، وما احتجت إلى أحد مع علمك.
ثم قام خزيمة بن ثابت الأنصاري، وهو ذو الشهادتين، فقال: يا أمير المؤمنين، ما أصبنا لأمرنا هذا غيرك، ولا كان المنقلب إلاّ إليك، ولئن صدقنا أنفسنا فيك، فلأنت أقدم الناس إيماناً، وأعلم الناس بالله، وأولى المؤمنين برسول الله، لك ما لهم، وليس لهم ما لك.
وقام صعصعة بن صوحان فقال: والله يا أمير المؤمنين، لقد زَيّنتَ الخلافة وما زانتك، ورفَعتَها وما رفَعتْك، ولهي إليكَ أحوج منك إليها.(29)
تعثّر المسيرة:
بلغ اتّجاه التشيّع لعليّ (عليه السلام) أوجه خلال فترة حكم عثمان، وبعد تسنّم علي سدّة الحكم بعد البيعة الجماهيرية العظيمة التي تمّت له، والتي يصفها هو نفسه بقوله: "فتداكّوا عليَّ تداكّ الإبل الهيم يوم وردها وقد أرسلها راعيها، وخُلعت مثانيها، حتى ظننت أنّهم قاتلي، أو بعضهم قاتل بعض ولدي..."(30) إلاّ أنّ الاُمور بدأت تسير عكس المسيرة، عندما عارض بعض الصحابة عليّاً(عليه السلام)، بعدما تبيّن لهم أنّه يريد أن يعيد الاُمور إلى ما كانت عليه في زمن النبي(صلى الله عليه وآله)، من مساواتهم مع سائر الناس في العطاء ـ وهو الأمر الذي كان عمر قد سنّه وغيّره وتابعه عليه عثمان ـ بالاضافة إلى تغيير بعض الولاة ممّن اشتهروا بسوء سيرتهم خاصة في زمن عثمان، فتأججت نيران الحرب واستمرت حتى نهاية خلافة علي(عليه السلام) والتي دامت ما يقرب من خمسة أعوام، وكانت من افرازات هذه المعارك الطاحنة في أيام الجمل وصفين أنّها أكلت عدداً لا يستهان به من أكثر شيعة علي(عليه السلام) إخلاصاً وتفانياً، وأصحهم عقيدة، وأكثرهم تسليماً له، ولم يبق منهم إلاّ أقل القليل، فكانت النتيجة وخيمة، إذ إنّ من تبقّى معه لم يكونوا في أغلبهم ممّن أخلص في تشيّعه واتّباعه والاحتفاف به، وكانت الحرب قد أنهكتهم، لذا فإنّ الكثير منهم ما لبثوا أن استجابوا لأوّل دعوة خادعة بإيقاف الحرب.
ولمّا حاول عليّ (عليه السلام)أن يثنيهم عن عزمهم كاشفاً وجه الخداع في المسألة، نجدهم يبادرون إلى عصيانه إلى درجة تهديده بالقتل أو بالتسليم لعدوّه، فلم يجد بدّاً من النزول عند رغبتهم، ولم يكن ذلك نهاية المطاف، إذ إنّهم سرعان ماندموا على قبول التحكيم، وتبيّن لهم خطأهم، ولكنهم عالجوا الأمر بسلبية أكثر، فطلبوا منه التحلل من عهوده التي قطعها على نفسه والعودة إلى الحرب، وهذا ممّا يدلّل على أنّ هؤلاء لم يكونوا أصحاب بصيرة، ولا كان تشيّعهم لعليّ(عليه السلام)إلاّ تشيّعاً ظاهرياً غير نابع من عقيدة راسخة، كما ويدلّنا تصرّفهم ذاك على مدى عمق ترسّخ المنهج الذي اتّبعه أصحاب الخط الاجتهادي، ممّا جعل الخروج على أمر أولياء الاُمور ظاهرة اعتيادية، طالما كان الخروج على أمر النبيّ(صلى الله عليه وآله)ذاته ممكناً.
لقد أدّى تمرّد هذه الفئة إلى زيادة الاُمور تعقيداً، إذ إنّ علياً(عليه السلام)قد وجد نفسه في نهاية الأمر مضطراً إلى خوض الحرب معهم بعدما أفسدوا في بعض النواحي وقتلوا بعض الأبرياء دون ذنب، وكانت نتيجة ذلك أكثر وبالاً، فإنّ المعركة قد أنهكت قوى مؤيديه، وأدت إلى تقاعسهم أكثر فأكثر، ولم يفلح تحريضه ومن بقي معه من خواصّ شيعته في استنهاض هممهم من جديد.
ثم جاءت الطامة الكبرى حينما تجرّأ أحد المتمرّدين عليه وقتله في محراب عبادته، لينهي صفحة من الكفاح الدؤوب لتنشئة جيل من الشيعة متشرّب بالقيم التي تؤهّله للنهوض بأعباء المرحلة العصيبة التي واجهها منذ وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، وحتى لحظة سقوطه في محرابه بسيف ابن ملجم.
إنّ هذه النهاية المأساوية التي جاءت في هذا الوقت العصيب، قد أثّرت على المسيرة بشكل واضح، ولهذا فإنّ ابنه الحسن(عليه السلام) لم يجد بُدّاً من القيام بدوره التكميلي في الإصلاح أمام هذه الأعباء الثقيلة، مع الافتقار إلى العدد الكافي من الأعوان ذوي العقائد الصحيحة، وتخاذل الجزء الأكبر من الباقين، فلم يجد بدّاً من مهادنة معاوية بن أبي سفيان، بعد أن أدرك عدم جدوى الاستمرار في القتال في ظلَّ تلكم الظروف.
وباستلام معاوية زمام الاُمور دخل التشيّع في أصعب مراحله، إذ بدأ معاوية بملاحقة الشيعة والانتقام منهم بكلّ تعسّف، ولم يكن قد بقي من خلّص الشيعة إلاّ عدد ضئيل، التقطهم معاوية وأوردهم موارد الهلاك، من أمثال: حجر بن عدي وأصحابه، وعانى البقية ظروفاً شديدة من القهر والملاحقة والتضييق على مدى عشرين عاماً من حكم معاوية الذي افتتح ولايته على الاُمة الإسلامية بقهر الشيعة واضطهادهم بكلّ صنوف العذاب، فقد نقل ابن أبي الحديد المعتزلي عن كتاب "الأحداث" للمدائني، قائلاً: كتب معاوية نسخة واحدة الى عمّاله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممّن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته، فقام الخطباء في كلّ كورة وعلى كلّ منبر يلعنون علياً ويبرؤون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشدّ الناس بلاءً حينئذ أهل الكوفة، لكثرة من بها من شيعة علي(عليه السلام)، فاستعمل عليها زياد بن سميّة، وضمّ اليه البصرة، فكان يتتبّع الشيعة وهو بهم عارف; لأنه كان منهم أيّام عليّ(عليه السلام)، فقتلهم تحت كل حجر ومدر، وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل، وسمل العيون، وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشرّدهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم، وكتب معاوية الى عمّاله في جميع الآفاق: ألاّ يجيزوا لأحد من شيعة عليّ وأهل بيته شهادة، وكتب إليهم: أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبّيه وأهل ولايته، والذين يروون فضائله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم وقرّبوهم وأكرموهم، واكتبوا لي بكلّ ما يروي كل رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته. ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصِّلات والكساء والحباء والقطائع ويفيضه في العرب منهم والموالي، فكثر ذلك في كلّ مصر، وتنافسوا في المنازل والدنيا، فليس يجيء أحد مردود من الناس عاملاً من عمّال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلاّ كتب اسمه وقرّبه وشفّعه، فلبثوا بذلك حيناً.
ثم كتب الى عمّاله: أنّ الحديث في عثمان قدكثر وفشا في كلّ مصر وفي كلّ وجه وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعو الناس الى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلاّ وتأتوني بمناقض له في الصحابة، فإنّ هذا أحبّ اليَّ وأقرّ لعينيوأدحض لحجة أبي تراب وشيعته، وأشدّ إليهم من مناقب عثمان وفضله.
فقُرئت كتبه على الناس، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها، وجدّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر، واُلقي الى معلمّي الكتاتيب، فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتى رووه وتعلّموه كما يتعلّمون القرآن، وحتى علّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم، فلبثوا بذلك ما شاء الله.
ثم كتب الى عمّاله نسخة واحدة الى جميع البلدان: انظروا من قامت عليه البيّنة، أنّه يحبّ عليّاً وأهل بيته، فامحوه من الديوان، واسقطوا عطاءه ورزقه.
وشفع ذلك بنسخة اُخرى: من اتّهمتموه بموالاة هؤلاء القوم، فنكّلوا به، واهدموا داره.
فلم يكن البلاء أشدّ ولا أكثر منه بالعراق، ولا سيّما بالكوفة، حتى أن الرجل من شيعة علي(عليه السلام) ليأتيه من يثق به، فيدخل بيته فيلقي إليه سرّه، ويخاف من خادمه ومملوكه، ولا يحدّثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمنّ عليه.
فظهر حديث كثير موضوع، وبهتان منتشر، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة; وكان أعظم الناس في ذلك بليّة القرّاء المراؤون، والمستضعفون الذين يُظهرون الخشوع والنُّسك، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم، ويقرّبوا مجالسهم، ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل، حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث الى أيدي الديّانين الذين لا يستحلّون الكذب والبهتان، فقبلوها ورووها وهم يظنّون أنّها حقّ، ولو علموا أنّها باطلة لما رووها ولا تديّنوا بها.
فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي(عليه السلام)، فازداد البلاء والفتنة، لم يبق أحدٌ من هذا القبيل إلاّ وهو خائف على دمه، أو طريد في الأرض.
ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين(عليه السلام)،وولي عبدالملك بن مروان، فاشتد على الشيعة، وولّى عليهم الحجاج بن يوسف، فتقرّب إليه أهل النّسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه، وموالاة من يدّعي من الناس أنّهم أيضاً أعداؤه، فأكثروا في الرواية في فضهلم وسوابقهم ومناقبهم، وأكثروا من الغضّ من علي(عليه السلام) وعيبه والطعن فيه والشنآن عليه، حتى إنّ إنساناً وقف للحجّاج ـ ويقال إنه جدّ الأصمعي عبدالملك بن قريب ـ فصاح به: أيها الأمير: إنّ أهلي عقّوني فسمّوني عليّاً، وإني فقير بائس، وأنا الى صلة الأمير محتاج! فتضاحك له الحجاج وقال: لِلُطفِ ما توسّلت به قد ولّيتك موضع كذا!
وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه ـ وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم ـ في تاريخه ما يناسب هذا الخبر، وقال: إنّ أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة، اُفتعلت في أيام بني اُمية تقرّباً إليهم بما يظنون أنّهم يرغمون به اُنوف بني هاشم(31).
كما وأورد ابن أبي الحديد رواية اُخرى عن الإمام الباقر(عليه السلام)في هذا المعنى، يُحدّث بعض أصحابه، قال (عليه السلام): يا فلان، ما لقينا من ظلم قريش إيّانا، وتظاهرهم علينا، وما لقي شيعتنا ومحبّونا من الناس! إن رسول الله(صلى الله عليه وآله)قُبض وقد أخبر أنّا أولى الناس بالناس، فتمالأت علينا قريش حتى أخرجت الأمر عن معدنه، واحتجّت على الأنصار بحقّنا وحجّتنا، ثم تداولتها قريش واحدٌ بعد واحد، حتى رجعت إلينا، فنكثت بيعتنا، ونصبت الحرب لنا، ولم يزل صاحب الأمر في صعود كؤود حتى قُتل، فبويع الحسن ابنه وعوهد ثم غُدر به واُسلم، ووثب عليه أهل العراق حتى طُعن بخنجر في جنبه، ونُهبت عسكره، وعولجت خلاخيل اُمهات أولاده، فوادع معاوية وحقن دمه ودماء أهل بيته، وهم قليل حق قليل، ثم بايع الحسين(عليه السلام) من أهل العراق عشرون ألفاً، ثم غدروا به، وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم وقتلوه، ثم لم نزل ـ أهل البيت ـ نُستذل ونُستضام، ونقصى ونُمتهن، نحرم ونقتل، ونخاف ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا، ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعاً يتقرّبون به الى أوليائهم وقضاة السوء وعمّال السوء في كل بلدة، فحدّثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة، ورووا عنّا ما لم نقله وما لم نفعله، ليبغّضونا الى الناس، وكان عُظم ذلك وكبره زمان معاوية بعد موت الحسن(عليه السلام)، فقتلت شيعتنا بكل بلدة، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنّة، وكان من يُذكر بحبّنا والانقطاع إلينا سُجن أو نهب ماله، أو هُدمت داره، ثم لم يزل البلاء يشتدّ ويزداد الى زمان عبيدالله بن زياد قاتل الحسين(عليه السلام)، ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتلة، وأخذهم بكل ظنّة، وتهمة، حتى أنّ الرجل ليقال له: زنديق أو كافر أحبّ إليه من أن يقال: شيعة عليّ، وحتى صار الرجل الذي يذكر بالخير ـ ولعلّه يكون ورعاً صادقاً ـ يحدّث بأحاديث عظيمة عجيبة من تفضيل بعض من قد سلف من الولاة، ولم يخلق الله تعالى شيئاً منها، ولا كانت ولا وقعت، وهو يحسب أنها حقّ لكثرة من قد رواها ممّن لم يعرف بكذب ولا بقلّة ورع (32).
إنّ هاتين الوثيقتين المهمتين تكشفان عن حال الشيعة في العصر الاُموي، إلاّ أنّ سقوط الدولة الاُموية بعد أكثر من قرن وربع من الزمان، وقيام الدولة العباسية، لم يكن بأقلّ شدّة وسوءاً على الشيعة، فإنّ العباسيين الذين قاموا بثورتهم على الاُمويين باسم الدعوة للرضا من آل محمد(صلى الله عليه وآله)، سرعان ما كشفوا عن نواياهم في الاستئثار بالسلطة التي تحولت الى امتداد للملك الاُموي، فقلبوا لأهل البيت(عليهم السلام)ظهر المجن وهم أبناء عمومتهم، إذ إنّه وبعد فترة وجيزة من الانفراج في أواخر عهد الاُمويين وبداية عهد العباسيين، تنفّس فيها أهل البيت(عليهم السلام) وشيعتهم قليلاً من نسائم الحرية، سرعان ما أحسّ العباسيون ـ وبخاصة في زمن المنصور ـ بخطورة اتساع قاعدة التشيع، بسبب التفاف الجماهير حول أهل البيت(عليهم السلام)عندما بدأوا يلمسون تنكّر العباسيين لمبادئهم المعلنة، وراحوا يقتفون أثر الاُمويين في الطغيان والارهاب على سبيل تدعيم ملكهم الغاشم، فبدأُوا بالتضييق على أئمة أهل البيت(عليهم السلام)وشيعتهم، مما أدى الى قيام انتفاضات شعبية تزعّمها عدد من السادة العلويين، من بينهم محمد بن عبدالله بن الحسن بن علي الملقب بالنفس الزكية، والذي أشار في رسالة بعثها الى الخليفة العباسي المنصور الى الاُسلوب الذي اتبعه العباسيون في استلاب حقّ آل البيت عن طريق إعلان الثورة على الاُمويين باسمهم ثم الاستئثار بالسلطة دونهم، فكان ممّا قال فيها:... فإنّ الحقّ حقّنا، وإنّما ادّعيتم هذا الأمر بنا، وخرجتم له بشيعتنا، وحظيتم بفضلنا، وإنّ أبانا عليّاً كان الوصيّ وكان الإمام، فكيف ورثتم ولايته وولده أحياء؟! ثم قد علمت أنه لم يطلب هذا الأمر أحد له مثل نسبنا وشرفنا وحالنا وشرف آبائنا، لسنا من أبناء اللّعناء ولا الطرداء ولا الطلقاء، وليس يمتّ أحد من بني هاشم بمثل الذي نمتُّ به من القرابة والسابقة والفضل... إنّ الله اختارنا واختار لنا، فوالدنا من النبيين محمد(صلى الله عليه وآله)، ومن السلف أوّلهم إسلاماً علي، ومن الأزواج أفضلهنّ خديجة الطاهرة، وأوّل من صلّى القبلة، ومن البنات خيرهنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة، ومن المولودين في الإسلام حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة(33).
وعندما خاب المنصور بالظفر بالنفس الزكية، وجّه سهام حقده الى أهله وعشيرته الأقربين، وقد وصف الجاحظ ما فعل المنصور بهم، فقال: ومضى المنصور ببني حسن الى الكوفة فسجنهم بقصر ابن هبيرة، وأحضر محمد بن إبراهيم بن حسن وأقامه، ثم بنى عليه اسطوانة وهو حيّ، وتركه حتى مات جوعاً وعطشاً ثم قتل أكثر من معه من بني حسن، وكان إبراهيم الغمر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فيمن حُمل مصفّداً بالحديد من المدينة الى الأنبار، وكان يقول لأخويه عبدالله والحسن: تمنّينا ذهاب سلطان بني اُمية، واستبشرنا بسلطان بني العباس، ولم يكن قد انتهت بنا الحال الى ما نحن عليه(34).
وبعد فشل ثورة النفس الزكية ومقتله في المدينة، ومصرع أخيه إبراهيم بن عبدالله الذي ثار في البصرة وقُتل في باخمرى قرب الكوفة في الوقعة التي أسماها الناس: بدر الصغرى(35).
واستمرّت الثورات ضد العباسيين، ففي عهد المهدي بن جعفر المنصور، خرج عليّ بن العباس بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب [(عليهم السلام)]، ولكن المهدي نجح في القبض على الثائر العلوي، ثم أطلق سراحه بشفاعة الحسن بن علي له، ولكنه دسّ له السم في شربة عسل، فعملت فيه، فلم يزل ينتقض عليه في الأيام حتى قدم المدينة، فتفسّخ لحمه، وتباينت أعضاؤه، فمات بعد دخوله المدينه بثلاثة أيام(36).
وفي عهد الخليفة موسى الهادي خرج الحسين بن عليّ بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب(عليهم السلام) ثائراً، وانتهت ثورته بمصرعه في فخ، وهو المعروف بشهيد فخ.
وعندما تولى الرشيد الحكم بعد الهادي، ألقى القبض على يحيى بن عبدالله بن الحسن، فبنى عليه اسطوانة وهو حيّ(37).
وعندما تولى المأمون بن الرشيد الحكم تظاهر بمحبة العلويين، ودعا الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) وأسند إليه ولاية العهد قسراً، ثم دسّ له السَّم فمات منه.
وتوالت أعمال العباسيين الفظيعة تجاه أئمة الشيعة، وتجاوزوا الأحياء الى الأموات، حين كرب المتوكّل قبر الحسين(عليه السلام)وأغرقه بالماء، ومنع الناس من زيارته، وأقام المسالح(38) على طريقه للقبض على كل من تسوّل له نفسه بزيارة قبر الإمام الحسين(عليه السلام).
واتّبع المتوكل سياسة التجويع مع أهل البيت(عليهم السلام)، فقد استعمل على المدينة ومكة عمر بن الفرج، فمنع آل أبي طالب من التعرّض لمسألة الناس، ومنع الناس من البرّ بهم، وكان لا يبلغه أنّ أحداً أبرّ أحداً منهم بشيء وإن قلّ، إلاّ أنهكه عقوبة وأثقله غرماً، حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلّين فيه واحدة بعد واحدة، ثم يرقّعنه ويجلسن على مغازلهن عواري حواسر(39).
وعندما قام المستعين بالأمر قتل يحيى بن عمر بن الحسين، الذي قال فيه أبو الفرج الإصفهاني: وكان (رضي الله عنه) رجلاً فارساً شجاعاً شديد البدن، مجتمع القلب، بعيداً عن رهق الشباب وما يُعاب به مثله. ولما اُدخل رأسه الى بغداد، جعل أهلها يصيحون من ذلك إنكاراً له. ودخل أبو هاشم على محمد بن عبدالله بن طاهر، فقال:
أيها الأمير، قد جئتك مهنّئاً بما لو كان رسول الله حياً يعزّى به! وأدخل الاُسارى من أصحاب يحيى الى بغداد، ولم يكن رؤي قبل ذلك من الاُسارى لحقه ما لحقهم من العسف وسوء الحال، وكانوا يساقون وهم حفاة سوقاً عنيفاً، فمن تأخّر ضربت عنقه(40).
لم ينعم الشيعة بشيء من الراحة والأمان على مدى قرون عديدة حتى جاء البويهيون في سنة (320 هـ)، فتولوا مقاليد السلطة في بعض أرجاء الدولة الإسلامية، وكانت سيرتهم حسنة جداً، وازدهرت الثقافة في عصرهم، حتى إذا جاء السلاجقة واستولوا على بغداد سنة (447 هـ)، قام زعيمهم طغرل بك باحراق مكتبة مرجع الشيعة وزعيمهم الشيخ الطوسي(رحمه الله) وكرسيّه الذي كان يجلس عليه للتدريس، وأحرق المكتبة التي انشأها أبو نصر سابور بن أردشير، وزير بهاء الدولة البويهي، وكانت من دور العلم المهمة في بغداد، بناها هذا الوزير الجليل في محلّة بين السورين في الكرخ سنة (381) هـ على مثال بيت الحكمة الذي بناه هارون الرشيد، وكانت مهمة للغاية، وقد جمع فيه هذا الوزير ما تفرّق من كتب فارس والعراق، واستكتب تآليف أهل الهند والصينوالروم،ونافت كتبها على عشرة آلاف من جلائل الآثار ومهام الأسفار، وأكثرها نسخ الأصل بخطوط المؤلفين، وكان من جملتها مصاحف بخط ابن مقلة(41).
ووصفها ياقوت الحموي قائلاً: ولم يكن في الدنيا أحسن كتباً منها، كانت كلّها بخطوط الأئمة المعتبرة واُصولهم المحررة(42).
وفي عهد العثمانيين لم يكن الأمر أقلّ ضرراً على الشيعة، فقد كان تناهى الى مسامع السلطان سليم العثماني أنّ بعض تعاليم المذهب الشيعي قد انتشرت بين رعاياه، وقد تمسك بها بعض الأهالي، فأمر السلطان سليم بقتل كلّ من يدخل في هذه الشيعة(43). فقتلوا نحو أربعين ألف رجل، وأخرج فتوى شيخ الإسلام بأنه يؤجر على قتل الشيعة واشهار الحرب ضدهم(44).
وقد ذهب آلاف من الشيعة في مذبحة اُقيمت لهم في مدينة حلب بفتوى أصدرها الشيخ نوح الحنفي في جواب من سأله عن السبب في وجوب مقاتلة الشيعة وجواز قتلهم، قال: اعلم أسعدك الله أنّ هؤلاء الكفرة والبغاة الفجرة جمعوا بين أصناف الكفر والبغي والعناد وأنواع الفسق والزندقة والالحاد، ومن توقف في كفرهم وإلحادهم ووجوب قتالهم وجواز قتلهم فهو كافر مثلهم.. (الى أن قال): فيجب قتل هؤلاء الأشرار الكفّار تابوا أو لم يتوبوا. وحكم باسترقاق نسائهم وذراريهم(45).
هذا غيض من فيض ممّا لقيه الشيعة على مرّ تاريخهم من الاضطهاد والقهر، أوردناه على وجه الاختصار، للكشف عن بعض الأسباب التي دفعت بالسلطات الحاكمة ومن يلفّ لفَّها الى تشويه صورة الشيعة في أذهان الناس، لأنّ الشيعة كانوا على مرّ التاريخ شوكة في أعين سلاطين الجور والحكام الظالمين، كما وأنّ ذلك يعطينا فكرة عن المقدمات التي أدت الى تفرّق الشيعة في بعض الأحيان تبعاً لهذه الظروف الضاغطة ممّا كان يؤدي بالكثير منهم الى الوقوع في الحيرة، الأمر الذي كان يهىّء الظروف المؤاتية لنشوء بعض الفرق المنحرفة عن خط التشيّع الأصيل، والذي كان في بعض الأسباب الموجبة لنشوئها دخول بعض المنحرفين والمشبوهين في صفوف الشيعة وإظهار بعض المقالات الفاسدة وإلصاقها بالتشيّع بهدف تشويه صورته أمام الناس بما يتيح الفرصة للحكام الغاشمين وأعوانهم في القضاء على هذا الخطّ الإسلامي الثوري الأصيل، الذي يريد المحافظة على القيم الإسلامية التي جاء بها النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وتولّى حفظها وصيانتها أهل بيته الطاهرون الذين اعتبرهم الرسول(صلى الله عليه وآله) أعدال القرآن وقرناؤه.














____________
1- المستدرك على الصحيحين: 3/121 عن أبي ذر وقال: هذا حديث صحيح الإسناد: 3/128، الرياض النضرة: 2/167.
2- كنوز الحقائق للمناوي: 43، تاريخ بغداد: 2/88، الرياض النضرة: 2/193، ذخائر العقبى: 77 وقال: أخرجه النقاش.
3- المستدرك: 3/137 وقال: هذا حديث صحيح الاسناد، كنز العمال: 6/157، الإصابة:
4 / 33، اُسد الغابة: 1/69، 3/116، الرياض النضرة: 2/177، حلية الأولياء: 1/66، تاريخ بغداد: 13/122، الاستيعاب: 2/657، مجمع الزوائد: 9/102، فيض القدير للمناوي: 4/358 وغيرهم.
4- تاريخ بغداد: 14/321، المستدرك: 3/119، 124، جامع الترمذي: 2/298، مجمع الزوائد: 9/134، 7/235، وقال الفخر الرازي: أما إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان يجهر بالبسملة، فقد ثبت بالتواتر، ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى، والدليل عليه قوله (صلى الله عليه وآله): "اللهم أدر الحق مع علي حيث دار"، التفسير الكبير: 1/204، مبحث الجهر بالبسملة.
5- المستدرك: 3/124، مجمع الزوائد 9/124، كنز العمال: 6/153، فيض القدير: 4/356.
6- خطط الشام: 5/251.
7- النظم الإسلامية: 69.
8- تفسير الطبري: 30/171، الدر المنثور للسيوطي وقال: أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبدالله، قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله) فأقبل علي(عليه السلام)، فقال النبي(صلى الله عليه وآله): "والذي نفسي بيده، إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة"، ونزلت: (إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات اُولئك هم خير البرية)، فكان أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)إذا أقبل علي(عليه السلام)، قالوا: جاء خير البرية، وقال أيضاً: وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال: لما نزلت: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اُولئك هم خيرالبرية)، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي: "هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين"، وذكر ان ابن مردويه أخرج في تفسير الآية قوله(صلى الله عليه وآله): "أنت وشيعتك موعدي وموعدكم الحوض إذا جاءت الاُمم للحساب، تدعون غراً محجلين".
9- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1/219.
10- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2/49ـ50.
11- شرح نهج البلاغة: 2/51ـ52.
12- سير أعلام النبلاء: 1/399.
13- الطبقات الكبرى: 3/501.
14- المستدرك: 3 / 305.
15- تاريخ اليعقوبي: 2/124.
16- العقيدة والشريعة في الإسلام: 186، وانظر فجر الإسلام لأحمد أمين: 266.
17- شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد: 6/41.
18- عبدالله بن سعد بن أبي سرح، قال ابن عبدالبر في ترجمته: أسلم قبل الفتح وهاجر، وكان يكتب الوحي لرسول الله(صلى الله عليه وآله) ثم ارتدّ مشركاً، وصار الى قريش مكة فقال لهم: إنّي كنت أصرف محمداً حيث اُريد، كان يملي عليّ: (عزيز حكيم) فأقول: أوَ عليم حكيم؟ فيقول: "نعم، كل صواب" فلما كان يوم الفتح أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) بقتله وقتل عبدالله بن خطل، ومقيس بن حبابة ولو وجدوا تحت أستار الكعبة. ففرّ عبدالله بن أبي سرح الى عثمان، وكان أخاه في الرضاعة، أرضعت اُمه عثمان، فغيّبه عثمان حتى أتى به رسول الله(صلى الله عليه وآله)بعدما إطمأنّ أهل مكة، فاستأمنه له، فصمت رسول الله(صلى الله عليه وآله) طويلاً. ثم قال: "نعم". فلمّا انصرف عثمان، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمن حضره: "ما صمتُّ إلاّ ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه". وقال رجل من الأنصار: فهلاّ أومأت إليّ يا رسول الله؟ فقال: "إنّ النبيّ لا ينبغي أن يكون له خائنة الأعين". الاستيعاب: 3/50 رقم 1571.
19- شرح نهج البلاغة: 1/193ـ194.
20- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 9/55.
21- تاريخ اليعقوبي: 2/57.
22- شرح نهج البلاغة: 9/57 ـ 58.
23- مجمع الزوائد: 7/243 وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
24- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 187 ـ 188.
25- مجمع الزوائد 7/236 وقال: رواه البزار ورجاله ثقات، فتح الباري: 13/45.
26- تاريخ اليعقوبي: 2 / 67 ـ 68.
27- جمع نحيزة: أي الطبيعة.
28- جمهرة الخطب: 1 / 379 رقم 267.
29- تاريخ اليعقوبي: 2/75.
30- شرح نهج البلاغة: 4/6.
31- شرح نهج البلاغة: 11/44 ـ 46، ذكربعض ما مني به آل البيت من الأذى والاضطهاد.
32- شرح نهج البلاغة: 11/43.
33- تاريخ الطبري: 7/567.
34- النزاع والتخاصم: 74.
35- مقاتل الطالبيين لأبي فرج الاصفهاني: 365.
36- المصدر السابق: 403.
37- مقاتل الطالبيين: 403.
38- نقاط تفتيش مسلّحة.
39- مقاتل الطالبيين: 403.
40- مقاتل الطالبيين: 403.
41- خطط الشام 3/185، الكامل في التاريخ: 10/3.
42- معجم البلدان: 2 /342.
43- كذا في المصدر.
44- الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر: 1/244.
45- الفصول لمهمة في تأليف الاُمة للسيد عبدالحسين شرف الدين: 195 ـ 196، عن الفتاوى الحامدية: 1/ 104، تاريخ الشيعة للشيخ المظفر: 147، التقية في فقه أهل البيت: 1/51.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page