• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مقالات الفرق


في الباب الثالث من الكتاب استعرض البغدادي الأقوال المنسوبة للفرق المخالفة تحت عنوان: مقالات فرق الأهواء وبيان فضائح كل فرقة منها على التفصيل.
واستعرض بداية مقالات من اسموهم بفرق الرفض، وقد حصرهم في عشرين فرقة الزيدية ثلاث والكيسانية فرقتان والإمامية خمس عشر فرقة.
أما فرق الزيدية فهم الجارودية والسليمانية أو الجريرية ثم البترية.
قال البغدادي: اجتمعت الفرق الثلاث من الزيدية على القول بأن أصحاب الكبائر مخلدين في النار، فهم من هذا الوجه كالخوارج، وذكر أن هذه الفرق الثلاث على خلاف في الموقف من أبي بكر وعمر بين الموالاة والتكفير.
وما أخذه البغدادي على فرق الزيدية هو تكفير صاحب الكبيرة والقول في أبي بكر وعمر، وكلا الأمرين لا يصطدمان بأصول الدين لكنهما يصطدمان بنهج أهل السنة، وهذا هو مربط الفرس، أن أهل السنة يقيسون الآخرين ويحكمون عليهم وفق مذهبهم وعقائدهم لا وفق أصول الدين.
أما الكيسانية فهم من قالوا بإمامة محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب، وقد أخذ عليهم أهل السنة هذا المأخذ الذي يعد في منظورهم صورة من صور الانحراف العقائدي إذ أن الإقرار بإمامة رمز من رموز آل البيت يضرب إمامة الحكام ويشكّك في شرعيتهم وعقيدة أهل السنة في الحكام أنهم الأئمة الواجب السمع والطاعة لهم وبروز فكرة الإمامة خارج دائرة الحكام يعني الخروج عليهم، وهو ما يرفضه أهل السنة بقوة(1).
وفيما يتعلق بالإمامية فقد حددهم البغدادي فيما يلي: كاملية ومحمدية وباقرية وناووسية وشميطية وعمارية وإسماعيلية ومباركية وموسوية وقطعية واثني عشرية وهشامية وزرارية ويونسية وشيطانية.
وهذه الفرق المزعومة نسب إليها البغدادي القول بتكفير الصحابة وإمامة علي بن أبي طالب والقول بتفضيل النار على الأرض والقول بأن محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسين هو المهدي المنتظر والقول بإمامة محمد الباقر بن علي بن الحسين، كذلك القول بإمامة موسى بن جعفر وأنه المهدي والقول بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق والقول بإمامة علي بن موسى الرضا، ونسب إلى الهشامية قولها بالتجسيم والتشبيه كذلك اليونسية، أما الشيطانية فنسبة إلى شيطان الطاق ونسب إليهم ما نسب إلى اليونسية.
وهذه التسميات والتقسيمات التي جاء بها البغدادي فهي من اختراع أهل السنة، وليس لها وجود على ساحة الواقع، وما هي في الحقيقة إلاّ فرقة واحدة هي الشيعة الإمامية الاثني عشرية التي تؤمن بإمامة علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين "زين العابدين" ثم محمد بن علي "الباقر" ثم جعفر ابن محمد "الصادق" ثم موسى بن جعفر "الكاظم" ثم علي بن موسى "الرضا" ثم محمد بن علي "الجواد" ثم علي بن محمد "الهادي" ثم الحسن بن علي "العسكري" ثم محمد بن الحسن "المهدي" وهم الأئمة الاثني عشر، وتعد الإمامية الإمامة من أصول الدين بالإضافة إلى أصل التوحيد والنبوة والعدل والمعاد.
واتباع الإمام الباقر الذين سمّاهم البغدادي وأهل السنة بالباقرية ليسوا إلاّ الشيعة الإمامية الذين كانوا يتبعون الإمام الباقر الإمام الخامس في زمانه، وكذلك الحال بالنسبة إلى الموسوية التي كانت تتبع الإمام موسى الكاظم في زمانه ومحاولة تقسيم أتباع الشيعة الإمامية على هذا النحو ضرب من السذاجة والغفلة، وأما بقية الأسماء التي ذكرها فليسوا إلاّ شيعة إمامية كانوا من أتباع الأئمة الاثني عشر، وقد اشتهرت هذه الرموز بينهم فنعتهم أهل السنة بها من باب اثبات الفرقة والتعددية والخلاف في واقع الإمامية.
أما القول بإمامة محمد بن اسماعيل بن جعفر الصادق فلا تقول به الإمامية وهو صورة من صور الخلط التي وقع فيها البغدادي.
ومن بين الفرق التي عرض لها البغدادي فرق الخوارج وقد ذكر أنهم عشرون فرقة على رأسهم فرقة الأزارقة والنجدات والصفرية والعجاردة.
وليس هناك خلاف حول الخوارج، فهم شر وبلاء على الإسلام والمسلمين، إلاّ أن ما يؤخذ على البغدادي وأهل السنة أنهم أصحاب لغة واحدة في مواجهة الفرق، فتتساوى في نظرهم الخوارج والإمامية والمعتزلة، مع أن البون شاسع بين الخوارج والفرق الأخرى، فإن الخوارج لا يحملون نهجاً عقائدياً كحال بقية الفرق إنما حملوا بعض الأفكار التكفيرية واستحلوا أموال المسلمين ودمائهم على أساسها ودخلوا في مواجهات مسلحة مع خصومهم.
والفرق الأخرى حملت شعار العقل والفكر والكلام والحوار والمنطق، هذه الأمور التي محل رفض من قبل أهل السنة الذين سلكوا في مواجهة خصومهم سلوكاً يعد امتداداً لسلوك الخوارج(2).
وعند حديث البغدادي عن المعتزلة والقدرية قال: إن المعتزلة افترقت فيما بينها عشرين فرقة كل فرقة تكفر سائرها.
والمعتزلة فرقة تقدّس العقل، فمن ثم هي ترفض الأحاديث الخاصة بصفات الله وترفض عذاب القبر، وتعتبر العدل أصل من أصول الدين، وتقول بخلق القرآن، وهذه الأمور كافية للحكم بضلالهم وزيغهم عند أهل السنة.
إلاّ أن هذه الأمور بمقياس الدين لا تمثّل خرقاً له ولا تصطدم بأصوله فقضية إنكار الأحاديث ونفي الصفات الواردة فيها الخاصة بالله عزوجل وإنكار عذاب القبر والقول بخلق القرآن كل هذه الأمور تدور في محيط النزاع العقلي وليست هناك نصوص قطعية تفيد ارتباطها بجوهر الدين.
ونالت المرجئة نفس أحكام الفرق السابقة وقد حدّدهم البغدادي في ثلاثة أصناف:
صنف قال بالإرجاء في الإيمان.
وصنف قال بالإرجاء بالإيمان وبالجبر في الأعمال على مذهب جهم بن صفوان.
وصنف خارج عن الجبر والقدرية.
والمرجئة فرقة تقرّ أن الإيمان في القلب واللسان أنه هو المعرفة بالله تعالى والمحبة والخضوع إليه بالقلب والإقرار باللسان وأنه واحد ليس كمثله شيء.
وليست معرفة تفصيل ما جاء به الرسل إيماناً ولا من جملته.
وبعضهم يقول إن الإيمان هو الإقرار أو المحبة لله تعالى وتعظيمه وترك الاستكبار عليه. وهو يزيد ولا ينقص.
ومثل هذه الرؤية المعتدلة للإيمان لا تستحق هذا الموقف من قبل البغدادي وأهل السنة في مواجهتها.
وتحدّث البغدادي عن الجبرية أو الجهمية أتباع جهم بن صفوان الذي قال بالإجبار والاضطرار إلى الأعمال وأنكر الاستطاعات كلها، وزعم أن الجنة والنار تبيدان وتفنيان، وأن الإيمان هو المعرفة بالله تعالى فقط، وأن الكفر هو الجهل به فقط، وقال لا فعل ولا عمل لأحد غير الله تعالى وإنما تنسب الأعمال إلى المخلوقين على المجاز.
وقال بعضهم: أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى وإكساب للعباد.
ثم تحدّث عن الكرامية ونسب إليهم ما يلي:
إن المقرّ بالشهادتين مؤمن حقاً وإن اعتقد بالكفر بالرسالة.
وأن المنافقين كانوا مؤمنين حقاً وأن إيمانهم كان كإيمان الأنبياء والملائكة.
وأن مخالفيهم عذابهم في الآخرة غير مؤبد.
وإن الله جسم له حد ونهاية.
وأقوال الجبرية لا تنفي الإيمان عنهم ولا تخرجهم من دائرة الإسلام أما أقوال الكرامية فهناك شك في نسبتها لهم.
وفيما يتعلق بالمشبهة، ذكر البغدادي أن المشبهة صنفان:
صنف شبهوا ذات الله تعالى بذات غيره.
وصنف شبهوا صفاته بصفات غيره.
وبعد أن استعرض فرقهم قال: عدّهم المتكلمون في فرق الملة، لإقرارهم بلزوم أحكام القرآن وإقرارهم بوجوب أركان شريعة الإسلام وإن ضلوا وكفروا في بعض الأصول العقلية.
وهذا الكلام الذي نقله البغدادي عن المتكلمين واضح التناقض إذ حكم بإسلام المشبهة وفي الوقت نفسه حكم بكفرهم.
ومثل هذا التخبّط في شأن الفرق تكتظ به كتب التراث التي تاه مصنفوها بين عقيدتهم السنية وبين أصول الدين، وقد ذهبت الكثير من الفرق ضحية هذا التخبط، وحكم بكفر فرق وضلالها وهي بعيدة عن الكفر والضلال وحكم في الوقت نفسه بإسلام بعض الفرق لمجرّد توافقها وقربها من فرقة أهل السنة.
والغريب أن البغدادي وضع باباً تحت عنوان: بيان الفرق التي انتسبت إلى الإسلام وليست منه، وما كانت هناك حاجة لهذا الباب بعد أن عرض لعشرات الفرق سابقاً وشكك في انتسابها للإسلام.
وأول الفرق التي عدها البغدادي في هذا الباب، هي فرقة ابن سبأ أو السبئية وهي فرقة استثمرها أهل السنة على الدوام في ضرب الشيعة عن طريق محاولة ربطها فرقة استثمرها أهل السنة على الدوام في ضرب الشيعة عن طريق محاولة ربطها بالسبئيين.
وابن سبأ هو الذي تنسب إليه فكرة نسبة الألوهية إلى علي(عليه السلام)والتحريض على الفتنة أيام عثمان وزرع بذور التشيع لآل البيت(عليهم السلام)في أوساط المسلمين.
والحق أنّ البحث العلمي المجرّد يقود إلى اعتبار شخصية ابن سبأ شخصية وهمية من صنع الرواة والحكّام(3).
وذكر البغدادي في دائرة هذا الباب سبعة فرق ربطهم جميعاً بالرافضة، حيث أن الانحراف من قبل هذه الفرق كان يدور حول الإمامة واختصاص أهل البيت بها والمغالاة في حبهم وتقديسهم.
وذكر بعد ذلك الحلولية والإباحية وأصحاب التناسخ والقدرية والباطنية ضمن هذه الفرق التي انتسبت إلى الإسلام زوراً أو بهتاناً.
وليس المجال هنا مناقشة الفرق التي خالفت أصول الدين كالإباحية والحلولية وأصحاب التناسخ على فرض التسليم بصحة ما نسب إليهم، إلاّ أنّ ما يمكن قوله هو أن أهل السنة غالوا وتطرفوا في مواجهة خصومهم، وهذا الموقف يفتح الباب للطعن والتشويه.

____________
1- انظر مسلم كتاب الإمارة وشرحه للنووي، وانظر البخاري كتاب الأحكام وشرحه لابن حجر في فتح الباري وانظر كتب العقائد.
2- انظر فتن الحنابلة في كتب التاريخ.
وفتن الوهابيين في جزيرة العرب وخارجها.
وفتن الفرق الجهادية والتكفيرية في مصر والجزائر وأفغانستان.
وفتن فرقة طالبان في أفغانستان.
وهذه الفرق جميعها سلكت سلوك الخوارج في مواجهة خصومها من المسلمين.
3- انظر كتاب الفتنة الكبرى لطه حسين.
وانظر كتاب عبدالله بن سبأ وأساطير اخرى لمرتضى العسكري.
وعبدالله بن سبأ: دراسة للروايات التاريخية ودوره في الفتنة، للدكتور عبدالعزيز صالح الهلالي، سلسلة حوليات كلية الآداب جامعة الكويت، الحولية الثامنة، الرسالة الخامسة والأربعون. وانظر عبدالله بن سبأ بين الواقع والخيال لهادي خسروشاهي ط. القاهرة.

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page