• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

القرآن الكريم وإعجازه

كما ذكرت سابقا فإن المسيحيين ينظرون إلى القرآن الكريم على أنه كتاب من نتاج وفكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا علاقة له بالوحي والسماء. ولا شك في أن اثنين منهم لا يختلف في هذه العقيدة وعلى اختلاف مذاهبهم، وهذا أمر بديهي لأنهم ينكرون نبوة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلذا من الطبيعي أن يرفضوا الكتاب الذي جاء به، وقد أشربت هذه العقيدة في نفوسنا وأذهاننا منذ الصغر وكثيرا ما كانوا يحذروننا من مطالعة هذا الكتاب لأنه (والعياذ بالله) فيه ضلالة وإساءة للديانة المسيحية ومقدساتها.
وأنا لست في صدد القاء نظرة شاملة على هذا السفر الإلهي، ولكن أرى من المناسب ذكر بعض الخصائص لهذا الكتاب الخالد، وأيضا ذكر بعض أوجه إعجازه، ومن ثم أذكر قصة المسيح (عليه السلام) وأمه الطاهرة مريم (عليها السلام) كما يحكيها الوحي الإلهي: - يحتوي القرآن الكريم على (114) سورة، وقد نزلت آيات القرآن على قلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تدريجا ولمدة ثلاث وعشرين سنة، وهي فترة حياته الشريفة منذ بعثته حتى رحيله إلى الرفيق الأعلى، وأول صفة واضحة على هذا الكتاب هي شموليته، فقد اشتمل القرآن على معارف إلهية حقيقية رفيعة، وأخلاق فاضلة، وأحكام تشريعية، وأخبار بالمغيبات، وقصص وأمثال وحكم ومواعظ، ومعارف وعلوم أخرى لم تكن معروفة حتى بعد البعثة الشريفة بقرون عديدة، ثم اكتشف بعضها العلم الحديث، ومع اختلاف هذه المعارف والعلوم فقد بينت بلغة فصيحة وبلاغة رائعة أسحرت قلوب ونفوس العرب في الجاهلية مع ما يشتهرون به من بلاغة وفصاحة.
والصفة الأخرى التي يمكن الإشارة إليها والتي تبين إعجاز هذا الكتاب بشكل واضح هي عدم وجود الاختلاف والتناقض بين آياته، بل القرآن الكريم يعاضد بعضه بعضا، ويشهد بعضه على بعض فهل يمكن لإنسان أن يأتي بكتاب جامع لشتى مجالات وشؤون العالم الإنساني ويلقي إلى الدنيا معارف وعلوما وقوانينا وحكما ومواعظا وأمثالا وقصصا وغيرها من العلوم، ثم لا يختلف حاله في شئ منها في الكمال والنقص والبلاغة والفصاحة مع أن الطبيعة البشرية من خصائصها أن الإنسان يتكامل علما وعملا، وذلك من خلال كسبه للتجارب في حياته، وأيضا فحالات الإنسان ومزاجه تختلف من حيث الفرح والألم، والعسر واليسر والمرض والعافية، والسلم والحرب وغيرها، وهذا ما هو مشهود بالوجدان عند كل إنسان، وهذا الكتاب كما ذكرنا جاء به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خلال فترة ثلاث وعشرين سنة، وفي حالات وأزمنة متفاوتة، من حيث الشدة والرخاء، والليل والنهار، والسقم والعافية، والسلم والحرب، والخوف والأمان، ولكن بالرغم من كل هذا فإننا نراه على وتيرة واحدة ومستوى واحد، لا تضاد بين معارفه ولا اختلاف بين أحكامه، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذا الدليل الإعجازي بقوله * (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * وخير دليل وشاهد على قولنا هذا العهد الجديد نفسه، فالاختلاف فيه واضح وبين مع أنه لا يمكن مقايسته مع القرآن من حيث شموليته وجامعيته ومستوى العلوم والمعارف التي جاء بها القرآن الكريم.
وأيضا من خصائص هذا الكتاب هي ذكره للمغيبات، ومنها أخباره بقصص الأنبياء السابقين وأممهم بشكل يختلف تماما عما هو موجود في كتب العهدين، وهذه القصص هي من أنباء الغيب كما يذكر ذلك سبحانه وتعالى بقوله في قصة كفالة زكريا لمريم * (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون) * (1) وغيرها من القصص الأخرى الكثيرة، وأيضا منها الإخبار عن الحوادث المستقبلية، كالإخبار عن انتصار الروم بعد هزيمتهم كما في قوله تعالى *(غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بعض سنين) * (2).
والصفة الأخرى التي يتميز بها القرآن هي بلاغته وفصاحته التي تحدى بها الإنس والجن في أن يأتوا بسورة واحدة من سوره. مع أن عرب الجاهلية مشهورون بفصاحة لسانهم، وبلاغة حديثهم، بل لا نبالغ لو قلنا بأن ما بلغه عرب الجاهلية من الفصاحة والبلاغة وكمال البيان لم يذكره التاريخ لواحدة من الأمم السابقة لهم أو المتأخرة عنهم، ومع هذا فأنهم وقفوا متحيرين بما يصفون هذا الكلام الذي لم يسمعوا بأبلغ وأروع منه قط، وهذا ما أعترف به بعض فصحاء المشركين أنفسهم، فما كان منهم إلا أن رموه بالسحر، لسمو معانيه ، وعذوبة أسلوبه، وشدة تأثيره في نفوس الناس.
وقد مضى على هذا التحدي للقرآن من القرون ما يزيد على أربعة عشر قرنا ولم يجرء على معارضته أحد، ومن جرب حظه وحاول تحديه ومعارضته لم يجني إلا الخزي وافتضاح أمره، كمسيلمة الكذاب وغيره، وكتب التاريخ خير شاهد على هذا.
وأخيرا فإن هذا القرآن جاء به رجل أمي لم يتعلم عند معلم من الإنس، بل ولم يكن يعرف القراءة والكتابة، فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عاش بين قومه أربعين سنة، ولم يأتي خلال هذه الفترة ببيت واحد من الشعر، وبعد هذه الفترة الطويلة من عمره الشريف، جاء فجأة بكتاب بليغ وفصيح عجز عنه فصحاء العرب وبلغائهم وكلت دونه ألسنتهم ، فلا يبقى شك في أن هذا الكتاب هو من وحي السماء أنزل على قلب النبي الأمي الخاتم للرسالات ليكون معجزته الخالدة إلى يوم القيامة، ويكون هدى ورحمة للعالمين على مدى الدهور.





________
(1) آل عمران - 44.
(2) سورة الروم آية (1 - 6) والقصة باختصار هي: ينقل التاريخ أن دولة الروم - وكانت دولة مسيحية - انهزمت أمام دولة الفرس وهي وثنية، بعد حروب طاحنة بينهما سنة 614 م. فاغتم المسلمون، وفرح المشركون وقالوا للمسلمين: سنغلبكم كما غلبت الفرس الروم - ولكن وكما وعد القرآن فإن الروم استطاعوا أن يهزموا الفرس في سنة 624 م. الموافقة للسنة الثانية للهجرة. الإلهيات ج 3 ص 415.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page