طباعة

لماذا السجود على التربة

فأجابني أحدهم وهو أعلمهم قائلا : أحسنت يا فضيلة الشيخ على هذا التحليل اللطيف ، ولنا أن نسألك ما سبب إصرار الشيعة على السجود على التربة، ولم لا تسجدون على سائر الأشياء كما تسجدون على التربة ؟
فأجبته : ذلك عملا بالحديث المتفق عليه بالإجماع جميع فرق المسلمين وهو قوله (صلى الله عليه وآله) : جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً(1) ، فالتراب الخالص هو الذي يجوز السجود عليه باتفاق جميع طوائف المسلمين ، ولذلك نسجد دائماً على التراب الذي اتفق المسلمون جميعاً على صحة السجود عليه .
فسألني : وكيف اتفق المسلمون عليه ؟
فأجبته : أول ما جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة وأمر ببناء مسجد فيها، هل كان المسجد مفروشاً بفرش ؟
فأجابني : كلاّ لم يكن مفروشاً .
قلت : فعلى أي شيء كان يسجد النبي (صلى الله عليه وآله)والمسلمون ؟
أجابني : على أرض المسجد المفروشة بالتراب .
قلت : ومن بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في زمن أبي بكر وعمر وعثمان وأمير المؤمنين علي (عليه السلام)هل كان المسجد مفروشاً بفرش ؟
فأجابني أيضاً : كلاّ.
قلت : فعلى أي شيء كان المسلمون يسجدون في صلواتهم في المسجد ؟
أجابني : على أرض مفروشة بالتراب .
فقلت : إذن جميع صلوات رسول الله (صلى الله عليه وآله) كانت على الأرض وكان يسجد على التراب، وكذلك المسلمون في زمانه وبعده كانوا يسجدون على التراب ، فالسجود على التراب صحيح قطعاً، ومعاشر الشيعة إذ تسجد على التراب تأسياً برسول الله (صلى الله عليه وآله) فتكون صلواتهم صحيحة قطعاً .
فأورد عليَّ : بأن الشيعة لم لا تسجد على غير التربة التي يحملونها معهم من سائر مواضع الأرض أو غيرها من التراب ؟
فأجبته : أولا : أن الشيعة تجوّز السجود على كل أرض سواء في ذلك المتحجر منها أو التراب .
ثانياً : حيث إنه يشترط في محل السجود الطهارة من النجاسة ، فلا يجوز السجود على أرض نجسة ، أو تراب غير طاهر ، لذلك يحملون معهم قطعة من الطين الجاف الطاهر تفصياً عن السجود على ما لا يعلم طهارته من نجاسته ، مع العلم أنهم يجوّزون السجود على تراب أو أرض لا يعلم بنجاسته .
فأورد عليَّ : إن كانت الشيعة يريدون بذلك السجود على التراب الطاهر الخالص فلم لا يحملون معهم تراباً يسجدون عليه ؟
فأجبته : حيث إن حمل التراب يوجب وسخ الثياب لأنه أينما وضع من الثوب فلا بد أن يوسخه ، لذلك نمزجه بشيء من الماء ثم ندعه ليجف حتى لا يوجب حمله وسخ الثوب .



_________
1- راجع : مسند أحمد بن حنبل : 1/301 ، صحيح البخاري : 1/86 سنن الترمذي : 1/199 ح316 ، السنن الكبرى للبيهقي: 2/433 ، وسائل الشيعة : 3/350 ح3839 و 3840 وص 351 ح 3841 وج 5 ص 117 ح 6083 و 6068 .