طباعة

كيف أصبح العباس قاضياً للحاجات ؟


سوال يطرحه الكثيرون منّا .
والجواب عليه : أنّ الله سبحانه أراد إظهار عظمة العباس (عليه السلام ) عند الناس جزاءاً لبعض مواقفه الخالده في كربلاء أو غيرها .
فالعباس (عليه السلام ) قاتَلَ وهو في رَيعان شبابه تحت لواء أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام ) وذلك في صفين كما تدلّ على ذلك الروايات .
ثمّ مواساته لأخيه ، وموقفه من شمر بن ذي الجوشن عندما جاء طالباً منه ترك الإمام الحسين .
لاشكّ أنّ الإمام الحسين (عليه السلام ) هو أفضل من العباس لكنّ هذه الميزة أُعطيت للعباس (عليه السلام ) .
وهذا لاينافي موضوع أفضلية الإمام الحسين على أخيه العابس ، لأنّ الأفضلية راجعة الى المور النفسية (1) و ما أشبه .
وقد ورد أنّ الإمام الحجّة بن الحسن ( عجل الله فرجه الشريف ) هو أفضل من الأئمّة الذين سبقوه ابتداء من الإمام زين العابدين (عليه السلام )، لأن دوره وشأنه في تحمّل المسؤولية هو أكبر من أولئك الأئمّة (عليهم السلام ) أو لغير ذلك من الأسباب .
و لا يخفى أنّه مثلما أعطى الله للرجال - من أمثال أبي طالب وعبد الله والد النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) وعبد العظيم الحسني والعباس وعلي الأصغر - قضاء حوائج الناس أعطى لبعض النساء أيضاً هذه الكرامة ، فمن الموصوفات بهذه الصفة نذكر : الصدّيقة الزهراء وخديجة الكبرى وفاطمة بنت أسد وزينب الكبرى وفاطمة المعصمومة أخت الإمام الرضا (عليه السلام ) والسيّدة نرجس أم الإمام الحجّة ، وغيرهن من النساء المؤمنات .
فكيف استطاع هؤلاء العظام إعطاء الحوائج ؟
لا نعلم كنه ذلك ، لكنّنا نلمسه بالتجربة الحسّية .
ومن باب الاستزادة نذكر بأنّ قضاءهم للحوائج ليس حصراً على المسلمين أو المؤمنين ، بل حتّى الكفّار مشمولون لرحمة الله ( سبحانه وتعالى ) ، وعطف هؤلاء العظام ، لأنّهم ( عليهم أفضل الصلاة والسلام ) أوعيه مشيئة الله سبحانه ، يعطون المسلم والكافر .
وقد ورد في الدعاء : « يا مَن يُعطِِي مَن سأَلهُ ، يا مَن يُعِطي مَن لم يَسألهُ ومَن لم يَعرِفهُ تَحننّاً مِنه ُورَحمةَ » (2) . بل حتّى من يحارب الله سبحانه قد يحصل على حاجاته - في هذه الدنيا - إذا ما طالب بها وألّح عليها .
وهكذا كانت سيرة الأنبياء وسيرة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) فلم يوقف عطاءه على المسلمين وحسب بل حتّى الكفّار والمشركين كانوا مشمولين بعطائه .
فقد قدَّم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) الماء للكفّار في بدر ، وقدَّم الإمام الحسين (عليه السلام ) الماء لمن جاؤوا لمحاربته .

______________________________
(1) كما نشاهد في الإمام الحسن والحسين (عليهما السلام ) حيث إنّ دور الإمام الحسين أكبر وإن كان الإمام الحسن أفضل ، فإن فضيلتهم راجعة الى أمور نفسية ، فلا منافاة بين الأفضل مع كون الظاهر منهم أقل .
(2) من الأدعية الواردة في شهر رجب صباحاً ومساءاً وفي أعقاب كل صلاة ، انظر مفاتيح الجنان : ص 137 للشيخ عباس القمي ، وكتاب الدعاء والزيارة : ص 283 للإمام المؤلف .