و قد تواتر عن الصحابة واللغويّين، إطلاق الوصيّ على علي بن أبي طالب(عليه السلام)، كما مرّ في رواية الطبراني وغيره عن سلمان الفارسي(1)، وهكذا عن أبي أيّوب الأنصاري(2) وعلي المكّي الهلالي(3).
وروى الخوارزمي عن علي(عليه السلام)، قال لعدّة أرسلهم معاوية إلى علي(عليه السلام): "معاشر الناس أنا أخو رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ووصيّه"(4).
وهكذا في كتابه(عليه السلام)إلى أهل مصر(5) وفي احتجاجه على الخوارج(6)، وفي خطبته بعد انصرافه من صفّين(7).
وروى الحاكم والهيثمي عن الإمام الحسن(عليه السلام)(8)، وابن الأثير والطبري عن الإمام الحسين(عليه السلام)(9).
وروى ابن عساكر عن بريدة بن الحصيب بن عبد اللّه(10)، والخوارزمي عن ابن مردويه، عن أمّ سلمة(11)، والگنجي الشافعي وابن الصباغ المالكي عن أبي سعيد الخُدري(12)، وأبي نعيم وغيره عن أنس بن مالك(13)، واليعقوبي عن مالك بن الحارث الأشتر(14)، والخوارزمي عن عمرو بن العاص(15) والقندوزي عن عمر بن الخطاب(16)، والمسعودي عن ابن عباس(17).
وهكذا روى الذهبي وابن حجر عن جابر بن يزيد الجعفي(18).
والعجب من المزّي، حيث روى عن سعيد بن منصور، قال:قال لي ابن عيينة: سمعت من جابر ستيّن حديثاً ما أستحلّ أن أروي عنه شيئاً، يقول: حدّثني وصيّ الأوصياء. إلى أن قال: أقلّ ما في أمره أن يكون حديثه لا يحتجّ به، إلاّ أن يروي حديثاً يشاركه فيه الثقات(19).
أقول: ما هو مراده من مشاركة الثقات إيّاه؟ هل مراده أمثال حريز بن عثمان الحمصي؟ وهو من رجال البخاري، والأربعة(20) الذي يروي المزّي عن أحمد بن حنبل بأنّه ثقة، ثقة، ثقة، وليس بالشام أثبت من حريز. وهكذا نقل وثاقته عن يحيى بن معين والمديني والعجلي(21).
مع أنّه كان يلعن علي بن أبي طالب(عليه السلام) صباحاً ومساءً، كما قال ابن حبّان فيه:كان يلعن عليّاً بالغداة سبعين مرّة، وبالعشيّ سبعين مرة، فقيل له في ذلك؟ فقال: هو القاطع رؤوس آبائي وأجدادي"(22).
أو المراد من الثقات هو مثل إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني من أئمة الجرح والتعديل عند أهل السنّة ومن رجال أبي داود، والترمذي والنسائي؟
قال المزّي:إنّ أحمد بن حنبل يكرمه إكراماً شديداًوقال النسائي:ثقة، وقال الدارقطني:من الحفّاظ المصنّفين والمخرجين الثقات... وعدّه ابن حبان في الثقات، مع ذكره بأنّه كان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق في الميل على علي وكان فيه انحراف عن علي(23)، وقال ابن حجر في ترجمة (مصدع أبو يحيى الأعرج):والجوزجاني مشهور بالنصب والانحراف(24).
أو خالد بن عبد اللّه القسري الذي روى عنه البخاري في خلق أفعال العباد وأبي داود(25)، ذكره ابن حبان في الثقات(26)، قال أبو الفرج: "إنّ خالد القسري أحد ولاة بني أمية طلب من أحدهم أن يكتب له السيرة، فقال الكاتب: فإنّه يمرّ بي الشيء من سيرة علي بن أبي طالب أفأذكره؟ فقال خالد: لا! إلاّ أن تراه في قعر جهنّم!!(27)، قال ابن كثير: قال ابن خلكان: كان متهماً في دينه وقد بنى لأمّه كنيسة في داره"(28).
أو عمران بن حطّان من رجال البخاري وأبي داود والنسائي... قال العجلي: بصريّ، تابعيّ، ثقة، وقال أبو داود:ليس في أهل الأهواء أصحّ حديثاً من الخوارج، ثمّ ذكر عمران هذا وغيره... وذكره ابن حبان في الثقات(29).
مع أنّ العقيلي صرّح بأنّ عمران بن حطّان كان من الخوارج(30) وهو المادح لابن ملجم بقوله المشهور:
يا ضـربة من تقي ما أراد بـها إلاّ ليبلغ من ذي العرش رضواناً (31)
قال ابن كثير: "وقد امتدح ابن ملجم بعض الخوارج المتأخّرين في زمن التابعين وهو عمران بن حطّان وكان أحد العباد ممّن يروي عن عائشة، في صحيح البخاري فقال فيه: يا ضربة من تقي..."(32).
قال ابن قدامة بعد نقل شعر عمران بن حطّان في مدح قاتل علي بن أبي طالب: "وقد عرف من مذهب الخوارج تكفير كثير من الصحابة ومن بعدهم واستحلال دمائهم وأموالهم واعتقاد التقرب بقتلهم إلى ربّهم"(33).
هؤلاء قسم من ثقات أهل السنّة ورواة الصحاح الستّة وكم لهم من نظير!!!

____________
(1) المعجم الكبير: ج6 ص221، مجمع الزوائد: ج9 ص113، فضائل الصحابة: ج2 ص615 ح1052.
(2) المعجم الكبير: ج4 ص171، مجمع الزوائد: ج8 ص253.
(3) المعجم الكبير: ج3 ص57، المعجم الصغير: ج6 ص327؛ تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص130.
(4) المناقب: ص222.
(5) شرح ابن أبي الحديد: ج6 ص71.
(6) تاريخ اليعقوبي: ج2 ص193.
(7) نهج البلاغة خطبة 2، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج1 ص138.
(8) المستدرك: ج3 ص172، مجمع الزوائد للهيثمي: ج9 ص146 عن الطبراني وغيره.
(9) الكامل لابن أثير: ج3 ص287 ط. المنيريّة ـ مصر؛ تاريخ الطبري: ج4 ص322، ط. مؤسسة الأعلمي ـ بيروت، أحداث سنة 61 هـ.
(10) تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص392.
(11) مناقب الخوارزمي: 147، بتحقيق المحمودي.
(12) البيان للكنجي الشافعي: 501، الباب التاسع، الفصول المهمّة: 295، الفصل الثاني عشر.
(13) حلية الأولياء: ج1 ص63 المناقب للخوارزمي: 42، تاريخ مدينة دمشق: ج42 ص386.
(14) تاريخ اليعقوبي: ج2 ص178.
(15) مناقب الخوارزمي: 199. بتحقيق المحمودي، ط. مؤسسة النشر الإسلامي.
(16) ينابيع المودة: ج2 ص75.
(17) مروج الذهب: ج3 ص8.
(18) ميزان الاعتدال: ج1 ص383، ترجمة جابر، تهذيب التهذيب: ج2 ص43، ويلاحظ ترجمة الحاكم النيسابوري في لسان الميزان.
(19) تهذيب الكمال: ج4 ص470.
(20) تهذيب التهذيب: ج2 ص207.
(21) تهذيب الكمال: ج5 ص572، 573، 576.
(22) المجروحين: ج1 ص268، هامش تهذيب الكمال: ج5 ص579، تهذيب التهذيب: ج2 ص210، الأنساب للسمعاني: ج3 ص50 مادة "الرحبي".
(23) تهذيب الكمال: ج2 ص249، تهذيب التهذيب: ج1 ص159 ترجمة الرجل.
(24) تهذيب التهذيب: ج10 ص143.
(25) تهذيب التهذيب: ج3 ص88.
(26) الثقات: ج6 ص256.
(27) الأغاني: ج21 ص25، طبعة بيروت ـ دار الفكر.
(28) البداية والنهاية: ج10 ص23، بتحقيق علي الشيري، ط. دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
(29) تهذيب التهذيب: ج8 ص113؛ تهذيب الكمال: ج22 ص322.
(30) الضعفاء للعقيلي: ج2 ص204.
(31) الاستيعاب بهامش الإصابة: ج3 ص62، تاريخ مدينة دمشق: ج43 ص495، سير أعلام النبلاء: ج4 ص215، الإصابة: ج5 ص232، ترجمة الرجل.
(32) البداية والنهاية: ج7 ص364.
(33) المغني: ج10 ص85.

أضف تعليق