• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الإمام الخليفة

بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان أجمعت الأمة على بيعة الإمام علي (عليه السلام) خليفة لها وقد اجتاحت النفوس موجة من العاطفة نحوه، ولكنه رد الأمة بقوله: «دعوني والتمسوا غيري»(1) إن علياً أبى أن يكون أسيراً للعاطفة، فلعل نقمة بعض الناس على عثمان هي التي أججت نحوه العاطفة وشدت إليه التيار، وهو يريد من الأمة إقراراً إرادياً لإمامته ثم أن علياً ليس ممن تغريه المناصب وتستهويه الكراسي حتى يستجيب فور إقبال الناس عليه فإن الأمرة كلها لا تساوي لديه جناح بعوضة. بل الدنيا كلها عنده كعفطة عنز على حد تعبير له والقيادة لا تساوي عنده شيئاً مذكوراً، إن لم يقم من خلالها الحق ويبطل الباطل.
ولهذا لم يستجب لضغط الجمهور في بادئ الأمر قبل وضعهم أمام اختبار ليتأكد من مدى قدرة الناس على تلقي مناهجه والاستجابة لخططه إذا تسلم زمام الأمر.
فبالرغم من أن العاصمة المقدسة «المدينة المنورة» قد أصرت على اختياره على شكل تظاهرات حقيقية وتجمعات مكثفة حتى صارت المطالبة بقيادته إجماعية ولا جماعية، فإنه (عليه السلام) بقي عند موقفه المتريث بيد أن إصرار الأمة على بيعته جعلته يطرح عليها شروطه لقبول الخلافة فإن بايعته الأمة وفقاً لما يملي من شروط استجاب هو لمطلبها في استخلافه وحين أذاع بيانه المتضمن لشروطه « واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب»(2).
سارعت الأمة مذعنة لشروطه ومدت يد البيعة على الطاعة إليه، فلبى مطلبها ليواجه مسؤولياته القيادة في الأمة الإسلامية على الصعيد الفكري والعملي.
وقد كانت من أولى مهامه (عليه السلام) أن يزيل صور الانحراف التي طرأت على الحياة الإسلامية، وأن يعود بالأمة إلى أصالة المنهج الإلهي.
ومن أجل ذلك كان لابد أن يسير وفق منهاج محدد وشامل يلزم ولاته بتطبيقه وقد انصب منهاج حكومته على مواجهة المشاكل في الميادين الآتية.
1 - الميدان السياسي:
لقد حدد الإمام (عليه السلام) مواصفات ولاة الأمر وموظفي الدولة الذين يرشحهم الإسلام لإدارة شؤون الأمة الإسلامية ببيان أصدره (عليه السلام) جاء فيه:
« أنه لا ينبغي أن يكون الوالي علي الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين البخيل فتكون في أموالهم نهمته ولا الجاهل فيضلهم بجهله، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه، ولا الحائف للدول فيتخذ وماً دون قوم، ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق، ويقف بها دون المقاطع ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة»(3).
في ضوء هذا التحديد الموضوعي لصفات كادر الموظفين الذين يقرهم الإسلام عمد الإمام علي (عليه السلام) إلى الاستغناء عن خدمات قسم من الولاة الذين كانوا يتولون أقاليم الدولة الإسلامية لأن علياً (عليه السلام) لو ساوم كما يريد بعض المؤرخين لتعذر على الأجيال المسلمة التماس الصورة الحقيقية للشريعة التي أبعث الله بها رسوله العظيم صلى الله عليه وآله وسلم.
2 - الميدان الاقتصادي:
كما عمد الإمام علي (عليه السلام) إلى إصلاح الوضع السياسي والإداري كذلك فعل بالنسبة للوضع الاقتصادي فقد بادر فور تسلمه زمام الأمور مباشرة إلى إلغاء طريقة توزيع المال التي اعتمدت فيما سبق فقد استبدل الإمام طريقة التمييز في العطاء بطريقة المساواة في التوزيع التي مارسها رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فألغى الإمام (عليه السلام) كل أشكال التمييز في توزيع المال على الناس مؤكداً أن التقوى والسابقية في الإسلام والجهاد والصحبة للرسول (صلى الله عليه وآله) أمور لا تمنح أصحابها مراتب أو مميزات في الدنيا وإنما لتلك المزايا ثوابها عند الله في الآخرة، ومن كان له قدم في ذلك، فالله تعالى يتولى جزاءه، أما في هذه الدنيا فإن الناس سواسية في الحقوق المالية وأمام القضاء الإسلامي وفي الواجبات والتكاليف.
وقد تضمن بيانه التالي هذه الأفكار الجليلة العادلة:«ألا وأيما رجل من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يرى أن الفضل له على سواه لصحبته فإن الفضل النيّر غداً عند الله وثوابه وأجره على الله وأيما رجل استجاب لله وللرسول فصدق ملتناً ودخل في ديننا واستقبل قبلتنا فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده فأنتم عباد الله، والمال مال الله يقسم بينكم بالسوية لا فضل فيه لأحد على أحد، وللمتقين عند الله غداً أحسن الجزاء وأفضل الثواب، لم يجعل الله الدنيا للمتقين أجراً ولا ثواباً، وما عند الله خير للأبرار»(4) وهكذا جسد الإمام (عليه السلام) مفهوم التسوية في العطاء بين جميع الناس الذين يتمتعون بحق المواطنة الإسلامية دون تمييز لأي سبب من الأسباب.
هذه بعض ملامح العملية الإصلاحية التي قادها الإمام علي (عليه السلام) في شتى مرافق الحياة الإسلامية، في المال والحكم والإدارة وسواها.
*************
1 - نهج البلاغة ص136، تبويب الدكتور صبحي الصالح.
2 - المصدر السابق والصفحة ذاتها.
3 - نهج البلاغة رقم 131 تبويب صبحي الصالح.
نهمته: شهوته الشديدة وحرصه المفرط.
الحائف: الجائر، الظالم.
الدول: المال، والحائف للدول معناه الذي يظلم في توزيع الأموال فيفضل جماعة على أخرى.
المقاطع: الحدود التي حددها الله تعالى.
4 - شرح نهج البلاغة لمحمد عبده ج1 ص269.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page