لمتابعة الموضوع اضغط على الصفحة التالية أدناه إن أعظم آيات التوحيد في القرآن الكريم هي سورة التوحيد أي قوله عز وجل ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) (1) وهي تتحدث عن أحد أهم منافيات التوحيد أي الاعتقاد بوجود ولد لله ، فهل تتحدث هذه الآيات عن أمر نظري لم يحدث في الواقع ، فلم يوجد من المشركين من اعتقد بوجود أولاد وبنات لله ؟! أليس الاعتقاد بوجود بنات لله أهم عقائد المشركين وخاصة مشركي الجزيرة العربية ؟!
وقد تحدث عنها القرآن بنحو جلي وواضح في موارد عدة :
منها قوله تعالى " وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ " (2) ، وقوله عز وجل " وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً " (3) .
ألم يعتبر القرآن ادعاء الولد لله أقبح مقالات مشركي العرب فقال عز وجل ( وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا * تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَْرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً * وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً ) (4) ؟! ألا تعني الآية الأخيرة أنهم اعتقدوا بأن هناك في السماوات والأرض أبناء لله ليسوا عبيدا له ؟!
وقد حددت آيات سورة النجم أسماء آلهتهم التي اعتقدوا أنها بنات الله فقال تعالى ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الأُْخْرى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُْنْثى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى * إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ... ) (5) .
فهل هؤلاء الأولاد مجرد شفعاء ولم يكن لهم أي تأثير في الكون ؟! إن كان هذا هو المراد فلماذا إذن عنونوا بعنوان أبناء الله وبناته ؟! ألا يدل ذلك على اعتقادهم بوجود نوع اتحاد وتجانس بين الأب الإله والأبناء الآلهة ؟ ، فالابن له بعض قدرات الأب ، إن الاعتقاد بوجود أبناء لله يعني شرك الربوبية ، فالآلهة الأولاد هم أرباب كما أن الإله الأب رب ، ولا معنى للتجانس بين الابن والأب إلا ذلك .
وهذا ما صرح به القرطبي بقوله : " ومن أجاز أن تكون الملائكة بنات الله فقد جعل الملائكة شبها لله لأن الولد من جنس الوالد وشبهه " (6) .
الأمر الثالث : استدلال القرآن بدليل التمانع القائم على افتراض وجود قدرتين مستقلتين :
لمتابعة الموضوع اضغط على الصفحة التالية أدناه
________
(1) سورة التوحيد .
(2) البقرة : 116 .
(3) الكهف : 4
(4) مريم : 84 .
(5) النجم : 19 – 23 .
(6) تفسير القرطبي ، مجلد 8 ، ج 16 ص 66 .