• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

- 8 - آيات من كتاب الله نشأ الخلاف حول تأويلها

 من امثلة ما نشأ الخلاف حولها خلاف في تأويل بعض آيات من كتاب الله المجيد نذكر امثلة منها في ما يأتي : حكم غير الله ودعاء غير الله : قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس المذهب الوهابي في كتابه ( الاصول الثلاثة وادلتها ) ص 4 منه : " اعلم رحمك الله انه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه الثلاث مسائل والعمل بهن ( 1 ) :
 الاولى : ان الله خلقنا . . .
 الثانية : ان الله لا يرضى ان يشرك معه في عبادته احد ، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل والدليل قوله تعالى " وان المساجد لله فلا تدع مع الله احدا " ( الجن آية 18 " ( 2 ) .
وقال في ص 5 منه : " ان الحنيفية ملة ابراهيم ان تعبد الله وحده مخلصا له الدين وبذلك امر جميع الناس وخلقهم لها كما قال تعالى " وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون " ومعنى يعبدون يوحدوني واعظم ما امر الله به التوحيد وهو افراد الله بالعبادة واعظم ما نهى عنه الشرك وهو دعوة غيره معه . . . إلى قوله في ص 8 منه والدليل قوله تعالى " وان المساجد لله . . . "
 وقال في ص 46 منه " القاعدة الرابعة : ان مشركي زماننا اغلظ شركا من الاولين لان الاولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة ومشركوا زماننا شركهم دائما في الرخاء والشدة والدليل قوله تعالى : ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون "العنكبوت آية 65.
وقال في ص 8 من رسالته ( الدين وشروط الصلاة ) ( 3 )
ما ملخصه : العبادة لها انواع كثيرة منها الدعاء الدليل قوله تعالى " وان المساجد لله . . . " . وورد في رسالة " شفاء الصدور " التي اصدرته دار الافتاء العامة في الرد على رسالة الجواب المشكور ص 3 ( رفعوا إلى خليفة زعماء دعوة
التوحيد والذين ازاحوا غيا هب الشرك عن هذه البلاد - أي عن مكة المكرمة والمدينة المنورة - وطهروها من ادرانه وقضوا على كل اثر له . . . ) ( 4 ) .
يقصدون بدعاء غير الله أو مع الله ان يقول المسلم مثلا يا رسول الله . للتوسل به إلى الله أو يدعو غيره من اولياء الله كذلك وادلتهم كلها تدور حول قوله تعالى " لا تدعوا مع الله " ونظائرها مما نهى الله عن الدعاء مع الله أو غير الله .
وقال مخالفوهم ما اشبه الليلة بالبارحة وما اشبه هذا الاستدلال باستدلال الخوارج في تكفير من رضي بالتحكيم في صفين بامثال قوله تعالى : " ان الحكم الا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون " ( يوسف 67 ) ( 5 )
وقوله : " افغير الله ابتغي حكما وهو الذى نزل اليكم الكتاب " ( الانعام 114 ) وكان بداية ذلك في معركة صفين عندما امر معاوية برفع القرائين على الرماح ودعوة جيش العراق إلى قبول حكم القرآن وانخداع اكثرية قراء جيش العراق بذلك واجبارهم الامام عليا بترك القتال وقبول دعوة معاوية بالتحكيم ثم تعيين معاوية من قبله عمرو بن العاص حكما واجبار جيش العراق الامام عليا على تعيين ابي موسى الاشعري حكما من قبله فلما اجتمع الحكمان وخدع عمرو بن العاص ابا موسى وقال له نخلع عليا ومعاوية ونترك الامر للناس ليختاروا لهم اماما وسبق أبو موسى عمروا بالكلام وقال : انما اخلع عليا ومعاوية عن الامر ليختار المسلمون لهم اماما ثم خطب بعده ابن العاص وقال : انه خلع صاحبه كما رأيتم وانا انصب صاحبي للامامة فتنازعا وتسابا وافترقا ، بعد هذا ادرك من قبل التحكيم من جيش العراق بخطأهم ونادوا بشعار : " لا حكم الا لله " وقالوا : انا كفرنا بقبولنا التحكيم وتبنا إلى الله ويجب على الباقي ان يعترفوا بالكفر ثم يتوبوا مثلنا ومن لم يفعل فاولئك هم الكافرون . وهكذا كفروا اولا من اشترك في تلك الحوادث من عائشة
وعثمان وعلي وطلحة والزبير ومعاوية وعمرو بن العاص ومن تبعهم ، ثم شمل حكمهم بالكفر عامة المسلمين وسموا انفسهم بالشراة ووضعوا سيوفهم قرونا طويلة على عواتقهم يقتلون بها المسلمين ويقتلون ( 6 )
وصدق رسول الله حيث اخبر عن الخوارج وقال : يقتلون اهل الاسلام ويدعون اهل الاوثان لئن ادركتهم لاقتلنهم قتل عاد ( 7 ) وفي احاديث اخرى لاقتلنهم قتل ثمود ( 8 ) .
جواب مخالفيهم في المسألتين يقول في جواب هؤلاء واولئك مخالفوهم بان القرآن يفسر بعضه بعضا وإذا كان قد ورد في القرآن قوله تعالى : " ان الحكم الا لله " فقد ورد فيه ايضا قوله تعالى : " فان جاؤوك فاحكم بينهم أو اعرض عنهم وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط " المائدة 42 .
فقد خول نبيه في هذه الاية ان يحكم بين اهل الكتاب وفي آية اخرى امر بان يتخذوا حكما من الناس بقوله تعالى " وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما من أهلها إن يريدا اصلاحا يوفق الله " النساء 35 .
ولا منافاة بين الآيتين فان الاية الاولى عندما اثبتت ( الحكم ) لله لم تثبت له حكما محدودا مثل ما للقضاة في المحاكم بان لهم أن يحكموا بين الناس بموجب القوانين المرعية وانه ليس لهم ان يعينوا حاكما من قبلهم وانما ذلك لذى سلطة أعلى ، وعلى هذا فليس للقضاة ( الحكم ) مطلقا وانما لهم أن يحكموا بين الناس فحسب ولكن الله له ان يحكم بين الناس بموجب حكمه وله ان يأذن لغيره بالحكم أي له ان يعين حاكما على أي جهة في ملكه فله الحكم مطلقا وعلى هذا فان الانبياء بحكم الله يحكمون حين يحكمون وكذلك الاثنان اللذان يحكمان بين الزوجين - إذا فان حكم اولئك الحكام إذا حكموا بموجب ما امر الله ليس حكم ما سوى الله ولا حكم غير الله ولا حكم دون الله ولا حكم مع الله وانما هو حكم بامر الله وحكم باذن الله .
وكذلك الشأن بالنسبة إلى بعض الايات الاخرى التي تثبت بعض الصفات لله فانها لا تثبتها لله محدودة بحد وانما تثبتها لله مطلقا . مثل اثبات صفة الملك لله تعالى . صفة الملك لله .
لا منافاة في اثبات صفة الملك لله في قوله تعالى : " ولله ملك السموات والارض وما بينهما واليه المصير " ( المائدة 18 ) وقوله تعالى " لم يتخذ ولد ولا شريك له في الملك " الاسراء 111 والفرقان 2 ، وامثالهما وبين قوله تعالى : وما ملكت ايمانكم " النساء 3 و 24 و 25 و 36 وآيات اخرى مثلها لانه سبحانه وتعالى يقول : " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شئ قدير " . ( آل عمران / 26 ) .
إذا فان الله تعالى حين يملك عبده لم يملك العبد عندئد مع الله ، ولم يملك غير الله ولا سوى الله ولا دون الله ، وانما العبد وما يملك لمولاه ، وان تملك العبد باذن الله من أجلى مصاديق " الملك لله " أي ان ملك الله ليس محدودا كملك عبيده الذي يحد بحدود مشيئة الله واذن الله ولا حول للعبد ان يتصرف في ما خوله الله باكثر مما حدد الله له في التصرف من زمان ومكان وسيطرة وكذلك الشأن في صفة الخالقية .
 الخالق والمحيي . كذلك شأن صفة " الخالق و " المحيي " فانه سبحانه وتعالى " خالق كل شئ " الانعام 102 و " هل من خالق غير الله " فاطر 38 وقال تعالى " الا له الخلق والامر " الاعراف 54 وقال تعالى " وهو الذي يحيي ويميت " المؤمنون 80
وقال " فالله هو الولي وهو يحيي الموتى " الشورى 9 ولا منافاة بين هذا وبين ان يأذن لعيسى بن مريم ان يخلق ويحيى كما قال سبحانه مخاطبا اياه " واذ تخلق من الطين كهيئة الطير باذني فتنفخ فيه فيكون طيرا باذني . وتبرئ الاكمه والابرص وتخرج الموتى باذني " المائدة 110 .
وقوله تعالى عن لسان عيسى " اني اخلق لكم من الطين كهيئة الطير فانفخ فيه فيكون طيرا باذن الله وابرئ الاكمه والابرص واحي الموتى باذن الله . " الانعام 49 .
فان الله سبحانه حين يخلق ليس كالالة الصانعة لا يحول عن عمله ولا يزول جل عن ذلك وليس كالبشر حين يعمل لا يستطيع ان يهب قدرة العمل لغيره .
بل انه قادر ان يخلق الحياة انسانا كان أو حيوانا من طريق اللقاح بين الزوجين ويستطيع ان يخلقه بيديه دون اب ولا ام مثل آدم ويقدر كذلك أن يأذن لعيسى فيخلق بأذنه والخالق في كل ذلك هو الله تعالى .
وكذلك شأن الاحياء فانه قادر على ان يحيى الموتى بلا واسطة يوم القيامة وقادر على ان يهب الاحياء لرسوله عيس بن مريم ( ع ) فيحيى الموتى باذنه . وقادر على ان يجعل الاحياء في ضرب بعض بقرة بني اسرائيل الصفراء بميتهم المقتول فيحيا المقتول ويخبرهم عن قاتله ( 9 ) .
وان عيسى بن مريم حين خلق الطير وأحيا الموتى كان الخلق والاحياء باذن الله وعلى هذا فان عيسى حين خلق الطير واحيا الموتى لم يخلق مع الله ولم يحيي مع الله ولم يخلق ولم يحيي غير الله ولا دون الله وانما خلق وأحيا باذن الله .
الولي والشفيع . وكذلك شأن صفة الولي والشفيع فانه لا منافاة في شأن الشفاعة بين قوله تعالى : " ام اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون ولا يعقلون . قل لله الشفاعة جميعا له ملك السموات والارض ثم إليه ترجعون " الزمر : 43 ، 44 وقوله " مالك من دونه من ولي ولا شفيع افلا تتذكرون " السجدة / 4
وقوله " ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع " الانعام / 51
وقوله " وذكر به ان تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع " الانعام / 70 .
وبين قوله تعالى :
 أ - " ما من شفيع الا من بعد اذنه " يونس / 3 .
 ب - " من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه " البقرة / 255 .
وقوله " يومئذ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضي له قولا " طه / 109
وقوله " ولا تنفع الشفاعة عنده الا لمن اذن له . . . " سبأ / 23 .
وقوله " لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمن عهدا " مريم / 87 .
وقوله " ولا يشفعون الا لمن ارتضى " الانبياء / 28 فانه تعالى حين يأذن لعباده الصالحين ان يشفعوا كانت الشفاعة لله فأذن لهم ان يشفعوا فالشفيع عندئذ ليس دون الله وكذلك شأن الولي فان قوله تعالى : - الولي - ان الله له ملك السموات والارض يحيى ويميت ومالكم من دون الله من ولي ولا نصير " التوبة / 116 .
الم تعلم ان الله له ملك السموات والارض ومالكم من دون الله من ولي ولا نصير البقرة / 107 .
وقوله : افحسب الذين كفروا ان يتخذوا عبادي من دوني اولياء ، انا اعتدنا جهنم للكافرين نزلا . الكهف / 102 .
هذه الاقوال لا ينافي قوله تعالى " انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " المائدة / 55 .
لا منافاة بينهما وليس شركا ان نقول : الله ولينا ورسوله ومن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة في الركوع من المؤمنين ، لان الولاية لله وهو الذى اعطى هذه الولاية لهما كما اعطى للوالد الولاية على ولده . في كل الصفات المذكورة صح ان يقال : الله ، هو الحاكم والمالك والشفيع والولي و . . .
وصح - ايضا - ان يقال لمن منح من عبيده هذه الصفات : المالك والحاكم الشفيع والولي وان اوضح مثال لما قلنا المورد الآتي : من يتوفي الانفس قال تعالى : الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي انفسهم النحل / 28
وقال : تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم النحل / 32
وقال : توفته رسلنا وهم لا يفرطون الانعام / 61
وقال : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون السجدة / 11
وقال : الله يتوفى الانفس حين موتها - الزمر / 42 فمن قال ان الملائكة تتوفى الانفس حين موتها باذن الله لم يكذب ولم يشرك ، ومن قال ملك الموت عزرائيل يتوفى الانفس حين موتها باذن الله لم يكذب ولم يشرك ، ولا منافاة بين القولين وبين
القول بان الله يتوفى الانفس حين موتها ، وفي كل هذه الحالات لم يتوفى الانفس غير الله ولا مع الله بل ان الله هو الذي توفاها ( 10 ) وكذلك الشأن بالنسبة إلى الصفات الاخرى المذكورة سابقا .
دعوة الرسول والتوسل به إلى الله
بناء على ما بينا بان كلا من الحاكم والمالك والشفيع والخالق والمحيي والمميت والولي إذا كان باذن الله فليس ثمة غير الله ولا دون الله ولا مع الله . بناء على ذلك فان دعوة النبي ( ص ) في المتوسل به إلى الله - ايضا - إذا كان باذن الله فليس ثمة
دعاء غير الله ولا دون الله ولا مع الله وليس من مصاديق ما نهى الله عنه في قوله تعالى : " ولا تدعوا مع الله احدا " وقد مر بنا في الحديث المروى بمسند احمد وسنن الترمذي وابن ماجة ورواية البيهقي والتي صححوها بان رسول الله ( ص ) علم الصحابي الضرير ان يدعو بعد الصلاة ويقول " اللهم اني اسألك وأتوجه بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد اني توجهت بك إلى ربي في حاجتي لتقضي لي اللهم فشفعه لي " ( 11 ) فقضى الله حاجته وشفع رسوله فيه وشافاة وان هذه النوع من التوسل من مصاديق قوله تعالى ( وابتغوا إلى ربكم الوسيلة ) المائدة - 35 .
إلى هنا استعرضنا بعض مسائل الخلاف وأشرنا إلى ما كان ظاهرا من منشأ مسائل الخلاف وفي ما يلي ندرس الباعث الحقيقي لما نشأ من خلاف بادئ ذى بدء .
الباعث الحقيقي لما نشأ من خلاف بادئ ذى بدء
لقد ذكرنا في ما سبق امثلة من منشأ الاختلاف في الاحاديث وفي تأويل آيات من الكتاب العزيز ونرى وراء كل ذلك باعثان حقيقيان نشأ منهما مسائل الخلاف بادئ ذى بدء ثم قلد الخلف السلف في ما ارتأوا بعد ذلك ، أولهما ما حكى الله سبحانه عما
جرى من ابليس حين لم يسجد لآدم بقوله : " قال يا ابليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي استكبرت ام كنت من العالين ، قال : انا خير منه . . . سورة ص 75 - 76 . و " قال لم اكن لاسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون الحجر 31 33 . ان ابليس عبد الله وحده لا شريك له عمر الملائكة ثم لم يخضع لآدم صفي الله في عصره واستهان به فكان من أمره ما كان ، اما الناس الذين استكبروا واستهانوا بانبياء الله واصفيائه بعد ذلك فاليكم امثلة من امرهم في ما يأتي .
في عصر خاتم الانبياء : روى ابن حجر في ترجمة ذي الخويصرة رأس الخوارج من الاصابة عن انس ، قال : كان في عهد رسول الله ( ص ) رجل يعجبنا تعبده واجتهاده وقد ذكرناه لرسول الله ( ص ) فلم يعرفه فوصفناه بصفته فلم يعرفه فبينا
نحن نذكره إذ طلع الرجل علينا فقلنا هو هذا قال : انكم لتخبروني عن رجل ان في وجهه لسعفة من الشيطان فاقبل حتى وقف عليهم ولم يسلم فقال له رسول الله ( ص ) انشدك الله ، هل قلت حين وقفت على المجلس ما في القوم احد افضل مني أو خير مني ؟ قال : اللهم نعم ! ثم دخل يصلي فقال رسول الله ( ص ) من يقتل الرجل . . . الحديث وفي آخر الحديث قال ( ص ) لو قتل ما اختلف من امتي رجلان ... ( 12 )
في الامم السابقة : قال قوم نوح لنبيهم نوح : " ما نراك الا بشرا مثلنا . . . وما نرى لكم علينا من فضل " هود 27 . وقالوا " ما هذا الا بشر مثلكم يريد ان يتفضل عليكم " المؤمنون 24 .
وقال قوم نوح وعاد وثمود لرسلهم : " ان انتم الا بشر مثلنا . . . " ابراهيم - 9 وقالوا لنبيهم ( " ما هذا الا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون " المؤمنون - 33 وكان جواب الانبياء لاممهم في هذا الاعتراض والاستهانة بهم ما اخبر الله عنه وقال : " قالت لهم رسلهم ان نحن الا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده " ابراهيم 11 - 12 .
ان ابليس لا يرى فضلا لصفي الله ونبيه آدم على نفسه فلا يخضع له ويقول عنه انه بشر . وقوم نوح وعاد وثمود لا يرون لانبيائهم من فضل عليهم ويقولون لانبيائهم ان انتم الا بشر مثلنا . وذو الخويصرة رأس الخوارج يقول لجمع فيهم رسول الله ما في القوم افضل مني أو خير مني .
ويقول الرجل ذو المعرفة من السعوديين : " محمد رجالا مثلي مات " إذا فان الباعث الاول للاستهانة باصفياء الله هو الاستكبار .
والباعث الثاني : لاستهانة اصفياء الله وخاصة في الامة الاسلامية مدى القرون ، حاجة السلطات الحاكمة على المسلمين إلى اراءة حياة القدوات الانسانية من الانبياء والاصفياء بما لا يناقض حياتهم الغارقة في الشهوات والمنهمكة في اتباع هوى النفس ، وكان من اثر العاملين الاول والثاني أن أولت آيات من الذكر الحكيم إلى ما يبين صدور المعاصي من انبياء الله واصفيائه ووضعت روايات في انغماسهم في الملاهي والشهوات واحيانا استفادوا من الاخبار الاسرائيلية في ذلك مثل ما رووا عن داود وزوجة اوريا ( 13 ) إلى غيرها والكثير من امثالها التي رووها في سيرة الانبياء ، وقد مر بنا امثلة مما رووا في سيرة افضل الانبياء وخاتمهم محمد ( ص ) ، وفي هذا السبيل ، سبيل تهوين امر انبياء الله واصفيائه وعدم وجود ميزة لهم عمن سواهم أولوا آيات من الكتاب العزيز المصرحة بمعجزات الانبياء مثل خلق عيسى ( ع ) من الطين طيرا باذن الله ونظائره ، ووضعت روايات تتفق وما يروجونه من عدم وجود ميزة لاصفياء الله عمن سواهم من البشر .
وفي مقابل تلكم الاحاديث وتأويلات ايات كتاب الله بدافع العاملين المذكورين آنفا نجد في كتب التفسير والحديث والسيرة احاديث اخرى تدل على ميزات اصفياء الله فآمن بها طائفة من المسلمين واولت آيات كتاب الله بما يوافق تلك الاحاديث وانتج ذلك لكل طائفة منهما رؤية خاصة لصفات الله وصفات انبيائه وعن العرش والكرسي وسائر المعارف الاسلامية تناقض رؤية الطائفة الاخرى وكل طائفة آمنت بما لديها بما يبلغ به إلى تكفير من يخالفه في الرأى . وان ما وقع من التفرقة مدى القرون كان من اثر ما ذكرناه ، اما العلاج فسنذكره بحوله تعالى في الخاتمة الآتية :
 






_____________
(1) كذا ورد في الاصل .
(2) رسالة الاصول الثلاثة ط . مطبعة المدنى 295 شارع رمسيس بالقاهرة سنه 1380 ه‍ ورسالة الدين وشروطها ايضا طبع فيها وكذلك استدلوا بقوله تعالى : " قل ادعوا الذين زعمتم من دونه ، فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا " ( الاسراء / 56 ) وآيات أخرى نظيرها . ( * )     
(3) رسالة الاصول الثلاثة ط . مطبعة المدنى 295 شارع رمسيس بالقاهرة سنه . 1380 - ورسالة الدين وشروطها ايضا طبع فيها بلا تاريخ .
(4) رسالة شفاء الصدور . ط . الاولى مؤسسه النور للطباعة والتجليد .
(5) نكرر قولنا : باننا لسنا بصدد احصاء ادلة الطرفين في البحث وانما نأتي بامثلة منها . ( * )
(6) راجع اخبار يوم صفين في تاريخ الطبري وابن الاثير وابن كثير ثم اخبار الخوارج فيها وفي غيرها من كتب التاريخ .
(7) كان ذلك عندما بعث ابن عم الرسول علي من اليمن بذهيبة إلى الرسول فقسمها بين اربعة من المؤلفة قلوبهم فتغضبت قريش والانصار فقالوا : يعطيه صناديد اهل نجد ويدعنا قال : انما أتألفهم فاقبل رجل . . . محلوق الرأس فقال : يا محمد اتق الله فقال النبي ( ص ) : فمن
يطع الله إذا عصيته أيامنني على اهل الارض ولا تأمنوني ، فلما ولى قال النبي ( ص ) ان من ضئضئ هذا قوما يقرؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الاسلام مروق السهم من الرمية يقتلون اهل الاسلام . . . الحديث صحيح البخاري كتاب التوحيد باب قول الله تعالى بعرج الملائكة . . . ج 4 / 188 وصحيح مسلم كتاب الزكاة باب ذكر الخوارج وصفاتهم الحديث 143 ص 741 .
(8) صحيح مسلم الحديث 144 و 145 و 146 . ( * )
(9) اشارة إلى الايات 67 - 73 من سورة البقرة . ( * )     
(10) هذا الاستدلال مستفاد من قول الامام علي ، برواية الصدوق عنه في باب الرد على الثنوية والزنادقة بكتاب التوحيد
(11) راجع مصادره في باب الاستشفاع برسول الله في حياته من هذه المقدمة . ( * )
(12) راجع ترجمة ذي الخويصرة من الاصابة . وذو الخويصرة التميمي حرقوص بن زهير اصل الخوارج قال لرسول الله عندما كان يقسم قسما يا رسول الله اعدل فقال له ويحك من يعدل إذا لم اعدل وقال فيه : ان له اصحابا يحقر احدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع
صيامهم ، يمرقون من الدين كمروق السهم من الرمية - راجع ترجمة ابن الخويصرة في اسد الغابة وتفصيل قول رسول الله فيه وفي الخوارج وقتال الامام علي اياهم في صحيح مسلم باب ذكر الخوارج وباب التحريض على قتل الخوارج وباب الخوارج شر الخلق والخليقة . والسعفة : قروح تخرج في الوجه والرأس ويكون المعنى اثر ضربة الشيطان في وجهه . ( * )
(13) راجع اخبار سيرة النبي داود ( ع ) في تاريخ الطبري وغيره . ( * )


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page