وبعد هذه الجلسة ، ذهبت معه في سيارته إلى مدينة عطبره ، حيث يوجد مجموعة من إخواننا الشيعة ، حتى أنقل لهم هذه الأخبار السارّة .
ولكن سرعان ما صدمت عندما أخبروني أن هنالك مناظرة بينهم وبين الدكتور عمر مسعود ، موضوع المناظرة : عصمة الأئمة(عليهم السلام) .
قلت : نحن مستعدُّون أن نناظر في أيِّ مبحث من عقائدنا ، ونفحم أيَّ طرف بالدليل ، ولكن الذي يحيِّرني أنه مضت ساعات من لقائي مع الدكتور ولم يذكر لي هذا الأمر ، فلعله لا يدري !
قالوا : لا ، بل هو الذي دعا ، وقد وزِّعت الإعلانات في كل مكان ، ومكتوب عليها
( حوار ساخن بين الشيعة والدكتور عمر مسعود ) .
فصمَّمنا أن نستوفي كل الأدلة عن عصمة الأئمة(عليهم السلام) ، ونردُّ على كل الإشكاليّات ، ورشَّحني الإخوة على أن أدير النقاش معه .
وبعدما حان وقت الموعد انطلقنا إلى دار التيجانيّة ، وقد اكتظَّت بالحضور ، وما إن رآني الدكتور حتى بدت علامات التردُّد عليه ، فقال لي : هل جاء الإخوة الذين سوف يحاوروني ، وكأنه لا يريدني أن أتدخَّل ، بل هو كذلك .
والدليل عليه أننا أول ما جلسنا كنّا بمحاذاته من الجهة اليمنى ، فقال : لا يمكن أن ألتفت على يميني دائماً ، فالذي يريد مناقشتي فليجلس أمامي ، فقمنا ، ولكنه أمسك بيدي ، وقال : اجلس أنت بالقرب منّي ، وكأنني لم أكن مقصوداً بالنقاش .
وبعد تلاوة من آيات الذكر الحكيم ، قدَّموا ممثِّل الشيعة للحديث عن عصمة الأئمة(عليهم السلام) .
فحمدت الله ، وصلّيت على خاتم الأنبياء ، وأهل بيته الطاهرين(عليهم السلام) ، فأظهر الدكتور عدم ارتياحه من تدخُّلي .
قلت : قبل أن أبدأ حديثي عن مسألة العصمة وأدلّتها من القرآن والسنّة والعقل ، أحبُّ أن أبدي هذه الملاحظة ، وهي : من الذي دعا إلى هذا الحوار ؟ إذا كان إخواننا الشيعة فعلى الدكتور أن يحدِّد محاور النقاش ، ولا غضاضة في ذلك ،أمَّا إذا كان هو الداعي فعلينا تحديد محاور النقاش ; لأنّ مسألة العصمة ليست عقيدة مجرَّدة ، وإنما ترتبط بواقع عقائديٍّ متكامل ، فالمسألة التي يجب أن تناقش هي الإمامة ، وضرورتها ، وشروطها ، على ضوء المنهج القرآني والعقلي ، فتأتي تبعاً لذلك مسألة العصمة ، فأنا أسأل أستاذي الدكتور ، هل كان هو الذي دعا الشيعة للحوار ؟