طباعة

لقاء مع أحد علماء أهل السنة في خراسان


كنت حريصاً على الحوار واللقاء والانفتاح على علماء أهل السنة في داخل إيران لأنهم ـ مهما كان ـ تربطنا بهم بالإضافة إلى أخوة الدين رابطة الانتماء لهذا الوطن الكريم، فكانت لي لقاءات وعلاقات وحوارات كثيرة عبر إقامة المؤتمرات والندوات مع العديد من هؤلاء العلماء، فكنت كثيراً ما أزورهم في مناطق سكناهم وأماكن دراستهم وتدريسهم وأتحدث إليهم وأحاورهم بكل ود واحترام، وهم أيضاً يبادلوني مثل ذلك، فكانت تسود تلك اللقاءات أجواء الأخوة والمحبة والصفاء.
وفي يوم من الأيام وفي إحدى لقاءاتي معهم، جمعتني الصدفة مع أحد علماء أهل السنة الكبار من أهالي خراسان، وكان أستاذاً فاضلاً يدرّس في أحد المدارس الدينية لأهل السنة، فدار بيني وبينه بحث ونقاش حول الصحابة والشيخين (رض)، فبادر إلى القول بأن الشيعة لا يحترمون الصحابة ويتطاولون على مقامهم، فقلت له: بأن في صحاحكم روايات لا تنسجم مع ما تعتقدون في الصحابة، مفادها: بأن علياً (عليه السلام) والعباس يعتقدان بأن عمر آثم غادر، وهذا موجود في صحيح مسلم، فقال: إنّ هذا كذب وافتراء على مسلم، وتجاوز عليّ بكلام نابٍ وبعبارات حادة، فما كان بأسرع من أن أتيت بكتاب صحيح مسلم وأطلعته على مكان الرواية، فلما قرأها دهش وخجل جداً ولم ينبس ببنت شفة، ولما عرفت ذلك منه وصوناً لكرامته غيرت دفة الحديث، ولم أعقب على الموضوع، فشعر بذلك وعلم أني لم أرد إهانته أو التشفي به ما أوجب محبة لي في قلبه فأكبر موقفي وقدّره، فكان هذا باعثاً لاستمرار البحث والتواصل فيما بيننا.
وبعد مضي شهرين اتصل بي هاتفياً ليقول لي: يا فلان، إنّ عقيدتي بدأت تتزلزل وإني وجدت كثيراً مما يقوله الشيعة موجوداً في كتبنا، فقلت له: اتق الله يا شيخ! ولا تجعل الوساوس تتطرق إلى قلبك وواصل البحث والتحقيق حتى يزول ذلك الشك من نفسك، ولكنه وبعد مدة اتصل بي أيضاً، وقال لي: إنه بدأت تتكون لدي قناعات بأن الشيعة على حق، وإني أخذت أميل إلى ما يقولون ويطرحون من أدلة، وكنت بدوري أحثه على البحث والتحقيق أكثر.
فاستمر ذلك بيننا ما يربو على السنتين حتى تولدت لديه قناعة قوية بأحقية مذهب أهل البيت، فجاء إلى بيتنا في مدينة قم المقدسة، وهناك أعلن استبصاره وتشرفه باعتناق مذهب البيت (عليهم السلام)، وكان ذلك بمحضر جمع مبارك من العلماء الأعلام وهم آية الله الشبيري الزنجاني وآية الله الشيخ السبحاني والشيخ آية الله الخزعلي والشيخ المقتدائي وكان ذلك سنة 1362هـ. ش.
وبعد ذلك توطدت بيني وبين هذا العالم أواصر الصداقة والعلاقة، وهو الآن من أعز أصدقائي وتربطنا به علاقة طيبة ومتينة ولله الحمد والمنة.