• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الكتاب المقدس

الكتاب المقدس

العهد القديم
العهد الجديد
عيسى وحياته في العهد الجديد
الصلب والقيامة
الفداء والخطيئة الأصلية
من هو المسيح في العهد الجديد؟
الثالوث الأقدس
الشريعة
الخلاصة
إن الكتاب المقدس - كما يعتقد المسيحيون - هو مجموع الكتب الموحاة من الله، والمتعلقة بخلق العالم وتاريخ معاملة الله لشعبه وكذلك مجموع النبوءات عما سيكون حتى المنتهى، والنصائح الدينية والأدبية التي تناسب جميع بني البشر في كل الأزمنة. وفي الكتاب المقدس جميع أنواع الكتابة من نثر وشعر، وتاريخ وقصص، وحكم وأدب، وتعليم وفلسفة وأمثال وإنذار (1).
ويبلغ عدد الكتاب (الملهمين) الذين كتبوا الكتاب المقدس أربعين كاتبا. وهم من جميع الطبقات، فبينهم الراعي والصياد وجابي الضرائب والقائد والنبي والسياسي والملك و...
وقد استغرقت مدة كتابة الكتاب المقدس ألفا وستمائة سنة، وكان جميع هؤلاء الكتاب من الأمة اليهودية ما عدا لوقا كاتب الإنجيل الذي دعي باسمه إذ يظن أنه كان أمميا من أنطاكية، والنسخ الأصلية للكتاب المقدس ليست موجودة الآن، بل كل ما هو موجود هو نسخ مأخوذة عن ذلك الأصل.
ويعتقد المسيحيون كذلك أن الكتاب المقدس - باعتباره أصل الإيمان المسيحي ومصدره - خال من الأخطاء والزلل وفيه كل ما يختص بالإيمان والحياة الروحية، وأنه كلمة الله وقاعدة الإيمان والحياة العملية لجميع البشر (2).
وينقسم الكتاب المقدس إلى عهدين:
1 - العهد القديم.
2 - العهد الجديد.
وسوف نبحث في كل من هذين العهدين بشكل مستقل، ولأن المسيحيين يعتقدون أن العهد القديم كان تمهيدا للعهد الجديد وأن العهد الجديد هو المتمم له، فهو أكثر أهمية من العهد القديم لذا سنتوسع فيه أكثر.

العهد القديم

كتب أكثر العهد القديم باللغة العبرانية، وقد وجدت بعض الفصول بالأرامية وهي لغة شبيهة بالعبرانية، والعهد القديم الموجود بين أيدينا مأخوذ عن النسخة الماسورية التي أعدتها جماعة من علماء اليهودية في طبرية من القرن السادس إلى الثاني عشر للميلاد (3).
ويتألف العهد القديم من (39) سفرا أ و (43 - 44) سفرا حسب الكنيسة وذلك بإضافة أسفار أو أجزاء أسفار وصفت بالقانونية - اللاحقة... وقد قسم اليهود أسفار العهد القديم إلى ثلاثة أقسام وهي:
1 - التوراة أو الناموس. 2 - الأنبياء، وهم الأولون والمتأخرون 3 - الكتب. وذلك في اجتماع لمعلمي الشريعة من مختلف البلدان في فلسطين سنة 90 (ب. م) (4).
وأما ترتيبها فهي كالآتي:
أ - التوراة أو الناموس: وهي أسفار موسى (عليه السلام) الخمسة وهي:
1 - تك: لسفر التكوين: وهو الأول من التوراة ويسمى أيضا بسفر (الخليقة) بمقتضى تسمية الترجمة السبعينية، ويسمى في العبرانية (جر نشيت).
2 - خر: لسفر الخروج، وهو الثاني بتسمية السبعينية، وفي العبرانية يسمى (واله شموت).
3 - لا: لسفر اللاويين، وهو الثلث بتسمية السبعينية، وفي العبرانية يسمى (ويقرا).
4 - عد: لسفر العدد وهو الرابع بتسمية السبعينية، وفي العبرانية يسمى (ويدبر)
5 - تث: لسفر التثنية وهو الخامس بستمية السبعينية، وفي العبرانية يسمى (اله) ويسمى أيضا دباريم.
وأما بقية الأسفار فهي:
6 - يش: لسفر يشوع النبي.
7 - قض: لسفر القضاة.
8 - (را) لكتاب راعوث
9 - 1، اصم: لسفر صموئيل الأول.
10 - 2، اصم: لسفر صموئيل الثاني.
11 - 1، امل: لتاريخ الملوك الأول.
12 - 2، مل: لتاريخ الملوك الثاني.
13 - (1 أي) لتاريخ الأيام الأولى.
14 - (2 أي) لتاريخ الأيام الثاني.
15 - (عز) لكتاب عزرا.
16 - (نح) لكتاب نحيا.
17 - (اس) لكتاب لكتاب أستير.
18 - (أي) لكتاب أيوب.
19 - (مز) لمزامير داود أي الزبور.
20 - (أم) لأمثال سليمان.
21 - (جا) لكتاب الجامعة المنسوب لسليمان.
22 - (نش) لنشيد الأنشاد.
23 - (اش) لكتاب أشعيا.
24 - (ار) لكتاب أرميا.
25 - (حرا) لمرائي أرميا.
26 - (حز) لكتاب حزقيال.
27 - (دا) لكتاب دانيال.
28 - (هو) لكتاب هو شع.
29 - (يؤ) لكتاب يوئيل.
30 - (عا) لكتاب عاموس.
31 - (عو) لكتاب عوبديا.
32 - (يون) لكتاب يونان أي يونس بن متي.
33 - (مي) لكتاب ميخا.
34 - (نا) لكتاب ناحوم.
35 - (حب) لكتاب حبقوق.
36 - (صف) لكتاب صنفينا.
37 - (حج) لكتاب حجي.
38 (زك) لكتاب زكريا.
39 - (مل) لكتاب ملاخي.
ولهذه الكتب في النسخ العبرانية ترتيب آخر من حيث التقديم والتأخير (5).
وأما الأسفار (القانونية - اللاحقة) فهي:
1 - سفر طوبيا.
2 - سفر يهوديت.
3 - سفر نبوءة باروك.
4 - سفر المكابين (6).
والكنيسة تعتبر أسفار العهد القديم أسفارا قد دونت بالهام روح القدس، وعلى هذا فهي تقبله في عداد الكتب المقدسة، مع أن هناك اختلافا بين العهد القديم عند اليهود والذي قبلته الكنيسة، ويعود هذا الاختلاف، إلى اختلاف اللاهوتيين اليهود أنفسهم، فالبعض يصرحون في الواقع أن الروح (أي روح الله الذي يوحي) لم ينزل على أحد منذ غياب الأنبياء المتأخرين مثل: حجي وزكريا وملاخي، وبعض الفئات الأخرى من اليهود (الأسانيين قي قمران، واليهود المتشتتين في المعمورة) تمسكوا باستمرارية الوحي. والكنيسة تمسكت بدورها بهذه الاستمرارية مستندة في ذلك إلى شهادة المسيح (عليه السلام) والرسل.
وأيضا تتمسك بالترجمة (السبعينية) (7) وهي (ترجمة يهود الاسكندرية للعهد القديم إلى اللغة اليونانية ويعتبرونها كتابهم الخاص) لنفس السبب (8).
واعتقاد أرباب الكنيسة بأن العهد القديم كتاب سماوي وموحى يستندون فيه إلى استشهاد المسيح (عليه السلام) والرسل بالعهد القديم فهم كانوا يعتبرونه كتابا ملهما، روحيا، إلهيا والاستشهاد به دليل على ذلك (9).
ويتضح من هذه المقدمة أن أسفار العهد القديم قد ظهرت للوجود تدريجيا ولمدة حوالي خمسة عشر قرنا لتؤلف لنا العهد القديم، وأن المسيحيين يرون أن هذا العهد كله كان تمهيدا وبشارة بمجئ يسوع المسيح (عليه السلام) ويستشهدون بنبوءات كثيرة جاءت فيه وتحققت هذه النبوءات في المسيح (عليه السلام).
وفي الحقيقة فأني لست في صدد البحث في العهد القديم وتاريخه بشكل مفصل هنا، وإن شاء الله سوف نقدم بحثا مستقلا عن الكتاب المقدس بعهديه نتطرق فيه إلى العهد القديم بشكل موسع، ولكن لا بد هنا من الإشارة إلى بعض النقاط التي أوقفتني من خلال الدراسة فيه ومنها:
1 - أن هذه الأسفار (المقدسة) قد كتبت خلال فترة خمسة عشر قرنا تقريبا أو أكثر ومعظم النصوص الأصلية أو كلها مفقودة الآن، إضافة إلى هذا فإن الكثير منها لا يعرف مؤلفوها فهي مجهولة ولا من هو ناسخها ومتى كتبت، والنسخ المتوفرة مأخوذة عن نسخ أصلية كما يعتقد في أحسن الأحوال، فهل يمكن القول بأن الناسخ لهذه الكتب الجديدة لم يخطئ، ولا سيما عند القول بأن هذه الكتب مترجمة من اللغة العبرية إلى اللغات الأخرى؟!
وهل هذه الترجمة - كما كان يعتقد اليهود في الترجمة السبعينية - إنما تمت بوحي من الله تعالى أم لا؟
ولهذا أعتقد أن هذه الكتب والأسفار التي بين أيدينا الآن من العهد القديم لا يمكن الاعتماد عليها بشكل قاطع ويقيني ولا يمكن الاطمئنان من أنها لم تتسرب إليها الأخطاء إذ ينقل في قاموس الكتاب المقدس ما نصه وكل ما وصل إلينا هو نسخ مأخوذة عن ذلك الأصل. ومع أن النساخ قد اعتنوا بهذه النسخ اعتناء عظيما فقد كان لا بد من تسرب بعض السهوات الإملائية الطفيفة جدا إليها (10).
فعلى أقل تقدير هناك شك في أن هذه النسخ الموجودة هي نفس النسخ الأصلية، ولذا نرى الاختلافات القائمة بين علماء الكتاب المقدس حول هذه الأسفار.
2 - نحن باعتبارنا مؤمنون بالله ورسالاته وعلى اختلاف المذاهب والأديان نعتقد بأن الأنبياء الإلهيين هم من أفضل البشرية ولهذا نستطيع القول بأنهم صالحون وعلى الأقل معصومون من الذنوب والخطايا التشريعية، ولكننا للأسف نجد في هذه الأسفار، وفي مواضع كثيرة نسبة هذه المعاصي والخطايا الكبيرة لهؤلاء الأنبياء العظام، كشربهم للخمر والزنا بالمحارم وغير ذلك من الأمور التي يأبى كل مؤمن شريف التفكير بها فضلا عن مزاولتها، وها أنا أذكر بعض الأمثلة على هذا ومن أراد التوسع فليطالع العهد القديم.
ينقل في العهد القديم أن النبي لوط (عليه السلام) قد شرب الخمر وسكر ومن ثم ارتكب خطيئة الزنا مع من حرم عليه الزواج منهن (بناته) ومن ثم حملن منه (أنظر: سفر التكوين (19 - 1 - 38)، وكذلك ينقل عن النبي سليمان (عليه السلام) الذي كان مملوءا بالحكمة، أن السنوات الأخيرة من حكمه كانت مؤسفة، فقد بدأ بتعدد الزوجات، وأحب نساء كثيرات إضافة إلى بنت فرعون (زوجته) فكان له سبعمائة من الزوجات وثلاثمائة من السراري استطعن أن يميلن قلبه إلى الآلهة الغريبة حتى بنى أماكن لعبادة الأوثان أيضا، إرضاء لهن فغضب الرب عليه أنظر (1 ملوك: 11: 1 - 25).
وكذلك قصة نوح النبي (عليه السلام) إذ ينقل في العهد القديم أنه صنع مسكرا وشربه وسكر فكشف عورته أمام أولاده فغطوه. أنظرالتكوين: 9: 1 - 29) وقصة يعقوب ومصارعته مع الرب وغيرها من القصص الأخرى تجعلنا نعتقد أن هذه الأسفار قد دخلت فيها بعض التحريفات التي تدفعنا للاعتقاد بأن هذا العهد القديم الموجود بين أيدينا وعلى أقل تقدير ليس كله وحيا إلهيا.
إضافة إلى هذا، هناك بعض القصص العجيبة التي يرفضها العقل مثلا (فالأنبياء يتعرون) - وفيما شاول ذاهب إلى هناك حل عليه روح الله فأخذ يتنبأ طول الطريق ونزع أيضا ثيابه وتنبأ أيضا أمام صموئيل وانطرح عريانا كل ذلك النهار وليله لذلك يقال شاول أيضا من الأنبياء). (أنظر: اصم: 19: 20 - 24).
وأيضا أشعيا (20: 1 - 6) فالنبي أشعيا (مشى عاريا حافيا لمدة ثلاث سنين، كذلك يمشون سبايا مصر عراة حفاة مكشوفة مؤخراتهم وغيرها الكثير.
3 - من المسائل التي يمكن ذكرها أيضا كثرة التناقضات الموجودة فيها، ففي القصة الواحدة مثلا نرى أن بعض الأسفار تخالف الأسفار الأخرى بل ونجد في السفر الواحد بعض التناقضات ففي سفر التكوين ينقل عن قصة نوح والسفينة بأنه أمر أن يأخذ معه من كل ذي جسد اثنين ذكرا وأثنى. أنظر (تك 6: 19 - 20) وفي نفس السفر يأتيه الأمر أن تأخذ سبعة سبعة ذكرا وأنثى. أنظر (تك 7: 2 - 3) وأمثال هذا كثير في أسفار العهد القديم، وهو ما يقودنا إلى القول بأنه هذه الأسفار من وحي ونتاج الخيال البشري ويستحيل قبولها على أنها وحي إلهي.
وأكتفي بهذا المقدار من الحديث عن العهد القديم، على أمل أن أوفق للبحث فيه بشكل مستقل وموسع إن شاء الله في المستقبل القريب.

العهد الجديد

أن كتاب العهد الجديد له مكانته الخاصة عند المسيحيين، فهو يعتبر متمما ومصدقا لما جاء في العهد القديم، وهو الأساس لكل العقائد المسيحية ولهذا فأني سأحاول التوسع فيه بعض الشئ.
ويعتقد بعض علماء الكتاب المقدس أن العهد الجديد قد كتب بلغة يونانية تسمى (بالكوني) وهي اللغة العامية ممزوجة ببعض الاصطلاحات العبرانية، وأهم النسخ الكاملة من العهد الجديد هي النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية إذ يعتقد أنهما كتبتا في القرن الرابع الميلادي، وكذلك النسخة الاسكندرانية المكتوبة في القرن الخامس الميلادي (11).
ويتألف العهد الجديد من (27) سفرا وهي: الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل وعدة رسائل لبولس وبطرس ويعقوب ويهوذا ويوحنا مع رؤية يوحنا، وإليك نبذة تاريخية مختصرة عن كل واحد من هذه الأسفار.

(الأناجيل الأربعة)

1 - إنجيل متي:
وهو أول الأناجيل ويرجح أن يكون كاتبه هو الرسول متي أحد الاثني عشر رسولا، وهو لاوي بن حلفي وكان عشارا يجمع الأموال للحكومة الرومانية. وقد أختلف القول بخصوص هذا الإنجيل في لغته وزمان تأليفه فذهب البعض إلى أنه كتب أولا بالعبرانية أو الآرامية (التي كانت لغة فلسطين في تلك الأيام) وترجم بعد ذلك إلى اليونانية، وذهب آخرون إلى أنه كتب باليونانية كما هو الآن. وأما زمان تأليفه فقد أختلف فيه أيضا إذ يحتمل أنه كتب بين 37 إلى 63 ميلادي (12). ويسمى هذا الإنجيل مع إنجيلي مرقس ولوقا بالأناجيل المتوافقة أو الإزائية وذلك لأنها متشابهة إلى حد كبير.
و يتميز هذا الإنجيل عن الأناجيل الثلاثة الباقية بأنه يحكي حوادث وأمثالا لا توجد في الإنجيل الأخرى، كما أنه الإنجيل الوحيد الذي يشير إلى الكنيسة ويذكرها باسم (الكنيسة) على وجه التخصيص.
2 - إنجيل مرقس:
ويعتقد بأن مؤلف هذا الإنجيل هو مرقس أحد تلامذة بطرس الرسول، فهو ليس من تلاميذ السيد المسيح (عليه السلام).
وكان الاعتقاد السائد في أواخر القرن الأول الميلادي أن هذا الإنجيل قد كتب في روما ووجه إلى المسيحيين الرومانيين.
فقد كتب بابيوس مستندا إلى ما استقاه من يوحنا الرسول:
هذا أيضا ما قاله الشيخ أن مرقس وقد كان مفسرا لبطرس ومترجما لآرائه، سجل جميع الأشياء التي تذكرها من أقوال المسيح (عليه السلام) وأعماله وذلك لم يسمع الرب
(يسوع) ولا كان من أتباعه ولكنه أتبع بطرس فيما بعد (13).
وأما تاريخ هذا الإنجيل فهو يتراوح بين سنة 64 م وسنة 70 م.
وفي هذا الصدد يقول الأب (إيرينيوس) أحد آباء الكنيسة الأولين أن مرقس كتب البشارة التي تحمل اسمه قائلا بعد أن نادى بطرس وبولس بالإنجيل في روما وبعد انتقالهما سلم لنا مرقس كتابة مضمون ما نادى به بطرس وعلى هذا يحتمل كتابة هذا الإنجيل بين عام 65 م و 68 م (14).
ومرقس هذا كما زعم البعض فهو الشاب الذي تبع يسوع لما أخذه اليهود في بستان الزيتون وأقاموا الدليل على ذلك أن مرقس انفرد برواية ما جرى لذلك الشاب وكأنه يريد أن يشير إلى نفسه فيقول:
وتبعه شاب ليس عليه غير إزار فأمسكوه. فتخلى عن الإزار وهرب عريانا (إنجيل مرقس 14: 51 - 52). وكان مرقس نسيب الرسول برنابا، أحد وجهاء كنيسة أورشليم القدس وكبار المبشرين بالإنجيل وكان ابن امرأة اسمها مريم ساكنة في أورشليم والظاهر أنه اهتدى إلى الإيمان المسيحي بواسطة خدمة بطرس الذي كان يتردد على بيت أمه، وصاحب بولس وبرنابا في أورشليم إلى أنطاكية، ولكنه فارقهما لأسباب لم تعرف (15). ويعتبر إنجيل مرقس أقصر الأناجيل الأربعة.
3 - إنجيل لوقا:
حسب الاعتقاد السائد في القرن الثاني للميلاد فإن كاتب هذا الإنجيل هو لوقا وهو رفيق وصديق بولس، ويحتمل أيضا أنه كاتب سفر أعمال الرسل، ولهذا فما هو معروف عنه مأخوذ من سفر الأعمال حيث يذكر أنه كان مع بولس في قسم من أسفاره. ولد لوقا من أبوين يونانيين في أنطاكية - سورية - وكان يمارس الطب وزعم البعض أنه كان رساما، وتتلمذ لبولس وكان غالبا في صحبته إلى أن استشهد بولس فتركه، إلا أنه لا يعرف أين قضى بقية عمره ولا أين مات غير أن الكنيسة تكرمه تكريم الشهداء (16).
وكتب هذا الإنجيل باللغة اليونانية، وأما تاريخ كتابة هذا الإنجيل فيعتقد أن أعمال الرسل قد كتب بعد كتابة الإنجيل بوقت قصير، ويرجح أن سفر أعمال الرسل كتب سنة 62 أو 63 ميلادية ولهذا يحتمل علماء الكتاب المقدس أنه مكتوب في سنة 60 ميلادية تقريبا. كما قد ورد في هذا الإنجيل بعض الحوادث التي لم تذكر في غيره من الأناجيل. ويظهر من مقدمة إنجيله أنه لم يكن معاينا للحوادث التي كتبها بل ألف إنجيله من شهادة الذين عرفوا السيد.
ومما يخص به هو نقل الحوادث التي جرت قبل ولادة المسيح (عليه السلام). وبعدها والظاهر أنه أخذها عن كتابة ربما نقلت عن أم الرب (مريم) لأنه لم يعرف أحد غيرها كثيرا مما ذكر بهذا الشأن (17).
4 - إنجيل يوحنا:
وهو الإنجيل الرابع والذي يختلف كثيرا عن الأناجيل الثلاثة، إذ يعتقد أن 90 % من هذا الإنجيل غير موجود في الأناجيل الثلاثة، وهو من أكثر الأناجيل التي دارت حولها الشكوك بين علماء الكتاب المقدس، فذهب البعض إلى أن كاتبه هو يوحنا ابن زبدي الرسول وأحد التلاميذ المقربين جدا ليسوع المسيح (عليه السلام)، ويذكر المؤرخون أن يوحنا الرسول كان تلميذا ليوحنا المعمدان (يحيى) (عليه السلام) ومن ثم دعاه عيسى (عليه السلام) فاتبعه وأخيه يعقوب، فأصبح هو ويعقوب وبطرس من التلامذة المقربين ليسوع
(عليه السلام).
وينقل أيضا أن كاتب هذا الإنجيل هو يوحنا الشيخ ويعتقد أنه (يوحنا الشيخ) هو نفسه يوحنا الرسول. وقد ذكر أن الهدف من كتابة هذا الإنجيل هو تثبيت الكنيسة الأولى في الإيمان بحقيقة لاهوت المسيح (عليه السلام) وناسوته ودحض البدع المضلة التي كان فسادها آنذاك قد تسرب إلى الكنيسة، كبدع الدوكنيين، والغنوسيين وغيرها (18).
ويوحنا هذا مع أنه هرب مع بقية التلاميذ لما أمسك بالمسيح (عليه السلام) ولكنه كما ينقل يوحنا في إنجيله (19 - 26) أودعه المسيح (عليه السلام) العناية بأمه العذراء مريم
(عليها السلام).
ويشكك بعض علماء العهد الجديد في صحة نسبة هذا الإنجيل إلى يوحنا، إذ ينقل (برطشنيدر) إن هذا الإنجيل كله وكذا رسائل يوحنا ليست من تصنيفه، بل إنما صنفه بعضهم في ابتداء القرن الثاني ونسبه إلى يوحنا ليعتبره الناس. ورجح البعض الآخر أن هذا الإنجيل هو من تأليف طالب من طلبة الاسكندرية. وأما زمن كتابة هذا الإنجيل فيحتمل أنه كتب بين سنة 96 - 100 ميلادية.
وإذا عرف زمان شهادة يوحنا الرسول لأمكن معرفة صحة انتساب هذا الإنجيل إليه أو لا، ولكن في زمن شهادته اختلاف أيضا، إذ يقول البعض أنه استشهد سنة 100 ميلادية، بينما يعتقد آخرون أنه كان سنة 70 ميلادية.
وأما مضمون هذا الإنجيل فإنه يختلف تماما عن بقية الأناجيل كما ذكرنا، إذ أنه يجسد بوضوح الناحية الإلهية من حياة يسوع المسيح (عليه السلام). والمسيحيون يعتمدون على هذا الإنجيل في إثبات ألوهية المسيح (عليه السلام) أكثر من بقية الأناجيل، إضافة إلى ذلك فإنه ينقل للمسيح (عليه السلام) بعض المعاجز التي لم تذكر في أي من الأناجيل السابقة.

سفر أعمال الرسل

هذا هو عنوان السفر الخامس من أسفار العهد الجديد. وترجع هذه التسمية إلى القرن الثاني الميلادي، وفي الحقيقة فإن هذا الاسم لا يدل على أن السفر يذكر كل أعمال الرسل، بل القصد من السفر هو إظهار كيفية تأسيس الكنيسة المسيحية، وانتشار المسيحية بين اليهود.
وابرز شخصية في القسم الأول من السفر هي شخصية بطرس الرسول رئيس الكنيسة، وأما الشخصية البارزة في القسم الثاني من السفر فهي شخصية بولس.
إضافة إلى ذلك فإن السفر يذكر شخصيات وأعمال غيرهما من الرسل في مناسبات عدة.
والسفر معنون باسم رجل يدعى ثاوفيليس، وهو نفسه الذي كان قد أهداه الإنجيل. ويعتقد أن مؤلف هذا السفر هو نفسه لوقا الإنجيلي، وقد كتب بين سنة 64 - 70 ميلادية، باللغة اليونانية التي كتب بها إنجيل لوقا.

الرسائل

وتتألف الرسائل من قسمين رئيسين، أولهما رسائل بولس وثانيهما الرسائل العامة.
رسائل بولس: نرى من الضروري قبل كل شئ التعريف بشخصية بولس فنذكر نبذة مختصرة عن حياته:
أن المعلومات المتوفرة عن شخصية بولس موزعة بين سفر أعمال الرسل ورسائله.
ولد بولس في طرسوس من قيلقيية في السنة العاشرة للميلاد تقريبا، وكان أبوه يهوديا من سبط بنيامين، وكسائر صبيان اليهود تعلم حرفة صنع الخيام للاكتساب منها، وبدأ تحصيله في طرسوس التي كانت مركزا علميا إذ كانت مركزا للفلسفة الرواقية التي ظهر تأثيرها في كثير من تعبيرات بولس عن المبادئ المسيحية.
وسافر بولس إلى أورشليم - القدس وعمره 20 أو 22 سنة حينما شرع المسيح برسالته (19).
وبولس له اسمان الأول عبري وهو شاؤل ومعناه (المطلوب) وهو المذكور في أعمال الرسل حتى الفصل الثالث عشر. والآخر بولس ومعناه (الصغير) وهو المذكور في بقية فصول سفر أعمال الرسل وفي كل الرسائل.
وحضر في أورشليم عند أحد أكابر علماء الشريعة اليهودية واسمه (جملاييل): وكانت له ثقافة يونانية - رومانية إضافة إلى ثقافته اليهودية، وكان يعرف اللغة الآرامية والعبرية واليونانية (20). وكان حارا حاذقا شديد الانفعال، وكان من طبعه أنه لا ينقاد إلى الاتفاق مع الذين يخالفونه، على أن الله قهر عنفه الطبيعي وحدة خلقه (21).
والنقطة المهمة والمتيقن منها في حياة بولس هي أنه تبوأ مكانة عند علماء اليهود، وعند ظهور الدعوة المسيحية شن حربا شعواء ضد المسيحيين، فقد كان يضطهدهم كثيرا، وكان من الذين ساقوا التهم إلى أول شهيد في المسيحية (إستفانوس)! فكان شخصا متعصبا لليهودية، وكان له النصيب الأوفر في ملاحقة أتباع المسيح (عليه السلام) وقطع دابرهم، ولم يكتف بملاحقتهم في أورشليم بل لا حقهم خارجها أيضا.
فالتمس من عظيم الأحبار في أورشليم رسائل إلى مجامع دمشق حتى يسوق إلى أورشليم كل من كان على هذه الملة، وفي طريقة إلى دمشق وحسب سفر أعمال الرسل: تراءى له يسوع المسيح (عليه السلام) وقاله له شاول، وشاول لماذا تضطهدني فانقلب حاله ثم دخل دمشق وبعد ثلاثة أيام جاءه حننيا وعمده، فتحول بولس من مضطهد إلى مناصر للمسيحية، وبعدها أختاره المسيح (عليه السلام) ليبشر بالعقيدة المسيحية إلى الوثنيين.
فبدأ تبشيره إلى جميع الأمم في آسيا وأوربا فذهب إلى بلاد العرب وفلسطين وسوريا ولبنان وتركيا ويونان وقبرص ورومية وربما أيضا إسبانيا، وكانت خاتمة حياته أنه استشهد في روما سنة 67 م (22).
وفي الحقيقة نستطيع القول أن بولس هذا صار الرجل الأول في المسيحية بعد يسوع (عليه السلام) إذ أنه ارتفع صيته وشهرته حتى على الرسل الاثني عشر، وترجع أغلب عقائد المسيحية إليه وسنشير إلى ذلك لاحقا أن شاء الله تعالى.
ولم يكتب بولس أكثر هذه الرسائل بل أملاها على غيره وكثيرا ما كان يخرج عن موضوعه لسبب عروض كلمة أو أمر تذكره أو كان يخشاه (23).
وأما رسائله فهي:
1 - رسالته إلى أهل رومية: كتبها إلى المسيحيين القاطنين في رومية، ويحتمل أنها كتبت شتاء سنة 58 م.
2 - رسالته إلى أهل تسالونيكي الأولى: ويحتمل أنها كتبت بين سنة 52 - 53 ميلادية وكتبها في كورنثوس.
3 - رسالته إلى أهل تسالونيكي الثانية: وهي كتبت بعد الرسالة الأولى بفترة قصيرة.
4 - رسالته إلى أهل غلاطية: وكتبت في أفسس سنة 54 - 57 ميلادية.
5 - رسالته إلى أهل كورنثوس الأولى: يرجح أنها كتبت في سنة 57 - 58 ميلادية. في أفسس ومكدونية.
6 - رسالته إلى أهل كورنثوس الثانية: وكتبت بعد الأولى بفترة قليلة.
7 - رسالته إلى أهل كولوسي وأفسس وفيلبي وفليمون:
وكتبت سنة 61 - 63 م في رومية.
8 - رسالته إلى أهل فيلبي: وكتبت سنة 63 م أو بعد ذلك بقليل.
9 - رسالته إلى أهل كولوسي: وكتبت على ما يظن سنة 63 م.
10 - رسالته إلى أهل فليمون: كتبت بين 63 م - 64 م.
11 - رسالته إلى تيطس: وهو رفيقه وكتبت سنة 64 م - 67 م.
12 - رسالته إلى تيموثاوس الأولى: كتبت بين سنة 64 - 66 ميلادية من مقدونية.
13 - رسالته إلى تيموثاوس الثانية: وكتبت سنة 67 ميلادية - من رومية.
هذه هي باختصار الرسائل المنسوبة إلى بولس، وحسب تاريخ كتابتها فهي مكتوبة على وجه التقريب قبل الأناجيل الأربعة، باللغة اليونانية الدارجة في عصره، ولقد أصبحت هذه الرسائل من أهم مراجع الديانة المسيحية لمعرفة عقيدتها، وهذا ما جعل كثيرا من الآباء القديسين والعلماء قديما وحديثا يكتبون عنها ويعلقون عليها.
وإضافة إلى هذا فإن هناك العديد من الرسائل الأخرى لبولس ولكنها فقدت ولم تصل إلينا (24).
الرسالة إلى العبرانيين:
وهذا السفر يعتبر غامضا من جهة تأليفه، إذ لا يوجد بين علماء الكتاب المقدس إجماع أو اتفاق على حقيقة كاتب الرسالة، ومنذ عهد آباء الكنيسة الأولى والجدال يدور حول اسم الكاتب لهذا السفر، فقد اعتبرتها الكنيسة الشرقية من وضع بولس، مع أن فيها مادة وأسلوبا يختلف عن باقي كتابات بولس.
وفي العصر الحاضر أجمع العلماء على أنها ليست من تأليف بولس.
واعتقد (كليمنت الاسكندري) أن لوقا ترجمها عن النسخة الأصلية التي كتبها بولس بالعبرانية، أما الكنيسة الغربية فقد شككت في أنها من وضع بولس، وقال طرطوليان أنها من وضع القديس برنابا، وذكر (أوريجينس) المصري (القرن الثالث) أن كاتبها هو (أبلس) الذي جاء أسمه في سفر أعمال الرسل (18 - 24) -.
وبالرغم من كل هذا بقي الاختلاف في مؤلف هذا السفر إلى يومنا هذا، ولكن الكنيسة اعترفت بها وأدرجتها ضمن الأسفار الملهمة (1). وكذلك تاريخ كتابتها فهو الآخر مجهول ويعتقد أنها كتبت في إيطاليا لأنه قد ذكر ذلك في السفر نفسه إذ ورد فيه: يسلم عليكم الذين في إيطاليا (13 - 24).
رسالة يعقوب: وهي منسوبة للقديس يعقوب الذي لعب دورا كبيرا في كنيسة أورشليم إذ أصبح أول أساقفتها بعد رحيل بطرس إلى أنطاكية، ويحتمل أنها كتبت بين 50 - 60 ميلادية، وهي تحتوي على حكم ونصائح وتعليمات للسلوك المسيحي، وهي لا تشبه الرسائل في العهد الجديد بل هي أشبه بنسق الأنبياء في العهد القديم.
وليس في الرسالة إشارة إلى آلام يسوع وقيامته، ولم تبدأ بتحيات وتنته ببركات رسولية كبقية الرسائل. وقد أعترض على هذا السفر لوثر إذ يقول أنها تناقض تعليم بولس عن التبرير بالإيمان والمحبة للمخلص يسوع (عليه السلام) (25). فإن يعقوب يؤكد على الإيمان والعمل معا أنظر (2: 14) ما المنفعة يا أخوتي أن قال أحد أن له إيمانا ولكن ليس له أعمال هل يقدر الإيمان أن يخلصه، أن الإيمان بدون أعمال ميت.
رسالتا بطرس: أن كاتب هاتين الرسالتين هو بطرس الرسول ويتضح ذلك من مقدمتهما.
وكان هذا الرسول يسمى سمعان وأبوه يونا (مت 16 - 17) وقد سماه المسيح (عليه السلام) بعد متابعته إياه بطرس أي (صخر) وكما أختاره رئيسا للكنيسة. وكانت مهنته صيد السمك وكان مقيما في كفر ناحوم، ويرجح أنه كان أحد تلاميذ يوحنا المعمدان (يحيى) (عليه السلام) وقد جاء به إلى المسيح (عليه السلام) أخوه أندراوس الذي كان من المقربين ليوحنا المعمدان.
وصار بطرس بسبب حماسته ونشاطه وغيرته الأول من بين التلاميذ الاثني عشر منذ البداية، حيث كان اسمه يذكر دائما في المقدمة عند ذكر أسماء الرسل. وكما أوصى المسيح (عليه السلام) فقد قاد بطرس بعد رفع المسيح (عليه السلام) التلاميذ والمؤمنين إلى سد الفراغ في عدد الرسل بانتخاب بديل ليهوذا (1 ع: 1 - 15)، ولكنه بعد فترة بدأ يختفي متخذا له مكانا متواضعا بعد أن ترك أورشليم وراح يواصل رحلاته التبليغية مع زوجته من مكان لآخر.
وللأسف فإن الكتاب المقدس لا يخبرنا عن أتعاب وأقوال هذا الرسول إلا قليلا في أعمال الرسل وهذين السفرين المنسوبين إليه، وأما بخصوص خاتمة حياته فلا تعرف بالضبط ويقال أنه سجن وصلب غير أنه لا يستطيع أحد تأكيد أين ومتى كان ذلك، ويرجح أنه ذهب إلى رومية واستشهد فيها سنة 64 أو 67 ميلادية (26)، وأما الرسالتان فهما:
الرسالة الأولى: وقد كتبت على الأرجح في رومية بين عامي 63 - 67 م تقريبا، وتتضمن هذه الرسالة بعض المسائل الأخلاقية والسلوكية وتثبيت الإيمان.
الرسالة الثانية: أما الرسالة الثانية فيقول كاتبها عن نفسه أنه سمعان بطرس عبد يسوع المسيح ورسوله (1: 1).
إلا أن العلماء غير متفقين من جهة كاتبها ومن جهة تاريخ كتابتها فيقولون أن أسلوب الرسالة ليس بالأسلوب البسيط وهي تخالف الرسالة الأولى، وقد بدأ النقاد منذ عصر
(جيروم) يأخذون اختلاف الأسلوب دليلا على اختلاف الكاتب أضافة إلى أن الكنيسة الأولى لم تكن متثبتة ومتحققة بشأن كاتب هذه الرسالة، ولم تدخل الرسالة ضمن مجموع أسفار العهد الجديد في الكنيسة السريانية إلا في القرن السادس الميلادي، والرسالة تتضمن بعض الارشادات أيضا.

(رسائل يوحنا الرسول)

وهي ثلاث: وتدعى هذه الرسائل مع رسالة يعقوب ورسالتي بطرس ورسالة يهوذا بالرسائل العامة (الجامعة) لأنها لم توجه إلى جماعة مفردة من المسيحيين، بل إلى الكنيسة المسيحية جمعاء مع أن رسالتي يوحنا الثانية والثالثة موجهتان إلى أفراد ولكنهما اعتبرتا من الرسائل الجامعة أيضا لارتباطهما بالرسالة الأولى.
ومما تجدر الإشارة إليه أن الكاتب لم يذكر أسمه في هذه الرسائل سوى في الثانية والثالثة إذ يسمي نفسه (الشيخ) مما حمل البعض على الاعتقاد بأنه (يوحنا الشيخ) الذي عاش في أفسس حوالي نهاية القرن الأول، وكما ذكرنا فإن يوحنا الشيخ - كما يعتقد البعض - هو يوحنا الرسول ولهذا نسبت هذه الرسائل إليه. والرسائل هي:
الرسالة الأولى: وهي أطول الثلاث، وهي خالية من التحية والبركة التي تفتتح وتختم بها الرسائل، وفيها تشابه بينها وبين الإنجيل الرابع إلا أن فيها تباينا أساسيا عنه، ولذا اختلف في نسبتها إلى يوحنا الرسول.
ويعتقد أنها كتبت بين سنة 90 - 100 ميلادية، والرسالة مقالة أو عظة أكثر منها رسالة، ويبدو أنها كتبت دحضا لبعض الآراء الخاطئة التي روجها بعض الكذبة داخل الكنيسة.
الرسالة الثانية: وهي الرسالة التي بعثها الشيخ إلى السيدة المختارة وأولادها، واختلف في تفسير هذه السيدة فالبعض ذهب إلى أن كاتبها يقصد بها كنيسة من الكنائس واتباعها، والبعض الآخر قال أنه كتبها إلى سيدة تدعى (كيرية) أي السيدة المختارة، وهذه الرسالة قصيرة إذ تحتوي على أقل من ثلاثمائة كلمة باللغة الأصلية اليونانية ويعتقد أنها والرسالة الثالثة كتبتا بين سنة 96 و 110 ميلادية (27).
الرسالة الثالثة: يعتقد أن كاتب هذه الرسالة أرسلها إلى (غاليس الكورنتي) المذكور في الرسالة الأولى لبولس إلى كورنثوس، والظاهر أنه كان عضوا غنيا في كنيسة كورنثوس، ويحتمل أن المراد غيره، وتتضمن الرسالة مدحا لغايس على تقواه ومعروفه للغرباء ويعده بقرب زيارته له.
رسالة يهوذا: ويهوذا هذا ليس يهوذا الإسخريوطي الخائن. بل هو يهوذا أخو يعقوب، فقد ذكر كاتبها أنه أخو يعقوب صاحب المقام السامي في كنيسة أورشليم، ولا يعرف عنه إلا الشئ اليسير.
ولا يدعي الكاتب أنه من الرسل، ويقال أنه كتبها بعد استشهاد أخيه يعقوب أي في العقد السابع من القرن الأول والمقصود منها تحذير المؤمنين من المعلمين المضلين الذين ظهروا في الكنيسة الأولى.

(رؤية يوحنا)

وهي السفر الأخير من العهد الجديد، وبعد نقاش وجدال طويلين، انتهى الأمر بالتفكير في الشرق والغرب إلى الاعتراف بأنه سفر كتب بالهام الروح القدس واعتبر جزءا من العهد الجديد.
وقد كتب السفر في جزيرة بطمس إحدى جزر بحر اليونان في سنة 95 م تقريبا، والسفر بعد المقدمة والتحية ينقسم إلى سبعة أقسام رئيسية تعقبها الخاتمة، وكل قسم من هذه الأقسام يشمل رؤيا مستقلة أو سلسلة رؤى، والرؤية ملأى بالرموز وهي مكتوبة إلى الكنائس السبع التي في آسيا (28).
هذه هي الأسفار التي يشتمل عليها العهد الجديد، ويظهر أنها كتبت خلال نصف قرن تقريبا ما بين سنة 55 - 110 ميلادية، فهي لم تر النور دفعة واحدة، ومما يلفت النظر فإن المسيحيين يعتقدون أن المسيح (عليه السلام) لم يكتب شيئا ولم يأمر أحدا من تلاميذه بتدوين أقواله وأعماله، ولكن قد طلب منهم أن يشهدوا ويبشروا بما رأوا وسمعوا فكانت نقطة الانطلاق للرسل هي البشارة والشهادة للمسيح (عليه السلام).
ومن هنا بدأ التقليد المسيحي وهو التذكير المشترك بهذه الحوادث من جيل إلى جيل. (ولهذا فالتقليد الشفوي يعتبر الينبوع الذي نهل منه الرسل وتلاميذ الرسل ليدونوا أسفار العهد الجديد. على أن هذا التدوين للتقليد الشفوي لم يتم بإرادة الرسل أيضا فمرقس مثلا حسب أوزابيوس قد دفعه إلى التدوين المستمعون لبطرس الرسول الذي وجد نفسه أمام الأمر الواقع، فبطرس حسب اكليمنضوس لم يتدخل لا راضيا ولا رافضا (29)).
وأما الشروع في كتابة الأناجيل رغم عدم طلب يسوع المسيح (عليه السلام) من التلاميذ ذلك فيعزونه إلى أسباب عديدة منها، (رغبة المسيحيين بالحصول على معلومات أكثر عن حياة وتعاليم المسيح (عليه السلام) يحتفظون بها، وكذلك تقدم السن بالرسل الأولين وشدة الاضطهادات التي كانت تحيط بهم، إضافة إلى ظهور الأفكار العقائدية الباطلة تحت تأثير الوثنية واليهودية والتي انتشرت بسرعة مسببة القلق والشك في صفوف المؤمنين الجدد، وغيرها من الأمور، كل ذلك دفع بالمسيحيين الأولين إلى تدوين تعاليمهم حتى لا تنسى) (1).
والمسألة المهمة في هذا الموضوع هي أن الكنيسة تعتقد أن الأناجيل كتبت بالوحي والإلهام الإلهي، فنرى في مقدمة الإنجيل مكتوبا: كتب العهد الجديد بوحي من الروح القدس في مدة لا تتعدى المائة من السنين، ولقد حفظ الله الإنجيل في هذه النصوص على مر السنين رغم الاضطهادات والأخطار) (30).
ومما يجدر الإشارة إليه أن الكنيسة الأولى لم تكن تعرف هذه الكتب على أساس أنها مكتوبة بالإلهام والوحي، بل إنما اعتبرت كذلك بعد كتابة هذه الكتب بعدة قرون، ففي القرون الأولى للميلاد وحتى القرن الرابع الميلادي لم يكن أحد يتكلم عن الالهام في هذه الكتب، بل حتى الكنيسة لم تكن تقبل سوى العهد القديم كتابا مقدسا، إلا أن تعدد الكتب في القرن الأول والثاني للميلاد والتي تجاوزت المائة، وظهور العقائد المختلفة في الكنيسة، دفعت الكنيسة إلى تشكيل المجامع المحلية والتي تعددت كثيرا (كمجمع نيقية 325، مجمع هيبون في 393، وقرطجنة 397 و 418) ومن خلال هذه المجامع أعطيت اللوائح الرسمية للعهد الجديد وتم اختيار (27 سفرا) على أنها مكتوبة بالوحي والإلهام الإلهي.
وأما الكتب الأخرى فقد ألغيت ولم تقبلها الكنيسة، وأول من اعتبر هذه الأسفار (27) هو مجمع نيقية السكوني سنة (325) م ثم جاء البابا جيلاسيوس الأول (492 - 496)، إذ أعطى المرسوم الرسولي سنة 495 ميلادي مقدما اللائحة التي نملكها اليوم للعهد الجديد (31). وأعتقد أن إلغاء كل تلك الكتب الأخرى أضاع تراثا عظيما كان يمكن الاعتماد عليه لفهم الحقائق عن المسيحية بصورة أفضل وأدق وأقرب للواقع. وأما سبب اختيار هذه الكتب دون غيرها، فلأنها (على حد قول المسيحيين) (تعطي بشكل أفضل ما كانت تؤمن به الكنيسة الأولى، ولكن هذا لا يعني أن الكنيسة هي التي منحت صفة الالهام لهذه الأسفار، بل أن محتوى الأسفار ذاته هو الذي دفع بالكنيسة لتمييزها عن الكتب الأخرى) (32).
وأما كيفية الوحي والإلهام في كتابة هذه الأسفار فيعتقد المسيحيون أن الالهام الكتابي الذي يقصدونه هو غير الالهام النبوي، فالإلهام الكتابي يدل على عمل الله (فوق الطبيعي) الذي يمارسه على مؤلفي الكتاب ليدفعهم إلى تدوين الحقائق التي أوحاها وأعطاها للبشر وذلك بمساعدته الدائمة والمباشرة.
فالكاتب يعبر عما يريد الله أن يطلع الناس عليه ولكنه ليس كقطعة الإسفنج في نقل الماء، تحمله ولكن لا تفعل غير ذلك.
أن وحي الكتاب المقدس يختلف في مفهومه عن مفهوم الوحي في الإسلام، إذ يعتقد المسلمون أن النبي لم يكن سوى ناقل لكلام الله، ولا دخل له فيه، وأما الوحي الكتابي عند المسيحيين، فهو من عمل الله والانسان معا، فالكاتب في هذا الالهام يحتفظ بشخصيته وعبقريته وأسلوبه في الكتابة، وأما الإلهام النبوي فإن النبي لا يعدو كونه أداة طيعة يتكلم بأسم الرب لا غير، ومن هنا فالإلهام الكتابي يختلف عن الالهام النبوي، ولهذا نرى التمايز بين الأسفار المكتوبة بالإلهام تبعا لتغاير أسلوب كتابها (1).
وعلى ذلك فإن الكاتب الملهم من قبل الله يكون معصوما عن الخطأ فيما يكتبه، لأن الله لا يخطأ ولا يخدع أحدا، وأما دائرة العصمة (والقول للمسيحيين) فهي تشمل الحقائق الدينية والالهية الموحاة من قبله، وأما الحقائق الدنيوية التي ليست من حقل الحقائق الإلهية فيمكن للكاتب أن يخطأ فيها، فالله سبحانه لا يبتغي أن يجعل منه رجلا كاملا في العلوم (2).
هذا باختصار نبذة عن العهد الجديد واعتقاد المسيحيين به، فهو الأساس لكل العقائد المسيحية.
وقبل الإشارة إلى بعض النقاط والتساؤلات التي تدور حول هذه الأسفار، وتتميما للفائدة نشير بإيجاز إلى بعض الكتب الأخرى التي رفضتها الكنيسة لتتضح لنا صورة ما عنها:

الكتب الأخرى

أو كما يسميها المسيحيون (الكتب المنحولة) وهي على ما يذكر المؤرخون قد وصلت إلى مائة كتاب خلال القرنين الأول والثاني للميلاد، وأن مقدمة إنجيل لوقا تشير إلى ذلك حيث يقول: إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا ولكن للأسف فإن معظمها قد ضاع و أهمل، وهنا نشير إلى بعضها.
1 - إنجيل يعقوب: (ويعود إلى القرن الثاني للميلاد، وهو يتحدث عن سيرة العذراء مريم (عليها السلام) منذ مولدها إلى ولادتها للمسيح (عليها السلام) وإقامتها في الهيكل. وهي تطابق إلى حد ما قصة مريم (عليها السلام) في القرآن الكريم إذ يذكر كيف أن والديها قدماها للهيكل للخدمة وكان الملاك يأتيها بالطعام وكفالة يوسف لها.
2 - إنجيل متي: وهو الآخر يروي قصة العذراء، ولادتها ونزول الطعام عليها من قبل الملاك، ويروي ميلاد يسوع وهروبه إلى مصر وبعض معجزاته التي رافقته.
3 - إنجيل الطفولية (العربي): يعود إلى القرن الخامس، وهو الآخر يروي المعجزات عند ولادة يسوع المسيح (عليه السلام) وكذلك خلال هروبه إلى مصر، ونجد فيه معجزة (تحويل الطير من طين إلى طير حي بنفخة منه) (33).
وهناك أناجيل أخرى كثيرة: كإنجيل نيقوديموس، إنجيل الأبيونيين المصريين، إنجيل العبرانيين، إنجيل بطرس، إنجيل توما وغيرها من الرسائل الأخرى الكثيرة (34)...
وأما الإنجيل الآخر الذي أود الإشارة إليه فهو إنجيل برنابا، الذي أحدث منذ ظهوره ضجة كبيرة بين المسلمين والمسيحيين على حد سواء، وبالحقيقة فقد كتبت بحوث ودراسات عديدة عن هذا الإنجيل، فهو يوافق بشكل عام القرآن في عامة قصصه، و كذلك فهو يذكر النبي الخاتم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) صريحا باسمه.
وأصل هذا الكتاب قد عثر عليه باللغة الإيطالية كما ينقل عن الترجمة الإسبانية له، فيذكر المترجم، أن الأصل الإيطالي قد عثر عليه راهب يدعى فرامرينو، في زمن البابا
(سكست كنت الخامس) سنة (1585 - 1595) ميلادي. فقرأ الراهب الكتاب فأعتنق الدين الاسلامي وترك ديانته السابقة، وفي الحقيقة فإن النقاش ما زال قائما إلى الآن حول هذا الإنجيل، حيث يعتقد المسيحيون أنه كان هناك إنجيل أو رسالة لبرنابا الرسول ولكنها كانت تعترف (بأن المسيح (عليه السلام) هو ابن الله المتجسد، وأنه صلب وقام وظهر لتلاميذه وصعد إلى السماء) فهي كانت تحافظ على التعليم الرسولي. ولكن الكنيسة لم تعتبرها من الكتب الملهمة رغم محافظتها على التعليم الرسولي!! (35) ومن أراد التوسع في حقيقة هذا الإنجيل فليراجع مقدمة الدكتور خليل سعادة مترجم هذا الإنجيل من الإنجليزية إلى العربية 1908. وكذلك مقدمة محمد رشيد رضا..
وهنا أود أن أشير إلى بعض النقاط والتساؤلات المهمة التي تدور حول صحة هذه الأسفار ونسبتها إلى الوحي الإلهي:
أولا: السؤال الأول الذي يمكن طرحه هو أن النسخ الأصلية لهذه الأسفار مفقودة، بل نسخ النسخ مفقودة كذلك، حيث أن أقدم نسخة موجودة تعود إلى القرن الرابع الميلادي، فلو سلمنا بأن مؤلفي هذه الأسفار قد كتبوها بالوحي الإلهي، فهل من المعقول أن ندعي بأن النسخ المنقولة عن الأصل هي الأخرى قد نقلت بالوحي الإلهي، ولم تتدخل الآراء والإبداعات للناسخ فيها من زيادة ونقيصة.
ولعدم توفر النسخ الأصلية، فلا يمكن القطع بأن النص الأصلي لم يدخل عليه الزيادة والنقصان فلا يمكن التثبت من أن النسخ الموجودة بين أيدينا هي مطابقة تماما للنسخ الأصلية وخصوصا مع الجهل بالأشخاص الذين قاموا بنسخها وبعقائدهم.
ثانيا: أن الكنيسة الأولى وإلى القرن الرابع تقريبا - كما ذكرنا - لم تكن تعترف بأن هذه الكتب إنما كتبت بالإلهام والوحي الإلهي، بل تم ذلك في مجمع نيقية المسكوني سنة (36) ميلادية، فقد تم جمع الكثير من الأناجيل والأسفار وتم اختيار هذه الأسفار وعددها (27) ككتاب مقدس وملهم، وأما الكتب الأخرى مع أنه قد كتب بعضها الرسل أنفسهم (كإنجيل أو رسالة برنابا) ولم تكن تغاير التعاليم الرسولية على حد زعمهم، ولكنها رفضت وأهملت.
وهنا نستطيع التساؤل هل اختار هذا المجمع هذه الكتب بوحي سماوي أو لا؟ فإن كان الجواب نفيا (وهو كذلك إذ لو كان الاختيار بوحي سماوي لم لم يتم هذا الوحي إلى الكنيسة الأولى وحتى القرن الرابع؟)، فإنه إذن من اختيار البشر، والبشر معرضون للصواب والخطأ، فعلى أبعد الاحتمالات فإن الإنسان العاقل يشك في أن هذه الأسفار هي الإنجيل الموحى.
ثالثا: النقطة الأخرى هي أن بعض النصوص المعتمدة كانت قد ترجمت من لغتها الأصلية إلى لغة أخرى والأصل المترجم عنه قد فقد، وما هو مشهور ومعروف أن المترجم مهما كان ذكيا وبارعا وذا إلمام باللغة يجد صعوبة في نقل المراد بشكل دقيق، لأنه غالبا ما يجد كلمات ليس لها مكافئ في اللغة المترجم إليها، فيضطر إلى وضع الكلمات التي يعتقد أنها أقرب للمعنى، وبالتالي فيمكن أن يتغير المعنى المراد أصلا، ولهذا فلا يمكن الاعتماد بشكل قاطع على الترجمة. ومراجعة سريعة لحال الأسفار (المقدسة) تكشف لنا أن بعض النسخ الموجودة هي ترجمة للنسخ الأصلية المفقودة.
رابعا: أن من الأمور التي يحكم بها العقل هي أن الكتاب السماوي يجب أن لا يشوبه التناقض والاختلاف لأن الله تعالى عالم وحكيم فيستحيل نسبة الاختلاف والتناقض إلى وحيه، وحتى بمعنى الوحي والإلهام الكتابي الذي يعتقد به المسيحيون إذ يكون المعنى من الله والكلمة والأسلوب من المؤلف، وذلك لأن الله سبحانه يستحيل أن يوحي إلى شخص معنى يختلف عن الذي أوحاه إلى آخر في نفس المورد، أو معنى واحد لقصة واحدة تنقل في أسلوبين.
مثلا: في قصة صلب عيسى (عليه السلام) تنقل بعض الأسفار أنه سقي خمرا مرا، وفي البعض الآخر يقول خلا، فهذه قصة واحدة ولكن تختلف من سفر لآخر، فإذا كان الاثنان مكتوبين بالوحي الإلهي، فيكون واحد منها صحيحا (بحكم العقل) لا كلاهما، والأسفار مليئة بهذه التناقضات، ولولا أن قصدي في هذا البحث الاختصار قد الإمكان لبينت العشرات من هذه الاختلافات في العهد الجديد وأكتفي هنا بذكر بعضها ومن أراد المزيد فليطالع العهد الجديد بنفسه، 1 - الاختلاف في نسب عيسى (عليه السلام) في الأناجيل، ومهما حاول المسيحيون إيجاد تبريرات لهذه الاختلافات لم يتمكنوا من إيجاد جواب مقنع لها. إذ ينقل كتاب (قاموس الكتاب المقدس) ما نصه النسب المذكور في إنجيلي متي ولوقا هناك شئ من الصعوبة في فهم جدوليهما، إذ نجد فروقا جمة فسرت تفاسير شتى. وهذه الفروق تبرهن استقلال كل من البشيرين عن الآخر في ما كتبه واعتماده على مصادر تختلف عن مصادر أخرى (37).
ويذكر ثلاثة آراء لهذه الاختلافات يبطل اثنين منها ويبقي الآخر، ولكنه أيضا غير مقنع. فإن لوقا يذكر 25 اسما بين داود وزربابل، أما متي فذكر خمسة عشر اسما فقط، وجميع الأسماء تقريبا مختلفة الواحد عن الآخر في الجدول.
2 - في إنجيل متي ومرقس ولوقا يذكر أن رجلا أسمه سمعان هو الذي حمل صليب عيسى (عليه السلام) وأما في إنجيل يوحنا فيذكر أن عيسى (عليه السلام) هو الذي حمل صليبه إلى جلجثة.
3 - أن المسيح (عليه السلام) بعد قيامته وحسب إنجيل متي أمر التلاميذ بالذهاب إلى جميع الأمم وأن يعمدوهم (باسم الأب والابن والروح القدس) أما في إنجيل مرقس فأمرهم بالذهاب إلى العالم أجمع وأن يكرزوا بالإنجيل. وفي إنجيل لوقا وأن يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم. وغيرها الكثير. مما سنذكره في مسألة الصلب والقيامة.
خامسا: وإضافة إلى ذلك فإن عددا كبيرا من علماء الكتاب المقدس يرون أن هذه الأسفار الموجودة في العهد الجديد ليست كلها على الأقل مكتوبة بالوحي الإلهي، والاختلافات فيها قائمة إلى يومنا هذا، رغم محاولات الخنق التي قامت بها الكنيسة للآراء والعقائد المخالفة لها.
فمثلا ينقل عن الدكتور موريس بوكاي أن قراءة كاملة للأناجيل يمكنها أن تشوش المسيحيين بصورة هائلة إذ بعد دراسته للعهد الجديد وجد أن التناقضات وعدم التجانس تجتمع على حقيقة أن الأناجيل تحتوي على فصول ومقاطع ما هي إلا الانتاج الوحيد للخيال البشري (38). وكذلك يقول: الدكتور كنيث كراج: أن الأناجيل جاءت من خلال فكر الكنيسة وآراء المؤلفين وأن الأناجيل تمثل التجربة والتاريخ (39). أما كارل أندري أستاذ الفلسفة والدراسات الدينية في جامعة بول فيقول أن الأناجيل الأربعة قد كتبت من قبل أشخاص متحمسين في الحركة المسيحية المبكرة وأنها تعطينا فقط جانبا واحدا من القصة وهي إلى درجة كبيرة نتاجات افتراضات المؤلفين (40).
وكذلك الدكتور جراهام سكروجي الذي يقول: نعم إن الكتاب المقدس بشري... هذه الكتب قد مرت عبر عقول الناس، وهي مكتوبة بلغة الناس وخطت بأقلام الناس وأيديهم وتحمل في أساليبها خصائص البشر (41). وغيرهم الكثير، فمنذ القرون الأولى لقبول الكنيسة لهذه الكتب كان يدور هناك النقاش والجدال حول صحتها.
وخلاصة البحث نقول أن العهد الجديد الذي تتمسك به الكنيسة على أنه كتاب سماوي وإلهي، وتستمد منه عقائدها، لا يمكن على أقل تقدير نسبته جميعه إلى الوحي الإلهي، إن لم نقل أنه كتاب تاريخي يحكي بعض الوقائع عن زمان يسوع المسيح (عليه السلام) فهو كتاب من نتاج الخيال البشري ليس إلا. إذ أنه مجموعة من القصص كما ذكر ذلك لوقا، فلا يد للغيب فيه..






____________
(1) قاموس الكتاب المقدس ص 762.
(2) مقدمة الكتاب المقدس.
(3) قاموس الكتاب المقدس: ص 763.
(4) مقدمة الكتاب المقدس.
(5) الهدى إلى دين المصطفى: ص 7.
(6) كتاب (المسيح في الفكر الاسلامي الحديث وفي المسيحية) ص 111.
(7) (الترجمة السبعينية): (التي بدأت سنة 250 وانتهت حوالي 150 ق. م وقد بدأت هذه الترجمة بأمر بطليموس فيلادلفوس الذي حكم مصر عالم 280 ق. م وقيل إن عدد هؤلاء المترجمين كان اثنين وسبعين ولهذا دعيت بالسبعينية.
وكان اليهود يزعمون أن الله أوحى للعلماء الذين قاموا بالترجمة السبعينية بكلمات هذه الترجمة، ولكن عندما أخذ المسيحيون يستشهدون بآياتها ضد
العادات والتعاليم اليهودية التي كانت سائدة في عصرهم عاد اليهود إلى الأصل العبراني وأهملوا هذه الترجمة). قاموس الكتاب المقدس: 768.
(8) المسيح في الفكر الاسلامي: ص 110.
(9) نفس المصدر.
(10) قاموس الكتاب المقدس: ص 763.
(11) قاموس الكتاب المقدس: ص 763.
(12) نفس المصدر مادة متي ص 833.
(13) قاموس الكتاب المقدس مادة مرقس: ص 854.
(14) نفس المصدر.
(15) تفسير العهد الجديد: ص 88.
(16) المسيح في الفكر الاسلامي: ص 127.
(17) تفسير العهد الجديد: ص 30.
(18) قاموس الكتاب المقدس: ص 1110.
(19) قاموس الكتاب المقدس: ص 196.
(20) المسيح في الفكر الاسلامي: ص 139.
(21) تفسير العهد الجديد ص 375.
(22) لاحظ سفر أعمال الرسل ورسائل بولس.
(23) تفسير العهد الجديد: ص 374.
(24) المسيح في الفكر الاسلامي: ص 140.
(25) قاموس الكتاب المقدس ص 98.
(26) قاموس الكتاب المقدس: ص 1077.
(27) قاموس الكتاب المقدس: ص 177.
(28) قاموس الكتاب المقدس: ص 1112.
(29) المسيح في الفكر الاسلامي: ص 146.
(30) نفس المصدر: ص 115.
(31) المسيح في الفكر الاسلامي: ص 113.
(32) مقدمة العهد الجديد.
(33) المسيح في الفكر الاسلامي: ص 117.
(34) المسيح في الفكر الاسلامي: ص 117.
(35) معجم اللاهوت الكتابي: ص 15.
(36) المسيح في الفكر الاسلامي: ص 105.
(37) المسيح في الفكر الاسلامي: ص 149.
(38) قاموس الكتاب المقدس: ص 122.
(39) المسيح في الفكر الاسلامي: ص 152.
(37) قاموس الكتاب المقدس: ص 1037.
(38) نظرة عن قرب في المسيحية: ص 62.
(39- 40) نفس المصدر: ص 75.
(41) نفس المصدر ص 76.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page