• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الثالث الشيعة والقرآن الكريم

يعتقد الشيعة أنّ (القرآن هو الوحي الإلهي المنزل من الله تعالى على لسان نبيه الأكرم في تبيان كل شيء، وهو معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن محاربتها في البلاغة والفصاحة وفيما احتوى من حقائق ومعارف عالية، لا يعتريه التبديل والتغيير والتحريف، وهذا الذي بين أيدينا نتلوه هو نفس القرآن المنزل على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن ادّعى فيه غير ذلك فهو مخترق أو مغالط أو مشتبه وكلهم على غير هدى، فإنّه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)(1).
ويقول شيخ المحدثين محمد بن علي القمي الملقب بالصدوق: "اعتقادنا في القرآن الذي أنزل الله تعالى على نبيه محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك.... ومن نسب إلينا أنّا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب" (2).
ويؤكد ذلك ما يقوله الأستاذ البهنساوي وهو أحد مفكري الإخوان المسلمين: "...إنّ الشيعة الجعفرية الإثني عشرية يرون كفر من حرّف القرآن الذي أجمعت عليه الأمة منذ صدر الإسلام.... وإنّ المصحف الموجود بين أهل السنّة هو نفسه الموجود في مساجد وبيوت الشيعة، ويواصل قوله في مجال رده على ظهير والخطيب، فينقل رأي السيد الخوئي، وهو أحد مجتهدي الشيعة في العصر الحاضر: "المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن، وأنّ الموجود بين أيدينا هو جميع القرآن المنزل على النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) " (3).
وأما الشيخ محمد الغزالي فيقول في كتابه دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين: " سمعت من هولاء من يقول في مجلس علم: إنّ للشيعة قرآناً آخر يزيد وينقص عن قرآننا المعروف. فقلت له: أين هذا القرآن؟ ولماذا لم يطلع الانس والجن على نسخة منه خلال هذا الدهر الطويل؟ لماذا يساق هذا الافتراء؟....فلماذا هذا الكذب على الناس وعلى الوحي؟" (4).
وأما الروايات غير الصحيحة والتي قد يستند إليها البعض والتي تقول بتحريف القرآن والموجودة في كتب الحديث عند الشيعة، فإنّها مدانة ومرفوضة يوجد مثيلها في كتب صحاح الحديث عند أهل السنة، وقد أخرج البخاري بسنده عن عائشة(رضي الله عنه)أنّها قالت:
"سمع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) رجلاً يقرأ في سورة بالليل فقال: يرحمه الله لقد أذكرني آية كذاوكذا كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا" (5).
وبالطبع فإنّه لا يمكن لأحد أن يصدق بما يعنيه الحديث أعلاه والذي يشير إلى عدم حفظ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) للقرآن كاملاً أن نسيانه لبعض الآيات منه، وفيما يلي ما يشير إلى أنّ جزءاً من سورة الأحزاب لم يجدوه إلاّ مع خزيمة الأنصاري أثناء جمع القرآن، وذلك على حد ما أخرجه البخاري في صحيحه، فعن زيد بن ثابت قال:
"لما نسخنا الصحف في المصاحف فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يقرؤها لم أجدها مع أحد إلاّ مع خزيمة الأنصاري الذي جعل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) شهادته شهادة رجلين من المؤمنين ـ ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)(6)ـ" (7).
وفي رواية أخرى عن زيد بن ثابت قال:
".... فقمت فتتبَّعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره" (8) فأين هذه الرواية من الحقيقة القائلة بنقل القرآن بالتواتر؟؟
ومن ضمن الروايات الكثيرة التي أخرجها البخاري وغيره من رجال الحديث من أهل السنة في صحاحهم ومسانيدهم، والتي تقول صراحة بتحريف القرآن الكريم ما يروى عن الخليفة عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) بالسند عن عبدالله بن عباس(رضي الله عنه) قال:
"خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلاً قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف. فأنكر عليّ وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله؟ فجلس عمر على المنبر. فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أمّا بعد، فإنّي قائل لكم مقالة قدر لي أن أقولها، لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحلّ لأحد أن يكذب عليّ.
إنّ الله بعث محمداً(صلى الله عليه وآله وسلم) بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها. رجم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ورجمنا بعده. فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: "والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله. والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف" (9).
والرواية التالية التي أخرجها البخاري أيضاً تبين أنّ عمر بن الخطاب كان يود أن يضيف تلك الآية التي أسقطت (على حد زعمه) بنفسه، ولكنه كان يخشى كلام الناس:
"قال عمر: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي وأقر ماعز عند النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بالزنا أربعاً فأمر برجمه" (10).
وأما الآية المزعومة فهي: "والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة"(11) كما روى ذلك ابن ماجة في صحيحه:
وبما أنّ القرآن الذي بين أيدينا نعتقد جزماً بعدم تعرضه لأي نقصان أو زيادة، فإنّه لابد وأن يكون الخليفة عمر(رضي الله عنه) قد التبس عليه الأمر، وقد يكون مصدر هذا الالتباس وجود آية الرجم فعلاً، ولكن في توراة أهل الكتاب وليس القرآن الكريم كما يظهر من رواية ابن عمر الذي قال:
"...أتى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) برجل وامرأة من اليهود قد زنيا، فقال لليهود: ما تصنعون بهما؟ قالوا: نسخّم وجوههما ونخزيهما، قال: فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين، فجاءوا فقالوا لرجل ممن يرضون أعور ـ: اقرأ، فقرأ حتى انتهى إلى موضع منها فوضع يده عليه، قال: ارفع يدك، فرفع يده فإذا فيه آية الرجم تلوح، فقال: يا محمد، إنّ عليهما الرجم ولكننا نتكاتمه بيننا، فأمر بهما فرجما" (12).
وما يقوي احتمال وقوع التباس الخليفة عمر(رضي الله عنه) بين كتاب الله الحكيم وتوراة أهل الكتاب ما ذكره الجزائري في كتابه: "هذه نصيحتي إلي كل شيعي" وهذا نصه: (... وكيف تجوز قراءة تلك الكتب المنسوخة المحرّفة والرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)يري عمر بن الخطاب(رضي الله عنه)وفي يده ورقة من التوراة فينتهره قائلاً: ألم آتيكم بها بيضاء نقية؟! إذا كان الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يرض لعمر مجرد النظر في تلك الورقة من التوراة...) (13).
ويروى عن الخليفة عمر أيضاً قوله:
"ثم إنّا كنّا نقرأ من كتاب الله ـ أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ـ أو إنّ كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم" (14).
ولا يخفى على أحد أن هذه الآية كسابقتها ليس لها وجود في كتاب الله.
وأما عبدالله بن مسعود، فقد روي عنه أنّه كان يضيف كلمتي "الذكر والأنثى" على الآية الكريمة ـ (والليل إذا يخشى) ـ فعن علقمة قال:
"....كيف يقرأ عبدالله ـ والليل إذا يخشى ـ فقرأت عليه ـ والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى ـ قال: والله لقد أقرأنيها رسول(صلى الله عليه وآله وسلم) من فيه إلى في" (15).
وهكذا يوقعنا البخاري الذي أخرج هذه الرواية في صحيحه في تناقض جديد، ذلك إنّه يروي أيضاً أمر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) للمسلمين باستقراء القرآن من عبدالله بن مسعود. فبالروايد عن ابن عمر قال: بأنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول:
"استقرئوا القرآن عن أربعة: عن عبدالله بن مسعود فبدأ به" أو قال: "استقرئوا القرآن من أربعة: من عبدالله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل" (16).
فكيف يأمرنا الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) باستقراء القرآن ممن لا يحسن حفظه؟
نترك الإجابة على هذا السؤال بالطبع للبخاري ومن سار على منهجه باعتقاد صحة كل ما رُوي في صحيحه.
وأما صحيح مسلم، فقد وجد فيه مثل ذلك أيضاً، فعن عائشة(رضي الله عنه) أنّها قالت:
"كان فيما أنزل من القرآن ـ عشر رضعات معلومات ـ فتوفي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وهن فيما يقرأ من القرآن"(17)، وزعم عائشة هذا مما فيه رد صريح على من يقول بأنّ أمثال هذه الروايات هو مما نسخ، وإلاّ فما معنى زعمها استمرار قراءتها بالرغم من وفاة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)؟؟
وعن أبي الأسود عن أبيه قال:
"إنّ أبا موسى الأشعري بعث إلى قرّاء البصرة وكانوا ثلاثمائة رجل، فقال فيما قال لهم: وإنّا كنّا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة، غير أنّي حفظت منها ـ لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ـ" (18).
وفي كتاب (الاتقان في علوم القرآن) للسيوطي، يذكر بعض الروايات بأنّ القرآن 112 سورة فقط أو بإضافة سورتي الحقد والخلع (19)....! وغير ذلك من أمثال تلك الروايات والتي نكتفي بالقدروبعد، فهل يجوز أن يقول الشيعي أنّ قرآن أهل السنة ناقص أو زائد لوجود روايات تقول بذلك في كتب الحديث عندهم؟ بالتأكيد لا، لأنّ إجماع أهل السنة هو القول بعدم تحريف القرآن. وأمّا مسألة وجود هذه الروايات القائلة بالتحريف في كتب صحاح الحديث عندهم ـ لا سيما البخاري ومسلم منها والتي ألزم أهل السنة أنفسهم بأنّ جميع ما روي فيها يعتبر صحيحاً على رأيهم ـ فإن تفسير ذلك يكون بأحد أمرين لا ثالث لهما: فإما أنّ تلك الروايات صحيحة ولكن فيها من الالتباس الذي حصل لرواتها كما هو الحال بشأن آية الرجم. وإمّا أن تكون تلك الروايات غير صحيحة كما هو الحال بالنسبة لباقي الروايات التي ذكرناها، وبذلك فإنّه لابد من إعادة النظر في تسمية كتابي البخاري ومسلم (بالصحيحين).
فبماذا نفسر إذن تلك الحملة المسعورة التي يقوم بها بعض الكتاب أمثال ظهير والخطيب وغيرهم بإتهام الشيعة بتحريف القرآن لمجرد وجود روايات ضعيفة في كتب الحديث عندهم تقول بذلك هي مرفوضة عندهم، ويوجد ما يشابهها الكثير من الروايات التي أخرجها رجال الحديث من أهل السنة في صحاحهم. فمن كان بيته من زجاج لا يرمي بيوت الآخرين بالحجارة!





__________
1- عقائد الإمامية لمحمد رضا المظفر: ص85، ط القسم العربي بدار التبليغ الاسلامي قم.
2- اعتقادات الصدوق: ص93.
3- السنة المفتري عليها: ص60.
4- دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين.
5- صحيح البخاري ج6 ص239 كتاب فضل القرآن باب نسيان القرآن.
6- الأحزاب: 23.
7- صحيح البخاري ج6 ص146 كتاب التفسير باب فمنهم من قضى نحبه.
8- صحيح البخاري ج6 ص90 كتاب التفسير باب لقد جاءكم رسول من أنفسكم.
9- صحيح البخاري ج8 ص209 ـ 210 كتاب المحاربين من أهل الكفر باب رجم الحبلى من الزنا.
10- صحيح البخاري ج9 ص86 كتاب الأحكام باب الشهادة تكون عند الحاكم.
11- سنن ابن ماجة ج2 ص854 ح2553.
12- صحيح البخاري ج9 ص193 كتاب التوحيد باب ما يجوز من تفسير التوراة.
13- هذه نصيحتي إلى كل شيعي لأبي بكر الجزائري.
14- صحيح البخاري ج8 ص210 كتاب المحاربين من أهل الكفر باب رجم الحبلى من الزنا.
15- صحيح البخاري ج5 ص31 كتاب فضائل الصحابة باب مناقب عمار وحذيفة.
16- صحيح البخاري ج5 ص34 كتاب فضائل الصحابة باب مناقب عبدالله بن مسعود.
17- صحيح مسلم ج2 ص1075 ح24، كتاب الرضاع باب التحريم بخمس رضعات.
18- صحيح مسلم كتاب الزكاة ج2 ص726 ح119. باب لو أن لابن آدم واديين لابتغى ثالثاً.
19- الاتقان في علوم القرآن للسيوطي: ص65.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page