قلت : حسناً ، هذه اقتنعت بها .. لننتقل إلى الثانية : إنكم تعبدون عليّاً وتقدِّسونه ، أليس كذلك ؟
قالت : ألم تقرأي قول الله سبحانه وتعالى : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ}(1) وقوله : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ}(2) ، وقوله : {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}(3) ؟
قلت : بلى ، أعرف هذه الآيات .
قالت : فأين هو علي ؟ فالقرآن نفسه عندنا وعندكم ، ويقول بأن محمّداً هو رسول الله ، فمن أين جاء هذا الاتّهام الباطل ؟
قلت : هذه أقنعتيني بها ، فماذا عن خيانة جبرئيل ؟
قالت : حاشاه ، هذه أقبح من الأولى ، لأن محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) كان عمره أربعين سنة عندما أرسل الله سبحانه إليه جبرئيل (عليه السلام) ، ولم يكن عليٌّ إلاَّ صبيّاً صغيراً ، عمره ست أو سبع سنوات ، فكيف يخطىء جبرئيل ، ولا يفرِّق بين محمَّد الرجل وعليٍّ الصبيّ ؟!
فقلت : هذا منطقيٌّ جدّاً ، كيف لم نحلِّل نحن بهذا المنطق ؟
أضافت : إن الشيعة هي الفرقة الوحيدة من بين كلِّ الفرق الإسلاميَّة الأخرى ، التي تقول بعصمة الأنبياء والأئمّة ، فإذا كان أئمّتنا عليهم سلام الله معصومين عن الخطأ وهم بشر مثلنا ، فكيف بجبرائيل وهو ملك مقرَّب ، سمَّاه الربُّ الروح الأمين ؟!
فاحترت وتلكَّأت ، وقلت في نفسي : قبل أن نسألهم عن اختلافهم عنّا في اعتقاداتهم ، لنسأل أنفسنا نحن السنة : لماذا تتعدَّد مذاهبنا وتختلف فيما بينها ؟
قلت : إذن كل ما يقال عنكم افتراء ؟
قالت : سامحكم الله .
اعتذرت منها لضيق الوقت ، وودَّعتها طالبة منها زيارتي في القريب العاجل ; لأنني تلهَّفت كثيراً لسماع المزيد من ردود الشيعة على الأقاويل التي يدانون بها .
فشكرتني وتمنَّت هي بدورها لي الخير والهداية ، فقلت في نفسي بعدما مشيت خطوات عدّة : هل سيأتي يوم وأصبح فيه شيعيَّة ؟ ثمَّ استبعدت الفكرة ، وقلت : لا ، هكذا كان آباؤنا وأجدادنا ، فهل من المعقول أن يكونوا كلُّهم على ضلال ؟ وهل أنا الوحيدة في عائلتي سأكون على نور وبيِّنة ؟ لا ، لا .. هذا مستحيل ، أستغفر الله وأتوب إليه .
____________
1- سورة الفتح ، الآية : 29 .
2- سورة الأحزاب ، الآية : 40 .
3- سورة آل عمران ، الآية : 144 .
بعض المفتريات على الشيعة
- الزيارات: 839