وبالأمس، وأنا أمثل بين يدي سيدتي المعصومة صلوات الله عليها وعلى آبائها، وأستمع إلى الدعاء يتلوه أحد الأحباب، شدّني هذا الحرص من الأئمّة في هذه الأدعية على الوفاء لشجرة الأنبياء بدءاً من آدم: السلام عليك يا آدم صفوة الله.. السلام عليك يا نوح.. السلام عليك يا إبراهيم.. السلام عليك يا موسى.. السلام عليك يا عيسى.. صلوات الله عليهم ; هذا هو البرهان على أنّكم ورثة الأنبياء وبقيّة الرسالات، لأنّكم توفّون للأنبياء بما قدّموه في حقّ نبيّكم.
الأنبياء والرسل أُخذ عليهم العهد من الله تعالى أن يؤمنوا بمحمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن يصطفّوا خلفه صفاً واحداً: (وَإذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبيينَ لَمَا آتَيتُكُمْ مِن كِتَاب وَحِكمَة ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرتُمْ وَأَخَذتُمْ عَلى ذَلِكُمْ إصْري قَالُوا أَقرَرْنا قَالَ فَاشهَدُوا وَأنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدينَ)(1).
الميثاق الذي أُخذ على الأنبياء متأخّر بهذه النقطة جعلهم في حالة انتظار للنبي المنتظر، بدءاً من آدم.. ونوح.. وإبراهيم.. وعاشوا كل العبادات التي كلّفهم الله بها، بحيث كانت لا تلزمهم إلاّ أن يعيشوا في حالة انتظار للنبي الخاتم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن يتعهدوا بأنّهم إن شهدوه آمنوا به ونصروه، ومعنى نصروه يعني ينقلبوا إلى جنود! فحالة الانتظار التي كتبت على الأنبياء ـ انتظار النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ أصبحت عبادة من أفضل العبادات لأنّها انتظار لأيّ شيء؟ انتظار لأمر الله عزّ وجلّ وأعظم العبادات.. انتظار أمر الله، لأنّها تنطوي على الآتي:
الإقرار بالله ربّاً، وبأنّ له أمراً نافذاً، وأنّ أمره لا يحيط به إلاّ هو، وأنّه غيب وأنا في انتظار أمره لأطيع.
يا مَن شرّفكم ربّكم بعبادة الأنبياء.. بحالة الانتظار للإمام القائم صلوات الله عليه وعجّل الله فرجه الشريف، زيدوا بيقينكم بفرجه الشريف في الميقات الذي يعلمه الله، وتعجلوا الشوق إليه دون أن تتبرموا من إمضائه، لأن كل ما تعيشون الانتظار فإنكم تعبدون الله العلي الرحمن.
لأنّ كل العبادات الأُخرى للإنسان يكتب أجره على قدر استغراقه فيها، يعني ليس كل صلاة مثل بعضها، وكتاب الآداب المعنوية للصلاة للسيد آية الله الإمام الخميني قدس الله سره الشريف يبيّن أنّ الصلاة يأخذ كل واحد نصيبه منها على قدر ما استغرقه من وجدان ومن صبر عليها، ولذلك فالأجر عليها دائماً محدود بمحدودية أدائها وكذلك الصيام والحج والزكاة...
أمّا الانتظار، فكلّ ما ملأت وجدانك بالحبّ وأنت تنتظر الإمام، أصبحت كل اعمالك " 24 ساعة " تمثّل حالة عبادة.
أسأل الله أن يقسم لي ولكم صحّة الانتظار، وأن يرينا وإيّاكم وجه القائم(عليه السلام)، وأن يجعلنا جنوداً له مخلصين إن شاء الله.
اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
__________
1 - آل عمران: 81.
الأئمة (عليهم السلام) ورثة الأنبياء وبقيّة الرسالات
- الزيارات: 931