وتكلّم أحدهم وتعمّد التهريج والاستفزاز فقال : من لا يؤمن بخلافة الرّاشدين سيّدنا أبو بكر وسيّدنا عمر وسيّدنا عثمان وسيّدنا علي (عليه السلام) وسيّدنا معاوية وسيّدنا يزيد رضي الله عنهم فليس بمسلم وإنما هو شيعيّ رافضي عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
استغربت لهذا المنطق المتناقض وقلت : معقول أن يترضى أهل السنة على أبي بكر وعمر وعثمان ولكن على يزيد وأبيه معاوية ، فهذا أمر غريب لم أسمع به إلاّ في الهند ، ففي كل بقعة من الدنيا أهل السنّة يقولون قولتهم الشهيرة " العن يزيد ولا تزيد " ، فكيف يترضى المسلمون في الهند عن يزيد .
التفت إلى الشيخ الكبير عزيز الرحمان وسألته أتوافقون هذا على ما قاله ؟
فقالوا جميعاً : بأنهم متّفقون على ذلك لأنهم صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن يسبّ الصّحابة فهو من الزّنادقة الذين يجب قتلهم .
وعرفت وقتها بأن لا فائدة من مواصلة الحديث معهم وفهمت بأنهم يريدون استفزازي وإثارتي لكي ينتقموا منّي ، ويقتلوني بدعوى سبّ الصحابة إذا أقاموا عليّ شاهدين منهم .
ورأيت في أعينهم شرّاً ، وخفت على نفسي وطلبت من مرافقي السيّد شرف الدين أن يرجعني إلى السيّد الموسوي الذي ينتظرنا مدّعيا أنه سيأتي بنفسه إلينا إذا ما تأخرنا عنه ، وأخرجني السيّد شرف الدين بسرعة وهو يقول إليّ على الدّرج : أسرع يا دكتور قبل أن تحل بنا مصيبة ، وأسرعت مهرولا وراءه وأنا لا أصدّق النّجاة .
ولمّا خرجنا خارج المسجد تنفّس وتنفّست معه ، فاعتذر إليّ على ما وقع وتحسّر كثيراً على هؤلاء الذين كان يعتقد بصلاحهم وغزارة علومهم ، وحمد الله مرّة أخرى على سلامتي منهم ، خرجت من عندهم فرحا بنجاتي وأحسست في داخلي بأني ولدت من جديد ، ولكنّي ساخط متأسف على ما وصلت إليه حالة المسلمين في الهند ، وخصوصاً الذين يتزعّمون مراكز الصّدارة ويتسمّون بالعلماء ، وقلت في نفسي : إذا كان العلماء بهذه الدّرجة من التعصّب الأعمى والجهل المركّب ، فكيف تكون حالة عامّة الناس وجهّالهم الذين لا يعرفون غير لغة الخناجر والسّكاكين(1) .
____________
1- كتاب فسيروا في الأرض ، الدكتور التيجاني : 269 ـ 273 .
ترضي البعض على معاوية ويزيد
- الزيارات: 902