ويقول الدكتور أسعد في بيان السبب الذي دعاه إلى التشيُّع : إن الدافع كان واحداً ليس له ثاني ، وهو رؤيتي ـ بما لا يقبل الشك ، والدليل والبرهان القاطع ـ وجوب اتّباع أهل البيت(عليهم السلام)الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيراً ، فماذا بعد التمعُّن بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبة حجة الوداع : إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسَّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله وعترتي أهل بيتي(1) .
فهذا القول المعروف بحديث الثقلين يرسم المنهاج بإطاره العام ، ثمَّ يخصّص بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه(2) ، وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاَّ أنه لا نبيَّ بعدي(3) ، وغير ذلك الكثير من التوجيهات النبوّيّة التي تضع النقاط على الحروف ، فكلمة " بعدي " توضح أن علياً (عليه السلام) كان وصيّاً للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كما كان هارون ليكون خليفة له وإماماً على الأمة بعده .
وهناك العديد من الروايات الموثَّقة أيضاً في الصحاح ، تشير إلى أن عدد الأئمة(عليهم السلام)اثنا عشر ، وكان علماء أهل السنة على مرّ التأريخ مازالوا في حيرة أمام هذا الرقم الصعب دون أن يجدوا له تفسيراً(4) .
____________
1- تقدَّمت تخريجاته .
2- روى أحمد بن حنبل في مسنده : 4/281 : عن البراء بن عازب قال : كنّا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في سفر ، فنزلنا بغدير خمٍّ ، فنودي فينا : الصلاة جامعة ، وكسح لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تحت شجرتين ، فصلَّى الظهر ، وأخذ بيد علي (عليه السلام) فقال : ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا : بلى ، قال : فأخذ بيد علي ، فقال : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ، اللهم والِ من والاه ، وعادِ من عاداه . قال : فلقيه عمر بعد ذلك فقال له : هنيئاً يا ابن أبي طالب ! أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة .
ورواه أيضاً الحاكم النيسابوري في المستدرك : 3/109 عن زيد بن أرقم مثله ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله .
وروى أحمد بن حنبل أيضاً في مسنده : 1/118 عن سعيد بن وهب ، وعن زيد بن يثيع قالا : نشد علي (عليه السلام) الناس في الرحبة : من سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خم إلاَّ قام ، قال : فقام من قبل سعيد ستة ، ومن قبل زيد ستة ، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعلي (عليه السلام) يوم غدير خم : أليس الله أولى بالمؤمنين ؟ قالوا : بلى ، قال : اللهم من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه .
وهذا الحديث من المتواترات ، وقد ذكرته جلَّ المصادر ، ونذكر منها مايلي :
فضائل الصحابة ، أحمد بن حنبل : 15 ، المصنّف ، ابن أبي شيبة الكوفي : 7/499 ح28 و503 ح55 ، السنن الكبرى ، النسائي : 5/45 ح8148 و134 ح8478 ، مسند أبي يعلى الموصلي : 1/429 ، صحيح ابن حبان : 15/376 ، المعجم الكبير ، الطبراني : 2/357 ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 2/289 ، مجمع الزوائد ، الهيثمي : 1/9 ، ذخائر العقبى ، أحمد بن عبدالله الطبري : 67 .
3- تقدَّمت تخريجاته .
4- المتحوِّلون ، الشيخ هشام آل قطيط : 472 ـ 473 .
السبب الذي دعاني إلى التشيع
- الزيارات: 864