• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مناظرة الكاتب الأستاذ إدريس الحسني المغربي مع بعضهم في معاوية والحجّاج

قال الأستاذ إدريس الحسيني(1) : جاءني يوماً أحد أصدقائي الطلبة ، يسألني عن معاوية وقتاله لعلي (عليه السلام) في صفين ، وقبل أن أباشر في الجواب نطق أحد الحاضرين قائلا : اللعنة عليه ، فخزرت فيه ، ثم قلت : أعوذ بالله ، لماذا تلعنه ؟
قال : لأنه قاتل علياً (عليه السلام)(2) .
قلت له : ومع ذلك ، فإن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : لا تسبّوا أصحابي .
وبهذه الكلمة البائسة الغبيّة المصحوبة بتماوج كاريكاتوري يختزل وقاراً مصطنعاً .. استطعت أن أسكت صديقنا(3) .
قال إدريس الحسيني في موضع آخر : وذات مرَّة قلت لأحد المشائخ الكبار : عجباً ! لست أدري كيف يقبل المسلمون بأمثال الحجاج بن يوسف الثقفي ، ذلك السفاح ، ما وقَّر عالماً ولا عاميّاً ؟(4)
فقال شيخنا الموقَّر : أعوذ بالله ، نحن السنة والجماعة نعتقد في إيمانه وإسلامه ، وقد قال فيه العلماء خيراً رغم كل ذلك ، فهو من الصالحين ، لأنه شكل القرآن ؟(5) .
ويقول السيد إدريس الحسيني في كتابه القيِّم ( لقد شيَّعني الحسين (عليه السلام) )
في سبب تشيُّعه وأخذه بمذهب أهل البيت(عليهم السلام) : ما إن خلصت من قراءة مذبحة كربلاء بتفاصيلها المأساويّة حتى قامت كربلاء في نفسي وفكري ، ومن هنا بدأت نقطة الثورة ; الثورة على كل مفاهيمي ومسلَّماتي الموروثة ; ثورة الحسيني (عليه السلام) داخل روحي وعقلي ، إلى أن يقول : فكربلاء مدخلي إلى التأريخ ، إلى الحقيقة ، إلى الإسلام ، فكيف لا أجذب إليها جذبة صوفي رقيق القلب ، أو جذبة أديب مرهف الشعور ؟! وتلك هي المحطة التي أردت أن أنهي بها كلامي عن مجمل معاناة آل البيت(عليهم السلام) ، وظروف الجريمة التأريخية ضدَّ نسل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو : من قتل الحسين (عليه السلام) ؟ أو بتعبير أدقّ من قتل من ؟ نحن لا نشك في أن مقتل الحسين (عليه السلام) هو نتيجة وضع يمتدُّ بجذوره إلى السقيفة ، إلى أخطر قرار صدر بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكان ضحيَّته الأولى : آل البيت(عليهم السلام) ، ونلاحظ من خلال حركة التاريخ الإسلامي أن محاولة تهميش آل البيت ، وقمع رموزهم بدأ منذ السقيفة ، ورأيي لو جازف الإمام علي وفاطمة الزهراء (عليهما السلام) لكان فعلا أحرقوا عليهم الدار ، ولكان شيء أشبه بعاشوراء وكربلاء الحسين (عليه السلام)(6) .
والجدير بالذكر هنا هو ما أنشده القاضي أبو بكر بن أبي قريعة ( المتوفَّى 367 ) في هذا المعنى ، حيث يقول :
يَا مَنْ يُسَائِلُ دائباً     عن كلِّ مُعضِلَة سخيفه
لاَ تَكْشِفَنَّ مُغَطَّأً     فَلَرَبَّما كَشَّفْتَ جِيْفَه
وَلَرُبَّ مَستُور بَدَا     كالطبلِ مِنْ تَحْتِ القطيفه
إِنَّ الجَوَابَ لَحَاضِرٌ     لكنَّني أُخفِيْهِ خِيْفَه(7)
لو لا اعتذارُ رَعِيَّة     ألغى سِيَاسَتَها الخليفه
وَسُيُوفُ أعْدَاء بها     هَامَاتُنا أبداً نقيفه
لَنَشَرْتُ مِنْ أَسْرَارِ     آلِ محمَّد جُمَلا طريفه
تُغنِي بِها عمَّا رَوَاهُ     مَالِكٌ وأبو حنيفه
وَأَرَيْتُكُمْ أَنَّ الحُسَيْنَ     أُصيِبَ في يَوْمِ السقيفه
وَلاَِيِّ حَال أُلْحِدَتْ     باللَّيلِ فَاطِمَةُ الشريفه
وَلِما حَمَتْ شَيْخَيْكُمُ     عَنْ وَطْيِ حُجْرَتِها المنيفه
آه لِبِنْتِ محمَّد     ماتت بِغُصَّتِها أسيفه(8)








____________
1- هو : الأستاذ الكاتب والصحافي السيّد إدريس بن محمّد بن أحمد العشاقي المغربي الحسيني الإسماعيلي ، من نسل إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ، من مواليد نكسة 1967 ، بمدينة مولاي إدريس ، ويحضر حالياً بحوث الخارج في الحوزة العلميّة في منطقة السيِّدة زينب (عليها السلام)في الشام ، وله عدة مؤلَّفات منها : كتاب لقد شيَّعني الحسين (عليه السلام) ، وكتاب الخلافة المغتصبة ، وله كتاب رد على أحمد الكاتب ( المتحوِّلون : 265 ـ 266 ) .
2- قال ابن أبي الحديد : وكان معاوية على أسّ الدهر مبغضاً لعلي (عليه السلام) ، شديد الانحراف عنه ، وكيف لا يبغضه ، وقد قتل أخاه حنظلة يوم بدر ، وخاله الوليد بن عتبة ، وشرك عمَّه في جدِّه وهو عتبة ، أو في عمِّه وهو شيبة ، على اختلاف الرواية ، وقتل من نبي عمِّه عبد شمس نفراً كثيراً من أعيانهم وأماثلهم ، ثمَّ جاءت الطامة الكبرى واقعة عثمان ، فنسبها كلها إليه بشبهة إمساكه عنه ، وانضواء كثير من قتلته إليه (عليه السلام) ، فتأكَّدت البغضة ، وثارت الأحقاد ، وتذكرت تلك الترات الأولى ، حتى أفضى الأمر إلى ما أفضى إليه .
وقد كان معاوية مع عظم قدر علي (عليه السلام) في النفوس ، واعتراف العرب بشجاعته ، وأنه البطل الذي لا يقام له يتهدَّده ـ وعثمان بعد حيٌّ ـ بالحرب والمنابذة ، ويراسله من الشام رسائل خشنة .
إلى أن قال : ومعاوية مطعون في دينه عند شيوخنا ، يرمى بالزندقة ، وقد ذكرنا في نقض السفيانية على شيخنا أبي عثمان الجاحظ ما رواه أصحابنا في كتبهم الكلاميّة عنه من الإلحاد والتعرُّض لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وما تظاهر به من الجبر والإرجاء ، ولو لم يكن شيءٌ من ذلك لكان في محاربته الإمام (عليه السلام) ما يكفي في فساد حاله ، لا سيما على قواعد أصحابنا ، وكونهم بالكبيرة الواحدة يقطعون على المصير إلى النار والخلود فيها ، إن لم تكفِّرها التوبة . شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد 1/338 ـ 340 .
3- كتاب لقد شيعني الحسين (عليه السلام) ، الكاتب والصحفي إدريس الحسيني : 46 .
4- راجع جملة من أخبار الحجاج في التأريخ وموبقاته بعد هذه المناظرة .
5- كتاب لقد شيَّعني الحسين (عليه السلام) ، الكاتب إدريس الحسيني : 49 .
6- نفس المصدر : 315 و317 .
7- كشف الغمة ، الإربلي : 2/127 ـ 128 .
8- كتاب الوافي بالوفيات ، الصفدي : 3/227 ـ 228 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page