جاء في التاترخانية معزياً للمنقى:روى أبو يوسف عن أبي حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به (أي بأسمائه وصفاته) والدعاء المأذون فيه المأمور به ما استفيد من قوله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}(1).
وعن أبي يوسف أنه لا بأس به، وبه أخذ أبو الليث للأثر.
وفي الدر:والأحوط الامتناع لكونه خبر واحد فيما يخالف القطعي، إذ المتشابه إنما يثبت بالقطعي(2).
أما التوسل بمثل قول القائل: بحق رسلك وأنبيائك وأوليائك، أو بحق البيت فقد ذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إلى كراهته.
قال الحصكفي:وإنّما يخص برحمته من يشاء من غير وجوب عليه.
قال ابن عابدين:قد يقال: إنه لا حق لهم وجوباً على الله تعالى، لكن لله سبحانه وتعالى جعل لهم حقا من فضله، أو يراد بالحق الحرمة والعظمة، فيكون من باب الوسيلة، وقد قال تعالى: {وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ}(3).
وقد عد من آداب الدعاء التوسل على ما في (الحصن)، وجاء في رواية: "اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي إليك، فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً.." الحديث(4).
ويحتمل أن يراد بحقهم علينا وجوب الإيمان بهم وتعظيمهم. وفي (اليعقوبية):يحتمل أن يكون الحق مصدراً لا صفة مشبهة، فالمعنى بحقيقة رسلك، فليتأمل< أي: المعنى بكونهم حقاً لا بكونهم مستحقين.
أقول (أي ابن عابدين):لكن هذه احتمالات مخالفة لظاهر المتبادر من اللفظ، ومجرد إيهام اللفظ ما لا يجوز كاف في المنع... فلذا والله أعلم أطلق أئمتنا المنع، على أن إرادة هذه المعاني مع هذا الإيهام فيها الإقسام بغير الله تعالى وهو مانع آخر، تأمل(1).
هذا ولم نعثر في كتب الحنفية على رأي لأبي حنيفة وصاحبيه في التوسل إلى الله تعالى بالنبيفي غير كلمة (بحق) وذلك كالتوسل بقوله: (بنبيك) أو (بجاه نبيك) أو غير ذلك إلا ما ورد عن أبي حنيفة في رواية أبي يوسف قوله: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلاّ به (2).
أخوك في اللّه
أبو مهدي القزويني
14 رمضان المبارك 1425هـ
____________
(1) سورة الأعراف: 180.
(2) ابن عابدين: ج5 ص254، والفتاوى الهندية: ج1 ص266 وج5 ص318، وفتح القدير: ج8 ص497 - 498، وحاشية الطحاوي على الدر المختار: ج4 ص199.
(3) سورة المائدة: 35.
(4) حديث: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك.. سبق تخريجه ف/ 7. (وجاء هناك ص154 الهامش2 ما يلي: حديث أبي سعيد الخدري: ما خرج رجل من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك.. أخرجه ابن ماجة: ج1 ص256ـ ط الحلبي)، وابن السني في عمل اليوم والليلة: ص24 - ط دائرة المعارف العثمانية، وقال البوصيري في الزوائد: (هذا إسناده مسلسل بالضعفاء).
(5) ابن عابدين: ج5 ص254، والفتاوى الهندية: ج1 ص266 وج5 ص318، وفتح القدير: ج8 ص497 - 498، وحاشية الطحاوي على الدر المختار: ج4 ص199.
(6) الموسوعة الفقهية الكويتية: ج14 ص156.
WWW.AWKAF.NET/MOUSOAA-INDEX.HTML
HTTP://ISLAM.GOW.KW/INDEX.PHP
WWW.ANTIHABASHIS.COM
القول الثاني: في التوسل بالنبي بعد وفاته
- الزيارات: 606