• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ـ دليل السنّة على وجود الله جلّ شأنه


    وقد أفاض نبيّ الإسلام وأهل بيته الكرام ، الأنوار اللامعة ، والحِكَم البارعة في إثبات وجود الله تعالى بمتواتر الحديث بل فوق التواتر من الأحاديث المفيدة للعلم واليقين بوجود الله الحقّ المبين كما تلاحظها بكثرتها في جميع كتب التوحيد ، وربّما تزيد على مئة حديث ، ومن ذلك ما نقتطفه من الأحاديث التالية :

    1 ـ الحديث العلوي الشريف المروي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه :
    « ولو فكّروا في عظيم القدرة وجسيم النعمة لرجعوا إلى الطريق وخافوا عذاب الحريق ، ولكنّ القلوب عليلة والأبصار مدخولة (1)، أفلا ينظرون إلى صغير ما خلق ، كيف أحكم خلقه ، وأتقن تركيبه ، وفلق له السمع والبصر وسوّى له العظم والبشر .
    انظروا إلى النملة في صغر جثّتها ولطافة هيأتها لا تكاد تنال بلحظ البصر ولا بمستدرك الفكر ، كيف دبّت على أرضها وضنّت على رزقها (2)، تنقل الحبّة إلى جحرها وتعدّها في مستقرّها ، تجمع في حرّها لبردها وفي ورودها لصدورها ، مكفول برزقها ، مرزوقة بوفقها ، لا يغفلها المنّان ولا يحرمها الديّان ، ولو في الصفا اليابس والحجر الجامس (3)، لو فكّرت في مجاري أكلها ، وفي علوّها وسفلها ، وما في الجوف من شراسيف بطنها ، وما في الرأس من عينها واُذنها لقضيت من خلقها عجباً ولقيت من وصفها تعباً ، فتعالى الذي أقامها على قوائمها ، وبناها على دعائمها ، لم يشركه في فطرتها فاطر ، ولم يعنه على خلقها قادر ، ولو ضربت في مذاهب فكرك لِتبلغ غاياتِه ما دلّتك الدلالة إلاّ على أنّ فاطر النملة هو فاطر النحلة لدقيق تفصيل كلّ شيء ، وغامض إختلاف كلّ حيّ .
    وما الجليل واللطيف والثقيل والخفيف والقوي والضعيف في خلقه إلاّ سواء ، كذلك السماء والهواء والريح والماء ، فانظر إلى الشمس والقمر والنبات والشجر والماء والحجر ، وإختلاف هذا الليل والنهار، وتفجّر هذه البحار وكثرة هذه الجبال ، وطول هذه القلال ، وتفرّق هذه اللغات والألسن المختلفات .
    فالويل لمن أنكر المقدِّر وجحد المدبِّر .
    زعموا أنّهم كالنبات ما لهم زارع ، ولا لإختلاف صورهم صانع ، لم يلجأوا إلى حجّة فيما ادّعوا ، ولا تحقيق لما وعوا ، وهل يكون بناءٌ من غير بان أو جنايةٌ من غير جان ؟!
    وإن شئت قلت : في الجرادة إذ خلق لها عينين حمراوين ، وأسرج لها حدقتين قمراوين ، وجعل لها السمع الخفيّ ، وفتح لها الفمّ السويّ ، وجعل لها الحسّ القويّ ، ونابين بهما تقرض ، ومنجلين بهما تقبض ، ترهبها الزرّاع في زرعهم ولا يستطيعون ذبّها ولو أجلبوا بجمعهم ، حتّى ترد الحرث في نزواتها ، وتقضي منه شهواتها ، وخلقها كلّه لا يكون إصبعاً مستدقّة ، فتبارك الذي يسجد له من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً ، ويعفّر له خدّاً ووجهاً ، ويلقي بالطاعة إليه سلماً وضعفاً ، ويعطي له القياد رهبةً وخوفاً .
    فالطير مسخّرة لأمره ، أحصى عدد الريش منها والنفس ، وأرسى قوائمها على الندى واليبس ، قدَّر أقواتها ، وأحصى أجناسها ، فهذا غراب ، وهذا عقاب ، هذا حمام ، وهذا نعام ، دعا كلّ طائر باسمه ، وكفّل له برزقه .
    وأنشأ السحاب الثقال فأهطل ديمها ، وعدّد قسمها فبلّ الأرض بعد جفوفها ، وأخرج نبتها بعد جدوبها » (4).

    2 ـ عن هشام بن الحكم قال :
    « دخل ابن أبي العوجاء على الصادق (عليه السلام) فقال له الصادق : يابن أبي العوجاء ! أمصنوع أنت أم غير مصنوع ؟
    قال : لست بمصنوع .
    فقال له الصادق (عليه السلام) : فلو كنت مصنوعاً كيف كنت تكون ؟
    فلم يحر ابن أبي العوجاء جواباً (5) وقام وخرج » (6).

    3 ـ دخل أبو شاكر الديصاني ـ وهو زنديق ـ على أبي عبدالله (عليه السلام) فقال له : ياجعفر بن محمّد ! دلّني على معبودي ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) :
    « اِجلس ، فإذا غلام صغير في كفّه بيضة يلعب بها ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : ناولني ياغلام البيضة ، فناوله إيّاها ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : ياديصاني ! هذا حصن مكنون له جلد غليظ ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق ، وتحت الجلد الرقيق ذهبةٌ مائعة وفضّة ذائبة ، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضّة الذائبة ، ولا الفضّة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة ، فهي على حالها لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن إصلاحها ، ولم يدخل فيها داخل مفسد فيخبر عن إفسادها لا يدرى للذكر خلقت أم للاُنثى ، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس ، أترى لها مدبّراً ؟
    قال : فأطرق مليّاً ثمّ قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأنّك إمامٌ وحجّةٌ من الله على خلقه ، وأنا تائب ممّا كنت فيه » (7).

    4 ـ انّ عبدالله الديصاني أتى باب أبي عبدالله (عليه السلام) فاستأذن عليه فأذن له ، فلمّا قعد قال له : ياجعفر بن محمّد ! دلّني على معبودي ، فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) :
    « ما اسمك ؟
    فخرج عنه ولم يخبره باسمه .
    فقال له أصحابه : كيف لم تخبره باسمك ؟
    قال : لو كنت قلت له : عبد الله كان يقول : من هذا الّذي أنت له عبد ؟
    فقالوا له : عد إليه فقل يدلّك على معبودك ولا يسألك عن إسمك .
    فرجع إليه فقال : ياجعفر ! دلّني على معبودي ولا تسألني عن إسمي .
فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : إجلس وإذا غلام صغير .. » (8) إلى آخر الخبر الآنف الذكر .

    5 ـ الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) : أنّه دخل عليه رجل فقال له : يابن رسول الله ! ما الدليل على حدوث العالم ؟ فقال :
    « أنت لم تكن ثمَّ كنت ، وقد علمتَ أنّك لم تكوِّن نفسك ، ولا كوّنك من هو مثلك » (9).

    6 ـ هشام بن سالم قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السلام) فقيل له : بم عرفت ربّك ؟ قال :
    « بفسخ العزم ونقض الهمّ ، عزمتُ ففسخ عزمي ، وهممتُ فنقض همّي » (10).

    7 ـ هشام بن الحكم قال : قال لي أبو شاكر الديصاني : إنّ لي مسألة تستأذن لي على صاحبك فإنّي قد سألت عنها جماعة من العلماء فما أجابوني بجواب مُشبع ، فقلت : هل لك أن تخبرني بها فلعلّ عندي جواباً ترتضيه ؟
    فقال : إنّي اُحبّ أن ألقي بها أبا عبدالله (عليه السلام) ، فاستأذنتُ له فدخل فقال له :
    « أتأذن لي في السؤال ؟
    فقال له : سل عمّا بدا لك .
    فقال له : ما الدليل على أنّ لك صانعاً ؟
    فقال : وجدتُ نفسي لا تخلو من إحدى جهتين : إمّا أن أكون صنعتُها أنا ، فلا أخلو من أحد معنيين : إمّا أن أكون صنعتها وكانت موجودة أو صنعتها وكانت معدومة ، فإن كنتُ صنعتها وكانت موجودةً فقد استغنيتُ بوجودها عن صنعتها ، وإن كانت معدومة فإنّك تعلم أنّ المعدوم لا يُحدث شيئاً ، فقد ثبت المعنى الثالث أنّ لي صانعاً وهو الله ربّ العالمين .
    فقام وما أجاب جواباً » (11).

    8 ـ علي بن منصور قال : قال لي هشام بن الحكم : كان زنديق بمصر يبلغه عن أبي عبدالله (عليه السلام) فخرج إلى المدينة ليناظره فلم يصادفه بها ، فقيل له : هو بمكّة فخرج الزنديق إلى مكّة ونحن مع أبي عبدالله (عليه السلام) فقاربنا الزنديق ـ ونحن مع أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في الطواف فضرب كتفه كتف أبي عبدالله (عليه السلام) ، فقال له جعفر (عليه السلام) :
    « ما اسمك ؟
    قال : اسمي عبدالملك .
    قال : فما كنيتك ؟
    قال : أبو عبدالله .
    قال : فمن الملك الّذي أنت له عبد ، أمن ملوك السماء أم من ملوك الأرض ؟
    وأخبرني عن اسمك ، أعبد إله السماء أم عبد إله الأرض ؟ فسكت .
    فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : قل ما شئت تُخصم .
    قال هشام بن الحكم : قلت للزنديق . أما تردّ عليه ؟ فقبّح قولي .
    فقال له أبو عبدالله (عليه السلام) : إذا فرغت من الطواف فأتنا .
    فلمّا فرغ أبو عبدالله (عليه السلام) أتاه الزنديق فقعد بين يديه ونحن مجتمعون عنده ، فقال للزنديق : أتعلم أنّ للأرض تحتاً وفوقاً ؟
    قال : نعم .
    قال : فدخلت تحتها ؟
    قال : لا ، قال : فما يدريك بما تحتها ؟
    قال : لا أدري إلاّأ نّي أظنُّ أن ليس تحتها شيء .
    قال أبو عبدالله (عليه السلام) : فالظنّ عجز ما لم تستيقن .
    قال أبو عبدالله (عليه السلام) : فصعدتَ إلى السماء ؟
    قال : لا .
    قال : فتدري ما فيها ؟
    قال : لا .
    قال : فعجباً لك لم تبلغ المشرق ، ولم تبلغ المغرب ، ولم تنزل تحت الأرض ، ولم تصعد إلى السماء ، ولم تجز هنالك فتعرف ما خلقهنّ وأنت جاحد ما فيهنّ وهل يجحد العاقل ما لا يعرف ؟
    فقال الزنديق : ما كلّمني بهذا أحد غيرك .
    قال أبو عبدالله (عليه السلام) : فأنت في شكّ من ذلك فلعلّ هو ، أو لعلّ ليس هو .
    قال الزنديق : ولعلّ ذاك .
    فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : أيّها الرجل ! ليس لمن لا يعلم حجّة على من يعلم ، فلا حجّة للجاهل ، ياأخا أهل مصر ! تفهّم عنّي فإنّا لا نشكّ في الله أبداً ، أما ترى الشمس والقمر والليل والنهار يَلِجان ليس لهما مكان إلاّ مكانهما فإن كانا يقدران على أن يذهبا ولا يرجعان فلِمَ يرجعان ؟ وإن لم يكونا مضطرّين فلِمَ لا يصير الليل نهاراً والنهارليلا ؟ اضطرّا ـ والله ياأخا أهل مصر ! ـ إلى دوامهما ، والّذي إضطرّهما أحكم منهما وأكبر منهما .
    قال الزنديق : صدقت .
    ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السلام) : ياأخا أهل مصر ! الذي تذهبون إليه وتظنّونه بالوهم فإن كان الدهر يذهب بهم لِمَ لا يردّهم وإن كان يردّهم لِمَ لا يذهب بهم (12)؟
    القوم مضطرّون ياأخا أهل مصر ! السماء مرفوعة ، والأرض موضوعة ، لِمَ لا تسقط السماء على الأرض ؟ ولِمَ لا تنحدر الأرض فوق طباقها فلا يتماسكان ولا يتماسك من عليهما ؟
    فقال الزنديق : أمسكهما والله ربّهما وسيّدهما . فآمن الزنديق على يدي أبي عبدالله (عليه السلام) .
    فقال له حمران بن أعين : جعلت فداك ! إن آمنت الزنادقة على يديك فقد آمنت الكفّار على يدي أبيك .
    فقال المؤمن الذي آمن على يدي أبي عبدالله (عليه السلام) : إجعلني من تلامذتك.
    فقال أبو عبدالله (عليه السلام) لهشام بن الحكم : خذه إليك فعلّمه . فعلَّمه هشام فكان معلّم أهل مصر وأهل الشام ، وحسنت طهارته حتّى رضي بها أبو عبدالله (عليه السلام) » (13).

________________________________________________________________________________
(1) من الدَخَل ـ بفتحتين ـ بمعنى العيب أي معيوبة .
(2) أي : بخلت به .
(3) الحجر الجامس والجميس : هو اليابس أيضاً .
(4) بحار الأنوار : (ج3 ص36 الباب2 ح1) .
(5) يُقال : لم يحُر جواباً أي لم يَرُدُّ جواباً .
(6) بحار الأنوار : (ج3 ص31 الباب2 ح4) .
(7) بحار الأنوار : (ج3 ص31 الباب2 ح5) .
 (8) بحار الأنوار : (ج3 ص32 الباب2 ح6) .
(9) بحار الأنوار : (ج3 ص36 الباب2 ح11) .
(10) بحار الأنوار : (ج3 ص49 الباب2 ح21) .
(11) بحار الأنوار : (ج3 ص50 الباب2 ح23) .
(12) فإنّ الزنادقة كانوا من الدهرية القائلين بأنّه ما هي إلاّ حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلاّ الدهر .
(13) بحار الأنوار : (ج3 ص51 الباب2 ح25) .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page