• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

فاطمة (عليها السلام) بضعة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والرّسول يغضب لغضبه


أخرج البخاري في صحيحه من الجزء الرّابع من كتاب بدء الخلق في باب منقبة فاطمة (عليها السلام) بنت النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: حدّثنا أبو الوليد، حدّثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة، أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني".
وإذا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يغضب لغضب بضعته الزهراء، ويتأذّى بأذاها، فمعنى ذلك أنّها معصومة عن الخطأ، وإلاّ لما جاز للنّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول مثل هذا ; لأنّ الذي يرتكب معصية يجوز ايذاؤه وإغضابه مهما علت منزلته; لأنّ الشرع الإسلامي لا يراعي قريباً ولا بعيداً، شريفاً أو وضيعاً، غنيّاً أو فقيراً.
وإذا كان الأمر كذلك، فما بال أبي بكر يؤذي الزهراء ولا يبالي بغضبها، بل يغضبها حتى تموت وهي واجدةٌ عليه، بل ومهاجرته فلم تكلّمه حتى توفيت، وهي تدّعي عليه في كلّ صلاة تصلّيها، كما جاء ذلك في تاريخ ابن قتيبة وغيره من المؤرّخين؟!
نعم، إنّها الحقائق المرّة، الحقائق المؤلمة التي تهزّ الأركان وتزعزع الإيمان; لأنّ الباحث المنصف المتجرّد للحقّ والحقيقة لا مناص له من الاعتراف بأنّ أبا بكر ظلم الزهراء واغتصب حقّها، وكان بإمكانه وهو خليفة المسلمين أن يُرضيها ويعطيها ما ادّعت; لأنّها صادقة والله يشهد بصدقها، والنّبي يشهد بصدقها، والمسلمون كلّهم بما فيهم أبو بكر يشهدون بصدقها، ولكنّ السيّاسة هي التي تقلّب كلّ شيء، فيصبح الصّادق كاذباً، والكاذب صادقاً.
نعم، إنّه فصل من فصول المؤامرة التي حيكت لإبعاد أهل البيت عن المنصب الذي اختاره الله لهم، وقد بدأت بإبعاد علي عن الخلافة، واغتصاب نحلة الزّهراء وإرثها، وتكذيبها واهانتها حتّى لا تبقى هيبتها في قلوب المسلمين، وانتهت بعد ذلك بقتل علي والحسن والحسين وكلّ أولادهم، وسُبيت نساؤهم، وقُتل شيعتهم ومحبّوهم وأتباعهم، ولعلّ المؤامرة متواصلة ولا زالت حتى اليوم، تفعل فعلها وتأتي بثمارها.
نعم، أيّ مسلم حرّ ومنصف سوف يعلم عندما يقرأ كتب التاريخ، ويمحّص الحقّ من الباطل، بأنّ أبا بكر هو أوّل من ظلم أهل البيت، ويكفيه قراءة صحيح البخاري ومسلم فقط لتنكشف له الحقيقة إذا كان من الباحثين حقّاً.
فها هو البخاري وكذلك مسلم يعترفان عفواً بأنّ أبا بكر يصدّق أيّ واحد من الصّحابة العادّيين في ادّعائه، ويكذّب فاطمة الزهراء سيّدة نساء أهل الجنّة، ومن شهد لها الله بإذهاب الرّجس والطّهارة، وكذلك يكذّب عليّاً وأم أيمن، فاقرأ الآن ما يقوله البخاري ومسلم:
أخرج البخاري في صحيحه من الجزء الثالث من كتاب الشّهادات باب من أمر بإنجاز الوعد.
ومسلم في صحيحه من كتاب الفضائل باب ما سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئاً قط فقال لا، وكثرة عطائه.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم قال: لمّا ماتَ النبىّ (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء أبا بكر مالٌ من قبل العلاء بن الحضرمىّ، فقال أبو بكر: من كان له على النّبىّ (صلى الله عليه وآله وسلم) دينٌ أو كانتْ له قِبلَهُ عِدَةٌ فليأتنا، قال جابر: فقلتُ: وعدني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يعطيني هكذا وهكذا وهكذا، فبسط يديه ثلاث مرّات، قال جابر: فعدّ في يدىّ خمسمائة ثمّ خمسمائة ثمّ خمسمائة.
فهل من سائل لأبي بكر يسأله: لماذا صدّق جابر بن عبد الله في ادّعائه بأنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعده أن يعطيه هكذا وهكذا وهكذا، فيملأ أبو بكر يديه ثلاثة مرّات بما قدره ألف وخمسمائة، بدون أن يطلب منه شاهد واحد على ادّعائه؟
وهل كان جابر بن عبد الله أتقى لله وأبرّ من فاطمة سيّدة نساء العالمين؟ والأغْرب من كلّ ذلك هو ردّ شهادة زوجها علي بن أبي طالب الذي أذهب الله عنه الرّجس وطهّره تطهيراً، وجعل الصّلاة عليه فرضٌ على كلّ المسلمين، كما يُصلّى على النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والذي جعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حبّه إيمان وبغضه نفاق(1).
أضف إلى ذلك بأنّ البخاري نفسه أخرج حادثة أُخرى تعطينا صورة حقيقية عن ظلم الزهراء وأهل البيت.
فقد أخرج البخاري في صحيحه في باب لا يحلّ لأحد أن يرجع في هبته وصدقته من كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، قال: إنّ بني صهيب مولى ابن جدعان ادّعوا بيتين وحُجرة، وأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعطى ذلك صُهيباً، فقال مروان: من يشهد لكُما على ذلك؟ قالوا: ابن عُمر! فدعاه، فشهد لأعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صهيباً بيتين وحجرةً، فقضى مروان بشهادته لهم(2).
أنظر أيّها المسلم إلى هذه التصرّفات والأحكام التي تنطبق على البعض دون البعض الآخر، أليس هذا من الظلم والحيف؟! وإذا كان خليفة المسلمين يحكم لفائدة المدّعين لمجرّد شهادة ابن عمر، فهل لمسلم أن يتساءل لماذا رُدّتْ شهادة علي بن أبي طالب وشهادة أم أيمن معه؟ والحال أن الرجل والمرأة أقوى في الشهادة من الرجل وحده، إذا ما أردنا بلوغ النّصاب الذي طلبه القرآن.
أم أنّ أبناء صُهيب أصدق في دعواهم من بنت المصطفى (عليها السلام)؟ وأنّ عبد الله بن عمر موثوق عند الحكّام، بينما عليّ (عليه السلام) غير موثوق عندهم؟!
وأمّا دعوى أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يورّث، وهو الحديث الذي جاء به أبو بكر، وكذّبته فاطمة الزهراء وعارضته بكتاب الله، وهي الحجّة التي لا تُدحضُ أبداً; فقد صحّ عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: "إذا جاءكم حديث عنّي فأعرضوه على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله فاعملوا به، وإن خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الجدار"(3).
ولا شكّ أنّ هذا الحديث تعارضه الآيات العديدة من القرآن الكريم، فهل من سائل يسأل أبا بكر، ويسأل المسلمين كافة: لماذا تُقبلُ شهادة أبي بكروحده في رواية هذا الحديث الذي يُناقض النقلَ والعقلَ، ويعارض كتاب الله، ولا تقبلُ شهادة فاطمة وعليّ (عليهما السلام) التي توافق النقل والعقل، ولا تتعارض مع القرآن؟!
أضف إلى ذلك بأنّ أبا بكر مهما علتْ مرتبتُه، ومهما انتحل له مؤيدوه والمدافعون عنه من فضائل، فإنّه لا يبلغ مكانة الزّهراء سيدة نساء العالمين، ولا مرتبة علي بن أبي طالب الذي فضّله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على كلّ الصّحابة في المواطن كلّها، أذكر منها على سبيل المثال يوم إعطاء الرّاية، عندما أقرّ له النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّه يحبّ الله ورسولَه ويحبّه الله ورسولُهُ، وتطاول لها الصّحابة كلٌّ يُرجى أن يُعطاها، فلم يدفعها إلاّ إليه. وقال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليُّ كلّ مؤمن بعدي"(4).
ومهما شكّك المتعصّبون والنّواصب في صحة هذه الأحاديث، فلن يشكّكوا في أنّ الصّلاة على علي وفاطمة هي جزء من الصّلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلا تقبل صلاة أبي بكر وعمر وعثمان والمبشّرين بالجنّة، وكلّ الصّحابة ومعهم كلّ المسلمين، إذا لم يُصلّوا على محمّد وآل محمّد، الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم، كما جاء ذلك في صحاح أهل السنّة من البخاري ومسلم(5)وبقية الصّحاح، حتّى قال الإمام الشافعي في حقّهم "من لم يصلّ عليكم لا صلاة له"(6).
فإذا كان هؤلاء يجوز عليهم الكذب والادعاء بالباطل، فعلى الإسلام السّلام وعلى الدنيا العفا، أمّا إذا سألتَ: لماذا تقبل شهادة أبي بكر وتردّ شهادة أهل البيت؟ فالجواب: لأنّه هو الحاكم، وللحاكم أن يحكم بما يشاء، والحقّ معه في كلّ الحالات، فدعوى القوىّ كدعوى السّباع من النّاب والظّفر بُرهانُهَا.
وليتبين لك أيها القارئ الكريم صدق القول، فتعال معي لتقرأ ما أخرجه البخاري في صحيحه من تناقض بخصوص ورثة النّبي الذي قال حسبما رواه أبو بكر: "نحن معشر الأنبياء لا نورّث ما تركنا صدقة" والذي يصدّقه أهل السنّة جميعاً، ويستدلّون به على عدم استجابة أبي بكر لطلب فاطمة الزّهراء سلام الله عليها.
وممّا يدلك على بطلان هذا الحديث وأنّه غير معروف، أنّ فاطمة (عليها السلام) طالبت بإرثها، وكذلك فعل أزواج النّبي أُمّهات المؤمنين، فقد بعثن لأبي بكر يُطالبنه بميراثهن(7). فهذا ما أخرجه البخاري، وما يُستدلُّ به على عدم توريث الأنبياء.
ولكنّ البخاري ناقض نفسه وأثبت بأنّ عمر بن الخطاب قسّم ميراث النّبي على زوجاته، فقد أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الحرث والمزارعة من باب المزارعة بالشطر ونحوه، عن نافع: أنّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره عن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عَامَل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع، فكان يُعطي أزواجه مائة وسق ثمانون وسق تمر وعشرون وسق شعير، فقسّم عُمر خيبر، فخيّر أزواج النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقطع لهنّ من الماء والأرض، أو يُمضي لهنّ، فمنهنّ من اختار الأرض، ومنهنّ من اختار الوسْقَ، وكانتْ عائشة قد اختارت الأرض.
وهذه الرواية تدلّ بوضوح بأنّ خيبر التي طالبت الزهراء بنصيبها منها كميراث لها من أبيها، وردّ أبو بكر دعوتها بأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يورّث، وهذه الرواية تدلّ أيضاً بوضوح بأنّ عمر بن الخطّاب قسّم خيبر في أيّام خلافته على أزواج النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخيّرهن بين امتلاك الأرض أو الوسق، وكانت عائشة ممّن اختار الأرض، فإذا كان النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يورّث، فلماذا ترث عائشة الزوجة، ولا ترث فاطمة البنت؟!(8).
أفتونا في ذلك يا أُولى الأبصار ولكم الأجر والثواب.
أضف إلى ذلك أنّ عائشة ابنة أبي بكر استولتْ على بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأكمله، ولم تحظ أيّ زوجة أُخرى بما حَظيتْ به عائشة، وهي التي دفنتْ أباها في ذلك البيت، ودفنت عمر إلى جانب أبيها، ومنعتْ الحسين أن يدفن أخاه الحسن بجانب جدّه، ممّا حدى بابن عبّاس أن يقول فيها:
تجمَّلْـت تبغّلـتِ ولو عشـت تفيَّلـتِ    لك التسع من الثمن وفي الكلّ تصرّفت
وعلى كلّ حال فأنا لا أُريد الإطالة في هذا الموضوع، فإنّه لا بدّ للباحثين من مراجعة التاريخ، ولكن لا بأس بذكر مقطع من الخطبة التي ألقتها فاطمة الزهراء (عليها السلام) بمحضر أبي بكر وجلّ الصّحابة; ليهلك من هلك منهم عن بيّنة، وينجو من نجا منهم عن بيّنة. قالت لهم:
"أعَلى عمد تركتُم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم، إذ يقول: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ}(9)، وقال فيما اقتصّ من خبر زكريّا: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً}(10)، وقال: {وَاُوْلُوا الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ}(11)، وقال: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُنثَيَيْنِ}(12)، وقال: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أحَدَكُمُ المَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى المُتَّقِينَ}(13).
أفخَصّكم الله بآية أخرج منها أبي؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي؟ أم تقولون: أهل ملّتين لا يتوارثان؟ فدونكهما مخطومة مرحولة، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمّد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون"(14).

____________
1- صحيح مسلم 1: 61، سنن ابن ماجه 1: 43، سنن النسائي 8: 117، المصنّف لابن أبي شيبة 7: 494، السنة لعمرو بن أبي عاصم: 584، مسند أبي يعلى 1: 347، صحيح ابن حبان 15: 367 وغيرها من المصادر.
2- صحيح البخاري 3: 143.
3- تفسير أبي الفتوح الرازي 3: 392 نحوه، والأخبار في ذلك كثيرة، راجع الكافي 1: 69 باب الأخذ بالسنّة، في أنّ ما خالف كتاب الله فهو مردود وزخرف.
4- المصنّف لابن أبي شيبة 7: 504، مسند الطيالسي: 111، كتاب السنّة لابن أبي عاصم: 550 ح1187، وقال محقّق الكتاب الشيخ محمّد الألباني: "إسناده صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم. والحديث أخرجه الترمذي 2: 297، وابن حبان: 2203، والحاكم 3: 110 ـ 111، وأحمد 4: 437، من طرق اُخرى... وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وأقرّه الذهبي، وله شاهد من حديث بريدة مرفوعاً به أخرجه أحمد 5: 356، من طريق أجلح... وإسناده جيّد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أجلح... وهو شيعي صدوق".
5- صحيح البخاري 6: 27 باب إنّ الله وملائكته يصلّون على النبي من سورة الأحزاب، وصحيح مسلم 2: 16 كتاب الصلاة باب الصلاة على النبي.
6- الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي 2: 435، الآية الثانية النازلة في أهل البيت (عليهم السلام).
7- صحيح البخاري 5: 24 باب حديث بني النضير من كتاب المغازي، وصحيح مسلم 5: 153 باب قول النبي: "لا نورّث" من كتاب الجهاد والسير.
8- قال ابن حجر في فتح الباري 6: 141: "وكان أبو بكر يقدّم نفقة نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيرها ممّا كان يصرفه، فيصرفه من خيبر وفدك"، فنقول لابن حجر ولغيره: كيف إذاً منع فاطمة (عليها السلام) حتى جاءت وسألته نصيبها، كما روى ذلك البخاري في كتاب فرض الخمس عن عائشة حيث قالت: "وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها ممّا ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة، فأبى أبو بكر عليها ذلك.. فأمّا صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى عليّ والعباس...". ولا أدري كيف اجتهد عمر أمام النصّ الثابت ـ بحسب زعمهم ـ الذي تمسّك به أبو بكر في منع الإرث، فخالفه عمر ودفع صدقات المدينة إلى علي والعباس؟ وما معنى هذا التناقض من الخليفتين؟
ثمّ لا يقال: يشهد لصنيع أبي بكر حديث أبي هريرة المرفوع... بلفظ: "ما تركت نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة" (فتح الباري 6: 141) لأنّه أولا: مرفوع كما صرّح به ابن حجر، فكيف يعتمد عليه في مثل هذه الأمور الخطيرة وقد قال محمّد رشيد رضا: "ليس كلّ ما صح سنده من الأحاديث المرفوعة يصح متنه; لجواز أن يكون في بعض الرواة من أخطأ في الرواية عمداً أو سهواً..." (أضواء على السنّة المحمدية لأبي رية: 291).
ثانياً: أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أعدل من أن يفكّر بمستقبل أزواجه وعامله ويدع ذريته من دون أن يوصي لهم أو يترك لهم شيئاً بل ويمنعهم، وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) القائل لسعد بن أبي وقاص لما أراد أن يتصدّق بثلثي ماله لما ظنّ دنوّ أجله: "إنّك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس" (البخاري 2: 82) فكيف يصح أن يترك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذريّته وأحبّ الخلق إليه الذين أوصى بهم كثيراً، عالة يتكفّفون الناس؟ نحن ننزه ساحة نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) عن هذا الأمر ولا نسلم بحديث أبي هريرة ولا بحديث أبي بكر، كيف وأوّل من رفض حديث أبي بكر وخالفه هو عمر بن الخطاب حيث سلّم صدقات المدينة إلى عليّ والعباس في حين أن أبا بكر منع فاطمة منها تمسكاً بحديث: "لا نورّث".
9- النمل: 16.
10- مريم: 5 ـ 6.
11- الأنفال: 75.
12- النساء: 11.
13- البقرة: 180.
14- وردت خطبة الزهراء (عليها السلام) في عدّة مصادر وبألفاظ مختلفة، انظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: 210، كشف الغمة للإربلي 2: 108، مروج الذهب 2: 304، الاحتجاج للطبرسي 1: 253 ح49، بلاغات النساء لأحمد بن أبي طاهر: 14، المقتل للخوارزمي 1: 77، أعلام النساء 4: 116، شرح الأخبار 3: 34، دلائل الإمامة: 109 ح36، وغيرها.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page