والمهمّ في كلّ ما مرّ بنا من الأبحاث ـ وإن كانت مختصرة ـ أنّ عائشة بنت أبي بكر أُمّ المؤمنين وزوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لم تكن معدودة من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، والذين عصمهم الله من كلّ الذّنوب، وطَهّرهم من كلّ رجس، فأصبحوا بعد ذلك معصومين.
ويكفي عائشة أنّها قضت آخر أيّام حياتها في بكاء ونحيب وحسرة وندامة، تذكر أعمالها فتفيض عيناها، ولعلّ الله سبحانه يغفر لها خطاياها، فهو وحده المطّلع على أسرار عباده، والذي يعلم صدق نواياها، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فلا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السّماء.
وليس لنا ولا لأيّ أحد من النّاس أن يَحكُم بالجنّة أو بالنّار على مخلوقاته، فهذا تكلّفٌ وتطفّلٌ على الله، قال تعالى: {لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَإنْ تُبْدُوا مَا فِي أنفُسِكُمْ أوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ}(1).
وبهذا لا يمكن لنا أن نترضّى عليها ولا أن نلعنها، ولكن لنا أن لا نقتدي بها ولا نُبارك أعمالها، ونتحدّث بكلّ ذلك لتوضيح الحقيقة إلى النّاس، عسى أن يهتدوا لطريق الحقّ.
قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): "لا تكونوا سبّابين ولا لعّانين، ولكن قولوا: كان من فعلهم كذا وكذا لتكون أبلغ في الحجّة"(2).
____________
1- البقرة: 284.
-2 نهج البلاغة2: 185، الخطبة: 206، والمؤلّف نقله بالمضمون
خاتمة البحث
- الزيارات: 878