• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

٢ ـ الرواية عن الضعفاء وأصحاب المذاهب الأُخرى واعتماد المراسيل

قرّر المحدّثون من أهل قم إقصاء من يروي عن الضعفاء ومن يأتي بالمراسيل ، مع أنّ الرواية عن الضعفاء لا تقتضي تضعيف الراوي ولا تضعيف الرواية بنحو مطلق عند جميع المحدّثين سنة وشيعة وأنّ رواية الثقات عن كثير من الضعفاء وحتّى المنتحلين للمذاهب الباطلة ممّا لا يكاد يدفعه أحد ، وكذا اعتماد المراسيل فإنّها مسألة اجتهادية قد بحثت في كتب علمي الدراية واصول الفقه قال الشيخ الطوسي في أول الفهرست : إنّ كثيرا من مصنّفي أصحابنا ، وأصحاب الأُصول ، كانوا ينتحلون المذاهب الفاسدة ، وإن كانت كتبهم
معتمدة (١) وقال في ترجمة إبراهيم بن إسحاق الأحمري : كان ضعيفا في حديثه ، متّهما في دينه ، وصنّف كتبا جملتها ، قريبة من السداد (٢).
وقال عن حفص بن غياث القاضي : عامّيّ المذهب ، له كتاب معتمد (٣).
وقال عن طلحة بن زيد : عاميّ المذهب إلاّ أنّ كتابه معتمد (٤).
علي بن الحسن الطاطري:كان واقفيا شديد العناد في مذهبه صعب العصبية على من خالفه من الإمامية وله كتب كثيرة في الفقه رواها عن الرجال الموثوق بهم وبرواياتهم (٥).
وقال النجاشي : الحسين بن عُبيداللّه‏ السعدي ، ممّن طعن عليه ورمي بالغلوّ ، له كتب صحيحة الحديث (٦).
قال الشيخ الحرّ العاملي في الفائدة السادسة من خاتمة كتابه « وسائل الشيعة » وعند كلامه عن صحّة أحاديث الكتب الأربعة وأمثالها والتي اعتمدها الاصحاب على ما فيها : ومثله يأتي في رواية الثقات الاجلاء كأصحاب الإجماع ونحوهمعن الضعفاء والكذابين والمجاهيل ، حيث يعلمون حالهم ، ويروون عنهم ، ويعملون بحديثهم ، ويشهدون بصحته(٧).
فانظر إلى عمل الطائفة فإنّهم يعملون بأخبار هؤلاء الاشخاص وامثالهم مع أنّهم ممّن ينتحلون المذاهب الفاسدة ، وأنّهم في غاية البعد عنّا ، وأنّا مأمورون بالتنفرّ والتباعد عنهم ، قال الشيخ الحر العاملي في الخاتمة عن الواقفة : وأمّا هؤلاء المخذولون فلم يكن لأصحابنا الإمامية ضـرورة داعية إلى أن يسلكوا معهم على ذلك المنوال وخصوصا الواقفة ، فإنّ الإماميّة كانوا في غاية الاجتناب لهم ، والتباعد عنهم حتى أنّهم كانوا يسمونهم ( الممطورة ) أي الكلاب التي أصابها المطر وائمتنا عليهم‌السلام كانوا ينهون شيعتهم عن مجالستهم ومخالطتهم ، ويأمرونهم بالدعاء عليهم في الصلاة ويقولون : إنّهم كفار ، مشركون ، زنادقة ، وإنّهم شرّ من النواصب ، وإن من خالطهم فهو منهم. وكتب أصحابنا مملوءة بذلك كما يظهر لمن تصفّح كتاب الكشّي وغيره (8).
وإنّك لو تأملت في تعليل القميّين لمن أقصوا من المحدّثين فلا تراهم يتّهمونهم لروايتهم الأحاديث الموضوعة ، بل للرواية عن الضعفاء فيما يقولون ، أو بسبب الرواية عن أهل المذاهب الفاسدة ، أو بسبب رواية المراسيل ، وهناك فرق بين الأمرين لا يخفى على العالم البصير.
قال ابن الغضائري في أحمد بن محمد بن خالد البرقي : طعن القمّيّون عليه ، وليس الطعن فيه إنّما الطعن فيمن يروي عنه ، فإنّه كان لا يبالي عمّن يأخذ على طريقة أهل الأخبار (9) ، وكان أحمد بن محمد بن عيسى أبعده عن قمّ ثم أعاده إليها واعتذر إليه (10).
وقال النجاشي عنه : أصله كوفي وكان جدّه محمد بن علي حبسه يوسف بن عمر والي العراق بعد قتل زيد عليه‌السلام ثم قتله ، وكان خالد صغير السن فهرب مع أبيه عبدالرحمن إلى برق روذ ، وكان ثقة في نفسه يروي عن الضعفاء واعتمد المراسيل (١) وقريب من هذا تراه في الفهرست للشيخ الطوسي (11).
وقال ابن داود الحلي : أقول :وذكرته في الضعفاء لطعن ابن الغضائري فيه ، ويقوى عندي ثقته ، مشى أحمد بن محمد بن عيسى في جنازته حافيا حاسرا تنصّلاً ممّا قذفه به (12).
وقال العلاّمة في الخلاصة : وجدت كتابا فيه وساطة بين أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن خالد ، ولمّا توفّي مشى أحمد بن محمد بن عيسى في جنازته حافيا حاسرا ليبّرئ نفسه ممّا قذفه به ، وعندي أنّ روايته مقبولة (13) فابنُ الغضائري لم يطعن فيه ، بل ردَّ الطعن إلى طعن القمّيّين عليه ، ثم ردّ ذلك بأنّ الطعن ليس فيه بل في من يروي عنه ، وقد فعل مثل ذلك ابن داود ؛ إذ لم يذكره في الضعفاء إلاّ من أجل طعن ابن الغضائري ، ولم يعبأ به لأ نّه معلوم المستند عن القمّيّين.
هذا ، وقد وقع البرقي في طريق الصدوق إلى إسماعيل بن رباح (14) والحارث بن المغيرة النصري (15) ، وحفص بن غياث (16) ، وحكم بن حكيم (17) ، وليس لهذا معنى إلاّ افتراض اعتراف القمّيّين العملي ـ ومنهم الشيخ الصدوق قدس‏سره ـ بأنّ منهجهم كان بشكل عام شديدا ، وفي شأن البرقي بنحو خاص.
إذن الرواية عن الضعفاء واعتماد المراسيل ليسا قدحا في الراوي أو الرواية ؛ إذ جرت سيرة المحدّثين من الفريقين في الأخذ بالحديث المرسل والضعيف ، وكذلك رواية أهل المذاهب الإسلامية الفاسدة بشرط الاعتماد وقد روى أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري نفسه عن عدّة من الضعفاء ، فقد روى محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن حديد (18) وروى أيضا عن محمد بن يحيى ، عنه ، عن إسماعيل بن سهل ، عن حماد ، عن ربعي (19).
وروى أيضا عن محمد بن يحيى ، عنه ، عن بكر بن صالح ، عن الجعفري (20).
وهذا يعني عدول القميّين عن منهجهم المتشدّد وذلك لعلمهم وهم العلماء الجهابذة بأن الحديثَ الضعيفَ غيرُ متروكٍ لوجود احتمال تصحيحه بالشواهد والمتابعات والقرائن الأخرى  وهذا معناه أنّ منهج القميين في مجال الأخبار كان شديدا في عصر من العصور ، وهو ما يجعلنا نتوقّف في أحكامهم على الرواية والرواة.
واني اثناء البحث لفت انتباهي شيء وهو خلاف ما اعرفه عن أحمد بن محمد البرقي وأنّه من أصحاب الجواد والهادي عليهما‌السلام كما هو المصرح عند الشيخ في رجاله (21) لأنّ الصدوق روى في كتاب التوحيد : حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما اللّه‏ قالا : حدّثنا سعد بن عبداللّه‏ قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن عبداللّه‏ ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن أبي عبداللّه‏ في قول اللّه‏ عزّوجلّ ( وَسَيَحْلِفُونَ بِاللّه‏ِ لَوِ اسْتَطَعْنَا) الخبر (22).
إذ أنّ رواية والده محمد بن خالد غير ثابتة عن الصادق (23) فضلاً عن رواية ابنه أحمد مع أنّ أباه محمد بن خالد هو من أصحاب الكاظم والرضا والجواد (24).
اذن أحمد بن محمد لا يمكنه أن يروي عن الصادق ( المتوفى ١٤٨ ) لأ نّه توفى ٢٧٣ ه‍ حسبما حكاه أحمد بن الحسين أو ٢٨٠ ه‍ حسبما قاله ماجيلويه ، فهو قطعا مات قبل أحمد بن عيسى الأشعري لأن الاشعري هذا مشى في جنازة أحمد البرقي ، وهو متوفي في أواخر القرن الثالث الهجري يقينا ، وهذا مما يوجب الوهنَ فيما رواه الصدوق ، والحكمَ بالارسال عليه ، إن كان هو ذلك البرقي المعروف وإلاّ فلا فالقمّيّون يجرحون من يروي عن المجاهيل ويعتمد المراسيل ، وهنا الشيخ الصدوق روى المراسيل ، حسبما يحتمل في اسناد كهذا إذن فالرواية عن الضـعفاء لا يمكن عدها طعنا بل إنّه المنهج المتّبع عند جميع المحدّثين قديما وحديثا ، إلاّ ما شاهدناه عند أهل قمّ في العصور الأُولى حيث كانوا يلزمون الآخرين بالاخذ بمعاييرهم وترك غيرها مع أنّ للمحدّث أن يروي الحديث الضعيف لا الموضوع  وهو ما يمكن الاستفادة منه في الشواهد والمتابعات.
*************
(١) الفهرست : ٣٢.
(٢) الفهرست : ٣٩ / ت ٩.
(٣) الفهرست : ١١٦ / ت ٢٤٢.
(٤) الفهرست : ١٤٩ / ت ٣٧٢.
(٥) الفهرست : ١٥٦ / ت ٣٩٠.
(٦) فهرست مصنفات اصحابنا المعروف برجال النجاشي : ٤٢ / ت ٨٦.
(٧) وسائل الشيعة ( الخاتمة ) ٣٠ : ٢٠٦.
(8) وسائل الشيعة ( الخاتمة ) ٣٠ : ٢٠٤.
(9) أي أنّه لم يتبع منهج القميين في الاخذ بالاخبار.
(10) رجال ابن الغضائري : ٣٩ / ت ١٠.
(11) فهرست مصنفات اصحابنا المعروف برجال النجاشي : ٧٦ / ت ١٨٢.
(12) الفهرست : ٦٢ / ت ٦٥.
(13) رجال ابن داود : ٤٣ / ت ١٢٢ ، وانظر رجال بحر العلوم ١ : ٣٤٥ ـ ٣٤٧.
(14) خلاصة الاقوال : ٦٣ / ت ٧.
(15) من لا يحضره الفقيه ٤ : ٤٤٢ ( المشيخة ).
(16) من لا يحضره الفقيه ٤ : ٤٥٦ ( المشيخة ).
(17) من لا يحضره الفقيه ٤ : ٤٧٣ ( المشيخة ).
(18) من لا يحضره الفقيه ٤ : ٤٢٨ ( المشيخة ).
(19) الكافي ١ : ٥٩ / باب الرد إلى الكتاب والسنة / ح ١.
(20) الكافي ٢ : ٤٢٧ ، باب الاعتراف بالذنوب / ح ٧.
(21) الكافي ٦ : ٣٣٨ ، باب البان الابل / ح ١ ، وانظر ج ٦ : ٣٨٠ باب فضل الماء / ح ١.
(22) رجال الشيخ : ٣٧٣ / الرقم ٥٥٢١ و ٣٨٢ / الرقم ٥٦٤٥.
(23) التوحيد ، للصدوق : ٣٥١ / ح ١٦.
(24) هناك رواية في الروضة من الكافي ٨ : ١٨٣ ح ٢٠٨ : علي بن إبراهيم عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن أبي عبداللّه‏ قوله تعالى ( وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ) ( بمحمد ) قال : هكذا واللّه‏ نزل بها جبرئيل على محمد.
(25) رجال الشيخ : ٣٤٣ / الرقم ٥١٢١ ، ٣٦٣ / الرقم ٥٣٩١ ، ٣٧٧ / الرقم ٥٥٨٥ وانظر رجال البرقي في أصحاب الكاظم والرضا والجواد عليهم‌السلام.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page