واقعه اخرى هى خروج الامام الحسين(ع)، طالبا اصلاح احوال الامه المسلمه وآمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، وهو الامر الذى انتهى بشهادته واهل بيته فى كربلاء فى العاشر من شهر محرم الحرام عام (61ه/680م).
كما هو معروف فى جميع كتب التاريخ.
خرج الامام الحسين بن على بن ابى طالب(ع) مدافعا عن قيم الاسلام الحقيقى الذى حاول تيار الحقد الاموى ان يجرفه فى طريقه، لقد عمل الامويون ما فى وسعهم لسلب الامه حقها فى اختيار من يقودها فتصبح الخلافه ملكا وراثيا، وارادوا ان يسلبوا الامه عزها وكرامتها وشرفها الى الابد ليقودها سكير ينادم القرود ويعطل السنن، ويشرب الخمر.
وقد تصدى الامام الحسين(ع) لهذا العبء العظيم قائلا: (مثلى لا يبايع مثله)، وهذه كلمات ترسخ مبدا عظيما من الناحيه الشرعيه والدستوريه، وهو انه لا ينبغى ان يحكم الامه مثل هولاء الفساق، وواللّه ان الدول غير المسلمه ان تسامحت مع سلوكيات الاشخاص العاديين فانها لا تتسامح اطلاقا مع سلوكيات قادتها، ونحن اولى بالحق منهم.
(نحن اهل البيت اولى بولايه هذا الامر عليكم من هولاء المدعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان)، وهذه قاعده اخرى مكمله لما سبقها ومفادها انه لا يجوز ان يستمر فى حكم الامه من عرف بالجور والعدوان.
ثم هو يسند هذه المره الى رسول اللّه(ص): (ايها الناس، ان رسول اللّه(ص) قال: من راى سلطانا جائرا مستحلا لحرم اللّه ناكثا لعهد اللّه مخالفا لسنه رسول اللّه(ص) يعمل فى عباد اللّه بالاثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على اللّه ان يدخله مدخله، الا وان هولاء قد لزموا طاعه الشيطان وتركوا طاعه الرحمن واظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستاثروا بالفىء واحلوا حرام اللّه، وحرموا حلاله وانا احق من غير)، لماذا لم يرو البخارى ومسلم هذا الحديث عن ابى عبداللّه(ع)؟، هل يشكون فى صدقه؟، اليس هذا الحديث احق بالروايه من قصه بيعه ابن عمر لعبد الملك بن مروان؟، ام ان روايه الحسين(ع) - وان صدق - لا تتوافق مع مذهبه ورويته وليذهب الصدق الى الجحيم.
كما روى ابن جرير الطبرى ان الامام الحسين بن على(ع) خطب فقال: (انه قد نزل من الامر ما قد ترون، وان الدنيا قد تغيرت وتنكرت وادبر معروفها واستمرت جدا فلم يبق منها الا صبابه الاناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، الا ترون ان الحق لا يعمل به وان الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المومن فى لقاء اللّه محقا فانى لا ارى الموت الا شهاده ولا الحياه مع الظالمين الا برما).
اليست هذه الاموال والاعمال مواقف ودروس فى السياسه والاخلاق كان الاولى بمصنفى الاحاديث ان يعتنوا بها ويرووها، والا يضعوها فوق الرفوف كانهم لا يعلمون.
يروى البخارى ويكثر الروايه عن ابن عمر وابى هريره ولا يروى شيئا عن آل بيت النبوه اصحاب الكساء الذين اذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
(انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) «الاحزاب/33».
وانه لحرى بالمسلم الواعى ان يكون دقيقا فى ما يقرا من احداث التاريخ، وان يميز بوعى، وبورع، وتقوى بين ائمه الهدى، وبين ائمه الضلال.
1 - ائمه الهدى لهم السمع والطاعه.
2 - ائمه الهدى لا يامرون بمعصيه.
3 - ائمه الهدى لا يكونون عبيدا لا لغيرهم، ولا لشهواتهم.
4 - ائمه الهدى لا ياكلون اموال الناس بالباطل.
5 - ائمه الهدى لا يقتلون الذين يامرون بالقسط والعدل من الناس.
اما ائمه الضلال فلا يتورعون عن ارتكاب الجرائم والمنكرات، ولا حتى عن اختراع ما لم نسمع به من قبل.
هذه الفروق نحن فى امس الحاجه لتمييزها وتبين معالمها، واذا كان استعراض النصوص السابقه قد كشف لنا عن حاله التخبط التى عانى منها بعض كتاب التاريخ واصحاب الفكر قديما وحديثا فى رويتهم لقضيه الامامه والسياسه، وهو ما كان عليهم تجنبه، او الخضوع فيه لاهواء الحاكمين من الطغاه فى تشويه احداث التاريخ وطمس حق آل بيت الرسول فى خلافه الرسول(ص).
ثانيا.. حادثه استشهاد الامام الحسين بن على(ع)
- الزيارات: 1025