• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

فلسفة إقامة المأتم والعزاء على الإمام الحسين (عليه السلام)

ثم قلت : وأما قولك : إجراء الشيعة التعازي على الإمام الحسين (عليه السلام)هو بدعة فهذا كلام باطل فاسد ! ولا أدري لماذا تنقمون على الشيعة بإقامتهم التعازي على شهيد الحق والإنسانية الإمام بن الإمام حفيد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وسلالة الزهراء البتول (عليها السلام) سيد الشهداء الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في مصابه العظيم الذي زلزلت لها أظلة العرش مع أظلة الخلائق ، والحادثة المروعة التي لم يسبقها في العالم الإسلامي ولا في غيره سابق ولا يلحقها لاحق ، إذ أنه جَلَلٌ عمَّ خطبه العظيم جميع الأمة الإسلامية حتى الجن والطير والوحش راجع كتب المقاتل تعرف(1) ، وبعضكم يعترض على الشيعة بأن الحسين (عليه السلام) قتل منذ زمن بعيد يربو على 13 قرناً ، فأيُّ فائدة في البكاء عليه واللطم على الصدور والضرب بالسلاسل بحيث يسيل الدم .
فاعلموا أن عمل الشيعة هذا هوعين الصواب أولا : لو أنهم لم يستمروا على إقامة ذكرى سيد الشهداء (عليه السلام) لأنكرتموه كما أنكرتم يوم الغدير ، وحديثه المشهور المعترف به المؤالف والمخالف فرواه أكثر من مائة وثمانين صحابياً ، فيهم البدري وغيره ومن التابعين أكثر فأكثر ، فالشيعة لم يأتوا بشيء إذاً .
ثانياً : الشيعة اقتفوا أثر أئمتهم(عليهم السلام)في ذكرى أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) ، فلو وقفتم على كتب الشيعة لما أوردتم علينا نقداً ، وأُلفتُ نظركم إلى كتاب مقدمة المجالس الفاخرة للإمام شرف الدين ، وإقناع اللائم على إقامة المآتم للإمام السيد محسن الأمين العاملي ـ رحمهما الله ـ ففيهما من الحجج ما يقنع الجميع .
وانظروا أيضاً إلى ص 576 من مصابيح الجنان للحجة السيد الكاشاني إذ قال فيه : ينبغي للمسلمين إذا دخل شهر المحرم أن يستشعروا الحزن والكآبة ، وأن يعقدوا المجالس والمآتم لذكرى ما جرى على سيد الشهداء وأهل بيته والصفوة من أصحابه من الظلم والعدوان ، وهو أمر مندوب إليه ومرغب فيه ، على أن في ذلك تعظيماً لشعائر الله تعالى ، وامتثالاً لأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) واقتداءً بالأئمة المعصومين (عليهم السلام) ، ويدل عليه ما ورد عن الرضا (عليه السلام) وهو الإمام الثامن من أوصياء رسول الله (صلى الله عليه وآله)أنه قال : كان أبي ـ وهو الكاظم ، الإمام السابع من أوصياء الرسول (صلى الله عليه وآله) ـ : إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكاً ، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام ، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصبيته وحزنه وبكائه ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسين صلّى الله عليه(2)، ويستفاد منه رجحان كل ما له دخل في الحزن والكآبة(3) من غير أن يشتمل على فعل محرم .
ثم قال : ويستحب البكاء وإجراء التعازي على سيد الشهداء (عليه السلام) وإسالة الدموع عليه لا سيما في العشر الأوّل من المحرم ، فإن البكاء عليه من الأمور الحسنة المندوبة ، ومن موجبات السعادة الأبدية والزلفى إلى المهيمن سبحانه ، ويكفي في رجحانه الأحاديث المعتبرة المروية عن الحجج الطاهرة وهي كثيرة جداً نحيلك على مظانها(4) .
إلى أن قال : وأما الذين يعيبون الشيعة بذلك فلا يعبأ بقولهم إذ إنهم حائدون عن جادة الإنصاف ، وقاسطون عن طريق الصواب ، مع هذه النصوص الكثيرة المتواترة الواردة عن الأئمة السلف خاصة عن أئمة العترة الطاهرة من أهل البيت (عليهم السلام) وهم أحد الثقلين الذين لا يضل المتمسك بهما ، على أن في ذلك من المواساة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصيه أمير المؤمنين (عليه السلام)وابنته الصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) .
وقد اتفقت الطوائف الإسلامية على اختلاف مذاهبها على جواز التفجع لفقد الأحبة والعظماء ، جرت عليها سيرتهم العملية وإجماعهم وكان عليه السلف وتشهد بذلك الموسوعات الضخمة المشحونة بأقوالهم وأفعالهم سواء في ذلك الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) وغيرهم من سائر المسلمين ، فمن راجع كتبهم يجد نصوصهم في هذا المورد بكثرة مدهشة .
فنحن إذ نجد الأدلة النقلية والعقلية متوفرة ، نُجدد ذكرى مصاب سيد الشهداء وريحانة الرسول الإمام الحسين (عليه السلام) غير مكترثين بالتقولات الشاذة التي لا وزن لها ، راجين بذلك من الله الثواب ومن رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) الشفاعة يوم الحساب ، إنتهى ما جاء في مصابيح الجنان للكاشاني .
ثم أيها الإخوان إن الشيعة مقتدون بسلفهم الصالح إذ جاء في حديث معتبر مأثور أن علياً زين العابدين بن الحسين (عليه السلام) لما عاد من أسره هو ومن معه من أسارى أهل البيت (عليهم السلام) من دمشق جعلوا طريقهم على العراق ولما وصلوا كربلاء أخذ هو ومن معه في البكاء يندبون الحسين (عليه السلام) .
فأي بأس على الشيعة في أمثال هذه الأعمال المقدسة المحبوبة عند الله ورسوله والصفوة من آله ؟
لكن البأس كل البأس والنقد الشديد موجه عليكم ، وهو أنكم أخذتم ببدعة يزيد بن معاوية الطليق ابن الطليق ، إذ أنه جعل في كل سنة في العشر الأول من المحرم عيداً يقيم فيه الأفراح وينصب الزينة ، وتقام المهرجانات ويسميه عيد النصر والفوز(5) ، وأشفعه ببدعة أخرى تدل على خسته ودنائته فإنه قد أتى بمومسة تشبه في صفتها جدته هند بنت عتبة فيجمع الأخساء من بني شجرته
الملعونة ، ويأتي بآلة الطرب والخمر وكل ما يلزمه من الأشياء وتعزف الموسيقى..

فأي الفريقين أحق بالأمن يا مسلمون ؟! فدعوا الشيعة وشأنهم ! فإنهم هم الفرقة ـ الناجية ـ التي عناها رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الثلاث والسبعين فرقة(6) ، لذلك اعتنقنا هذا المذهب الشريفوتركنا المذهب السني.
ولما وصلت إلى هنا شكرني جميع من في المجلس ، ثم قالوا : كنا لا ندري أن مذهب الشيعة هكذا ، بل كنا نسمع عنهم بأنهم ليسوا على حق ، بل هم كفرة فجرة مشركون .
فقلت : لا ، إنما هو كما أخبرتكم ، وستعرفون مذهب الشيعة بعد وقوفكم على كتبها ، والذنب ذنبكم في تقصيركم عن الوقوف على مؤلفات الشيعة ، ولماذا ثم إني أبين أن هذه التهم الموجهة إلى الشيعة الأبرار تبعة رسول الله (صلى الله عليه وآله)وخدنة أمير المؤمنين علي وذريته العترة الطاهرة (عليهم السلام) ليس لها واقعٌ ، وإنما هي أكذوبات بحتة اختلقتها عليهم الآثمون من أعداء المسلمين المسمّين أنفسهم بالمسلمين ، فعليكم أن تتحروا الحقيقة دائماً ، ولا تعتنوا بكل ما تسمعون ضد الشيعة دون أن تبحثوا عن واقعه وحقيقته ، وهذا ما أرجوه منكم .
ثم قاموا وودّعوني جميعهم ، وذهب كل منهم إلى محله بعد أن جاؤا غضاباً ، فرجعوا فرحين مسرورين ، وأخيراً بلغني من بعض من أثق به أن بعضهم اعتنق المذهب الشريف مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، والحمد لله على هذه النعمة الكبرى ، وهي ولاية أهل البيت (عليهم السلام)(7) .



____________
1)راجع : مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي : 2/89 ـ 101 .
2- راجع: أمالي الشيخ الصدوق: 111 ح2 ، بحار الأنوار للمجلسي: 44/284 ح17 .
3- فقد روى الشيخ المفيد (رحمه الله) بسنده عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : كلُّ الجزع والبكاء مكروه ، سوى الجزع والبكاء على الحسين (عليه السلام) ، وجاء عن الرضا (عليه السلام) في حديث : قال (عليه السلام) : فعلى مثل الحسين فليبك الباكون الخ . بحار الأنوار للمجلسي : 44/280 ح 9 وص 284 ح 17 .
4- ومن ذلك ما روي عن علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه قال : قال الرضا (عليه السلام) : من تذكر مصابنا وبكى لما ارتُكب منا كان معنا في درجتنا يوم القيامة ، ومن ذُكّر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبكِ عينه يوم تبكي العيون ، ومن جلس مجلساً يُحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب .
وروي عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : نفس المهموم لظلمنا تسبيح ، وهمّه لنا عبادة، وكتمان سرّنا جهاد في سبيل الله ، ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السلام) : يجب أن يكتب هذا الحديث بالذهب .
وروي عن محمد بن أبي عمارة الكوفي ، قال : سمعت جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول : من دمعت عينه فينا دمعة لدم سفك لنا أو حقّ لنا نقصناه ، أو عرض انتهك لنا ، أو لأحد من شيعتنا ، بوأه الله تعالى بها في الجنة حُقباً . راجع : بحار الأنوار للمجلسي : 44/278 ـ 296 ب 34 .
5- ويقول الشريف الرضي عليه الرحمة في ذلك :
كانت مآتم بالعراق تعدها     أموية بالشام من أعيادها
مناقب آل أبي طالب : 3/268 .
ويقول : أبو ريحان البيروني في الآثار الباقية بعد ذكر ما جرى على الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء ، فأما بنو أمية فقد لبسوا فيه ما تجدد ، وتزينوا واكتحلوا وعيدوا ، وأقاموا الولائم والضيافات ، وأطعموا الحلاوات والطيبات ، وجرى الرسم في العامة على ذلك أيام ملكهم ، وبقي فيهم بعد زواله عنهم ، وأمّا الشيعة فإنّهم ينوحون ويبكون أسفاً لقتل سيد الشهداء (عليه السلام) فيه .. ]الكنى والألقاب ، الشيخ عباس القمي : 1/431[ .
6- إشارة إلى الحديث المروي عنه (صلى الله عليه وآله) : ستفترق اُمّتي....الخ .
7- كتاب لماذا اخترت مذهب الشيعة ، الأنطاكي : 341 ـ 352 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page