المتوفى ١٣١٢
قال يرثي الحسين (ع) :
عفت فهي من أهلها بلقع
ولم يبق لي عندها مطمع
لقد قلّص الظل عن روضها
وقوّض عن أرضها المجمع
تخاطب أطلالها ضلّة
وليس لها اذن تسمع
أتطمع من مربع أن يجيب
سؤالاً وهل جاوب المربع
وأين لذي خرس منطق
وأين لذي صمم مسمع
وليس بها غير رجع الصدا
يردّ لك القول أو يرجع
وتأمل منها شفاء الغليل
ولم تشف غلّتها الادمع
أما علم المصطفى بعده
بنو الكفرما بهم أوقعوا
تضيع ودائعه بينهم
وطيب شذاه بهم مودع
واسرته في أكفّ العدا
اسارى لأهل الخنا تضرع
تراهم لهم رنة في الدجى
تكاد الرواسي لها تصدع
ونوح يذيب الصفا شجوه
كنوح الحمائم إذ تسجع
ألا يا مذيق الحمام الهوان
ويا أيها البطل الأنزع
أتسبى نساؤكم جهرة
ومنها براقعها تنزع
وتهشم أضلاعها بالسياط
وهاماتها بالقنا تقرع
ولا تدفع الضيم عنها ولا
تكف يد الظلم أو تمنع
فأجسادهم ملعب للجياد
وأكبادهم للضبامرتع
فيا سروات بني غالب
وعدنان شكوى شجىً فاسمعوا
فلا حملتكم متون الجياد
ولا ضمّ جمعكم مجمع
ألا فانهضوا بعد هذا الثوى
وثوروا بثاركم واسرعوا
أيقتل سبط الهدى ضاميا
ومن كفه عيلمٌ مترع
ويمسى محيطاً به ضرّه
وفي ذكره الضرّ يستدفع
مصابٌ له الشمس إذ كوّرت
تداعى له الفلك الأرفع
مصاب له الأرض إذ زلزلت
يضعضع أركانها الأربع
فيا لمصاب يراع الندا
له وفؤاد الهدى يصدع
يشلّ بها ساعد المكرمات
وأنف المعالي به يجدع
الأقل لرواد روض الندا
رويداً ذوى غصنه فارجعوا
الشيخ جابر الكاظمي ، ولد بالكاظمية سنة ١٢٢٢ ونشأ بها وتولع بدراسة الأدب ولازم مجالس الشعراء ومساجلتهم ، وكان من طفولته مليح النكتة حاضر البديهة سريع الجواب حتى لقب في أواسط عمره ب ( أبي النوادر ) حفظ أكثر شعر العرب وكان ينشده ويجيد انشاده ، ويعتز بنسبه ويتغنى بمجد آبائه ، وسلسلة نسبه يذكرها الأعرجي في ( مناهل الضرب في انساب العرب ) ومن شعره قوله :
وإني من ربيعة غير أني
ربيعهم إذا ذهب الربيع
وزاده شرفاً وافتخاراً أن والدته من سلالة علوية واسمها ( هاشمية ) وكانت جليلة القدر محترمة في الأوساط الدينية ، ذكر السيد البحاثة السيد حسن الصدر في ( التكملة ) قال : حدثني بعض الأجلة من العلماء أن صاحب كتاب الفصول والشيخ صاحب الجواهر كانا إذا جاءا لزيارة الإمامين الجوادين عليهما
السلام يقصدان دارها ويزورانها لجلالتها. وهي كريمة السيد جواد بن الرضا ابن المهدي البغدادي.
والشيخ جابر من فطاحل الادباء ، ملأ الاسماع بشعره متضلعاً في الكلام والتفسير والحديث والتاريخ مع ورع وتعفف وتقوى ونسك لم يرَ في الشعراء بورعه وتقواه ، وولاؤه لأهل البيت عليهمالسلام مضرب المثل حلو الكلام عذب الألفاظ موزون النبرات.
ذكره صاحب الحصون فقال : كان فاضلاً كاملاً شاعراً ماهراً بالعربية والفارسية اديباً لغوياً عالماً بالعلوم العربية والأدبية وقد خمّس قصيدة الأزرية المشهورة فأحسن بتخميسه وأجاد. إلى آخر ما قال :
سافر إلى إيران مرتين وكان موضع حفاوة وتقدير من قبل الملوك والامراء وكان له ولد واحد وهو الشيخ طاهر عرف بالفضل والعلم والأدب وقد مات يوم كان أبوه في ايران في السفرة الثانية وبموت هذا الولد انقطع نسل الشيخ جابر من الذكور.
توفي بالكاظمية في صفر سنة ١٣١٢ ه ١٨٩٥ م ودفن في الصحن الكاظمي في الغرفة الثالثة عن يمين الداخل من باب فرهاد ميرزا ، وطبع ديوانه في مطابع بغداد سنة ١٣٨٤ ه بتحقيق البحاثة الشيخ محمد حسن آل ياسين سلمه الله وفي مقدمة الديوان ترجمة وافية لصاحب الديوان بقلم محقق الديوان قال فيها : ولد الشاعر في الكاظمية سنة ١٢٢٢ ه وكان أبوه الشيخ عبد الحسين قد هاجر اليها من ( بلد ) لطلب العلم أيام الفقيه السيد محسن الأعرجي ، أي في اخريات القرن الثاني عشر الهجري.
الشيخ جابر الكاظمي
- الزيارات: 2553