طوبى لطيب شذا بتربة كربلا
فاق العبير ذا وفاق المندلا
تتضوّع الحسنات من نفحاتها
طيباً إذا لثمت بافواه الملا
كرمت فصارت للجباه مساجداً
عظمت فعادت للشفاه مقبّلا
فيها الشفاء لمن أراد شفاءه
أشفى بها الداء العضال المعضلا
يا أرضها فلأنت اشرفُ تربة
طابت فعظّمها الاله وبجّلا
بوركتِ من أرض تسامت رفعة
لا تُرتقى وجلالة لا تُعتلى
أرض تمنّتها السماء بكونها
وتمنّت الأيدي تكون الأرجلا
لتطوف حول ضريح من طافت به
لجلاله أهل السماوات العُلا (١)
وقال :
بان صبري وبان خافي شجوني
واستهلت بالدمع مني جفوني
فاندبي السبط في الطفوف فريدا
قد تخلى من مسعف ومعين
يتمنّى لكي يبلّ غليلا
شربة من مباح ماء معين
فسقاه العدو كأساً دهاقا
من كؤوس الردى وماء النون
ان جدي النبي أشرف خلق الله
ذو الفضل والفخار المبين
وابي المرتضى الوصي علي
وهو رب الامكان والتمكين
والبتول الزهراء بنت رسول الله
امي لأجلها راقبوني
يا ذوي الذاريات والطور والأعراف
والنحل والنساء ونون
فاز من مكّن اليدين من الود
وفازت يداه بالتمكين
فاز بالصدق في الولاء كما فاز
بصدق الولاء نجل السمين
وعليكم من ربك صلوات
وسلام في كل وقت وحين (2)
وقال من قصيدة :
دمع عين يجود غير بخيل
وغرام يقوى بجسم نحيل
ماء عين لم يطف حرّ غرام
وغليل فيه شفاء عليل
كيف يشفى الفؤاد من ألم الحزن
وداء بين الضلوع دخيل
وجوى الحزن لا يزال مقيماً
فيه والصبر مؤذنا بالرحيل
أين صبري إذا ذكرت قتيل
الطف ملقى أكرم به من قتيل
ما ذكرت القتيل إلا وسالت
عبرتي في الخدود كل مسيل
ورأى النسوة الكرائم بدر التمّ
قد غيّبته حجب الأفول
وينادين جدهن رسول الله
يا خير مرسل ورسول
لو ترانا ونحن بين أسير
وجريح دام وبين قتيل
آل ياسين سدتم الخلق طراً
وزكا فرعكم لطيب الأصول
جدكم للهدى مدينة علم
وأبوكم للعلم باب الدخول
قد هدينا بكم ولولا هداكم
ما هتدينا إلى سواء السبيل
وهداكم هو الدليل وقد قام
بهذا الدليل صدق الدليل
من تلقى الولا بحسن قبول
تتلقونه بحسن القبول
تسكنوه وقد نجا من حميم
تحت ظل من الجنان ظليل
حبكم جُنّة له وولاكم
جنة من عذاب يوم مهول
فاز نجل السمين من بعد هذا
مذ توالاكم بخيرٍ جزيل
انتم سؤله وأقصى مناه
ورجاه وغاية المأمول
فعليكم آل النبي صلاة
كل يوم في بكرة وأصيل (3)
وقال :
من لقلب عن الهوى في اشتغال
وللبٍ من الجوى في اشتعال
ما شجاه هجر الحبيب ولا فقد
قرين ولا تغيّر حال
بل شجاه مصاب آل رسول الله
خير الورى واشرف آل
ما أهلّ الشهر المحرم إلا
انهلّ طرفي بمدمع هطال
لكم يا بني علي علاء
في وداد وسؤدد في كمال
ومحل في رفعة ومعالٍ
في تعال وعزة في جلال
وبهاء في بهجة وضياء
في تلال ورونق في جمال
وعليكم من الاله صلاة
جمعة بالغدو والاصال (4)
وله من قصيدة :
فان يبخلوا بالوصل إني مواصل
وبالنفس ان ضنّ الجواد أجودُ
وان عدتم يوماً بما قد بدأتم
من الغدر اني بالوفاء اعود
وان تنقضوا عهد الوداد فانني
مراع لاسباب الوداد ودود
ولا بدع ان أبديتم نقض عهدكم
فقد نقصت لابن النبي عهود
يذاد عن الماء المباح وقد غدا
لكل سباع البر منه ورود
ولست بناس قوله خاطباً بهم
ويعلم ان القول ليس يفيد
ألم تعلموا اني إمام عليكم
واني لله الشهيد شهيد
وان ابي يسقي على الحوض معشرا
ويطرد عنه معشراً ويذود
ولولاه لم يخضرّ للدين عوده
ولا قام للاسلام قط عمود
سلام على الاسلام بعد رعاته
اذا كان راعي المسلمين يزيد
وباتوا ومنهم ذاكر ومسبّح
وداع ومنهم ركع وسجود
إلى ان تفانوا واحداً بعد واحد
لديه فمنهم قائم وحصيد
وظل بارض الطف فرداً وحوله
لآل زياد عدة وعديد
وتنظره شزراً من السمر والقنا
نواظر إلا أنهنّ حديد
والوى على جيش العداة بعزمه
تكاد لها شم الجبال تميد
ففرّ العدى من بأسه خيفة الردى
كما فرّ من بأس الأسود صيود
هوى ثاوياً فوق الثرى ومحله
له فوق آفاق السماء صعود
اليكم بني الزهراء يا من سمت بهم
إلى المجد آباء لهم وجدود
اوجّه وجه المدح مني وكله
قلائد في جيد العلا وعقود
وما قدر مدح قلته في علاكم
ومدحكم في المحكمات عتيد
فيا متن هُم فلك النجاة ومن هُم
هداة وغوث للانام وجود
فإذ كان بدء الفضل منكم تفضلوا
وجودوا على نسل السمين وعودوا
فانتم له ذخر إذا جاء في غد
ومع كل نفس سائق وشهيد
عليكم سلام الله حيث ثناؤكم
حكى نشره ندٌ يضوع وعود
وحيث بكم هبت نسيم ونسمت
هبوب وللعيدان رنّح عود
وازهر من زهر البروج جواهر
وورّد من زهر المروج ورود (5)
وله من قصيدة. رواها الشيخ عبد الوهاب الطريحي في المنتخب ، كما رواها الشيخ فخر الدين الطريحي في منتخبه أيضاً :
كيف اخفي وجدي واكتم شاني
ودموعي تسح من سحب شاني
وفؤادي لا يستفيق غراماً
وهياماً لشدة الخفقان
وجفوني جفون طيب رقادي
واصطباري نأى ووجديَ داني
كيف صبري عن الحسين وقد أودى
قتيلاً باسهم العدوان
كيف انساه بالطفوف فريداً
بعد فقد الانصار والأعوان
أين من يندب الشجاع المحامي
عن حمى الدين فارس الفرسان
ومفيد العفاة يوم طعام
ومبيد العداة يوم طعان
ورأيت في مجموعة حسينية في مكتبة الامام الحكيم العامة برقم ٢٩٢ قسم المخطوطات قصيدة للشيخ محمد بن السمين يرثى بها الشهيد مسلم بن عقيل ، أولها :
أيعذب من وردالجفاء ورود
ليزهر من ورد الوفاء ورود
وله قصيدة في رثاء الحسين عليهالسلام أولها :
لقديم فضلكم العميم فواضل
لعميم فضلكم القديم طوائل (6)
وروى السيد الأمين في الأعيان هذه الجملة من الأشعار ولم يذكر لنا شيئاً من أحواله ، ولما كان شعره قد رواه الشيخ عبد الوهاب الطريحي وهو من أعلام القرن الحادي عشر الهجري ذكرناه هنا. ومن شعره الذي جاء في المنتخب قصيدته التي أولها :
مصاب شهيد الطف جسمي أنحلا
وكدّر من دهري وعيشي ما حلا
وهي ٤٦ بيتاً.
______________
1 ـ عن كتاب المنتخب للشيخ عبد الوهاب ابن الشيخ محمد علي الطريحي النجفي كتبه سنة ١٠٧٦.
2 ـ والقصيدة طويلة تجدونها في منتخب الشيخ الطريحي.
3 ـ رواها الشيخ فخر الدين الطريحي في المنتخب المطبوع بالنجف الأشرف.
4 ـ رواها الشيخ فخر الدين الطريحي في المنتخب.
5 ـ رواها الشيخ فخر الدين الطريحي في المنتخب.
6 ـ هذه القصيدة يمدح بها الائمة الاثنا عشر صلوات الله عليهم ويرثى الحسين خاصة ، رأيتها في مجموعة حسينية مخطوطة في مكتبة الامام الحكيم العامة برقم ٢٩٢ قسم المخطوطات.
محمد بن السمين الحلّي
- الزيارات: 1396