• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حوار

أسئلة حرة

أسئلة حرة، تبث بها الفطرة، بحثا عن موضع قدم من بين تلك اللجج.
ولها أن تسأل لتهتدي، وليس لأحد إلجامها بعد ما أذن الله لها، وأمرها بذلك:
فقال تعالى: (أفلا تذكرون) (1).
وقال تعالى: (أفلا تعقلون) (2).
وقال جل جلاله: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) (3).
وقال حبيبه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: " تفكر ساعة خير من قيام ليلة " (4).
وقال وليه، أخو رسوله: " إن الحق والباطل لا يعرفان بالناس، ولكن اعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف من أتاه " (5).
فلنا إذن أن نفتش عن كلمة الحق، فنأخذها، وعن الخطوة الحق، فنقفوا أثرها، وندع ما سوى ذلك لأهله، ولكل إلى ربه معاد.
وقد لا يكون دقيقا قولنا: إن التعرض لأصحاب النبي هو من خلاف التقوى إذ إن الأمر هو من خلاف الدين، أما التقوى فمرحلة متقدمة من مراحل الإيمان، ذلك إن كان تعرضا لأجل التعرض ليس إلا، أو لمل ء الفراغ بما ليس منه جدوى، أو ركوبا على مطية الهوى.
أما حين يكون بحثا عن الهدى، ولأجل أن نعرف من هم أولياء الله حقا ومن الذي انتحل هذا اللقب، أو منحه من غير ما استحقاق، فنوالي الصالحين ونجافي المعاندين، فعندئذ يكون بحثنا من صلب الدين، ومن مخ العبادة.
وليس في هذا فرصة للخلاف، وإلا فبأي معنى سيكون من أولياء الله ونحن لا نعرف من هم أولياؤه حقا، فنواليهم، ولا ندري من هم أعداؤه، فنعاديهم؟
ولعله استدل بحديث كثير على وجوب تجنب ما من شأنه المساس بأي ممن أدرك النبي، وأسلم على عهده، فصح أن يسمى (صحابيا).
ومن ذلك:
حديث: " احفظوني في أصحابي ".
وحديث: " لا تسبوا أصحابي ".
وحديث: " أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم ".
وحديث: " خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " وأمثال هذا.
ترى - إن كان الأمر كذلك - فمن أين أتى هذا الطعن على الصحابة؟
ومن الذي وضع أسه، وأشاد بنيانه؟
أنحن، أهل هذه الأجيال المتأخرة كنا وراء كل ذلك، أم سبقنا إليه قوم آخرون؟
بحثت بجد فلم أجد حادثة في هذا الباب - بعد غياب النبي صلى الله عليه وآله وسلم - سبقت ما كان من عمر بن الخطاب في سعد بن عبادة يوم السقيفة: اقتلوا سعدا، قتل الله سعدا.
فكانت هذه هي أول سبة عرفها المسلمون فيما بينهم، وجثمان النبي الطاهر لم يودع بعد!
والذي تلقاها هو أحد النقباء، ومن أصحاب الشجرة، وممن شهد المواضع كلها، أو جلها.
ثم أعقب هذا بقليل إحاطة بيت علي وفاطمة عليهما السلام، وانتهاكه، وما صحب ذلك من تفاصيل تعدى ذكر أهمها.
ثم ما وقع من عمرو بن العاص، وجماعة من مسلمة الفتح بحق الأنصار من نيل، وطعن، وانتقاص كاد يثير فتنة كبيرة لولا أن دفع الله ذلك على لسان علي بن أبي طالب، والقثم بن العباس، وخالد بن سعيد بن العاص (6).
ثم جاءت (الدرة) التي لم ينج منها إلا من رحم ربي.
الدرة التي كانت تقع على رؤوس المهاجرين، والأنصار، والبدريين، وأصحاب الشجرة، فلا تتردد في النيل من كرامة أحدهم، أو أذاه!
وأحداث أخرى تعاقبت، سنمر على بعضها بالإشارة دون التفصيل.
وربما تعدى على أكثرها شهرة وصدى مقالة أم المؤمنين عائشة في الخليفة عثمان:
(هذا قميص رسول الله لم يبل بعد وقد أبلى عثمان سنته!).
(اقتلوا نعثلا فقد كفر).
ثم هل هناك أشهر من سبهم عليا وحسنا وحسينا عليهم السلام على المنابر عقودا من الزمن؟
حتى صار ذلك سنة تتوارثها الأجيال، جيل عن جيل، ولو لا أن سخر الله لها عمر بن عبد العزيز فمنعها لبقيت جارية في أمتنا إلى يومنا هذا، ولألفيتنا نعتقد أنها واحدة من سنن الدين!
وماذا عساه يستغرب المرء من هذا القول، ألم يكن ذلك الإعتقاد ساريا بين أجدادنا من أبناء تلك العصور، حتى كان خطباؤهم، وعامتهم يتقربون به إلى الله؟
حدث أبو سلمة المثنى بن عبد الله الأنصاري - أخو محمد بن عبد الله الأنصاري - قال: قال لي رجل: كنت بالشام، فجعلت لا أسمع أحدا يسمي:
عليا، ولا حسنا، ولا حسينا، وإنما أسمع: معاوية، ويزيد والوليد.
قال: فمررت برجل على باب داره، وقد عطشت فاستسقيته، فقال: يا حسن، اسقه.
فقلت له: أسميت حسنا؟
فقال: إي والله، إن لي أولادا أسماؤهم حسن، وحسين، وجعفر، فإن أهل الشام يسمون أولادهم بأسماء خلفاء الله، ولا يزال أحدنا يلعن ولده ويشتمه، وإنما سميت أولادي بأسماء أعداء الله، فإذا لعنت فإنما ألعن أعداء الله.
فقلت له: ظننتك خير أهل الشام، وإذا جهنم ليس فيها شر منك (7).
وأمثال هذا كثير، فلقد كان بين أن ملك معاوية فسن هذه " السنة " سنة (40) للهجرة، وبين أن ولي عمر بن عبد العزيز سنة (99) فمنع منها ستين عاما، فكيف لا تدين بها أمة ما زالت تتلقاها من أفواه أمرائها وخطبائها ستين عاما؟
وكان ذلك واحدا من القرون الثلاثة التي ذكرت في الحديث، أنها خير القرون. فما الذي أريد من تلك القرون؟ أم أي يوم يعظمون؟
أيوم قتل فيه أمير المؤمنين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين، أخو رسول رب العالمين، لينزو بنو أمية على منابر المسلمين؟
أم يوم فتنة الجمل، وعشرات الآلاف من القتلى، كلهم من أهل تلك القرون، بين صحابي وتابعي؟ وليس بخفي ما يعقب القتل من ترميل النساء، وإيتام الأطفال، والشدائد والضياع.
أم يوم فتنة الدار، ومقتل الخليفة عثمان بن عفان؟
أم يوم أغير على آل رسول الله بعيد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم؟
أذلك القرن يريدون، أم قرنا قتل فيه أبناء المصطفى و فيهم سبطه وريحانته، سيد شباب أهل الجنة، وسبيت بنات الزهراء: زينب، و أم كلثوم، ومن معهن من نساء أهل البيت، وآل أبي طالب، حتى لم يبق بيت له برسول الله صلة إلا وضجت فيه النوائح، وسكنته الأحزان والآلام؟!
أم قرنا أبيحت فيه مدينة رسول الله المنورة في وقعة الحرة الشهيرة، فقتل الأصحاب والتابعون، ونهبت الأموال، وبقرت بطون الحوامل، وهتكت الأعراض حتى ولدت الأبكار لا يعرف من أولدهن (8)؟!
فهل المراد من " خير القرون " تعظيم كل ذلك، وتقديسه، والاقتداء به؟
إن قيل هذا فليس لأحد إن يرد على مانعي الزكاة بعد وفاة النبي، بل وحتى الذين ارتدوا عن الإسلام جهارا، لأنهم جميعا من أهل القرن الأول، وممن أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورآه، وسمع حديثه!
فلما لم يقل بهذا أحد من أهل القبلة علمنا أنه ليس المراد تعظيم كل ما حدث في تلك القرون، كما أنه لا يصح تعظيم كل فرد من أهل تلك القرون وحفظ جانبه من أن ينال بشئ.
وليس هذا فقط، بل لا يصح أيضا الاعتقاد بأن أولئك جميعا هم أفضل ممن يأتي بعدهم، ناهيك عن أنبياء وصديقين عاشوا قبلهم ورحلوا.
فهل يمكن أن يكون المراد أن الصالحين من أهل تلك القرون هم أفضل على الإطلاق ممن سيأتي بعدهم؟
سوف لا أكون إلا مذكرا حين أقول: إن العكس أقرب للصواب - لما جاء في صحاح الأحاديث - باستثناء من جاءت النصوص بتفضيلهم.
فقد جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " طوبى لمن رآني وآمن بي، ثم طوبى، ثم طوبى، ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني " (9).
قال صلى الله عليه وآله وسلم: " طوبى لمن آمن بي ورآني مرة، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرات " (10).
وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وآله وسلم: " وددت أني لقيت إخواني " فقال أصحاب النبي: أو ليس نحن إخوانك؟
قال: " أنتم أصحابي، ولكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني " (11).
ثم يأتي هذا التفضيل صريحا في حديث صحيح، هذا نصه:
عن أبي جمعة، قال: تغدينا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعنا أبو عبيدة بن الجراح، فقال: يا رسول الله، أحد أفضل منا، أسلمنا معك، وجاهدنا معك؟
قال: " نعم، قوم يكونون من بعدي، يؤمنون بي ولم يروني " (12).
ويأتي مفصلا في حديث آخر رجاله رجال الصحاح، أخرجه الهيثمي عن عمر بن الخطاب، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم جالسا، فقال:
" أنبؤوني بأفضل أهل الإيمان إيمانا ".
قال: يا رسول لله، الملائكة.
قال: " هم كذلك، يحق لهم ذلك، وما يمنعهم من ذلك وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها؟ بل غيرهم ".
قالوا: " يا رسول الله، الأنبياء الذين أكرمهم الله برسالته والنبوة.
قال: " هم كذلك، ويحق لهم ذلك، وما يمنعهم وقد أكرمهم الله بالمنزلة التي أنزلهم بها؟ ".
قالوا: " يا رسول الله، الشهداء الذين استشهدوا مع الأنبياء.
قال: " هم كذلك، ويحق لهم، وما يمنعهم وقد أكرمهم الله بالشهادة؟ بل غيرهم ".
قالوا: فمن، يا رسول الله؟
قال: " أقوام في أصلاب الرجال، يأتون من بعدي، يؤمنون بي ولم يروني، ويصدقوني ولم يروني، يجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا " (13).
ومرة أخرى يأتي هذا التفصيل مشرقا لا ضباب عليه، فبينما تراه صلى الله عليه وآله وسلم بشيرا لمؤمنين " لم يأتوا بعد " تراه نذيرا بليغا لمن كان حوله!
إذ قال صلى الله عليه وآله وسلم يوما وأصحابه من حوله قال: " وددت أنا قد رأينا إخواننا ".
فقالوا: يا رسول الله، ألسنا بإخوانك؟
قال: " بل أنتم أصحابي، وإخواني الذين لم يأتوا بعد، وأنا فرطهم على الحوض ".
فقالوا: يا رسول الله، كيف تعرف من لم يأت من أمتك بعد؟
قال: " أرأيت لو أن رجلا كان له خيل غر محجلة (14) بين ظهراني خيل بهم دهم (15) ألم يكن يعرفها؟ ".
قالوا بلى.
قال: " فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض - ثم قال - ألا ليذادن رجال منكم عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم: ألا هلم، فيقال: إنهم بدلوا بعدك، فأقول: سحقا سحقا " (16).
فماذا بقي بعد؟
نعم، إن أحدا لا يشك في أن قرنا عاش فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو خير القرون.
فأي زمن هذا الذي يضاهي زمنا أطل فيه نور المصطفى على العالمين!
زمنا فيه بهجة الخلائق، الرحمة المهداة، إمام الأنبياء، وسيد المرسلين!
زمنا ما زالت رسل السماء فيه تتوافد على رسول الله وأمينه في أرضه، ونور الإسلام ينتشر في الآفاق فيملأ قفارها خيرا وعطاء وحبا وعزة وصفاء!
وحسبك فيه أنه عهد المصطفى المختار، وكفى.
فطوبى لمن أدركه ثم رعاه، فإن صحبة المصطفى شرف لا يضاهى لمن حفظ له حقه، ولكنه وبال على من فرط فيه، وضيعه!
روى البخاري عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، قال: لقيت البراء بن عازب رضي الله عنهما فقلت: طوبى لك صحبت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبايعته تحت الشجرة.
فقال: يا بن أخي، إنك لا تدري ما أحدثنا بعده! صلى الله عليه وآله وسلم (17)!
إذن، هل يصح أن يكون كل رجل منهم بمنزلة النجم، إذا اقتدينا به اهتدينا؟
إن كان الأمر كذلك فعلى أي شئ هرعوا مسرعين نحو سقيفة بني ساعدة ليدركوا الأنصار قبل أن يبايعوا خليفة من بينهم؟
وكان الأنصار قد مالوا إلى سيدهم سعد بن عبادة، ألم يكن سعد كأحدهم، وقد شهد المواضع كلها مع النبي؟ فلم استنكروا البيعة له كل هذا الاستنكار، وتصدوا لها بكل ما يملكون من قوة، حتى كادت تنشب الفتنة فلا تهدأ إلا عن رماد وحطام؟
ثم لم يحفظوا رسول الله في سعد!
قال عمر بن الخطاب وهو يصف بيعة السقيفة: ثم نزونا (18) على سعد، حتى قال قائلهم: قتلتم سعد بن عبادة، فقلت: قتل الله سعدا (19)!
وسعد بن عبادة - هذا الذي وطؤوه وشتموه - إنما هو أحد النقباء، ومن أصحاب بدر وبيعة الشجرة!
قال ابن عباس: كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المواطن كلها رايتان: مع علي راية المهاجرين، ومع سعد بن عبادة راية الأنصار.
وروى أحمد عن قيس بن سعد، قال: زارنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم - الحديث - ثم رفع يديه، فقال: " اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة " (20).
فلماذا كتب " الهدى " و " النجاة " لمن تابع عمر في بيعته لأبي بكر، ولم يكتب من ذلك شئ لمن تابع سعدا الذي أعرض عنهما، ولم يبايع لأحد منهما حتى توفي على عهد عمر مخاصما له (21)؟
أليسوا جميعا كالنجوم، بأيهم اقتدينا اهتدينا؟
- وهل يناقض كلام رسول الله بعضه بعضا؟
فهو صلى الله عليه وآله وسلم القائل لعمار بن ياسر: " تقتلك الفئة الباغية " (22).
والفئة الباغية هذه إنما كان يقودها صحابيان: معاوية، وعمرو بن العاص!
فهل يكون الباغي مهتديا؟
إذن كيف سيعرف الحق؟ وأين سيكون الدين؟
- وإن كان لسائر الصحابة مثل هذه المنزلة، فكيف جاز لعمر أن يقبل الدعوى على المغيرة بن شعبة بالزنا، ثم استدعى الشهود، وأجلسهم للخصومة، حتى شهد منهم ثلاثة وتلكأ الرابع (23)؟!
ولماذا أجاز شهادتهم على قدامة بن مظعون الأنصاري في شرب الخمر، ثم أقام عليه الحد، فجلده (24)؟
ولماذا لم يستبعد ذلك منهما، ويحكم باستحالته عليهما لما كان لهما من الصحبة والسابقة؟ فقد كان قدامة بن مظعون ممن شهد بدرا (25)، والمغيرة قد شهد بيعة الشجرة (26)!
فأين أصبح إذن حديث - أصحابي كالنجوم -؟
هذا الحديث الذي لو صح على إطلاقه لامتلأت السنة بتناقض عجيب واضطراب لا تثبت معه قدم، إذ سيختلط الحق بالباطل، والهدى بالضلال، ويصبح من المحال الفصل بينها، غير أنه قد أراحنا من هذا العناء من أثبت مرة سقوط هذا الحديث عن المنزلة التي يصح معها الإحتجاج به، ومرة أثبت بطلانه:
فقد روى المتقي الهندي الحديث في باب الإعتصام بالكتاب والسنة بهذا النص: " مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به لا عذر لأحد في تركه، فإن لم يكن في كتاب الله فسنة مني ماضية، فإن لم تكن سنة مني فما قال أصحابي، إن أصحابي كالنجوم في السماء فأيهم أخذتم اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة ".
ثم عقب عليه، فقال: (ق) - أي أخرجه البيهقي - في المدخل، وأبو نصر السجزي في الإبانة، وقال: غريب.
وأخرجه الخطيب، وابن عساكر، والديلمي، عن سليمان بن أبي كريمة عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس - قال - وسليمان ضعيف، وكذا جويبر (27).
فللحديث - إذا - طريقان: أحدهما غريب، وهذا لا يحتج به.
والآخر فيه ضعيفان، فهو مردود.
وأخرجه ابن حجر في (لسان الميزان): وقال: أخرجه الدارقطني في غرائب مالك، وقال: لا يثبت عن مالك، ورواته مجهولون. قلت: وذكره ابن أبي حاتم عن أبي شهاب الحناط، وعنه أحمد بن عبد الله بن قيس بن سليمان بن شريك المروزي، وقال: سألت أبي عنه، فقال: لا أعرفه (28).
وأخرجه الذهبي وابن حجر أيضا من حديث جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، وبعد أن وصفاه بوضع الحديث قالا: ومن بلاياه حديث أصحابي كالنجوم (29).
نعم، لو صح الحديث فإنه لا يكون إلا كما فسره الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام حيث سئل عن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
" أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " وعن قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
" دعوا لي أصحابي " فقال: " هذا صحيح، يريد: من لم يغير بعده، ولم يبدل!
لما يروونه من أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ليذادن برجال من أصحابي يوم القيامة عن حوضي كما تذاد غرائب الإبل عن الماء، فأقول: يا رب أصحابي، أصحابي. فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: بعدا لهم، وسحقا لهم ". أفترى هذا لمن لم يغير ولم يبدل (30)؟
وحديث العشرة المبشرة:
هو أيضا من تلك الأحاديث التي صنعت لأجل نشر الغبار على الحقيقة!
فهذا الحديث الذي راج رواجا عجيبا ليس له إلا طريقان: أحدهما ينتهي إلى عبد الرحمن بن عوف، والآخر إلى سعيد بن زيد، وكلاهما من بين العشرة!
أما الطريق الأول: فهو محصور بعبد الرحمن بن حميد، عن أبيه حميد ابن عبد الرحمن الزهري، عن عبد الرحمن بن عوف (31).
وهذا إسناد باطل لأن حميد بن عبد الرحمن الزهري لم ير عبد الرحمن بن عوف، ولم يدركه! إذ إن عبد الرحمن بن عوف قد توفي سنة 32 هـ‍ (32)، وإن حميد ابن عبد الرحمن الزهري قد توفي سنة 105 هـ‍ عن عمر 73 سنة، فيكون قد ولد سنة 32، وهي سنة وفاة عبد الرحمن بن عوف!
وعلى رواية أنه توفي سنة 95 عن مثل هذا العمر، فعليه يكون قد بلغ العاشرة من عمره سنة وفاة عبد الرحمن بن عوف، وهذه أيضا لا تسعف الأمر، لأن عمرا كهذا لا يرشحه لهذه الرواية، فكيف أصبح - بعمره هذا - الراوي الأوحد؟
أضف إلى ذلك أن أهل التصانيف في علم الرجال قد حكموا بأن روايته عن عثمان بن عفان منقطعة، وأن روايته عن علي عليه السلام مرسلة، هذا وإن عثمان قد توفي بعد عبد الرحمن بثلاث سنين، وعاش علي بن أبي طالب بعده ثماني سنين. وأحصى ابن حجر من حدث عنهم حميد الزهري من الصحابة، وليس فيهم عبد الرحمن بن عوف (33)!. هذا هو إسنادهم الأول.
وأما الإسناد الثاني: فقد روي مرة من طريق عبد الله بن ظالم المازني عن سعيد بن زيد.
وعبد الله بن ظالم المازني هذا قال فيه ابن حجر: لينة البخاري (34).
وفي تاريخ البخاري الكبير، قال: ليس له حديث إلا هذا - عشرة في الجنة - وبحسب أصحابي القتل! (35).
وذكره العقيلي في الضعفاء، وقال: قال البخاري: عبد الله بن ظالم، عن سعيد بن زيد، عن النبي (ص): ولا يصح (36).
ورواية أخرى عن عبد الرحمن بن الأخنس عن سعيد بن زيد، وعبد الرحمن بن الأخنس قال عنه ابن حجر: مستور (37).
ومرة عن عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه، عن سعيد بن زيد (38) وفيها جميعا مع ما تقدم:
1 - أنها لم تعرف إلا في عهد معاوية، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بثلاثين سنة! فأين كانوا عنها، والجو يلائم نشرها، بل كانوا في حاجة لمثلها آنذاك في مواضع عديدة؟
والشاهد على ظهورها أيام معاوية صدر الرواية نفسها، ففي بعضها: لما قدم فلان الكوفة أقام فلانا خطيبا، فأخذ بيدي سعيد بن زيد، فقال: ألا ترى إلى هذا الظالم - وذلك حين سمعه يسب عليا عليه السلام - فأشهد على التسعة أنهم في الجنة فعدهم - قلت: ومن العاشر؟
فتلكأ هنيئة، ثم قال: أنا. وجاء في رواية أخرى، أنه كان في المسجد - في الكوفة - فذكر رجل عليا فقام سعيد بن زيد، الحديث.
هكذا إذن ظهرت هذه الروايات هنا لأول مرة ولم يسمع بها أحد من قبل!
2 - اضطرابها: فقد جاء في أكثرها ذكر النبي وتسعة معه ليس فيهم أبو عبيدة، وذكر في بعضها أبو عبيدة، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم!
وفي بعضها عبد الله بن مسعود بدلا من أبي عبيدة (39).
3 - أن أيا من طريقها لم يذكره الشيخان: البخاري، ومسلم، ولو وجد أحدهما إليهما سبيلا يعتد به لأثبتها في مسنده، ولأعاد ذكرها في شتى الأبواب.
4 - أن الرواية لم تتوقف عند العشرة، بل تعدت إلى أحد عشر، فمن هو الحادي عشر؟
لو سئلت عن هذا لتبادر إلى ذهنك اسم: أبي ذر، أو عمار بن ياسر، أو ذي الشهادتين، أو حمزة بن عبد المطلب، أو جعفر الطيار، أو معاذ بن جبل أو رجل من هذه المراتب، ولكن الحقيقة غير هذه. فلندع الرواية تتكلم، لتكشف بنفسها عن هويتها:
ذكر المحب الطبري - في الرياض النضرة - فصلا في وصف كل واحد من العشرة يصفه حميدة، وساق الحديث، وذكر لكل واحد صفته إلى أن قال:
" ولكل نبي صاحب سر، وصاحب سري: معاوية بن أبي سفيان، فمن أحبهم فقد نجا، ومن أبغضهم فقد هلك " (40).
فهل يستدعي الأمر - بعد هذا - أن نقول: إن هذه الروايات ومثيلاتها هي أيضا من صنع الأمويين، وأساطيرهم الكثيرة خدمة لدولتهم التي لا تقوم إلا على مثل هذا؟!
إنها لحقيقة من أوضح الواضحات.
5 - وهذه الرواية أيضا تقطع الطريق على تلك الروايات وهي أحسن منها إسنادا:
فعن معاذ بن جبل، أنه لما حضرته الوفاة قال: التمسوا العلم عند أربعة:
عند عويمر أبي الدرداء، وعند سلمان، وعند عبد الله بن مسعود، وعند عبد الله بن سلام الذي كان يهوديا فأسلم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إنه عاشر عشرة في الجنة (41).
وهذه الرواية صححها الحاكم والذهبي، فينبغي أن يكون عبد الله بن سلام أحد العشرة المبشرة، وعليه فلا بد من إخراج واحد أو اثنين ممن ضمتهم الروايات المتقدمة.
6 - وأشد من هذا ما روي عن سعد بن أبي وقاص، أنه قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لحي يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام
(42). فكيف غاب ذلك الحديث عن سعد وهو أحد العشرة، وهو آخرهم موتا؟!
7 - وكيف يصح حديث العشرة وبعضهم قد أباح دم بعض، واستحل قتله؟ فهل كان أشد على عثمان من طلحة والزبير؟
لقد كانا هما والسيدة عائشة أكثر من يؤلب عليه، ويحرض الناس على قتله!
وكان طلحة يكتب الكتب إلى الأمصار يحثهم على القيام على عثمان، وقد أظهر بعض كتبه أهل البصرة يوم قدم إليهم يحثهم على قتال علي عليه السلام، والطلب بثأر عثمان، فقالوا له: أتعرف هذا الكتاب؟ قال: نعم.
قالوا: فما ردك على ما كنت عليه، وكنت بالأمس تكتب إلينا، تؤلبنا على قتل عثمان، وأنت اليوم تدعونا إلى الطلب بدمه (43)؟!
وكان عثمان وهو محصور في بيته يقول: هذا ما أمر به طلحة، اللهم اكفني طلحة فإنه حمل علي هؤلاء وألبهم علي، والله إني لأرجو أن يكون منها صفرا وأن يسفك دمه (44).
وقد نكث طلحة والزبير بيعة عقداها راضيين بها، متحمسين لها! ثم انقلبا، وخرجا على إمام زمانهما! وجيشا عليه الجيوش! وقاتلاه أشد القتال! وكانا سببا في قتل الألوف من المسلمين من أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله!
والغريب أن يعتذر لهذا أصحاب التاريخ فيقولون: إنهم خرجوا طلبا للإصلاح!! فهل كانت البصرة منقلبة على فتنة؟
أم أنهم استشاروا الإمام بشأن هذا الإصلاح فأذن لهم؟ لا هذا ولا ذاك!
ومما روي من أحداث الجمل: أن عليا عليه السلام قد قال لطلحة - وقد تحادثا قبل التحام الحرب -: " أيها الشيخ، اقبل النصح، وارض بالتوبة مع العار، قبل أن يكون العار والنار " (45)!
وقال عليه السلام في كتاب له بعثه إلى طلحة والزبير وهما في البصرة:
" ارجعا - أيها الشيخان - عن رأيكما، فإن الآن أعظم أمركما العار، من قبل أن يجتمع العار والنار " (46).
وقبل أن يقع من ذلك كله شئ كان عمر قد أمر بقتل أصحاب الشورى جميعا إن مضت عليهم ثلاثة أيام ولم يبايعوا من بينهم خليفة (47)!
وأصحاب الشورى الذي انتخبهم عمر هم تمام العشرة المذكورين في الحديث: عثمان، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعلي بن أبي طالب، ولم يبق من العشرة سوى سعيد بن زيد، فكيف يأمر عمر بقتلهم جميعا وهو يشهد لهم بالجنة؟
أم كيف جهلت أم المؤمنين عائشة أن عثمان مبشر بالجنة فصرحت بأنه قد كفر، وأمرت بقتله؟! ولقد كانت أشد الناس بغضا لعلي بن أبي طالب، إلا ما قد يكون من معاوية وصاحبه!
فأعجب إذن للمحب الطبري وهو يروي حديث العشرة بإسناده المبتور إلى عائشة (48)!
ومن حديث عائشة أخرج أحمد في مسنده أنها قالت: سمعت رسول الله يقول: " رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا " (49) فهل هذه هي منزلة المبشر بالجنة من بين سائر الناس، وفيهم الصديقون والشهداء والصالحون؟
ومن العشرة المذكورين من أنزل فيه الله: (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) (50).
ومنهم من نزل فيه قوله تعالى: (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما) (51) وهو طلحة (52).
فكيف تجتمع هذه المتناقضات؟!
أما إذا أضفت حادي عشرهم - معاوية - فتلك مصيبة لا بد أن ننزه ديننا العظيم منها، فإنه يكفي في معاوية محاربته " إمام المتقين " و " سيد المسلمين " و " قائد الغر المحجلين " (53).
ألم يأت في الحديث الشريف: " من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية... ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى مؤمنها، ولا يفي بعهد ذي عهدها فليس مني ولست منه " (54)؟
ألم يأت في الحديث الشريف: " إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما " (55).
ألم يكن الصحابة هم أول المأمورين بهذا، فلماذا لم ينطبق شئ من هذا على الذين خرجوا على علي بن أبي طالب، ونكثوا عهدهم معه، وشقوا صف هذه الأمة يضربون برها وفاجرها ولا يتحاشون مؤمنا، ويعقدون بيعة بعد بيعة، والإمام الأول قائم مكانه؟!.
ألم يأت في الحديث الشريف: " من أتاكم وأمركم جمع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه كائنا من كان " (56)؟ بلى، ولقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصيه عليه السلام بقتال ثلاث فرق، فقال الوصي عليه السلام: " أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين " (57).
قال ابن الأثير: النكث: نقض العهد، وأراد بهم أهل وقعة الجمل لأنهم كانوا بايعوا ثم نقضوا بيعته وقاتلوه. وأراد بالقاسطين أهل الشام، وبالمارقين الخوارج (58). فماذا بقي من رواية العشرة المبشرة إذن؟!
معالم أخرى:
لقد كان يكفي معاوية وأصحابه أيضا حملتهم الجريئة في وضع الحديث المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكتمان ما أمروا بنشره والعمل به من الحق، وقد صح الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار "!
فكيف بمن أمر بالكذب عليه، ووظف له الرجال، والأموال، وسفك دماء الصالحين الذين وقفوا بوجه حملته الجائرة، وإن كانوا من خيرة الأصحاب، كحجر بن عدي وأصحابه؟
تلك السيول من الأحاديث التي وضعوها لتأتي بعدهم أجيال تدين بدين الإسلام، ولا ترى فضلا لعلي بن أبي طالب إمام المتقين على معاوية، أو عمرو ابن العاص، أو مروان!
وضعوها لنسكت حين نرى أبا ذر الغفاري طريدا من مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن الذي يتولى إخراجه منها هو طريد رسول الله وابن طريده، مروان بن الحكم (59)!
وعبد الله بن مسعود: حين يجر برجليه اللتين هما أثقل في الميزان من جبل أحد (60) من مسجد رسول الله، وتضرب به الأرض حتى يكسر له ضلعان!
وكل ما جناه أنه لم يفتح بيت مال المسلمين في البصرة - وكان أمينا عليه - لبني أمية ليأخذوا منه ما يشاؤون، حتى مات مغاضبا لعثمان، وأوصى أن يصلي عليه عمار بن ياسر (61)!
ألم يكن عبد الله بن مسعود ممن هاجر الهجرتين، وشهد المواضع كلها مع رسول الله، وشهد بيعة الرضوان (62)؟
وعمار بن ياسر: وقد حكم فيه مروان في مجلس الخليفة! فضربوه، حتى فتقوا بطنه، فغشي عليه (63)!
وعبادة بن الصامت: وهو ممن شهد العقبة، وأحد النقباء الاثني عشر، شهد بدرا والمواضع كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
قال الذهبي: كتب معاوية إلى عثمان: إن عبادة بن الصامت قد أفسد علي الشام، فإما أن تكفه إليك، وإما أن أخلي بينه وبين الشام!
فما هي قصته؟
قال: إن عبادة مرت عليه قطارة - من الإبل - وهو بالشام تحمل الخمر، فقال: ما هذه، أزيت؟
قيل: لا، بل خمر يباع لفلان! فأخذ شفرة من السوق، فقام إليها، فلم يذر فيها راوية إلا بقرها، وأبو هريرة إذ ذاك بالشام، فأرسل فلان إلى أبي هريرة، فقال: ألا تمسك عنا أخاك عبادة..
فأتاه أبو هريرة، فقال: يا عبادة، ما لك ولمعاوية؟ ذره وما حمل.
فقال له عبادة: لم تكن معنا إذ بايعنا على السمع والطاعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وألا يأخذنا في الله لومة لائم.
فسكت أبو هريرة.
وكتب فلان إلى عثمان: إن عبادة قد أفسد علي الشام (64)!
ألم يكن هؤلاء من خيرة أصحاب رسول الله، فلماذا لا نتذكر بحقهم حديث " احفظوني في أصحابي "؟!
أم إن هذه الأحاديث جاءت خاصة في حفظ معاوية ومروان وأمثالهما دون سائر الصحابة؟!
ولو توقف الأمر عند السكوت لكان أهون، ولكن الداهية الدهواء، والطامة الكبرى حين ينبري علماء المسلمين! ليبرروا كل جريمة حدثت بأنها اجتهاد، وأن الذي ارتكبها إنما هو مجتهد قد أخطأ في اجتهاده، فله أجر اجتهاده هذا!
يقول ابن حزم الأندلسي: وعمار رضي الله عنه قتله أبو الغادية يسار بن سبع السلمي، شهد بيعة الرضوان، فهو من شهداء الله له بأنه علم ما في قلبه وأنزل السكينة عليه ورضي عنه، فأبو الغادية (65) - رضي الله عنه - متأول مجتهد مخطئ فيه، باغ عليه، مأجور أجرا واحدا (66)!
وقال: فصح أن عليا هو صاحب الحق، والإمام المفترضة طاعته، ومعاوية مخطئ، مأجور، مجتهد.
وقال قبلها: فبهذا قطعنا على صواب علي رضي الله عنه، وصحته إمامته وأنه صاحب الحق، وأن له أجرين: أجر الاجتهاد، وأجر الإصابة.
وقطعنا أن معاوية رضي الله عنه ومن معه مخطئون، مجتهدون مأجورون أجرا واحدا (67). وأما في أمر قتلة عثمان فيقول: وليس هذا كقتلة عثمان رضي الله عنه، لأنه لا مجال للاجتهاد في قتله (68).
أما عمار بن ياسر الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
" قاتله وسالبه في النار " (69) فلقاتله أجر الاجتهاد! أرأيت تحديا للدين أشد من هذا؟
وخالد بن الوليد حين قتل مالك بن نويرة - مالك يقول له: أتقتلني وأنا مسلم أصلي إلى القبلة؟! - ثم تزوج بامرأته من ليلتها، ولم يأذن لها بعدة، اعتذر بقوله: تأولت، فأصبت وأخطأت (70).
ولما أتي به إلى أبي بكر، وقد أراد عمر أن يقام عليه الحد، قال له أبو بكر: هيه - يا عمر - تأول فأخطأ، فارفع لسانك عن خالد (71)!
ويمتد الأمر، حتى أصبح يرمى بالكفر! أو بالفسوق! من تجرأ فقال:
إن فلانا منهم قد أخطأ في كذا. حتى صار تنزيههم هذا عقيدة دخلت في الحدود والأحكام، والحلال والحرام.
روى الذهبي: قال ابن الجنيد: سمعت يحيى بن معين يقول: تحريم النبيذ صحيح، ولكن أقف ولا أحرمه، فقد شر به قوم صالحون بأحاديث صحاح وحرمه قوم صالحون بأحاديث صحاح (72).
أليس هذا هو الغلو بعينه.
أليس من التناقض أننا نحاول أن نثبت لهم العصمة عمليا، مع أنك لا تجد لمبدأ العصمة محلا مع سيد الأنبياء والمرسلين؟
ولماذا نستنكر أن يقال: إن فلانا منهم أخطأ في هذا الفعل، أو ذاك القول، وقد رضينا أن تحل اللعنة الكبرى على " طاوس الملائكة "!
وعلى العابد الزاهد الذي أوتي الاسم الأعظم، أو بعضه، حتى جعله الله مثلا لنا وعبرة، فقال في كتابه العزيز: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآيتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) (73).
أليس الله تعالى يقول: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا) (74)؟
ألم تحدثنا كتب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قال:
" ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب، أصحابي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول كما قال العبد الصالح:
(وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد * إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم). فيقال لي: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم " (75)؟
ألم يبرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما صنع خالد في بني خزيمة إذ لم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فقالوا: صبأنا، فأخذهم قتلا وأسرا، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: " اللهم، إني أبرأ إليك مما صنع خالد " مرتين (76)؟
فما بالنا لا نبرأ مما تبرأ منه نبينا، ومن أمثاله؟
بل أم الدواهي أننا نزعم أن سكوتنا عنها ورضانا هو التقوى، وأما إنكارها فهو خوض فيما لا يصح الخوض فيه!!
ونردد المقولة المنسوبة إلى الحسن البصري، وقد سئل عن أصحاب معركة الجمل، فقال: تلك وقعة لم يشترك سيفي بها، فلا أريد أن أشرك لساني بها! ناسين أن علينا أن نقتدي برسول الله، لا غير!
(ولقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) (77).
ولقد أحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقواما، فوجب علينا حبهم، وموالاتهم.
فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الله أمرني أن أحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم ".
فقالوا: من هم، يا رسول الله؟
فقال " علي منهم - علي منهم - يكررها ثلاثا - وأبو ذر، والمقداد، وسلمان " (78).
وقد غضب لأقوام، فوجب علينا أن نغضب لغضبه، ونرضى لرضاه:
أخرج أحمد والحاكم: أنه كان بين خالد بن الوليد وعمار بن ياسر كلام، فشكاه خالد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " من يعاد عمارا يعاده الله، ومن يبغض عمارا يبغضه الله " (79) هذا والشاكي هو خالد!.
وأخرج مسلم في صحيحه أن سلمان، وصهيبا، وبلالا كانوا قعودا، فمر بهم أبو سفيان، فقالوا: ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها.
فقال لهم أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدها؟ فأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك.
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: " يا أبا بكر لعلك أغضبتهم، لئن أغضبتهم، لقد أغضبت ربك " (80) هذا والشاكي هو أبو بكر!
وتقدم الحديث في غضبه صلى الله عليه وآله وسلم على من طعن في إمرة أسامة.
أفإن غضبنا لغضبه صلى الله عليه وآله وسلم هنا وحفظنا كرامة أسامة وأبيه، سنكون قد أخطأنا حين لم نوافق من طعن عليهما من الصحابة؟
فإن أخطأنا، فكفانا أننا مع رسول الله، وحاشاه أن يخالطه الخطأ.
وإن أصبنا هنا، فما لنا لا نكون قد أصبنا حين نغضب لمن هو أعظم منزلة من زيد، ومن أسامة؟!
أعني: عليا، وفاطمة، والحسن، والحسين عليهم السلام.
قال سعد بن أبي وقاص: كنت جالسا في المسجد أنا ورجلان معي فنلنا من علي، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعرف في وجهه الغضب، فتعوذت بالله من غضبه، فقال: " ما لكم وما لي؟! من آذى عليا فقد آذاني " (81).
ثم ألم نقرأ في (شكوى الأربعة) و (شكوى بريدة) كيف غضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم يشكون إليه عليا، فرد عليهم - أرواحنا فداه - فقال: " ما تريدون من علي؟! ما تريدون من علي؟! إنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي "؟
ولئن كان أسامة قد تعرض لطعن في إمارته وقد ولاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة، فأثار ذلك من غضبه صلى الله عليه وآله وسلم ما أخرجه مع شدة مرضه، عاصبا رأسه، يتهادى بين رجلين (82) ورجلاه تخطان في الأرض، حتى قال مقالته الشهيرة تلك، فأي غضب سيغضب إذن لما أصاب أخيه، ووصيه، ووزيره، وخليفته الذي صرح بولايته، فشهدوا له وهنؤوه؟
أي غضب سيغضب له وقد عقدوا البيعة فيما بينهم وتركوه منشغلا بتجهيز جثمانه الطاهر؟ ويوم أحاطوا بيته، وهجموا عليه في داره! فأخرجوه منها بالعنف، وهو يقول: " أنا عبد الله، وأخو رسوله ".
وحين يهددونه بالقتل، أو يبايع لهم!
فيقول: " إذن تقتلون عبد الله وأخا رسوله ".
فيقولون: أما أخو رسول الله فلا!
وكم سيغضب لغضب بضعته فاطمة الزهراء البتول مرة بعد أخرى، حتى ماتت وهي غضبى على رجال! وفاطمة التي يغضب الله لغضبها، ويتأذى رسول الله لأذاها؟
كم سيغضب لتظاهر بعد تظاهر على أهل بيته، وخاصته، حتى قال علي عليه السلام يوم الشورى - وقد انتهت بالبيعة لعثمان بالخلافة - قال: " ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) (83)؟
ولقد كان التظاهر عليه متتابعا..
فيوم السقيفة مشهور، وقد تمت فيه البيعة - بغيابه - لأبي بكر، فقام بعدها أبو بكر خطيبا في مسجد رسول الله، معرفا بسيرته فقال قولا لو نسب لغيره لقيل إنه لا يصلح أن يقوم على شئ من أمور المسلمين، إذ قال:
" ألا وإن لي شيطانا يعتريني، فإذا أتاني فاجتنبوني لا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم! " (84).
ومع هذا فقد تمت، تلك البيعة التي وصفها عمر - في خطبته التي اتفق عليها أصحاب السير - بأنها كانت فلتة!
وذلك أنه سمع رجلا يقول: لو قد مات عمر لبايعت فلانا، فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت، فأعد لأجل ذلك خطبته التي ألقاها في مسجد رسول الله مقدمه من الحج، فقال فيها: لا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها، وليس منكم من تنقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر.
من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا (85).
ثم جاء آخر أيام أبي بكر، فماذا حصل؟
كتب أبو بكر عهده بالخلافة من بعده لعمر، من دون أدنى مشورة من المسلمين! وجاء الصحابة، وأبدوا سخطهم، فقالوا: ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا، وقد ترى غلظته (86)؟
وتمت البيعة!
حتى كان آخر أيام عمر، فأخذ يتصفح الناس، من يستخلف منهم!
فقال: لو كان أبو عبيدة حيا لاستخلفته، وقلت لربي إن سألني:
سمعت نبيك يقول " إنه أمين هذه الأمة ".
ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لاستخلفته، وقلت لربي إن سألني:
سمعت نبيك يقول: " إن سالما شديد الحب لله تعالى " (87).
وقال أيضا: لو استخلفت معاذ بن جبل، فسألني ربي: ما حملك على ذلك؟ لقلت: سمعت نبيك يقول: " إن العلماء إذا حضروا ربهم عز وجل كان بين أيديهم رتوة بحجر " (88).
هكذا عرف إذن لهؤلاء منازلهم، فهل جهل منزلة علي؟
أم أن أحدا منهم يقاس به؟
ألم يكن عمر هو القائل: بخ بخ لك يا أبا الحسن، لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة (89)؟
أليس هو القائل: لقد أوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال لئن يكون لي خصلة منها أحب إلي من أن أعطى حمر النعم: تزويجه فاطمة بنت رسول الله، وسكناه المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحل له ما يحل له، والراية يوم خيبر (90)؟
وهو الشاهد يوم أعطي علي الراية في خيبر، ويوم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله " فقال أبو بكر: أنا هو؟
قال: " لا ".
305     
قال عمر: أنا هو؟
قال: " لا، ولكن خاصف النعل ".
وهو أيضا من أعرف الناس بأن منزلة علي من رسول الله هي منزلة هارون من موسى. أليس هو القائل في علي: أما إن وليهم حملهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم؟
فأين ذهب عنه وهو يقول: لو سألني ربي، لو سألني ربي؟
ولقد كان له يوما مع ابن عباس حوار ذكر فيه عليا عليه السلام، وحقه في الخلافة، فقال لابن عباس: أتدري ما منع الناس منكم؟
قال: لا.
قال: لكني أدري.
قال: وما هو، يا أمير المؤمنين؟
قال: كرهت قريش أن تجتمع فيكم النبوة والخلافة، فتجخفوا جخفا (91) فنظرت قريش لنفسها، فاختارت، ووفقت فأصابت.
قال ابن عباس: أيميط أمير المؤمنين عني غضبه، فيسمع؟
قال: قل ما تشاء.
قال: أما قولك: إن قريشا كرهت، فإن الله تعالى قال لقوم: (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) (92). وأما قولك: إنا كنا نجخف، فلو جخفنا بالخلافة جخفنا بالقرابة، ولكنا قوم أخلاقنا مشتقة من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال له الله تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم) (93) وقال له: واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) (94).
وأما قولك: فإن قريشا اختارت، فإن الله تعالى يقول: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) (95).
وقد علمت - يا أمير المؤمنين - أن الله اختار من خلقه لذلك من اختار، فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لوفقت وأصابت.
فقال عمر: على رسلك - يا ابن عباس - أبت قلوبكم يا بني هاشم إلا غشا في أمر قريش لا يزول، وحقدا عليها لا يحول.
فقال ابن عباس: مهلا - يا أمير المؤمنين - لا تنسب هاشما إلى الغش، فإن قلوبهم من قلب رسول الله الذي طهره الله وزكاه، وهم أهل البيت الذين قال الله تعالى لهم: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (96).
وأما قولك: حقدا، فكيف لا يحقد من غصب بشيئه، ويراه في يد غيره!
ثم قال: وأمير المؤمنين يعلم صاحب الحق من هو، ألم تحتج العرب على العجم بحق رسول الله، واحتجت قريش على سائر العرب بحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فنحن أحق برسول الله من سائر قريش.
فقال له عمر: قم الآن، فارجع إلى منزلك. فلما ذهب هتف به عمر:
أيها المنصرف، إني على ما كان منك لراع حقك!
فالتفت إليه ابن عباس، فقال: إن لي عليك، وعلى كل المسلمين حقا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فمن حفظه فحق نفسه حفظ، ومن أضاعه فحق نفسه أضاع. ثم مضى (97).
ونقل أيضا عن الزبير بن بكار (98)، في كتاب " الموفقيات " عن عبد الله ابن عباس، قال: إني لأماشي عمر بن الخطاب في سكة من سكك المدينة، إذ قال لي: يا بن عباس، ما أرى صاحبك إلا مظلوما.
فقلت في نفسي: والله لا يسبقني بها، فقلت: يا أمير المؤمنين، فاردد إليه ظلامته!
فانتزع يده من يدي، ومضي يهمهم ساعة، ثم وقف، فلحقته، فقال:
يا بن عباس، ما أظنهم منعهم عنه إلا أنه استصغره قومه!
فقلت في نفسي: هذه شر من الأولى! فقلت: والله ما استصغره الله ورسوله حين أمراه أن يأخذ براءة من صاحبك (99).
صدق ابن عباس، فما استصغره الله ورسولك يومذاك، ولا يوم اختاره النبي للمنزلة الأولى بعده: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى ".
ولا يوم أخذ بيده، وهتف باسمه على الملأ من المسلمين، فقال: " من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ".
ولا استصغره قومه - أنفسهم - يوم " أحد " إذ انهزموا عن رسول الله وتركوه معه، ويوم " حنين " ولا يوم " الخندق "! فليتهم لم يعتذروا!
ويجمع الروايتين جميعا ما رواه عن أبي بكر الأنباري في " أماليه " أن عليا عليه السلام جلس إلى عمر في المسجد، وعنده ناس، فلما قام نسبه أحدهم إلى التيه والعجب! فقال له عمر: حق لمثله أن يتيه! والله لو لا سيفه لما قام عمود الإسلام، وهو بعد أقضى الأمة، وذو سابقتها، وذو شرفها.
فقال له ذلك القائل: فما منعكم عنه، يا أمير المؤمنين؟
قال: كرهناه على حداثة السن، وحبه بني عبد المطلب (100)!
فليتهم عرفوا: هل بلغوا العذر عند الله ورسوله بما اعتذروا، بعدما علموا من منزلته، وبعد أن أيقنوا أنه الأولى بلا منازع؟
فهو: ذو سابقتها، وذو شرفها، ولولا سيفه لما قام عمود الإسلام، وبعد فهو أقضى هذه الأمة!
وهو عليه السلام القائل: " لقد تقمصها فلان وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا ".
حتى إذا علموا أنه صلى الله عليه وآله وسلم سيكتب له كتابا في مرضه الأخير لا يمكن بعد نقضه، رفعوا أصواتهم فوق صوته، وقالوا: إنه يهجر!
حسبنا كتاب الله!!
والله إنها لكارثة لست أدري كيف نستطيع أن نغضي عندها أسماعنا!!
أم كيف نغفل مدى غضب رسول الله، وغضب الله عندها!!
أليس من حقنا - بل الواجب الذي يمليه إيماننا بالله ورسوله ودينه علينا - أن نغضب لغضب رسول الله؟
أم إن علينا أن نعتصر قلوبنا، ونقطب جباهنا، نفرة من إثارة هذه الأحاديث، لا لشئ إلا لأنها تمس بمعتقدات نشأنا عليها؟!
لقد شربناها متعطشين، وارتشفناها والهين، ولكنها كانت مشبعة بتلك الهالة المصطنعة، التي أوصدت علينا منافذ الحرية.
إني - يا صديقي - قد ورثت مثلكم تلك القناعات، ولم أكن آلف سواها، بل إني مما يخالفها لحذر نفور.
ولست أنسى كم كنا نحاول الغوص في أعماقها، حتى إذا تغلغلنا يسيرا، اصطدمنا بذلك الحاجز الموهوم، لنرتد على أدبارنا القهقرى!
فكم مرة بلغنا - والحرقة تكوي قلوبنا، والدمعة لها بريق في أعيننا - أن نقول: إن الإمام عليا كان مظلوما.
لقد قلناها كلنا غير مرة، ولكننا لم نتمكن - لما في أنفسنا من حواجز - أن نستغرق النظر، لنعرف مسؤولياتنا تجاه ذلك الظلم، وتلك الظلامة!
لقد أنستنا تلك الحواجز أننا مؤمنون، علينا أن نتحرى الحق فنتبعه، ونلتزم الموقف السليم الذي ينجو بنا يوم الموقف العسير!
ورجائي أن لا أكون مؤاخذا عندك إن قلتها، فهي حقيقة حاكمة مهما حاولنا التنكر لها، إنها العصبية والكبرياء، هي التي تحجبنا عن تبني الموقف الشرعي أينما وجدناه.
ولسنا أول المنهزمين أمامها، فلقد قهرت من هم أشد منا قوة، وأكثر جمعا!
ولعل من بينهم: أبو حامد الغزالي، الذي قال مرة - معتقدا بصحة ما يقول -:
ولكن أسفرت الحجة وجهها، وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته صلى الله عليه وآله وسلم في يوم غدير خم، باتفاق الجميع، وهو يقول:
" من كنت مولاه فعلي مولاه ".
فقال عمر: بخ بخ لك يا أبا الحسن، لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
فهذا تسليم، ورضى، وتحكيم. ثم بعد هذا غلب الهوى بحب الرئاسة وحمل عمود الخلافة، وعقود البنود، وخفقان الهواء في قعقعة الرايات، واشتباك ازدحام الخيل، وفتح الأمصار سقاهم كأس الهواء، فعادوا إلى الخلاف الأول، فنبذوا الحق وراء ظهورهم، واشتروا به ثمنا قليلا، فبئس ما يشترون (101).
ولعل منهم في عصرنا هذا: شيخ الأزهر الأسبق الشيخ سليم البشري، وقد صرح هو بذلك في جوابه للسيد شرف الدين الموسوي، بعد مناقشات ومراسلات طويلة بينهما عرض عليه السيد الموسوي من خلالها أدلة وبراهين قاطعة بأحقية مذهب أهل البيت، وأنهم - عليهم السلام - أولى بالاتباع من سواهم، فأجابه الشيخ، قائلا:
وحين أغرقت في البحث في حجتك، وأمعنت في التنقيب عن أدلتك، رأيتني في أمره مريج:
أنظر في حججك فأراها ملزمة، وفي بيناتك فأراها مسلمة، وأنظر في أئمة العترة الطاهرة فإذا هم بمكانة من الله ورسوله يخفض لها جناح الذل هيبة وإجلالا..
ثم أنظر إلى جمهور أهل القبلة، والسواد الأعظم من ممثلي هذه الملة فأراهم مع أهل البيت على خلاف لما توجبه ظواهر الأدلة!
فأنا أؤامر مني نفسين:
نفس تنزع إلى متابعة الأدلة..
وأخرى تفزع إلى الأكثرية من أهل القبلة! قد بذلت لك الأولى قيادها، فلا تنبو في يديك، ونبت عنك الأخرى بعنادها، فاستعصت عليك..!! (102) يقول هذا وكأنه نسي - غفر الله له - ما لقي أهل البيت منذ غياب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم ما جاء من دور بني أمية، وبني العباس، والعثمانيين في نشر المذاهب الأربعة، وإيقاف العمل عليها، ومحاربة ما سواها، ولا سيما مذهبا سقاه علي والحسن والحسين عليهم السلام!
وإني أعترف على نفسي أن لو لم تتداركني رحمة ربي وتوفيقاته لصرعتني تلك النفس (المعاندة). ولقد كادت، ونجحت مرة، ولكن الله أعانني عليها..
فبعد أن أمضيت الشهور في الدرس، والتنقيب، والمناظرة، والبحث، وبلغت كامل اليقين، واستجمعت قواي في ليلة ختمت فيها مجلسا في بحث متشعب عميق في هذه المواضيع، فخرجت منه وأنا أشد يقينا، وأثبت حجة، عازما أن أبدأ الفجر الجديد بالصلاة وفق مذهب أهل البيت عليهم السلام..
وبينما كنت أعيش نشوة الإنتصار، وحلاوة اليقين، إذ صادف أن اجتمعت مع ثلة من أبناء الشيعة، فتناولنا، أطراف الحديث، فلما رأيتهم يتحدثون وملؤهم الفخر بمذهبهم ثارت في تلك النفس - المعاندة - من جديد، وأبت أن توافقهم!
فخضت الحديث معهم أغالط نفسي على علم وإصرار، ومضيت هكذا حتى سئمت نفسي، واضطربت في داخلي، ولكني لست مستعدا للانقياد لهم!
فعدت متحيرا من نفسي وما فيها، ونمت مصروعا ثقيلا.. وعدت أقضي شهورا أخرى مضطربا، بين يقين عرفته واعتقدته، وبين عناد وكبرياء لهما جذور قديمة!
وبقيت هكذا، أصطنع العلل والأعذار، وأجعلها شرعية طبعا، ولكنها كانت كبيوتات الصغار، يشيدونها على الرمال، فتنقشع، وتزول آثارها بعد ساعة.
حتى أجليت ما في صدري بدموع الليل، وزفرات الخلوة، أبكي حبا وشوقا إلى سادة الخلق، وأنوار الهدى، وأبكي على نفسي وغلبتها.
حتى أحسست وأنا في هدأة الليل كأن قطرة من تلك الدموع قد أتت على آخر عرق من عروق تلك الكبرياء، فاقتلعتها من محلها، وسقت مكانها بذرة، بذرة الطاعة والولاء، فانتفضت، مكبلا أطلق لتوه، خفيف الحمل كطائر صغير، مستبشرا كضائع أشرف فجأة على أحبته وذويه.. وأفقت مطمئنا في أوسط سفينة النجاة، أنهل من منهلها العذب الصافي، وها أنا أحدثك من ظلال ربيعها الزاهر.
وما أن رأوا مني هذا، حتى هجرني من كان يحبني، وجفاني من كان يقول في أني من أهل قوله تعالى: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) (103)!
وليس لهم حجة فيما حملوه إلا الذي كان يخالطني من تلك النفس المعاندة.
ولقد حاورني أحدهم، ولعله من أفضلهم، فقال: أتدري ماذا فعلت أنت؟!
قلت: نعم، لقد أخذت بمذهب الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر ابن زين العابدين ابن سيد شباب أهل الجنة ابن سيد الوصيين، وسيدة نساء العالمين، وابن سيد المرسلين.
فقال: ولماذا تركتنا هكذا، والناس تقول فينا ما تقول؟
قلت: لأني اتبعت ما يقول الله ورسوله.
قال: أي قول تعني؟
قلت: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي ".
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم أنهم سفن النجاة التي من ركبها نجا.
فقال وكأنه يقاطعني: ومن تخلف عنه غرق؟ أتعني كلنا غرقى؟!
قلت: لماذا؟ ألا ترى أنك من المتمسكين بهم؟!
قال: نحن نتمسك بالخلفاء الراشدين بحسب ترتيبهم في الخلافة، ثم بالمذاهب الأربعة!
فقلت له: وما ذنبي تعاتبني؟ ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فمضى..
* * *




____________
(1) يونس 3، هود 24، 30، النحل: 17، المؤمنون: 85، الصافات: 155، الجاثية: 23.
(2) البقرة: 44، 76، آل عمران: 65، الأنعام: 32، الأعراف: 169، يونس: 16، هود: 51 ومواضع أخرى.
(3) سورة محمد (ص): 24.
(4) الكافي 2: 45 / 2 (باب التفكر)، كنز العمال 3 ح / 5711.
(5) تاريخ اليعقوبي 2: 210.
(6) ابن أبي الحديد 6: 17 - 45، تاريخ اليعقوبي 2: 128.
(7) معجم الأدباء 14: 128 - 129، ورواها الذهبي في سير أعلام النبلاء، الترجمة 113 ج 10: 402.
(8) الإمامة والسياسة: 209 - 220، الكامل في التاريخ 4: 111 - 119، تاريخ اليعقوبي 2: 250، العقد الفريد 5: 128، الجوهر الثمين: 78 - 79، تعجيل المنفعة للعسقلاني: 453 - ترجمة يزيد بن معاوية -.
(9) مسند أحمد 3: 71، كنز العمال 1 ح / 249.
(10) مسند أحمد 3: 155، 5: 248، 257، كنز العمال 1 ح / 250، مجمع الزوائد 10: 67 وقال:
رواه أحمد والطبراني بأسانيد رجالها رجال الصحاح غير أيمن بن مالك الأشعري وهو ثقة.
(11) مسند أحمد 3: 155.
(12) مسند أحمد 4: 106 - وأخرجه في الصفحة ذاتها من طريق أبي المغيرة -، مسند أبي يعلى 3: 128، أسد الغابة 5: 159، مجمع الزوائد 10: 66.
(13) مسند أبي يعلى 1: 147 / 160، مجمع الزوائد 10: 65، وأخرجه الحاكم في المستدرك 4: 85 في - ذكر فضائل الأمة بعد الصحابة والتابعين - وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(14) الغرة: بياض الوجه والمحجل: الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد. النهاية 1: 346.
(15) البهم: جمع البهيم، وهو الذي لا يخالط لونه لون سواه، والدهم: من الدهمة وهي السواد. انظر الصحاح: مادة (بهم) (دهم).
(16) هذا نص مسند أحمد 2: 300، ومسند أبي يعلى 11: 387 / 662 - (6502)، وهو في صحيح
مسلم 1: 218 / 249 كتاب الطهارة، وسنن ابن ماجة - كتاب الزهد - 2: 1439 / 4306، والموطأ 1: 28 / 28 - كتاب الطهارة باختلاف يسير في اللفظ.
(17) (صحيح البخاري - باب غزوة الحديبية 5: 264 ح / 197.
(18) أي وقعنا عليه ووطئناه. انظر لسان العرب (نزا) 15: 320.
(19) صحيح البخاري - كتاب الحدود - 8: 304 ح / 25، تاريخ الطبري 3: 201، الكامل في التاريخ 2: 328، تاريخ اليعقوبي 2: 124، البداية والنهاية 5: 216، ابن أبي الحديد 2: 25، الرياض النضرة 1: 234، سيرة ابن هشام 4: 310، جامع الأصول 4: 471.
(20) أنظر ترجمة سعد بن عبادة في: أسد الغابة 2: 283، الإصابة 3: 80 / 3167، الطبقات الكبرى 3: 613، تهذيب الكمال 10: 277 / 2214.
(21) الكامل 2: 331، الطبري 3: 210، أسد الغابة 2: 284، الإصابة 3: 80، تهذيب الكمال 10 : 281، تاريخ ابن خلدون 2: 488، الطبقات الكبرى 3: 616 - 617، سير أعلام النبلاء 1:277.
(22) صحيح البخاري - كتاب الصلاة 1: 194، صحيح مسلم - كتاب الفتن 4: 2235 / 70، 72، 73، مسند أحمد 2: 161، 164، وعدة مواضع أخرى، وترجمة عمار بن ياسر في جميع كتب التراجم والسير.
(23) المستدرك 3: 448، الكامل في التاريخ - أحداث السنة السابعة عشر - 2: 540، تاريخ الطبري 4: 206، البداية والنهاية 7: 83، ابن أبي الحديد 12: 231.
(24) أسد الغابة 4: 199، الإصابة 5: 233، الطبقات الكبرى 5: 560، ابن أبي الحديد 20: 23، سير أعلام النبلاء 1: 161، البداية والنهاية 7: 107، الرياض النضرة 2: 358 - 359.
(25) أسد الغابة 4: 198، الطبقات الكبرى 5: 401، الإصابة 5: 232، سير أعلام النبلاء 1: 161
وقالوا: كان أحد السابقين الأولين هاجر الهجرتين وشهد بدرا.
(26) أسد الغابة 4: 406، الإصابة 6: 131 وترجمة المغيرة في كافة مصادرها.
(27) كنز العمال 1: 198 / 1002.
(28) لسان الميزان 2: 137 - 138.
(29) ميزان الاعتدال 1: 413، لسان الميزان 2: 117 - 118.
(30) عيون أخبار الرضا 2: 87 / 33 وفي إسناده من لم يعرف حاله.
(31) مسند أحمد 1: 193، الترمذي 5: 647، مصابيح السنة 4: 179.
(32) سير أعلام النبلاء 1: 92.
(33) أنظر ترجمته في تهذيب التهذيب 3: 45.
(34) تقريب التهذيب 1: 424 / 394.
(35) التاريخ الكبير 5: 124 / 368.
(36) الضعفاء الكبير 2: 267 / 827.
(37) تقريب التهذيب 1: 472 / 858. وعد السرخسي المستور مع الفاسق والكافر والمعتوه وصاحب الهوى، وقال: قد نص محمد بن الحسن الشيباني على أن خبره كخبر الفاسق. أصول السرخسي 1: 370.
(38) الترمذي 5: 648.
(39) الإستيعاب لابن عبد البر بهامش الإصابة 2: 318.
(40) الرياض النضرة 1: 36.
(41) الترمذي 5: 671 / 3804، مسند أحمد 5: 243، مصابيح السنة 4: 221 / 4899، المستدرك 3: 416 وصححه، ووافقه الذهبي في التلخيص، وأخرجه أيضا أهل التراجم في ترجمة عبد الله بن سلام.
(42) مسند أحمد 1: 177، تهذيب تاريخ دمشق 7: 449، الإصابة 4: 81.
(43) تاريخ الطبري 5: 179، الكامل في التاريخ 3: 216، الإمامة والسياسة: 68.
(44) الكامل في التاريخ 3: 174.
(45) الإمامة والسياسة: 75.
(46) نهج البلاغة - الكتاب رقم (54)، في شرح محمد عبدة 3: 123، صبحي الصالح: 446. العقد الفريد 5: 26.
(47) تاريخ المدينة 3: 925، الإمامة والسياسة 1: 24، تاريخ اليعقوبي 2: 16، الكامل في التاريخ 3:
67، تاريخ الطبري 5: 35، ابن أبي الحديد 1: 187.
(48) الرياض النضرة 1: 35.
(49) مسند أحمد 6: 115، حلية الأولياء 1: 98.
(50) تقدم أنها نزلت في أبي بكر وعمر.
(51) الأحزاب: 53.
(52) أنظر: تفسير الرازي 25: 225، تفسير القرطبي 14: 228، فتح القدير 4: 299، معالم التنزيل للبغوي 4: 483، تفسير ابن كثير 3: 513، تفسير روح البيان 7: 216، الدر المنثور 6: 643 - 644، لباب النقول للسيوطي: 179، البحر المحيط 7: 247.
فلا قيمة إذن لما اعتذر به الآلوسي من أنه قد يكون طلحة بن عبيد الله غير هذا المشهور، وقد رد عليه أبو حيان الأندلسي وفنده وأثبت أنها في طلحة المعروف لا غير وذكر قصة في ندمه على ما قال وقد أشار لها الآلوسي أيضا إلا أنه احتج بأن طلحة قد عصمه الله! فمن أين أتته هذه العصمة التي لا يعتقدها الآلوسي حتى لسيد المرسلين؟!.
(53) أنظر: المستدرك 3: 129، 138، أسد الغابة 3: 116، الترجمة من تاريخ دمشق لابن عساكر 2:
257، 486، الجامع الصغير 2: 177 / 5591، مجمع الزوائد 9: 121، ابن أبي الحديد 9: 169، الرياض النضرة 3: 138، الصواعق المحرقة: 125، وتقدم ذكر مزيد من مصادرها.
(54) صحيح مسلم - الإمارة - 3: 1476 / 53، سنن النسائي 7: 92، جامع الأصول 4: 456 / 2054.
(55) صحيح مسلم - الإمارة - 3: 1480 / 61، جامع الأصول 4: 442 / 2024.
(56) صحيح مسلم - الإمارة - 3: 1479 / 59 - 60، سنن النسائي - التحريم - 7: 92، جامع الأصول 4: 442 / 2025.
(57) الإستيعاب 3: 53، أسد الغابة 4: 33، المستدرك 3: 139، 140، تاريخ بغداد 8: 340 - 341، الترجمة من تاريخ ابن عساكر 3: 200 / 1206 - 1219 من أربعة عشر طريقا عن علي وأم سلمة وأبي أيوب الأنصاري. مجمع الزوائد 6: 235 و 7: 238، كنز العمال 13: 110 / 36361، والمنتخب منه بهامش مسند أحمد 5: 437، 439، 451، وأصحاب المناقب كافة وغيرهم أيضا.
(58) النهاية - في اللغة - 5: 114، مثله في لسان العرب 2: 196 (نكث)، ومفصلا في مناقب الخوارزمي:
109 وما بعدها، والمحاسن والمساوئ: 45، وهو مما لا خلاف فيه.
(59) تاريخ اليعقوبي 2: 171 - 173، تاريخ المدينة 3: 1034، ابن أبي الحديد 1: 199، 3: 28، ومفصلا في صفحة 54، أنساب الأشراف: القسم الرابع: 542 - 545، الرياض النضرة 3:
83 - 84.
(60) هكذا وصفها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه، انظر: الاستيعاب بهامش الإصابة 2:
319، أسد الغابة 3: 257، الإصابة 4: 129، الطبقات الكبرى 3: 155.
(61) تاريخ المدينة 3: 1049، الطبقات الكبرى 3: 150 - 158، أنساب الأشراف: القسم الرابع:
524 - 525، ابن أبي الحديد 1: 199 و 3: 43، الرياض النضرة 3: 84.
(62) أنظر ترجمة عبد الله بن مسعود في: الاستيعاب، وأسد الغابة، والإصابة، والطبقات الكبرى، وغيرها (3) تاريخ المدينة 3: 1099 و 1100 و 1101 و 1102، أنساب الأشراف: القسم الرابع: 358، الإستيعاب بهامش الإصابة 2: 477، ابن أبي الحديد 3: 50، الإمامة والسياسة 1: 32 - 33، الرياض النضرة 3: 85.
(63) سير أعلام النبلاء 2: 9 - 10، الرياض النضرة 3: 84.
(64) ورد في المصدر، في الموضعين: أبو العادية - بالعين المهملة، والصحيح ما أثبتناه عن الإصابة وغيرها.
(65) الفصل في الملل والنحل 4: 161.
(66) المصدر 4: 161، 163، ومثله كلام ابن كثير في البداية والنهاية 7: 290.
(67) المصدر 4: 161.
(68) سير أعلام النبلاء 1: 420، 425، 426. الطبقات الكبرى 3: 261، أسد الغابة 4: 47، كنز العمال 13: 531 / 7383، مجمع الزوائد 9: 297 وقال: رجاله رجال الصحيح.
(69) تاريخ اليعقوبي 2: 132.
(70) الكامل في التاريخ 2: 358، الفتوح لابن أعثم 1: 25 - 26.
(71) سير أعلام النبلاء 11: 88.
(73) الأعراف: 175 - 176.
(74) آل عمران: 144.
(75) صحيح مسلم 4: 2194 / 58، وتقدم مثله كثير في حديث الحوض.
(76) صحيح البخاري - كتاب المغازي - 5: 321 / 339 و - كتاب الأحكام - 9: 133 / 49، وذكره أيضا في كتاب الجزية وكتاب الدعوات من صحيحه، وسنن النسائي - تاب آداب القضاء - 8: 236 ومسند أحمد 2: 151، وحياة الصحابة 2: 422، وتاريخ الإسلام للذهبي - جزء المغازي - 568.
(77) الأحزاب: 21.
(78) سنن الترمذي 5: 636 / 3718، سنن ابن ماجة 1: 53 / 149، المستدرك 3: 130، مسند:
أحمد 5: 351، أسد الغابة 4: 410، الترجمة من تاريخ ابن عساكر 2: 172 / 666، الإصابة 6:
134، الصواعق المحرقة: باب 9: 122، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 134، سير أعلام النبلاء 2 61، الرياض النضرة 3: 188، مناقب الخوارزمي: 34.
(79) مسند أحمد 4: 90، المستدرك 3: 391، سير أعلام النبلاء 1: 415، كنز العمال 13: 533 / 37388.
(80) صحيح مسلم 4: 1947 / 170، مصابيح السنة 4: 211 / 4873، حياة الصحابة 2: 443، سير أعلام النبلاء 2: 25.
(81) حياة الصحابة 2: 484، البداية والنهاية 7: 346، مجمع الزوائد 9: 129 ووثق رجاله.
(82) هما: علي والفضل بن العباس، انظر: البخاري 1: 101 / 11، مسلم 1: 311 / 90 - 92.
(83) الكامل في التاريخ 3: 71.
(84) تاريخ الطبري 3: 211، صفة الصفوة 1: 261، تاريخ الخلفاء: 54، البداية والنهاية 6: 307، الإمامة والسياسة: 16، ابن أبي الحديد 6: 20 و 17: 159، مجمع الزوائد 5: 183، كنز العمال 5:590 / 14050.
(85) صحيح البخاري - كتاب الحدود - 8: 302 / 25 والنص عنه، مسند أحمد 1: 56، الرياض النضرة 1: 232، تاريخ الطبري 3: 200، الكامل في التاريخ 2: 326، سيرة ابن هشام 4: 308 - 309، الملل والنحل للشهرستاني: الجزء الأول - الخلاف الخامس - 30 - 31، تاريخ الخلفاء للسيوطي:
51، ابن أبي الحديد 2: 23، وانظر النهاية لابن الأثير 3: 175، 467.
(86) تاريخ الخلفاء: 62 - 63، تاريخ الطبري 4: 54، الكامل في التاريخ 2: 425، الإمامة والسياسة 1: 19، السنن الكبرى للبيهقي 8: 149.
(87) الطبري 5: 34، الكامل 3: 65، صفة الصفوة 1: 367، 383 على الترتيب.
(88) صفة الصفوة 1: 494، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 2: 188، والرتوة: الرمية، والمعنى:
أنه يتقدم عليهم بمقدار رمية حجر.
(89) تقدم ذكر العديد من مصادره في حديث الغدير.
(90) الرياض النضرة 3: 118، مجمع الزوائد 9: 130، فرائد السمطين 1: 345، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 136، الترجمة من تاريخ ابن عساكر 1: 220 / 283، المستدرك 3: 125، الصواعق المحرقة: باب 9. فصل 1: 127.
(91) الجخف: التكبر.
(92) سورة محمد (ص): 9.
(93) القلم: 4.
(94) الشعراء: 215.
(95) القصص: 68.
(96) الأحزاب: 33.
(97) تاريخ الطبري 5: 31، الكامل في التاريخ 3: 63 - 65، ابن أبي الحديد 12: 53 - 54.
(98) هو الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، وهو شيخ ابن ماجة والبغوي وابن ناجية وأبي حاتم، وقد وثقه أحمد، وابن حبان، والدارقطني، ويحيى بن معين، والنسائي، وقالوا فيه: كان ثقة ثبتا عالما بالنسب وأخبار المتقدمين ومآثر الماضين.
توفي سنة 256 هـ‍.
تهذيب الكمال 9: 293، تهذيب التهذيب 3: 312 / 580.
(99) ابن أبي الحديد 6: 45، 12: 46.
(100) المصدر 12: 82.
(101) كتاب السر العالمين - للغزالي - المقالة الرابعة 20 - 24، ورواه عنه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص:62.
(102) المراجعات: المراجعة 11 ص 32.
(103) الفرقان: 63.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page