• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

تحذير النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من عائشة وفتنتها



لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يدركُ عمق وخطورة المؤامرة التي تُدار حوله من جميع جوانبها، ولا شكّ بأنّه عرف ما للنساء من تأثير وفتنة على الرّجال، كما أدرك بأنّ كيدهن عظيم تكاد تزول منه الجبال.
وعرف بالخصوص بأنّ زوجته عائشة هي المؤهلة لذلك الدور الخطير، لما تحمله في نفسها من غيرة وبغض لخليفته علي خاصة، ولأهل بيته عامّة، كيف وقد عاش بنفسه أدْواراً من مواقفها وعداوتها لهم، فكان يغضب حيناً، ويتغير وجهه أحياناً، ويحاول اقناعهم في كلّ مرّة بأنّ حبيب علي هو حبيب الله، والذي يبغض عليّاً هو منافق يبغضهُ الله.
ولكن هيهات لتلك الأحاديث أن تغوص في أعماق تلك النّفوس التي ما عرفتْ الحقّ حقّاً إلاّ لفائدتها، وما عرفت الصّواب صواباً إلاّ إذا صدر عنها.
ولذلك وقف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا عرف بأنّها هي الفتنةُ التي جعلها الله في هذه الأُمّة; ليبتليها بها كما ابتلى سائر الأُمم السّابقة، قال تعالى: {ألم * أحَسِبَ النَّاسُ أنْ يُـتْرَكُوا أنْ يَـقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ}(1).
وقد حذّر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أُمّته منها في مرّات متعدّدة، حتى قام في يوم من الأيام واتّجه إلى بيتها وقال: "ههنا الفتنة، ههنا الفتنة حيث يطلع قرن الشيطان"، وقد أخرج البخاري في صحيحه في باب ما جاء في بيوت أزواج النبي، قال: عن نافع، عن عبد الله (رضي الله عنه)، قال: قام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة فقال: "ههنا الفتنة ـ ثلاثاً ـ من حيث يطلع قرن الشيطان"(2).
كما أخرج مسلم في صحيحه أيضاً عن عكرمة بن عمّار، عن سالم، عن ابن عمر قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بيت عائشة، فقال: "رأس الكفر من ههنا من حيث يطلعُ قرنُ الشيطان"(3).
ولا عبرة بالزّيادة التي أضافوها بقولهم: يعني المشرق، فهي واضحة الوضع; ليخفّفوا بها عن أم المؤمنين، ويبعدوا هذه التهمة عنها.
وقد جاء في "صحيح البخاري" أيضاً، قال: لما سارَ طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة، بعث علي عمّار بن ياسر وحسن بن علي، فقدما علينا الكوفة فصعدا المنبر، فكان الحسنُ بن علي فوق المنبر في أعلاه، وقام عمّار أسفل من الحسن فاجتمعنا إليه، فسمعتُ عمّاراً يقول: إن عائشة قد سارت إلى البصرة، ووالله إنّها لزوجة نبيّكم (صلى الله عليه وآله وسلم) في الدنيا والآخرة، ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلَم إيّاه تطيعون أمْ هي(4).
الله أكبر، فهذا الخبر يدلّ ـ أيضاً ـ أنّ طاعتها معصية لله، وفي معصيتها هي والوقوف ضدّها طاعةً لله.
كما نلاحظ أيضاً في هذا الحديث أنّ الرواة من بني أُميّة أضافوا عبارة "والآخرة"، في: (أنها لزوجة نبيّكم في الدنيا والآخرة) ليموّهوا على العامّة بأنّ الله غفر لها كلّ ذنب اقترفتْهُ، أدخلها جنّته، وزوجها حبيبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإلاّ من أين عَلِمَ عمَّار بأنّها زوجته في الآخرة؟
وهذه هي آخر الحيل التي تفطّن لها الوضّاعون من الروّاة في عهد بني أُميّة، عندما يجدون حديثاً جرى على ألسنة النّاس فلا يمكنهم بعدُ نكرانه ولا تكذيبه، فيعمدون إلى إضافة فقرة إليه أو كلمة أو تغيير بعض ألفاظه; ليخفّفوا من حدّته أو يُفْقدوه المعنى المخصوص له، كما فعلوا ذلك بحديث "أنا مدينة العلم وعلي بابها" الذي أضافوا إليه: وأبو بكر أساسها، وعمر حيطانها، وعثمان سقفها!!
وقد لا يخفى ذلك على الباحثين المنصفين، فيبطلون تلك الزيادات التي تدلّ في أغلب الأحيان على سخافة عقول الوضّاعين، وبُعدهم عن حكمة ونور الأحاديث النبويّة، فيلاحظون أنّ القول بأنّ أبا بكر أساسها، معناه أنّ علم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كلّه من علم أبي بكر، وهذا كفْرٌ. كما أنّ القول بأنّ عمر حيطانها، فمعناه بأنّ عمر يمنع الناس من الدخول للمدينة، أعني يمنعهم من الوصول للعلم، والقول بأن عثمان سقفها، فباطل بالضرورة; لأنه ليس هناك مدينة مسقوفة وهو مستحيل.
كما يلاحظون هنا بأنّ عمّاراً يقسم بالله على أنّ عائشة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الدنيا والآخرة، وهو رجم بالغيب، فمن أين لعمّار أن يقسم على شيء يجهله؟ هل عنده آية من كتاب الله، أم هو عهد عهده إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
فيبقى الحديث الصحيح هو إنّ عائشة قد سارت إلى البصرة، وإنّها لزوجة نبيّكم، ولكنّ الله ابتلاكم بها ليعلم إيّاه تُطيعون أم هي.
والحمد لله ربّ العالمين على أن جعل لنا عقولا نُميّزُ بها الحقّ من الباطل، وأوضح لنا السبيل، ثمّ ابتلانا بأشياء عديدة لتكون علينا حجّةً يوم الحساب.

____________
1- العنكبوت: 1 ـ 2.
2- صحيح البخاري 4: 46 كتاب الخمس، باب ما جاء في بيوت أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 4: 46.
3- صحيح مسلم 8: 181، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب الفتنة من المشرق.
4- صحيح البخاري 8: 97 كتاب الفتن.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page