الحمد لله حمداً كثيراً دائماً لا ينقطع أبداً، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على عبده ورسوله محمد وآله سلاماً دائماً سرمداً.
أمّا بعد، فيا أيّها الأحباب، إنّه لمن جزيل فضل الله تعالى عليّ أن كتب لي هذه الخطى على هذه الأرض المباركة التي استردّت للإسلام كرامته وأعلت للقرآن غايته وأعادت إلى مسمع الدنيا من جديد دولة محمد وعلي صلّى الله عليهما وآلهما، فرحم الله كلّ جهد وكلّ نفس زكية عملت على بناء هذه الدولة الإسلامية الرائدة.ونظّر الله وجه الإمام الخميني ومَنَّ عليه بشآبيب الرحمة والرضوان جزاء ما اقتحم ظلمات القرون وحطم أصنام الزمان وأقام هذا الكيان.
أما أنتم فيا أيّها الإخوة أبناء العراق، دعوني أستقي من كتاب ربّي مخاطبتكم بما خاطبكم الله تعالى به، أحسبكم المخاطبون بقول ربكم: (الّذينَ استجابُوا للهِِ والرَّسولِ مِنْ بَعدِ مَا أصابَهُمُ القَرحُ لِلَّذينَ أحسَنُوا مِنهُمْ وَاتَّقوا أجرٌ عَظيمٌ * الَّذينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَد جَمَعوا لَكُمْ فَاخشَوهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَاناً وَقَالوا حَسبُنَا اللهُ وَنِعمَ الوَكيلُ)(1).
أسأل الله أن يكتب لكم في موازين الصابرين ستراً هو في الحقيقة فريد في نوعه، فقد تكاتفت عليكم العواتي وأجلب إبليس بخيله وركبه يشارك صدام في كيده ومكره (وَيَمكُرونَ وَيَمكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيرُ المَاكِرينَ)(2) (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال)(3)، فقد تعرّضتم لمكر تزول منه الجبال، ولذلك فإنّي تواضعاً لربّي وحياءاً أن أكون بينكم وأنا من القاعدين وأنتم من المجاهدين الذين جمع الله لكم كل موازين الجهاد، فالهجرة والنصرة والصبر والمواظبة.. وأسأل الله أن يكون ختام ذلك كله نصراً للإسلام ورضاً لله وعودةً إلى العراق الحبيب قريباً إن شاء الله ربّ العالمين.
لقد تفضّل الإخوة المنظّمون لهذه الندوة فحددوا لها موضوعاً نزلت على رغبتهم فيه مع استئذانهم أن أحذف من مضمون الموضوع ما يتحدّث عن نفس العبد القريب من حيث الطريق الذي اقتحمه من الظلمات إلى النور.
انتخب المقدّمات فيما عانيناه من الظلمات حتى أكرمنا ربّنا بأن أشرق في قلوبنا نداء التثبيت والتبيين في قوله تعالى: (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذينَ آمَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ في الحَياةِ الدُّنيا وَفي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالمينَ وَيَفعَلُ اللهُ مَا يَشاءُ)(4).
____________
1 - آل عمران: 172 ـ 173.
2 - الأنفال: 30.
3 - إبراهيم: 46.
4 - إبراهيم: 27.
تمهيد
- الزيارات: 860