طباعة

التوسل وتعظيم الأولياء ليسا من الشرك في شيء

فوافق أيضاً ، وبدأ الحوار والجميع يستمع ، قلت : ما تقولون في الله خالق الكون وصفاته ؟
قال : نحن نقول : لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له ، ولا تجوز عبادة غيره .
قلت : وهل يختلف اثنان من المسلمين في ذلك ؟
قال : الجميع يقول بذلك ، ولكن تطبيقهم خلاف قولهم ; إذ أنهم في الواقع مشركون ; لأنهم يتوسَّلون بالأموات ، ويخضعون لغير الله ، ويشركون به في طلب الحاجات ، والخضوع لغير الله ، وغيرها من الأشياء التي ذكرتها تعني عبادة غيره تعالى .
قلت : حسناً ، طالما الجميع يقول بأن الله واحد أحد فرد صمد ، ولا يجوز عبادة غيره بأيِّ حال من الأحوال فهذا جَيّد ، ويخرج الجميع من دائرة الشرك ، إلاَّ اذا ثبت لدينا بالدليل القاطع أنهم يعبدون غير الله ، أو يشركون بعبادته أحداً ، حينها يكونون مشركين .
أمَّا ما يفعلونه من أفعال مثل التوسُّل وتعظيم الأولياء واحترامهم فهذا ليس من الشرك في شيء ; لأن العبادة تعني الخضوع والتذلُّل لمن نعتقد أنه إله مستقلّ في فعله لا يحتاج إلى غيره ، أمَّا مجرَّد الخضوع والتذلُّل والاحترام فلا يعتبر عبادة ، وقد أمرنا به القرآن ; كالتذلُّل للوالدين والمؤمنين ، بل إن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم (عليه السلام) ، بناء على ذلك لا يكون احترام الأولياء وزيارة قبورهم والتوسُّل بهم وتعظيمهم شركاً بالله ; لأنهم لا يرون أن هؤلاء آلهة مستقلّون عن الله ، بل هم عباد أكرمهم الله بفضله ، فعطاؤهم من الله ، وليس لهم قدرة ذاتيّة مستقلّة .
قال : ولماذا لا يسألون الله مباشرة ؟ هل هناك مانع وهو القائل : {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}(1) ؟
قلت : أيضاً قال تعالى : {وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ}(2) ، ثمَّ إنك عندما تمرض لماذا تذهب إلى الدكتور ؟ ألم يقل الله تعالى في كتابه : {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}(3) ؟ أليس من أسمائه الشافي ؟
قال : هذه ضرورة في الحياة .
قلت : أيضاً تلك سنّة ، وسبب به تبتغى الحاجات ، والتفتُّ إلى الحاضرين وقلت : هل تجدون في كلامي هذا خطأ ؟
فأقرُّوا بما قلت ، وزاد أحدهم ـ وكان صوفيّاً ـ : هذه الأشياء موجودة من زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وسار عليها الصحابة والتابعون ، وكل المسلمين إلى أن جاء ابن تيميّة وتلميذه محمّد بن عبد الوهاب ببدعهم الجديدة هذه .





____________
1- سورة غافر ، الآية : 60 .
2- سورة المائدة ، الآية : 35 .
3- سورة الشعراء ، الآية : 80 .