في هذا الوقت كان حاضراً معنا عالم من علماء اليمن قال: يوجد في بلادنا بعض الشيعة الذين يقولون في أذانهم "حي على خير العمل".
قال الشيخ: ما هذه الخرافات التي يعتقد بها الشيعة؟ كيف يسمحون لأنفسهم بمثل هذه البدع؟
قلت: أولاً: إنّ هذه الفقرة موجودة في كتب أهل السنة، وهذه الفقرة كانت في صدر الإسلام من ضمن فقرات الأذان، لكن عمر(رض) قد نهى عنها.
يقول القوشجي وهو من علماء الكلام الكبار لأهل السنة: (( إنه (أي عمر بن الخطاب) خطب الناس، وقال: أيّها الناس، ثلاث كنّ على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، أنا أنهى عنهنّ، وأحرّمهنّ، وأعاقب عليهنّ، وهي: متعة النساء، ومتعة الحج، وحي على خير العمل ))(1).
ونقل الشوكاني عن كتاب الأحكام ليحيى بن الحسين بن القاسم المتوفى سنة 298: ((وقد صحّ لنا أنّ حي على خير العمل كانت على عهد رسول الله يؤذن بها، ولم تطرح إلاّ في زمن عمر، وهكذا قال الحسن بن يحيى: روي ذلك عنه في جامع آل محمد، وبما أخرج البيهقي في سننه الكبرى بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر أنّه كان يؤذّن بحي على خير العمل أحياناً ))(2).
وقال ابن حزم أيضاً:(( وقد صحّ عن ابن عمر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف: أنّهم كانوا يقولون في أذانهم حيّ على خير العمل)) (3).
وكذلك نقل عدد من الصحابة والتابعين أنّ فقرة "حي على خير العمل" من ضمن الأذان، مثل:
1ـ عبد الله بن عمر.
2ـ علي بن الحسين(عليه السلام).
3ـ سهل بن حنيف.
4ـ بلال مؤذن الرسول(صلى الله عليه وآله)(4).
5ـ الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام).
6ـ أبي محذورة مؤذن رسول الله(صلى الله عليه وآله).
7ـ زيد بن أرقم(5).
8ـ الإمام الباقر(عليه السلام).
9ـ الإمام الصادق(عليه السلام)(6).
وثانياً: ما معنى فقرة: "الصلاة خير من النوم" التي نسمعها في أذانكم؟ فكل شخص حتى الأطفال يعلمون أنّ الصلاة هي خير وأفضل من النوم؟
وثالثاً: لو نظرنا إلى فقرة "حي على خير العمل" لوجدناها متناسبة مع ما قبلها من الفقرات "حي على الصلاة" "حي على الفلاح" أما فقرة "الصلاة خير من النوم" فلا نشعر بأي انسجام بينها وبين الفقرات التي قبلها.
فقال: نحن نذكر فقرة الصلاة خير من النوم في صلاة الصبح فقط.
في هذا الوقت وفي حدود الساعة الثانية بعد منتصف الليل انتهى اللقاء.
وذكر الشيخ للطلاب الذين كانوا حاضرين معه في اللقاء بعض الأمور التي لم ألتفت إلى مراده منها.
ثم ودّعتهم وخرجت على أمل اللقاء وإكمال الموضوع في الليلة القادمة.
____________
(1) شرح التجريد للقوشجي، مبحث الإمامة: ص484؛ المسترشد للطبري الإمامي المعاصر للطوسي والنجاشي: ص516، بتحقيق الشيخ أحمد المحمودي؛ وجواهر الأخبار والآثار: ج2 ص192، عن التفتازاني في حاشيته على شرح العضدي.
(2) نيل الأوطار: ج2 ص19.
(3) المحلى ج3 ص16. آخر باب الأذان، وآخر مسألة 331، باب مذاهب العلماء في صفة ألفاظ الإقامة، بتحقيق: أحمد محمد شاكر، ط. دار الفكر ـ بيروت.
(4) سنن البيهقي: ج1 ص424 و425، دلائل الصدق: ج3 ص1 عن مبادئ الفقه الإسلامي للعرفي: ص38، مصنّف عبد الرزاق ج1 ص46 و464 ؛ جامع ابن أبي شيبة: ج1 ص145، الروض النضير: ج1 ص192؛ المحلى لابن حزم: ج3 ص6؛ السيرة الحلبية: ج2 ص 15، ط، 1382 هـ؛ كنز العمال: ج8 ص342، ح23174 و ص345، ح23188.
(5) جواهر الأخبار والآثار: ج2 ص191. الاعتصام بحبل الله المتين: ج1 ص38. البحر الزخار: ج2 ص191 و192، وجواهر الأخبار والآثار: 2 ص191. نيل الأوطار: ج2 ص19 عن الأحكام لمحب الطبري، الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: ج5 ص283.
(6) البحر الزخار وجواهر الأخيار والآثار: ج2 ص192؛ البحار: ج84 ص156؛ دعائم الإسلام: ج1 ص142.
هل أنّ إضافة " حي على خير العمل " في الأذان بدعة ؟
- الزيارات: 1781