• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أبو بكر والسنّة النبويّة

ثمّ جاء عصر الخليفة الأول أبي بكر، فلننظر عزيزي القارئ ماذا جرى لسنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في عهد أبي بكر.
فقد قام أبو بكر من أوّل يوم، بنبذ سنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) باعتراف صريح في خطبته الأولى، وتأكيد على ما قاله عمر بن الخطّاب يوم رزيّة الخميس، حيث قال: حسبنا كتاب الله.
روى الذهبي في تذكرة الحفاظ عن ابن أبي مليكة: أنّ أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيّهم فقال: إنكم تحدّثون عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً، فمن سألكم، فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه(1).
وهذا تصريح خطير فاضح، واعتراف واضح، يؤكّد قول المسلمين الذين قالوا عند رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) حسبنا كتاب الله، أي لا نريد سنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ; ولذلك كان أبو بكر كثيراً ما يقول: لا تحملوني على سنّة نبيكم، فإنّي لا أطيقها، وهذا يؤكّد على تصميمهم على اغتيال السنّة النبويّة الشريفة.
روى أحمد في مسنده عن قيس بن أبي حازم قال: " إنّي لجالس عند أبي بكر، خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بشهر، فذكر قصّة، فنودي في الناس: أنّ الصلاة جامعة، وهي أوّل صلاة في المسلمين نودي بها أنّ الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فصعد المنبر، شيئا صنع له كان يخطب عليه، وهي أوّل خطبة خطبها في الإسلام. قال: فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: يا أيّها الناس ولوددت أنّ هذا كفانيه غيري، ولئن أخذتموني سنّة نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم ما أطيقها، إنْ كان لمعصوماً من الشيطان، وإنْ كان لينزل عليه الوحي من السماء(2).
وقد كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أكّد في مرّات عديدة على أنّه سيأتي بعده رجال لا يحتكمون إلى سنتّه، وأكّد أنّ حرام محمّد حرام إلى يوم القيامة، وحلاله حلال إلى يوم القيامة وأنّ ما حرّم محمّد هو ما حرّم الله، وما حلّل محمّد هو ما حلّل الله، لكنّهم أبوا أنْ يحتكموا إلى هذه القاعدة النبويّة الشريفة.
روى أحمد في مسنده، عن معدى كرب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يوشك أحدكم أنْ يكذّبني وهو متكئ على أريكته، يحدّث بحديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرّمناه، ألا وإنّ ما حرّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مثل ما حرّم الله "(3).
روى الترمذي في سننه، عن أبي رافع وغيره، رفعه قال: " لا ألفينّ أحدكم متّكئاً على أريكته، يأتيه أمر مما أمرت به، أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه "(4).
روى الحاكم في مستدركه عن معد يكرب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يوشك أنْ يقعد الرجل منكم على أريكته، يحدّث بحديثي فيقول: بيني وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلال استحللناه، وما وجدنا فيه حراماً حرّمناه، وإنّما حرّم رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، كما حرّم الله "(5).
ومن المعروف في اللغة العربية أنّ كلمة ( يوشك ) هي من أفعال المقاربة. أي تدلّ على حدوث هذا الفعل بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مباشرة، ولو كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)الذي هو سيّد البلغاء، وأفصح العرب، لو كان يريد الزمن البعيد، لقال: يأتي زمان، أو يكون في آخر الزمان، كما ذكر في أحاديث كثيرة.
ثمّ إنّ أبا بكر لم يكتف بذلك، بل أراد أنْ يسلك طريقاً أشدّ وأوضح، حتّى يؤكّد على معنى نبذ السنّة وتركها. فقد قام بخطوة خطيرة جداً ضدّ أحاديث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). حيث قام بجمع الأحاديث النبويّة التي كانت عنده، وقام بحرقها جميعا، وهذا الحدث الخطير، موجود في صحاح أهل السنّة وكتبهم، وإليك بعض من تلك الروايات، التي تؤكّد وقوع هذا الحادث الخطير.
روى المتقي الهندي في كنز العمّال عن مسند الصدّيق، بسنده عن القاسم بن محمّد قال: قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فكانت خمسمائة حديث فبات ليلة يتقلّب كثيراً، قالت: فغمّني، فقلت: تتقلّب لشكوى أو لشيء بلغك. فلمّا أصبح قال: أي بنيّة، هلمّي الأحاديث التي عندك. فجئته بها، فدعا بنار فأحرقها وقال: خشيت أنْ أموت وهي عندك، فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به، ولم يكن كما حدّثني، فأكون قد تقلّدت ذلك(6). ورواه الطبري في الرياض النضرة(7).
وأعتقد أنّه لا يوجد عند كلّ عقل سوي، أي مبرّر لهذا الحادث الخطير، إلا اغتيال سنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ووأدها في مهدها، قبل انتشارها، لأسباب كثيرة نذكر بعضاً منها خلال البحث.
والسؤال الذي يطرح نفسه، كيف يقوم هذا الرجل الذي يدّعي محبّة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، والاقتداء به بهذا العمل، مع العلم بأنّ جميع الأمم في السابق واللاحق، إذا مات عندهم عزيز، فإنّهم أوّل ما يقومون به بعد وفاته، تخليد ذكراه، وتمجيده من خلال إنجازاته وأفعاله وأقواله.
وأظنّ أنّ هذا الأمر تقوم به جميع الأمم، حتّى الأمم الملحدة، فدونك مدوّنات مراجع الشيوعيين مثل ستالين ولينين وماركس، وأيضاً أقوال زعماء أمريكا وغيرهم مدوّنة حتّى اليوم، حتّى أنّ الحاضرات السابقة مثل الفراعنة، خلّدت الكثير من أقوال فراعنتها على الحجارة التي لا زالت موجودة حتّى اليوم.
فهل هذا جزاء رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) سيّد الخلق، وخير الخلق، هل هذا جزاؤهُ، أنْ تحرق سنّته وتطمس؟!





________
1- تذكرة الحفاظ 1: 2 ـ 3.
2- مسند أحمد 1: 14.
3- مسند أحمد 4: 132.
4- سنن الترمذي 4: 144.
5- المستدرك على الصحيحين 1: 109.
6- كنز العمّال 10: 285.
7- الرياض النضرة في فضائل العشرة 1: 173.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page