التفكّر خير من العبادة
لقد ورد في الحديث الشريف: "تفكّر ساعة خير من عبادة سنة"، ([47]) فأنت قد تعمّر سبعين عاماً تعبد الله فيها ولكن من غير توجّه تام أو تفكّر وتبصّر، ولكنك حين تعبد الله ساعـة لا ينقطع فيها تفكيرك، وتوجّهك، واتصال كيانك بالله من خلال شعورك وعقلك وبدنك، فتلك هي العبادة الحقّة التي ربّما تعادل سنّي عمرك السبعين التي قضيتها في العبادة.
ولا فرصة أعظم وأثمن لبلوغ هذه الساعة من ساعات ليلة القدر، وهنا أوضح لك دليلاً تهتدي به لنيل ثواب هذه الساعة العظيمة؛ توضّأ من أول الليل، ثم اشرع بقراءة سورة القدر ألف مرّة، ثم قم وصلِّ مائة ركعة، واقرأ في كلّ واحدة فيها سورة الإخلاص عشر مرات، وبعد أن تنتهي منها، عليك بدعاء الجوشن الكبير الذي إن قرأته بوعي ومن صميم الروح والقلب بحيث تذوب في معانيه عند قراءته، فإني أضمن لك عند الله الدخول في حفظه في الدنيا، والتحصّن بحصنه في الآخرة.
ثم عليك بعد ذلك بالدعاء لمولانا الإمام المنتظر صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف، وعندما تفرغ من الدعاء له، توجّه الى حيث سيّد الشهداء عليه السلام وأنت تعرف مقامه وعظم مصابه، فليكن توجّهك مساوياً لهذه المعرفة وذلك المقام العظيم، ولتكن منكراً في قلبك لما علمته من مصابه الأليم.
وكلّ هذه الأعمال إنّما هي مقدّمات ووسائل، فإن كنت قد أدّيتَ هذه الأعمال بشكل روتيني ومن غير اندماج وتفاعل، وبلا روح ولا مناعة ولا تفكّر ولا توجّه، فإنّ حالك سوف لا يختلف عن حال الحجر والصخر، وهذا هو الواقع!!
______________________________ ([47]) بحار الأنوار، ج68، ص327.