• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

معالم المدرستين القسم الأول البحث الرابع الفصل الثاني ثورات أهل الحرمين وغيرهم بعد استشهاد الإمام الحسين

ثورة أهل الحرمين
غايتنا من إيراد خبر مقتل الإمام الحسين ( ع )

لم أقصد في ما أوردت من أخبار مقتل الإمام الحسين ( ع ) استقصاء أخبار مقتله ولا تحقيق حوادثه ، ولا بيان زمانها وتحديد مكانها ، بل توخيت في ما أوردت فهم آثار مقتله على مدرستي الإمامة والخلافة في الإسلام وكان يكفيني في هذا الصدد ما أوردته على سبيل التنبيه والاشراف .
وكان من آثار مقتله على مدرسة الخلافة ثورات المسلمين المستمرة على حكم آل أمية وفي مقدمتها ثورة أهل الحرمين كما نبينها في ما يلي :
قال المسعودي : لما شمل الناس جور يزيد وعماله ، وعمهم ظلمه وما ظهر من فسقه من قتله ابن بنت رسول الله ( ص ) وأنصاره وما أظهر من شرب الخمور ، وسيره سيرة فرعون بل كان فرعون أعدل منه في رعيته وأنصف منه لخاصته وعامته ( 1 ) امتنع ابن الزبير من بيعة يزيد ، وكان يسميه السكير الخمير ، وكتب إلى أهل المدينة ينتقصه ، ويذكر فسوقه ، ويدعوهم إلى معاضدته على حربه ( 2 ) .
وقال الطبري وغيره : لما قتل الحسين ( ع ) قام ابن الزبير في أهل مكة وعظم مقتله وعاب على أهل الكوفة خاصة ، ولام أهل العراق عامة ، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد ( ص ) :
ان أهل العراق غدر وفجر الا قليلا وان أهل الكوفة شرار أهل العراق وإنهم دعوا حسينا لينصروه ويولوه عليهم فلما قدم عليهم ثاروا إليه فقالوا له اما أن تضع يدك في أيدينا فنبعث بك إلى ابن زياد ابن سمية سلما فيمضى فيك حكمه واما أن تحارب ، فرأى والله أنه هو وأصحابه قليل في كثير وان كان الله عزوجل لم يطلع على الغيب أحدا انه مقتول ولكنه اختار الميتة الكريمة على الحياة الذميمة فرحم الله حسينا وأخزى قاتل حسين ، لعمري لقد كان من خلافهم إياه وعصيانهم ما كان في مثله واعظ وناه عنهم ولكنه ما حم نازل وإذا أراد الله أمرا لن يدفع أفبعد الحسين نطمئن إلى هؤلاء القوم ونصدق قولهم ونقبل لهم عهدا لا ، ولا نراهم لذلك أهلا ، أما والله لقد قتلوه طويلا بالليل قيامه ، كثيرا في النهار صيامه ، أحق بما هم فيه منهم ، وأولى به في الدين والفضل ، أما والله ما كان يبدل في القرآن الغناء ولا البكاء من خشية الله الحداء ، ولا بالصيام شرب الحرام .
ولا بالمجالس في حلق الذكر الركض في تطلاب الصيد - يعرض بيزيد - فسوف يلقون غيا ، فثار إليه أصحابه ، فقالوا له : أيها الرجل أظهر بيعتك فانه لم يبق أحد إذ هلك حسين ينازعك هذا الأمر ، وقد كان يبايع الناس سرا ويظهر أنه عائذ بالبيت ، فقال لهم : لا تعجلوا وعمرو بن سعيد بن العاص يومئذ عامل مكة وقد كان أشد شئ عليه وعلى أصحابه ، وكان مع شدته عليهم يداري ويرفق فلما استقر عند يزيد بن معاوية ما قد جمع ابن الزبير من الجموع بمكة أعطى الله عهدا ليوثقنه في سلسلة فبعث بسلسلة من فضة فمر بها البريد على مروان بن الحكم بالمدينة فأخبر خبر ما قدم له وبالسلسلة التي معه فقال مروان :

خذها فليست للعزيز بخطة * وفيها مقال لامرئ متضعف

ثم مضى من عنده حتى قدم على ابن الزبير فأتى ابن الزبير فأخبره بممر البريد على مروان وتمثل مروان بهذا البيت فقال ابن الزبير : لا والله لا أكون أنا ذلك المتضعف ورد ذلك البريد ردا رفيقا وعلا أمر ابن الزبير بمكة وكاتبه أهل المدينة وقال الناس أما إذ هلك الحسين ( ع ) فليس أحد ينازع ابن الزبير .

رسل يزيد مع ابن الزبير :

روى خبر رسل يزيد مع ابن الزبير ابن أعثم والدينوري وغيرهما واللفظ لابن أعثم قال : وتحرك عبد الله بن الزبير ودعا إلى نفسه ( 3 ) .
قال : ولما بلغ يزيد بن معاوية ما فيه عبد الله بن الزبير من بيعة الناس له واجتماعهم عليه دعا بعشرة نفر من وجوه أصحابه منهم النعمان بن بشير الأنصاري ، و عبد الله بن عضاءة الاشعري . . .
ثم قال لهم : إن عبد الله بن الزبير قد تحرك بالحجاز واخرج يده من طاعتي ودعا الناس إلى سبي وسب أبي وقد اجتمعت إليه قوم يعينونه على ذلك ، صيروا إليه ، فإذا دخلتم عليه فعظموا حقه وحق أبيه ، وسلوه أن يلزم الطاعة ولا يفارق الجماعة فان أجاب فخذوا بيعته وان أبى فخوفوه ما نزل بالحسين بن علي وليس الزبير عندي بأفضل من علي بن أبي طالب ولا ابنه عبد الله بأفضل من الحسين وانظروا أن لا تلبثوا عنده فاني متعلق القلب بورود خبركم علي ، فخرج القوم إلى مكة ودخلوا على ابن الزبير وأدوا إليه رسالة يزيد فقال : وما الذي يريد مني يزيد انما أنا رجل مجاور لهذا البيت عائذ به من شر يزيد وغير يزيد ، فان تركني فيه والا انتقلت عنه إلى بلد غيره وكنت فيه إلى أن يأتيني الموت ، ثم أمر لهم بمنزل فصاروا إليه يومهم ذلك ولما كان من الغد خرج فصلى بأصحابه الفجر ، ثم أقبل فجلس في الحجر واجتمع إليه أصحابه ، وأقبل إليه هؤلاء الوفد الذين قدموا عليه من عند يزيد ، وتكلموا كلاما يرجون به اتباعه ليزيد وطاعته له قال : فأقبل إليه النعمان بن بشير فقال : بلغ يزيد عنك أنك تصعد المنبر فتذكره وتذكر أباه معاوية بكل قبيح وأنت تعلم أنه إمام وقد بايعه الناس ، ولا نحب لك أن تخرج يدك من الطاعة وتفارق الجماعة ، وبعد فان الغيبة لا خير فيها ، قال : فقطع عليه الكلام عبد الله بن الزبير ، ثم قال : يا ابن بشير ان الفاسق لا غيبة له ، وما قلت فيه الا ما قد علمه الناس منه ، ولو كان على ما كان عليه الأئمة الأخيار سمعنا وأطعنا ولذكرناه بكل جميل ، وبعد فاني أنا في هذا البيت بمنزلة حمامة من حمام مكة ، أفتحل لكم أن تؤذوا حمام مكة ؟
قال : فغضب عبد الله بن عضاءة الأشعري ، فقال : نعم والله يا ابن الزبير ، نؤذي حمام مكة ونقتل حمام مكة ، وما حرمة حمام مكة ؟ يا ابن الزبير ! أتصعد المنبر وتتكلم في أمير المؤمنين بكل قبيح ثم تشبه نفسك بحمام مكة ثم قال : يا غلام ، ائتني بقوسي وسهمي قال فأتي بقوسه وسهامه فأخذ سهما فوضعه في كبد قوس ثم سدده نحو حمام مكة وقال : يا حمامة أيشرب أمير المؤمنين ويفجر ؟ قولي : نعم ؟ أما والله لو قلت : نعم ، لما أخطئك سهمي هذا ، يا حمامة : أيلعب أمير المؤمنين بالقرود والفهود ويفسق في الدين ؟ قولي : نعم أما والله لئن قلت : نعم ، لا أخطأك سهمي هذا ، يا حمامة فتقتلين أم تخلعين الطاعة وتفارقين الجماعة وتقيمين في الحرم عاصية ؟ قولي : نعم قال : ثم اقبل عبد الله بن عضاءة : على ابن الزبير فقال له : مالي لا أرى الحمامة تنطق بشئ وأنت الناطق بجميع ما كلمتها فيه علي المنبر ، أما والله يا ابن الزبير إني خائف عليك وأقسم بالله قسما صادقا لتبايعن يزيد طائعا أو كارها أو لتعرفني في هذه البطحاء وفي يدي راية الاشعريين ( 4 ) .
وذكر ابن أعثم وقايع بين ابن الزبير وعمرو بن سعيد ، كانت الغلبة فيها لابن الزبير . وذكر الطبري أنه عزل عمرو بن سعيد وولى الوليد بن عتبة فأقام الحج سنة 61 ه‍ـ ( 5 ) .
قال : ( 6 ) وأقام الوليد يريد ابن الزبير فلا يجده الا متحذرا متمنعا وأفاض بالناس من عرفة ثم أفاض ابن الزبير بأصحابه ، ثم ان ابن الزبير عمل بالمكر في أمر الوليد فكتب إلى يزيد انك بعثت إلينا رجلا أخرق لا يتجه لأمر رشد ولا يرعوي لعظة الحكيم فلو بعثت رجلا سهل الخلق رجوت أن يسهل من الأمور ما استوعر منها وان يجتمع ما تفرق ، فعزل يزيد الوليد وولى عثمان بن محمد بن أبي سفيان .

وفد أهل المدينة عند يزيد :

قالوا كان عثمان فتى غرا حدثا لم يجرب الأمور ولم يحنكه السن فبعث إلى يزيد وفدا من أهل المدينة فيهم : عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة الأنصاري و عبد الله بن أبي عمرو المخزومى والمنذر بن الزبير ورجالا كثيرا من أشراف أهل المدينة فقدموا على يزيد فأكرمهم وأحسن إليهم وأعظم جوائزهم فأعطى عبد الله بن حنظلة وكان شريفا فاضلا عابدا سيدا مائة ألف درهم ، وكان معه ثمانية بنين فأعطى كل ولد عشرة آلاف سوى كسوتهم وحملانهم ، فلما رجعوا قدموا المدينة وأظهروا شتم يزيد وعيبه وقالوا قدمنا من عند رجل ليس له دين يشرب الخمر ويضرب بالطنابير ويعزف عنده القيان ويلعب بالكلاب ويسمر عنده الخراب والفتيان ! وانا نشهدكم انا خلعناه ! وقام عبد الله بن حنظلة الغسيل ، فقال : جئتكم من عند رجل لو لم أجد الا بني هؤلاء لجاهدته بهم ، قالوا : قد بلغنا أنه أجداك وأعطاك وأكرمك ، قال : قد فعل وما قبلت منه عطاءه الا لا تقوى به ، فخلعه الناس وبايعوا عبد الله بن حنظلة على خلع يزيد وولوه عليهم .
أما المنذر بن الزبير فكان قد أجازه بمائة ألف وكان قوله لما قدم المدينة : ان يزيد والله لقد أجازني بمائة ألف درهم وأنه لا يمنعني ما صنع إلي أن أخبركم خبره وأصدقكم عنه والله انه ليشرب الخمر وانه ليسكر حتى يدع الصلاة وعابه بمثل ما عابه به أصحابه الذين كانوا معه وأشد ( 1 ) .
 


_________
1 ) مروج الذهب 3 / 68 ، وتاريخ ابن كثير 8 / 219
2 ) التنبيه والاشراف ص 263 ( * )
3 ) الأخبار الطوال للدينورى ص 263 ، وقد أوردتها ملخصة من فتوح ابن أعثم 5 / 262 - 290 ( * ).
4 ) وقريب منه لفظ الاصبهاني في الأغاني 1 / 33 .
5 ) الطبري 6 / 273 - 275 في آخر ذكر حوادث سنة احدى وستين .
6 ) الطبري 8 / 2 - 5 في ذكر حوادث سنة ستين وتخيرت اللفظ من تاريخ ابن الأثير 4 / 40 - 42 ( * ).
7 ) تاريخ الطبري 7 / 3 - 13 ، وابن الأثير 4 / 40 - 41 ، وابن كثير 8 / 216 ، والعقد الفريد 4 / 388 ( * ) .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page