• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

١ ـ البغداديون يأخذون بتوثيقات القمّيين لتشدّدهم ويتركون طعونهم لتسرعهم

اشتهر عن القمّيين تشددهم في الأخذ عن الرجال ، جرحا وتعديلاً ، وقد ثبت عند علماء الرجال سنة (١) وشيعة (٢) الأخذ بتوثيقات المتشدّدين وعدم الاعتناء بطعونهم ، لأ نّهم يجرحون الرجال بأدنى كلمة ، فلو ترضّوا على أحدٍ صار توثيقا له ، ودليلاً على سلامة معتقده ، وعليه يكون توثيقهم قد جاء بعد الفحص الشديد والتنقيب العالي ، فمن اعتمده القميون فقد جاوز القنطرة (٣) هذا وقد عدّ الرجاليون اعتماد القمّيّين وروايتهم عن شخص ، أحدَ أسباب المدح والقوة وقبول الرواية (٤).
قال النجاشي : إبراهيم بن هاشم ، أبو إسحاق القمّي ، أصله كوفي انتقل إلى قم (٥)
وأضاف الشيخ في الفهرست : وأصحابنا يقولون : إنه أوّل من نشر حديث الكوفيين بقمّ ، وذكروا أنّه لقي الرضا (6).
قال السيّد الخوئي في المعجم : لا ينبغي الشك في وثاقة إبراهيم بن هاشم ويدل على ذلك عدة امور :
منها : أنّه أوّل من نشر حديث الكوفيين بقمّ ، والقمّيّون قد اعتمدوا على رواياته ، وفيهم من هو مستصعب في أمر الحديث ، فلو كان فيه شائبة الغمز لم يكن يتسالم على أخذ الرواية عنه وقبول قوله (7) ومثله الكلام عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، أبي إسحاق ( صاحب الغارات ) ، قال عنه المجلسي الأوّل في شرح مشيخة الفقيه : أصله كوفيّ ، وانتقل أبو إسحاق هذا إلى إصفهان وأقام بها ، وكان زيديّا أوّلاً ، ثمّ انتقل إلينا ، ويقال : إن جماعة من القميين ـ كأحمد بن محمد بن خالد ـ وفدوا إليه وسألوه الانتقال [ إلى قم ] فأبى.
وكان سبب خروجه من الكوفة أنّه عمل كتاب ( المعرفة ) وفيه المناقب المشهورة والمثالب ، فاستعظمه الكوفيّون وأشاروا عليه بأن يترك الكتاب ولا يخرجه للناس ، فقال : أي البلاد أبعد من الشيعة؟ فقالوا : أصفهان ، فحلف : لا أروي هذا الكتاب إلاّ بها ، فانتقل إليها ، ورواه بها (8).
قال الذهبي في ترجمة إبراهيم الثقفي : بَثَّ الرَّفْضَ ، وطلَبَهُ أهلُ قمّ ليأخذوا عنه فامتنع ، ألّف في المغازي ، وخبر السقيفة ، وكتاب الردّة ، ومقتل عثمان ، وكتاب الشورى ، وكتاب الجَمَل وصفّين ، وسيرة عليّ ، وكتاب المصرع وغيرها (9).
قال الوحيد البهبهاني في تعليقته على منهج المقال : إنّ معاملة القميّين المذكورة ربّما تشير إلى وثاقته ، يُنَبِّهُ على ذلك ما يأتي في إبراهيم بن هاشم (10).
وقال التستري في القاموس عن محمد بن عبداللّه‏ الهاشمي : عنونه النجاشي قائلاً : له كتاب يرويه القميّون وهو يدل على حسنه ، لأنّ مسلكهم التدقيق ، ولولا أنّ غرضه ذلك لما خصّ روايته بهم (11).
هذا بعض الشيء عن منهج الرجاليين في التعديل فتراهم يوثّقون شخصا لأ نّه « أول من نشر أخبار الكوفيّين بقم » أو « أنّ أهل قمّ دعوه » ، أو «له كتاب يرويه القميون» ويعتبرون أمثال هذه النصوص توثيقا لهؤلاء الرجال أو مشعرة بالتوثيق ، في حين أنّك لو رجعت إلى أقوال الرجاليين كالكشي ، والنجاشي ، والشيخ ، وغيرهم فلا تراهم يصرّحون بتوثيق إبراهيم بن هاشم ، وإبراهيم الثقفي ، ومحمد بن عبداللّه‏ الهاشمي وغيرهم إلاّ من خلال تلك القاعدة العامة المذكورة المأخوذ بها عند الرجاليّين شيعة وسنة ، فإنّ هؤلاء يأخذون بتوثيق المتشدد ، لأ نّه جاء وفق استقراء وتتبّع ، ويتركون الاعتناء بجروحه إلاّ أن تكون تلك الطعون نصوصا صريحة صادرة عن المعصومين.
والعامّة يشترطون في الجرح أن يكون مفسّرا ، ولا يقبلون بجرح الأقران فيما بينهم ، ومن يختلفان فيما بينهما في العقيدة والمذهب. والكل يتّفق على لزوم التّأنّي والتدبّر فيما يقوله المتشدّد وعدم الأخذ بكُلّ ما يقوله وذلك لتسرّع المتشددين في إطلاق الأحكام على الأشخاص بمجرّد التهمة ، وقبل تمام التحقيق عنه ، فتراهم ينسبون إلى الآخرين أشياء عظيمة وربّما أمروا بقتل بعض المؤمنين كما في محمد بن آورمه بمجرّد شيوع الخبر الذي مفاده أنّ عنده أوراقا في الباطن ، أو لمجرد روايته خبرا يخالف معتقد الاخرين.
وقد أضافت العامّة قانونا في الجروح العامّة ، وهو جرح بعض العلماء لأهل بعض البلاد ، أو بعض المذاهب ، بأنْ لا يُؤخذ بتلك الجروح إلاّ بعد أن ينقّح الأمر في ذلك الجرح ، كجرح الذّهبي وابن تيمية لكثير من الصوفية وأولياء الأمة (12) أو مبالغة الذهبي في نقد الأشاعرة ، والدارقطني والخطيب البغدادي في جرحهما أبا حنيفة وأصحابه.
فالواجب على العالم أن لا يبادر إلى قبول أقوالهم بدون تنقيحها ، ومن قلّدهم من دون الانتقاد ، ضَلَّ وأوقع العوامَّ في الفساد (13).
ومن هنا نقف على قيمة الطعون العامة الصادرة من الاطراف المشددة ، فلا يمكن الاعتماد عليها لأ نّها نصوص متطرفة.
قال الشيخ الصدوق في اعتقاداته : وعلامة المفوِّضة والغلاة وأصنافهم نسبتهم مشايخ قمّ وعلمائهم إلى القول بالتقصير (14).
وقد علّق الشيخ المفيد البغدادي في شرح عقائد الصدوق بقوله : وأمّا نصّ أبي جعفر رحمه‌الله بالغلوّ على مَن نَسَبَ مشايخ القميين وعُلماءهم إلى التقصير ، فليس نسبةُ هؤلاء القوم إلى التقصير علامةً على غلوّ الناس إذ في جملة المشار إليهم بالشيخوخة والعلم من كان مقصرّا ، وانّما يجب الحكم بالغلوّ على من نسب المحقِّقين إلى التقصير ، سواء كانوا من أهل قمّ أو من غيرها من البلاد وسائر الناس وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمّد بن الحسن بن الوليد رحمه‌الله لم نجد لها دافعا في التقصير ، وهي ما حكي [ عنه ] أنّه قال : أوّل درجة في الغلوّ نفيُ السهوِ عن النبيّ والإمام فإن صحّت هذه الحكاية عنه فهو مقصّر مع أنّه من علماء القميين ومشيختهم.
وقد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قمّ يقصّرون تقصيرا ظاهرا في الدِّين ويُنزلون الأئمّة عليهم‌السلام عن مراتبهم ، ويزعمون أنّهم كانوا لا يعرفون كثيرا من الأحكام الدينية حتى ينكت (15) في قلوبهم ، ورأينا من يقول : أنّهم يلتجئون في حكم الشريعة إلى الرأي والظنون ، ويدّعون مع ذلك أنّهم من العلماء. وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه (16).
قال الوحيد البهبهاني : ثمّ اعلم أنّه [ أي أحمد بن محمد بن عيسى ] وابن الغضائري ربّما ينسبان الراوي إلى الكذب ووضع الحديث أيضا بعدما نسباه إلى الغلوّ ، وكأ نّه لروايته ما يدل عليه ولا يخفى ما فيه (17).
وقال أيضا : وقد حققنا على رجال الميرزا ضعف تضعيفات القميّين ، فإنّهم كانوا يعتقدون بسبب اجتهادهم اعتقاداتٍ من تعدّى عنها نسبوه إلى الغلوّ مثل : نفي السهو عن النبي أو التفو يض مثل تفو يض بعض الاحكام إليه أو إلى عدم المبالاة في الرواية والوضع وبأدنى شيء كانوا يتّهمون ـ كما نرى الان من كثير من الفضلاء والمتديّنين ـ وربّما يخرجونه من قم ويؤذونه وغير ذلك (18) وقال الشيخ محمد ابن صاحب المعالم : إنّ أهل قمّ كانوا يخرجون الراوي [ من البلدة ] بمجرّد توهّم الريب فيه (19).
فإذا كانت هذه حالتهم وذا ديدنهم ، فكيف يعول على جروحهم وقدحهم بمجرده ، بل لابد من التروي والبحث عن سببه والحمل على الصحة مهما أمكن.
قال العلاّمة بحر العلوم في رجاله ، وعنه نقل المحدّث النوري في خاتمة المستدرك : وفي الاعتماد على تضعيف القميّين وقدحهم في الأُصول والرجال كلام معروف ، فإنّ طريقتهم في الانتقاد تخالف ما عليه جماهير النقّاد ، وتسرّعهم إلى الطعن بلا سبب ظاهر ، مما يريب اللبيب الماهر ، ولا يلتفت أحد من أئمّة الحديث والرجال إلى ما قاله الشيخان المذكوران [ يعني ابن الوليد وابن بابويه [ في هذا المجال بل المستفاد من تصريحاتهم وتلو يحاتهم تخطئتهما في ذلك المقال [ أي الطعن في أصل زيد النرسي (20)].
*************
(١) انظر فتح المغيث ، للسخاوي ٣ : ٣٥٨ ، عن الذهبي ، والرفع والتكميل : ٢٧٤ مثلاً.
(٢) انظر كلام السيّد حسن الصدر في نهاية الدراية : ٣٨٢ مثلاً.
(٣) انظر كلام المحقق البحراني في الحدائق الناضرة ٣ : ٣٥٤ وصاحب الجواهر في جواهره ٤ : ٨.
(٤) منتهى المقال ١ : ٩١ ، عدة الرجال ١ : ١٣٤.
(٥) فهرست مصنفات اصحابنا المعروف برجال النجاشي : ١٦ / ت ١٨.
(6) الفهرست : ٣٥ / ت ٦.
(7) معجم رجال الحديث ١ : ٢٩١.
(8) روضة المتقين ١٤ : ٣٦.
(9) تاريخ الإسلام للذهبي ٢١ : ١١٢ ـ ١١٣.
(10) انظر تعليقة البهبهاني ( منهج المقال ) ١ : ٣٥٠.
(11) قاموس الرجال ٩ : ٣٩٣.
(12) اليواقيت والجواهر ١ : ٨.
(13) انظر علم رجال الحديث للدكتور تقي الدين الندوي المظاهري : ١١٨ ، وانظر كذلك طبقات الشافعية الكبرى ١ : ١٩٠.
(14) اعتقادات الصدوق : ١٠١.
(15) ينكت في قلوبهم : أي يلقي في روعهم ويلهمون من قبل اللّه‏ تعالى الهاما ، يقال : اتيته وهو ينكت ، أي يفكر ، كأ نّما يحدث نفسه.
(16) تصحيح الاعتقاد : ١٣٥.
(17) الفوائد الرجالية : ٣٨ ـ ٣٩ ، المطبوع بآخر رجال الخاقاني.
(18) حاشية مجمع الفائدة والبرهان للوحيد البهبهاني : ٧٠٠.
(19) استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار ٤ : ٧٧.
(20) الفوائد الرجالية لبحر العلوم ٢ : ٣٦٩ ، وعنه في خاتمة المستدرك ١ : ٦٥.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page