• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

معاملة الصحابة لأوامر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد وفاته


تضييعهم سنّة النبىّ (صلى الله عليه وآله وسلم)
أخرج البخاري في جزئه الأوّل في باب تضييع الصّلاة.. عن غيلان قال أنس بن مالك: ما أعرفُ شيئاً ممّا كان على عهدِ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)! قيل: الصّلاةُ، قال: أليسَ ضيّعتُم ما ضيّعتُم فيها.
وقال: سمعت الزهري يقول: دخلتُ على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي، فقلتُ له: ما يُبكيك؟ قال: لا أعرف شيئاً ممّا أدركتُ إلاّ هذه الصّلاة، وهذه الصّلاة قد ضُيّعَتْ. (صحيح البخاري 1: 134).
كما أخرج البخاري في جزئه الأوّل في باب فضل صلاة الفجر في جماعة قال: حدّثنا الأعمش قال: سمعت سالماً قال: سمعتُ أُمّ الدرداء تقولُ: دخل علىَّ أبو الدردَاء وهو مُغضَبٌ، فقلت: ما أغضبك؟ فقال: واللّهِ ما أعرفُ من أُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئاً إلاّ أنّهم يصلّون جميعاً. (صحيح البخاري 1: 159).
وأخرج البخاري في جزئه الثاني في باب الخروج إلى المصلّى بغيرمنبر، عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلّى، فأوّل شيء يبدأ به الصّلاة، ثمّ بعد ذلك يعظ النّاس، فلم يزل النّاس على ذلك حتّى خرجتُ مع مروان، وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر، فأراد أن يرتقي المنبر قبل أن يُصلّي، فجذبتُ بثوبه، فجذبني فارتفع فخطب قبل الصّلاة، فقلت له: غيّرتم والله، فقال: أبا سعيد قد ذهب ماتعلم، فقلت: ما أعلَمُ والله خيرٌ ممّا لا أعلم، فقال: إنّ الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصّلاة، فجعلتها قبل الصّلاة. (صحيح البخاري 2:4).
إذا كان الصحابة في عهد أنس بن مالك، وعلى عهد أبي الدرداء، وفي حياة مروان بن الحكم، وهو عهد قريب جدّاً بحياة الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ; يغيّرون سنن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويضيّعون كلّ شيء حتّى الصّلاة ـ كما سمعت ـ، ويقلّبون سنن المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) لمصالحهم الخسيسة، وهي أنّ بني أُمية اتخذوا سنّة سبّ ولعن علي وأهل البيت على المنابر بعد كلّ خطبة، فكان أكثر النّاس في عيد الفطر والأضحى عندما تنتهي الصّلاة يتفرّقون، ولا يحبّون الاستماع إلى الإمام يلعن عليّ بن أبي طالب وأهل البيت، ولذلك عمد بنو أُميّة إلى تغيير سنّة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقدّموا الخطبة على الصّلاة في العيدين; ليتسنّى لهم سبّ ولعن علي بمحضر المسلمين كافّة، ويُرغِمُون بذلك أُنوفَهم، وعلى رأس هؤلاء معاوية بن أبي سفيان، فهو الذي سنَّ لهم تلك السنّة التي أصبحتْ عندهم من أعظم السنن التي يتقرّبون بها إلى الله، حتى إنّ بعض المؤرّخين حكى أنّ أحد أئمّتهم أتَمَّ خطبتَه في يوم الجمعة، ونَسيَ لعن علي وهمّ بالنزول للصّلاة، فإذا النّاس يتصايحون من كلّ جانب: تركت السُنّة! نسيت السُنّة! أين هي السنّة؟!
نعم، وللأسف فهذه البدعة التي ابتدعها معاوية بن أبي سفيان بقيت ثمانين عاماً متداولة على منابر المسلمين، وبقيت آثارها حتّى اليوم، ومع ذلك فأهل السنّة والجماعة يترضّون على معاوية وأتباعه، ولا يطيقون فيه نقداً ولا تجريحاً بدعوى احترام الصّحابة؟!!
والحمد لله فإنّ الباحثين المخلصين من أُمّة الإسلام بدأوا يعرفون الحقّ من الباطل، وبدأ الكثير منهم يتخلّص من عقدة الصّحابة التي ما كوَّنها إلاّ معاوية وأشياعه وأتباعه، وأهل السنّة والجماعة بدأوا يفيقون لِهذا التناقض الشنيع، في الوقت الذي يُدافعُون فيه عن الصّحابة أجمعين حتّى يلعنوا من انتقص واحداً منهم. وإذا قُلتَ لهم: إنّ لعنكم هذا يشمل معاوية بن أبي سفيان، لأنّه سبّ ولعن أفضلُ الصّحابة على الإطلاق، وهو يقصد بالطبع سبّ رسول الله الذي قال: "من سبّ علياً فقد سبّني ومن سبّني فقد سبّ الله"(1).
عند ذلك يتلجلجون ويتلكّؤون في الجواب، ويقولون أشياء إن دلّتْ على شيء فلا تدلّ إلاّ على سخافة العقول والتعصّب الأعمى المقيت، يقول بعضهم مثلا: هذه أكاذيب من موضوعات الشيعة! والبعض الآخر يقول: هم صحابة رسول الله، ولهم أن يقولوا في بعضهم ما شاؤوا، أمّا نحنُ فلسنا في مُستَواهم لكي ننتقدهم!!
سبحانك اللهمّ وبحمدك! لقد أوقفني كلامك في القرآن الكريم على حقائق كان من الصعب علىّ فهمها والاعتقاد بها، وكنت كلّما قرأتُ: {وَلَقَدْ ذَرَأنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الجِنِّ وَالإنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا اُوْلَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ اُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ}(1).
أتعجّبُ في نفسي وأقول: كيف يكون ذلك؟ أيمكن أن يكون الحيوان الأبكم أهدى من هذا الإنسان؟! أيمكن أن ينحتَ الإنسانُ حجراً ثمّ يعبدُهُ ويطلب منه الرزق والمعونة؟ ولكن والحمد لله زال عجبي عندما تفاعلتُ مع النّاس، وسافرت إلى الهند، ورأيتُ العجب العجاب، رأيت دكاترة في علم التشريح يعرفون خلايا الإنسان ومكوّناته، ولا يزالون يعبدون البقر، ولو اقترف هذا الإثم الجاهلون من الهندوس لكان عذرهم مقبول، ولكن أن ترى النخبة المثقّفة منهم يعبدون البقر والحجر والبحر والشمس والقمر فما عليك بعد ذلك إلاّ أن تسلّم وتفهم مدلول القرآن الكريم بخصوص البشر الذين هم أضلّ من الحيوان!!

____________
1- تاريخ دمشق 42: 533، الجامع الصغير للسيوطي 2: 608 ح8736، نظم درر السمطين: 105، وروي صدره فقط في المستدرك 3: 121 وصحّحه ووافقه الذهبي على تصحيحه، السنن الكبرى للنسائي 5: 133، مسند أحمد 6: 323، عنه مجمع الزوائد 9: 130 وقال: "رجاله رجال الصحيح غير أبي عبد الله الجدلي وهو ثقة".
وكذلك الحديث الذي مرّ عليك آنفاً في هامش ص 131.
وقد سب معاوية بن أبي سفيان ومن تبعه علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقد أخرج ابن ماجة في سننه عن سعد بن أبي وقاص قال: "قدم معاوية في بعض حجاته فدخل عليه سعد، فذكروا علياً، فنال منه، فغضب سعد وقال: تقول هذا لرجل سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول فيه: "من كنت مولاه فعلي مولاه"، وسمعته يقول: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي"، وسمعته يقول: "لأعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله".
وعلّق الشيخ الألباني عليه بقول: "فنال منه"، أي نال معاوية من علي وتكلّم فيه". راجع صحيح سنن ابن ماجة للألباني 1: 76 ح120.
وقال الشيخ عبد الباقي في تعليقه على سنن ابن ماجه: "قوله (فنال منه) أي نال معاوية من علي ووقع فيه وسبّه" سنن ابن ماجه تحقيق الشيخ عبد الباقي 1: 82 ح121.
وقد مرّ عليك حديث أُم سلمة في ص 131 عندما اعترضت عليهم بأنّ الرسول يسبّ فيهم لأنّهم يسبّون علياً ومن يحبه، ورسول الله كان يحبه.
وأخرج مسلم في صحيحه 4: 1490 كتاب الفضائل، باب فضائل علي بن أبي طالب، عن سعد بن أبي وقاص قال: "أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟
فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلن أسبّه.. سمعت رسول الله يقول له، خلفه في بعض مغازيه فقال له علي: "يا رسول الله! خلفتني مع النساء والصبيان"؟ فقال له رسول (صلى الله عليه وآله وسلم): "أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي".. وسمعته يقول يوم خيبر: "لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله، ويُحبُّه الله ورسوله".
وعند ترتّب القضايا السابقة وهي: أن معاوية كان يسبّ علياً كما ذكر ذلك ابن ماجة بسند صحيح كما ذكر الألباني.
وأنّ سابّ علياً، أو ساب من يحبّه يكون ساباً لله كما ذكر ذلك الألباني وصححه.
وأنّ الله يحبّ علياً كما هو واضح; لأنّ مسلماً أخرج ذلك في صحيحه.
فعند ترتيب هذه الأُمور يتّضح بلا أدنى شكّ أنّ معاوية بن أبي سفيان كان يسب الله سبحانه وتعالى، وقد اتفق عموم المسلمين على أنّ ساب الله كافر سواء كان سبه عن جد أو هزل. راجع المغني لابن قدامة 10: 113، المحلي لابن حزم 11: 411 وغيرها.
إذن معاوية بن أبي سفيان يكون كافراً بنصّ أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأقواله.
وهذا الحكم على معاوية بن أبي سفيان لابدّ أن يلتزم به الشيخ الألباني طبقاً لمبانيه; لأنّه لم يلتزم بعدالة عموم الصحابة، بل حكم على بعضهم بأنّهم في النار تبعاً لأحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد ذكر تحت حديث: "قاتل عمّار وسالبه في النار"، أنّ أبا الغادية الجهني (واسمه يسار بن سبع)، وهو صحابي، وهو قاتل عمّار، وبما أنّه صحّ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ قاتل عمار في النار، فيكون أبو الغادية الجهني من أهل النار مع أنّه صحابي، قال الشيخ الألباني في صحيحته 5: 18 ح2008بعد تصحيحه حديث (قاتل عمّار وسالبه في النار، قال: ".. وأبو الغادية هو الجهني، وهو صحابي كما أثبت ذلك جمع... وجزم ابن معين أنّه قاتل عمار.. لا يمكن القول بأنّ أبا غادية القاتل لعمار مأجور لأنه قتله مجتهداً، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "قاتل عمّار في النار"، فالصواب أن يقال: إنّ القاعدة صحيحة إلاّ ما دلّ الدليل القاطع على خلافها، فيستثنى ذلك منها، كما هو الشأن هنا، وهذا خبر من ضرب الحديث الصحيح بها..." ومراد من القاعدة هي: إنّ جميع الصحابة مجتهدون، والله راض عنهم.. الخ.
فهنا على كلام الشيخ الألباني يلزم إخراج معاوية من القاعدة والحكم بكونه من أهل النار، وإلاّ يلزم ضرب الأحاديث الصحيحة والتي صحح جميعها بالقاعدة، وهو لا يقبل ذلك بل يقول: بلزوم تقديم الحديث الصحيح على القاعدة!!


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page