طباعة

البكاء واللطم على الإمام الحسين (عليه السلام)

قلت : على ذكر سيدنا الحسين (عليه السلام) لماذا يبكي الشيعة ويلطمون ويضربون أنفسهم حتى تسيل الدماء ؟ ! وهذا محرّم في الإسلام ، فقد قال (صلى الله عليه وآله): "ليس منّا من لطم الخدود وشقّ الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية"(1) .
أجاب السيد قائلا : الحديث صحيح لا شكّ فيه ، ولكنّه لا ينطبق على مأتم أبي عبدالله (عليه السلام) ، فالذي ينادي بثأر الحسين ، ويمشي على درب الحسين ، دعوته ليست دعوى جاهلية، ثم إنّ الشيعة بشر فيهم العالم وفيهم الجاهل ولديهم عواطف، فإذا كانت عواطفهم تطغى عليهم في ذكرى استشهاد أبي عبدالله (عليه السلام)وما جرى عليه وعلى أهله وأصحابه من قتل وهتك وسبي، فهم مأجورون لأنّ نواياهم كلّها في سبيل الله، والله سبحانه وتعالى يعطي العباد على قدر نواياهم .
وقد قرأت منذ أسبوع التقارير الرسميّة للحكومة المصرية بمناسبة موت جمال عبد الناصر، تقول هذه التقارير الرسميّة بأنّه سجّل أكثر من ثماني حالات انتحارية قتل أصحابها أنفسهم عند سماع النبأ ، فمنهم من رمى نفسه من أعلى العمارة ، ومنهم من ألقى بنفسه تحت القطار وغير ذلك، وأمّا المجروحون والمصابون فكثيرون، وهذه أمثلة أذكرها للعواطف التي تطغي على أصحابها .
وإذا كان الناس ـ وهم مسلمون بلا شك ـ يقتلون أنفسهم من أجل موت جمال عبد الناصر وقد مات موتاً طبيعياً، فليس من حقّنا ـ بناءً على مثل هذا ـ أن نحكم على أهل السنّة بأنّهم مخطئون ؟!
وليس لإخواننا من أهل السنّة أن يحكموا على إخوانهم من الشيعة بأنّهم مخطئون في بكائهم على سيّد الشهداء (عليه السلام) ، وقد عاشوا محنة الحسين (عليه السلام)وما زالوا يعيشونها حتى اليوم، وقد بكى رسول الله (صلى الله عليه وآله)نفسه على ابنه الحسين (عليه السلام)وبكى جبريل لبكائه.
قلت : ولماذا يزخرف الشيعة قبور أوليائهم بالذهب والفضّة ، وهو محرّم في الإسلام ؟ أجاب السيد الصدر : ليس ذلك منحصراً بالشيعة، ولا هو حرام فها هي مساجد إخواننا من أهل السنة سواء في العراق أو في مصر أو في تركيا أو غيرها من البلاد الإسلامية مزخرفة بالذهب والفضة ، وكذلك مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في المدينة المنورة ، وبيت الله الحرام في مكّة المكرّمة ، الذي يُكسى في كل عام بحلّة ذهبية جديدة يصرف فيها الملايين ، فليس ذلك منحصراً بالشيعة.





____________
1- صحيح البخاري : 2/82 ، صحيح مسلم : 1/70 ، مسند أحمد بن حنبل : 1/386 .