• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

نصوص الكتاب


يبدأ البغدادي كتابه بذكر السبب الذي دعاه إلى تصنيفه بقوله:
سألتم أسعدكم الله بمطلوبكم شرح معنى الخبر المأثور عن النبي(صلى الله عليه وسلم)في افتراق الأمة ثلاثاً وسبعين فرقة منها واحدة ناجية تصير إلى جنة عالية وبواقيها عادية تصير إلى الهاوية والنار الحامية، وطلبتم الفرق بين الفرقة الناجية التي لا يزل بها القدم ولا تزول عنها النعم، وبين فرق الضلال الذين يرون ظلام الظلم نوراً واعتقاد الحق ثبوراً وسيصلون سعيراً ولا يجدون من الله نصيراً. فرأيت إسعافكم بمطلوبكم من الواجب في إبانة الدين القويم والصراط المستقيم. وتميزها من الأهواء المنكوسة والآراء المعكوسة ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من يحيا عن بينة، فأودعت مطلوبكم مضمون هذا الكتاب(1).
من هنا بدا البغدادي في كتابه في بيان الحديث الخاص بافتراق الأمة، وقد توسّع في هذا الباب في شرح طرقه وأسانيده ونقله من ثلاث طرق:
عن أبي هريرة.
وعن عبدالله بن عمر.
وعن أنس بن مالك.
وقال البغدادي: للحديث الوارد في افتراق الأمة أسانيد كثيرة، وقد رواه عن النبي(صلى الله عليه وسلم) جماعة من الصحابة كأنس وأبي هريرة وأبي الدرداء وجابر وأبي سعيد الخدري وأُبي بن كعب وعبدالله بن عمرو بن العاص وأبي إمامه وواثلة بن الأسقع وغيرهم، وقد روى عن الخلفاء الراشدين أنهم ذكروا افتراق الأمة بعدهم فرقاً وذكروا أن الفرقة الناجية منها فرقة واحدة وسائرها على الضلال في الدنيا والبوار في الآخرة.
وسبق لنا الإشارة إلى هذا الحديث في مقدمات الكتاب وأنه على الرغم من طرقه الكثيرة لم يرق إلى مستوى الصحة التي تجعله في مصاف الأحاديث الصحيحة، فإن طرقه الكثيرة تفتح الباب واسعاً لنقد سنده هذابالإضافة إلى متنه الذي لا يستقيم مع العقل ومع نصوص القرآن كما ذكرنا.
وقد حاول البغدادي استثناء فرق الفقهاء من الفرق المذمومة أهل النار مشيراً إلى أن الرسول(صلى الله عليه وسلم) لم يقصدهم بحديثه عن الفرق التي عدّها من أهل النار(2).
وذكر البغدادي أن فرق الفقهاء اختلفوا في فروع الفقه مع اتفاقهم على أصول الدين.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: هل الفرق المخالفة لأهل السنة لم تتفق فيما بينها على أصول الدين؟
وما هي أصول الدين بالتحديد؟
في منظور البغدادي أن أهل السنة هم أهل الأصول، وبالتالي فإن الفرق التي اختلفت معهم إنما هي فارقت الأصول، وهذا التصور نابع من كونهم الفرقة الناجية ويوضّح لنا البغدادي ذلك بقوله:.. وإنما فصل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)بذكر الفرق المذمومة فرق أصحاب الأهواء الضالة الذين خالفوا الفرقة الناجية في أبواب العدل والتوحيد أو في الوعد والوعيد أو في بابي القدر والاستطاعة أو في تقدير الخير والشر أو في باب الهداية والضلال أو في باب الإرادة والمشيئة أو في باب الرؤية والإدراك أو في باب صفات الله عزوجل وأسمائه أو في باب من أبواب التعديل والتجوير أو في باب من أبواب النبوة وشروطها ونحوها من الأبواب التي اتفق عليها أهل السنة والجماعة من فريقي الرأي والحديث على أصل واحد خالفهم فيها أهل الأهواء الضالة من القدرية والخوارج والروافض والنجارية والجهمية والمجسمة والمشبهة ومن جرى مجراهم من فرق الضلال.
وهذه الأبواب التي ذكر البغدادي أن الفرق الأخرى خالفتهم فيها هي بمثابة الأصول عندهم، وقد بيّنا سابقاً أن هذه الأمور ليست من أصول الدين في شيء، وهي لا تخرج عن كونها مجموعة من القضايا الكلامية والفلسفية التي لا تمس جوهر الدين ولا أصوله، بل أن أهل السنة لهم من العقائد والآراء ما يساويهم بهذه الفرق بل ويجعلهم في وضع أكثر حرجاً من جانب العقيدة وأصول الدين من هذه الفرق.
وإذا كانت أصول الدين هي الإيمان بالله ورسوله وكتبه ورسله وملائكته واليوم الآخر والحساب والجنة والنار، فهذه الأمور لا يقتصر الإيمان بها على أهل السنة وحدهم بل تؤمن بها جميع الفرق(3).
والخلط بين الأمور السابقة وبين أصول الدين جاء عن طريق علم الكلام، وهو من ابتداع أهل السنة من أجل حماية عقائدهم الخاصة بربطها بأصول الدين حتى تضفي عليها القداسة ولا تمس كما ابتدعوا فكرة ربط السنة بالكتاب من قبل(4).    
وقد خلص البغدادي في نهاية هذا الباب إلى أن الفرق الأخرى مختلفة فيما بينها في العدل والتوحيد والقبور، والأسلاف متحدوا الرؤية والصفات والتعديل والتجوير وفي شروط النبوة والإمامة يكفّر بعضهم بعضاً، فصح تأويل الحديث المروي في افتراق الأمة ثلاثاً وسبعين فرقة إلى هذا النوع من الاختلاف دون الأنواع التي اختلف فيها أئمة الفقه من فروع الأحكام في أبواب الحلال والحرام، أو ليس فيما بينهم تكفير ولا تضليل فيما اختلفوا فيه من أحكام الفروع.
والبغدادي من خلال هذا الكلام يؤكّد أن الفرق الأخرى مختلفة في الأصول بينما فرق أهل السنة مختلفة في الفروع، وعلى هذا الأساس تكون الفرق الأخرى هي ما ينطبق عليها حديث افتراق الأمة بينما أهل السنة ينطبق عليهم حديث الفرقة الناجية.
وهذا الكلام ينم عن سذاجة بالغة إذ أن جميع الفرق المخالفة لأهل السنة فضلا عن كونها تتمسّك بأصول الدين هي مختلفة فيما بينها في فروع الدين وليس الخلاف في الفروع ينحصر في دائرة أهل السنة وحدهم.
وإذا كان من حق البغدادي أن يؤوّل حديث افتراق الأمة والفرقة الناجية لصالح أهل السنة، فمن حق الفرق الأخرى أن تؤوله لصالحها أيضاً.

____________
1- تأمل كلام البغدادي ولغته الخطابية وتعصّبه لفرقته وضمان صوابها المطلق ومحاولة تأكيد أن الحديث خاص بهم وأنهم الفرقة المقصودة بالنجاة، ولغته بشكل عام تحاول توطين هذه الفكرة في نفوس الاتباع والسائلين.
2- انظر نماذج من هذه الأحاديث في فصل أهل السنة الإطار المذهبي.
3- جاء في كتب السنن أن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه وبرسله وتؤمن بالبعث. كذلك عنه(صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان. انظر مسلم والبخاري كتاب الإيمان وجميع فرق المسلمين تقرّ بهذه الأمور، ويبقى الخلاف بين فرق أهل السنة وغيرهم منحصراً في الفروع.
4- انظر تفصيل هذه المسألة في كتابنا أزمة الحركة الإسلامية المعاصرة.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page