طباعة

الشورى في الواقع العملي

هذا من جهة ، ومن جهة أخرى إننا إذا تنازلنا عن كل ما قلناه في علي (عليه السلام) ، ونظرنا إلى الشورى والإجماع الذي تحتجّين به ، فهنالك عدّة إشكاليّات على أهل السقيفة ، وهي تتمثَّل في الريبة التي تلفُّ زمان السقيفة ومكانها ، حيث السقيفة لم تكن هي المكان الذي يصلح لا نعقاد مثل هذا الأمر الهامّ جداً ، وكان من الممكن أن ينعقد في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وثانياً الزمان الذي انعقدت فيه الشورى ; فإنه لا يخلو من خبث واضح ، فإن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ما زال مسجّى لم  يدفن بعد ، فأيُّ مسلم له غيرة على الإسلام يقبل ذلك ؟
والإشكال الآخر : إذا سلّمنا أنّ للإجماع حجّة فإن هذا الإجماع لم ينعقد ; لعدم حضور كل الصحابة ، وعلى الأقل أهل المدينة ، وكان فيهم كبار الصحابة ، ثم إن الطريقة التي جرت بها الشورى خالية حتى من أبسط الأخلاقيَّات ; لشدَّة المهاترات التي جرت بينهم ، كقول عمر لسعد عندما اجتمع الناس لمبايعة أبي بكر ، وكادوا يطؤون سعد بن عبادة ، فقال أناس من أصحاب سعد : اتّقوا سعداً لا تطؤوه ، فقال عمر : اقتلوه قتله الله ، إنه صاحب فتنة ، ثمَّ قام على رأس سعد وقال له : لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضوك ، فأقبل عليه قيس بن سعد وأخذ بلحيِّة عمر قائلا : والله لو حصحصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة ، ثم تكلَّم سعد بن عبادة منادياً ، وخاطب عمر : أما والله لو أنّ بي قوَّة ما أقوى على النهوض لسمعت منّي في أقطارها وسككها زئيراً يحجرك وأصحابك ، أما والله لألحقنّك بقوم كنت فيهم تابعاً غير متبوع(1) .
فبالله عليك ، لأيِّ شي استحقَّ سعد القتل ، ولم يكن يدعو إلاّ إلى نفسه كما دعا غيره ؟
ولماذا كان صاحب فتنة وقد دعا للشورى التي أمر بها الإسلام كما تدّعون ؟



____________
1- ذكرها الطبري : 2/459 ، الإمامة والسياسة ، ابن قتيبة : 1/17 ، المصنف ، ابن أبي شيبة : 8/571 ـ 572 ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 2/25 .