الإرادة تحدّد مصيرنا
فمن خلال هذه النافذة علينا أن نعرف قيمتنا، فهذه الجنة وتلك النار لا ندخل إحداهما إلاّ بارادتنا، فالله سبحانه وتعالى أعطانا مفتاح الجنّة، كما أعطانا مفتاح النار، ومن السهل على الإنسان إذا أراد أن يوقع نفسه في النيران عندما يترك نفسه. فالنار بابها مفتوح للإنسان الكافـر كمـا يقول عـزّ مـن قائـل: «وَلَقَدْ ذَرَأْنَـا لِجَهَنَّمَ كَثِيـراً مِـنَ الْجِـنِّ وَالإِنْـسِ» (الاعراف/179).
ومن هنا يعرف الإنسان قيمته، وهذه القيمة تكمن في ارادته، ومشيئته. فبهما يختار الجنّة بما فيها من نعم أبدية، أو النار بما تمتلئ به من أنواع العذاب. ومن خلال هذه النافذة علينا التعرف إلى أنفسنا، والإنسان إنّما يعرف نفسه عبر نهايتها، وبالمصير الذي ستؤول إليه.
وهنا نصل إلى الموضوع الأساسي؛ وهو الإجابة على التساؤل القائل: ما هو الإنسان؟ فاذا أنت لم تعرف نفسك فإنك سوف تصبح هلوعاً وإذا مسّك الشر جزوعاً، وإذا مسّك الخير منوعاً كما أشار إلى ذلك سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم.
أي أنّ الإنسان يتحوّل إلى كائن بسيط ساذج لا يهتمّ إلا بإشباع غرائزه الجسدية. وهذه الحياة التي يعيشها، فينسى أساساً قضاياه الكبرى ومستقبله البعيد، لأنّه في هذه الحالة سيحجّم نفسه ويصغّرها، أضف الى ذلك أن الشيطان أيضاً يسعى من أجل أن يدفعه إلى ذلك فيلهيه ويجعل تفكيره منصباً على الأمور الجزئية التافهة الهامشيّة التي لا تمتلك أية قيمة.
هذا في حين أنّ الله جل وعلا يريد من الإنسان أن ينظر بعيداً إلى الآفاق، ويصل إلى مستوى الإنسانية، والاختيار بيد الإنسان في الوصول إلى هذه القمة السامقة، أو السقوط في ذلك الحضيض.